هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    ((نصر هلال قمة القمم العربية))    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطروحات فكرية وسياسية لمشروع قومي إصلاحي حقيقي 3-5: الأحزاب السياسية .. بقلم: د. عادل الخضر أحمد بلة/أستاذ بجامعة الجزيرة
نشر في سودانيل يوم 06 - 01 - 2019


بسم الله الرحمن الرحيم

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
في تقديري ليس غريبآ توافق الشعب السودان علي أسس قيام الدولة الحديثة (سيادة حكم القانون والحريات وحقوق الإنسان والهوية والتنمية الإقتصادية الإجتماعية والعلاقات الدولية الخ) .. ولكن إحدي المعضلات الحقيقية في : كيف سيتم التنفيذ؟ هل ستنفذ الديمقراطية المأمولة بتكوينات سياسية كسيحة لتشوه تكوينها الخلقي وهلامية شكلها وأخري للوجاهة أقرب منها للحزب الفعال؟! .. إن حالة التنكر والمخاصمة للفكر هي المسؤولة عن شيوع حالة (الرتابة) في الواقع السياسي منذ الإستقلال وحتي الآن في تقديري .. وعليه فتثوير الفكر (لا إزالة آثار مايو) يتطلب السعي لتحريك العقول لمواجهة الواقع الرتيب وتطويره وبذر أسسه الجديدة ثقافة وسلوكآ في الأجيال القادمة .. لن يكون مستغربآ أن ترفض وتقاوم مراكز القوي السياسية الحالية ورموزها وبذهنية الوصاية وبحجة الحماية للعامة واستقرار الوطن , مثل هذا التجديد .. وهذا في حد ذاته كبت للتطور الطبيعي لا تقل خطورته عن الدكتاتورية السياسية في مجتمعنا .. فمسير الديمقراطية بعد الحوار الوطني (أيآ كانت تسميته وزمانه) بأرجل التكوينات السياسية الحالية هو تكرار للمكرر الكسيح .. والإصرار علي إستمرار وتوالي هذا الواقع مخالف أيضآ للطبيعة السوية المتطورة .. وحتي الإكتفاء بطلاء الهياكل القديمة والظن بأن التجديد قد تم , هو ليس من الفكر في شئ .. فالفكر تجديد .. والتجديد غير منبت عن الواقع بل يرتبط بالحاجة له ومواكبة العصر في سياقه التاريخي الإجتماعي السياسي والتكنولوجي .. وطبيعيآ تتطور الحياة بتوالي التقييم والتقويم .. وعليه فحتي مخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها الآن – ولو بدون إجماع وطني - يستحيل السير بها نحو التنفيذ لإحداث النهضة المأمولة لا بالأرجل الكسيحة للتكوينات السياسية الحالية ولا حتي بطلاء زخرفي لهذه التكوينات الحالية والوهم بأنها جددت وواكبت الزمن ويمكن إعادتها للملعب وتسويقها بقصد الموافقة عليها وإنتظار دعمها شعبيآ .. هل يمكن لحادب علي مصلحة الوطن وأجياله القادمه حتي أن يتخيل مثل هذا الوهم؟ لا.
الشاهد ان الأسرة الدولية مرت بمراحل تطور فكري وكان لكسر (الرتابة) دور أساسي في نهضتها السياسية في إعتقادي .. كانت الكنيسة مختلطة بإدارة شؤون الدول .. واقع حولته (الرتابة) لكهنوت سياسي ديني مات بسببه الملايين .. قاد هذا الواقع لإحجام المواطن عن المشاركة .. أستطال الوضع الرتيب .. تراكم الظلم والفساد وهدر الحريات .. إمتلأ المواطن غبنأ .. ظهرت بوادر فكرية ورؤي جديدة .. أنفجر غضب المواطن .. ظهرت الثورات كالفرنسية .. أستحدث الفكر والرؤي ونفذ في أشكال مثل سيادة حكم القانون والحريات وسار التوالي بأحزاب حقيقية ديمقراطية.. قاد هذا الواقع الجديد لإرتفاع معدل مشاركة المواطن في الحياة العامة (الإنتخابات مثلآ) .. بمرور الزمن استطالت نفس الممارسة .. ظهرت (الرتابة) فظهر الظلم والفساد بظهور مراكز القوي حتي في الدول الغربية الديمقراطية .. أنخفض معدل مشاركة المواطن حتي في الإنتخابات في هذه الدول لما دون النصف تقريبآ الآن .. الآن , هل ستتجدد المشاركة وترتفع وتيرتها إذا حدث تثوير في الفكر (لا طلاء خارجي جديد للمبني القديم) والرؤي والسياسات والبرامج في هذه الدول الغربية الديمقراطية أصلآ؟؟؟ نعم.
