ابتداء ألف رحمة ونور على أرواح شهداء الانتفاضة السودانية الباسلة. الذين هم أكرم منا جميعا. فالى جنات الخلد. برفقة الأنبياء وشهداء الثورات العظيمة. التي غيرت وجه التاريخ الانساني. قبل أن تغير مصائر شعوبها. بما ألهمت به أصداء كلماتهم وطيوف أرواحهم الثوار عبر التاريخ. ليرجع الصدى الآن في زحام الهتافات والزغاريد التي تلهم حشود جماهير شعبنا السلمي الباسل. وهو يهدم باغنيات المستقبل الواعد أسوار الوطن المعتقل ويدك حصون الظلم والقمع والجبروت. التحية لثوار شعبنا بكل أجيالهم. طبقاتهم. فئاتهم وشرائحهم. نساء ورجال. شبابا ونساء. أطفالا وطفلات.. فجميعهم يقررون الآن مصير أن يكون. السودان وطنهم أو لا يكون. أن يعيشوا فيه كمواطنين لا كراعيا. و يستحقون فيه الحياة مثلما يستحق أن يستشهدوا في سبيله. فدون كسر إرادتهم شوك القتاد. أشعر بفخر كبير بالإنتماء لهذا الشعب المعلم. الذي يواجه أبناءه الآن بصدور عارية رصاص الأمن الشعبي للحركة الاسلاموية وبطش الأجهزة الأمنية لنظامها الوحشي الذي شيدته على جثث أبناء الشعب ودموع الأرامل واليتامى والأمهات. كما شيدته على أنقاض طموحاتنا و أحلامنا الكبيرة بوطن حدادي مدادي.. وطن خير ديموقراطي! حتى ظننا لوهلة أن هذه الأحلام تراكمت عليها أغبرة الذكريات التعسفية والنسيان القسري!.. ولكن هاهو شعبنا كطائر الفينيق. يخرج من ركام رماد إحتراقها. ليعطي الشعوب درسا جديدا في الثورة والفداء. وليرد لهذا الوطن الغني الجميل بتنوعه اعتباره. الذي انتهكته سياسات الحركة الاسلاموية. خلال ثلاثون عاما. انصرمت عاما إثر عام. لتترك في كل ثانية جرحا وغبنا ووجعا وموجدة. في عيون نساءنا والنظام العام يبطش بهن.. في عيون أطفالنا وهم يصبحون فاقدا تربويا ويتشردون. بعد أن ابادت حروب النظام العنصرية اسرهم واحرقت قراهم وحولتهم الى نازحين ولاجئين في وطنهم!.. في عيون آبائنا وأخوتنا وأخواتنا والأجهزة الأمنية تبطش بهم جميعا. لأنهم يصرون على الحلم بوطن أجمل. يسع كل أبناه دون تمييز. كثيرا ما كنت أتساءل بخجل.. انا الذي غادرت السودان منذ 17 عاما. ما الذي سأحكيه لولدي عندما يكبر. ويسألني لماذا هاجرت يا أبي؟ فالاجابة مؤكد لن تجعله يحترمني. وهو الذي ولد وتربى في دولة دستور وقانون و مؤسسات تحترم حقوق الانسان ويتمتع فيها هو بكل ما حرم منه أقرانه في وطننا البعيد. إذ سيتساءل: كيف سمحنا لمثل نظام كالذي أحدثه عنه بتشريدنا ونفينا وهزيمتنا والبقاء 30 عاما.. وهو نظام قد أشعل حروب إبادة وارتكب جرائم ضد الانسانية وفصل جزء من الشعب والتاريخ والثقافه والموارد. وترك الجغرافيا نهبا للغزاة في الجوار. وباع ما تبقى من الأرض للمستثمرين الأجانب بشروط جائرة في حق شعبنا. بل باع حتى الجنسية الوطنية لارهابيين العالم وحول الجيش لمرتزقة تحارب بالايجار في حروب لا ناقة للشعب فيها ولا جمل! وتاجر في كل شيئ حتى شبكات الدعارة وغسيل الأموال والمخدرات. وأفسد فسادا غير مسبوقا في نهبه للموارد. وعذب وشرد وقتل أبناء الشعب خارج نطاق القضاء حتى أصبح السودان (أم كواكية)! الآن أستطيع أن أحكي له عن هذه الانتفاضه / الثورة التي وحدت هموم الشعب وحطمت الجدر التي لطالما فصلت بين اثنياته وثقافاته وعقائده. نعم سأحكي له عن شباب زي الورد. قرروا أن يغيروا وجه هذا الوطن إلى الأبد وهم يصوغون أسباب ثورتهم بلغة بسيطه ومعبرة: "نظام حرمنا الحب.. يسقط بس!".. فلسان حالهم: كيف يمكن أن ينظروا لعيون حبيباتهم إن كانوا لا يستطيعون حمايتهن". نعم سأحكي له عن عشا البايتات وهو ينحني ليجعل من ظهره جسرا للحبيبة/ الوطن كيما تعبر الى ضفاف الحرية والتغيير. تلهمه زغاريدها الصمود والاستبسال حتى الرمق الأخير. كيما يكون جديرا بهذا الوطن العظيم. نعم الان لدي ما سأحكيه لإبني عبد الله عندما يكبر. فيقيني أن في كل الأحوال وجه السودان تغير وإلى الأبد بهذه الانتفاضه الجسورة. سأحكي له عن الطفل شوقي.. هذا البطل الصغير الأعزل الذي واجه كتيبة من أمن أجهزة النظام وهزمها. كثير هو زخم الحكايات التي سنرويها عن يوميات هذه الانتفاضة. وهي تتقدم يوما بعد يوم. مستلهمة دروس الماضي وعبره. مستشرفة آفاق وطن جديد رائع. لن يكون أبدا بعد الآن هو السودان ذاته. الذي لطالما عبث الأقزام بأحلامه وآماله وتطلعاته! نواصل ………. الثورة مستمرة والنصر أكيد.. الشعب أقوى والردة مستحيلة لم يبق من ظل المقيل سوى القليل.. 12/28/2018 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.