بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم الخرطوم في 30 ديسمبر 2018 بيان إلى الشعب السوداني الأبي الكريم - وبلادنا تواجه هذه الأيام تحدياً مصيرياً في لحظة مفصلية، تتوالى فيه أشكال التعبير السلمي بخروج السودانيين في أجزاء واسعة من البلاد في حراك شعبي احتجاجاً على انسداد الافق بسبب تفاقم الأزمة السياسية التي قادت تجلياتها إلى تدهور أوضاع الاقتصاد السوداني على نحو غير مسبوق مما خلّف ضائقة معيشية ضنكة ظلت تأخذ بخناق المواطنين أدت إلى احتقان اجتماعي خانق، ليفرز هذه الهبّة الشعبية الواسعة المطالبة بتغيير جذري وشامل للأوضاع المأزومة بفعل استمرار الوضع الشمولي القابض. - وإذ تخاطب مجموعة المبادرة الشعب السوداني الأبي في هذا المنعطف المصيري من تاريخ بلادنا، تترحم على الشهداء الأبرار الذين قدّموا أرواحهم الطاهرة في هذا الحراك السلمي تضحيةً بأنفسهم من أجل عزة وطنهم ورفعة مواطنيهم، وتتمنى عاجل الشفاء للجرحى، وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين كافة بدعوى الاشتراك في هذه الاحتجاجات السلمية، وإطلاق سراح السياسيين المعتقلين. تؤكد المجموعة على المواقف التالية: - تأييدها ودعمها الكامل لحق الشعب السوداني في التعبير بحرية كاملة غير منقوصة عن تطلعاته في الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة في وطن يعمه السلام والاستقرار والحكم الرشيد وسيادة حكم القانون والمساواة وحماية حقوق الإنسان. وتدعم المجموعة سعي المواطنين لتحقيق مطالبهم المشروعة في التغيير السلمي طلباً للخلاص والخروج من النفق المظلم والحلقة المفرغة الذي أدخل فيه نظام الحكم البلاد. - وتؤكد المجموعة رفضها التّام لاستخدام السلطات العنف المفرط في مواجهة المواطنين المسالمين بهدف حرمانهم من ممارسة حقهم الدستوري في التعبير السلمي في الاحتجاج على السياسات والممارسات التي أدت إلى إفقار البلاد والعباد. وإذ نقدّر موقف قادة الأجهزة النظامية الرسمية ومنسوبيها الذين أقروا بالأسباب الموضوعية لهذا الحراك الشعبي وأعلنوا التزامهم بكفالة حق المواطنين في التعبير عن آرائهم سلمياً، فإنها تدين استخدام الرصاص الحي والعنف في مواجهة المحتجين مما تسبّب في اغتيال العشرات وجرح المئات من المواطنين العزّل، وتطالب المجموعة الأجهزة النظامية والعدلية بالتزام صف العدالة وتحمل مسؤوليتها في كشف مرتكبي هذه الانتهاكات الخطيرة، وإيقافهم واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة في مواجهة الذين اقترفوا هذه الجرائم الدموية. - وترى المجموعة أن هذه الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، والضائقة المعيشية المستفحلة، والاحتقان الاجتماعي المتفاقم، ليست سوى انعكاس لحجم الأزمة السياسية الخانقة وانسداد الأفق بسبب عدم تجاوب السلطة القائمة مع أية مبادرات أو جهود وطنية مخلصة للإصلاح، مع الإصرار على الاستمرار في احتكار السلطة، وتؤكد أنه لا مخرج من هذا المأزق إلا بتأسيس هيكلة سياسية جديدة جذرية وشاملة لإدارة البلاد وتشكيل حكومة قومية، تحظى برضا الشعب وتستجيب لمطالبه، وتملك القدرة على إيجاد الحلول الناجعة للمشاكل الاقتصادية المستعصية ورد المظالم، تقود البلاد خلال فترة انتقالية بأجندة وطنية محددة الأولويات يتم الاتفاق عليها بين كل القوى السياسية والمجتمع المدني. - وتؤكد المجموعة أنه ما كان للأوضاع في البلاد لتصل إلى هذا الدرك من التردي الذي ينذر بتهديد تماسكها واستقرارها لولا تفويت السلطات الحاكمة لكل الفرص التي أتيحت لتحقيق تحوّل ديمقراطي حقيقي، وتقاعسها عن القيام بأية إصلاحات حقيقة جدية ذات صدقية، وعدم استعدادها لتحمل تبعات الإصلاح ودفع ثمنه بكفالة الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان، وفك احتكار السلطة، والمحاربة الجدية للفساد. - وتوجه مجموعة المبادرة النداء لكافة الفاعلين، أفراداً وأحزاباً سياسية ومنظمات مجتمع مدني وتنظيمات العمل العام بلا استثناء، للانخراط على نحو إيجابي وبناء، في مسارات عمل متسق نحو هدف مشترك يمكّن وطننا من بلوغ حلمه المشروع في تجاوز أزمته السياسية المتطاولة والمستفحلة، ودفع استحقاقات تأسيس نظام سياسي واجتماعي يكفل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والنهوض في المجالات كافة. - توجه المجموعة النداء للأجهزة الرسمية لضبط خطابها الإعلامي وتجنب الاشارات التي توحي بالعنصرية وتدفع باتجاه التفريق بين أبناء البلد الواحد على خطوط جهوية وعرقية من أجل الحفاظ على اللحمة الوطنية. - تظل المجموعة في حالة انتباه وحضور كامل تتابع عن كثب مجريات الأحوال وتطوراتها التزاما بمسؤولية اعضائها الأخلاقية والوطنية، وتسهم بقسطها في استنبات مستقبل أفضل لوطننا يحقق سلامته واستقراره ونهضة مواطنيه وتحقيق عزتهم وكرامتهم. أيها الشعب السوداني الكريم: لقد سبق لهذه المجموعة أن تقدمت بمبادرة قومية للسلام والإصلاح في مارس 2016 قناعة منها أن أزمة السودان المتفاقمة لا يمكن أن تُحل إلا عن طريق حوار وطني جاد يحظى بموافقة ومشاركة جميع القوى السياسية، وقد هدفت المبادرة إلى جمع الصف الوطني وتهيئة البيئة المناسبة لتحقيق تحوّل ديمقراطي، ودعت إلى قيام فترة انتقالية تديرها حكومية قومية من ذوي الكفاءة تعبر بالسودان إلى مشارف المستقبل. واقترحت برنامجاً لفترة الانتقال يبدأ بإيقاف الحرب وتحقيق السلام، وتضميد الجراح وصولاً للعدالة والمصالحة، وترسيخ قاعدة التداول السلمي للسلطة وتأسيس الحكم الراشد، وبدء عملية جادة وشاملة لإصلاح الاقتصاد الوطني، وترميم علاقات السودان الخارجية، وتحقيق توافق واسع حول كتابة دستور السودان المقبل، وتهيئة المناخ لانتخابات حرة وعادلة ونزيهة تحت إشراف محلي ودولي، وإصلاح الخدمة المدنية، ومحاربة الفساد في أشكاله كلها واسترداد ما تم الاستيلاء عليه من المال العام ورد المظالم. وقد حظيت المبادرة حينها بتجاوب واسع من أغلب القوى السياسية، فيما رفضتها السلطة وحزبها الحاكم.