يخصوص الواقع السوداني و(الرتابة) .. الشاهد أن الشعب السوداني بطبعه وسطيآ .. منذ الإستقلال وحتي الآن تسود الوطن القيم الإسلامية الوسطية .. كما أن إنفصال الجنوب زاد النسبة المئوية للمسلمين من أكثر من 70% لما يقارب ال 100% .. هذا بالإضافة إلي أن ضربة نميري الموجعة للحزب الشيوعي السوداني وأنهيار أنموذج الإتحاد السوفيتي العظيم من ناحية وتشظيه (الخاتم عدلان مثلآ) وإقتراح حديث بأخذ الحزب ببعض القيم الإسلامية من ناحية تثبت وجوب وسطيته إن بقي حيآ .... عليه فالشاهد أن القيم الإسلامية الوسطية ما زالت وستظل سائدة .. قيم المواطن السوداني الإسلامية الوسطية تجلت سياسيأ في البدء بحزبي الأمة والإتحادي .. كان الولاء للزعامة الدينية هو المحرك الأساسي للمشاركة السياسية (في الإنتخابات مثلآ) .. حافظت الطرق الدينية داخل هذين التكوينين السياسيين ورموزهما علي وضعهما المرموق في المجتمع .. أما تفعيلها سياسيآ (الإتحادي والأمة) فهو في إضمحلال سريع قائدهما (بشظاياهما) للزوال من الحياة السياسية بلا أدني شك في تقديري .. لأنها عمليآ هي مراكز قوي أكثر منها أحزابآ سياسية حقيقية (علاقة فرد مريد مع شيخه أم فرد يمكن أن يصبح رئيسآ للحزب) .. الشاهد أن توسع التعليم والتكنولوجيا وإرتفاع الوعي بدخول أجهزة الإعلام المختلفة للريف السوداني سبب مهم في إضمحلالها وقلة الاقبال علي دعم هذه التكوينات شعبيآ ولا حتي كمعارضة حاليآ .. وما تبقي حاليآ ربما يعود اساسآ للرموز القائدة داخلها أكثر منه إقتناعآ بالحزب .. إضافة إلي أن هذا الواقع قاد لإنحباسها ومع حب الزعامة عند المنتسبين – من غير أسر الرموز الدينيية – وهو مكون أساسي في الشخصية السودانية في تقديري (لاحظه حتي في الأطفال حولك) قاد طبيعيآ للتشظي داخلها بواسطة منتسبيها الذي تشهده هذه التكوينات حاليآ .. مثلآ : حزب الأمة (الصادق) وحزب الأمة (مسار) وحزب الأمة (نهار) وحزب الأمة (مبارك) وحزب الأمة (إبن الهادي) .. والإتحادي الأصل (الآب/ الإبن/ والرافضون للتوريث السياسي - الدواعش) وإتحادي (جلال الدقير وإشراقة) وإتحادي (جلاء الأزهري) الخ .. ومازال هؤلاء جميعآ يتوهمون بأن الشعب (المالك الحقيقي) يراهم كأحزاب .. وحتي إذا تم فصل الطريقة الدينية (الختمية أو أنصار المهدي) من الحزب السياسي يظل السؤال: هل هذا الفصل هو فصلآ تامآ أم أنها أرجوزات سياسية تحركها من يحركها الآن مستترآ؟ .. إن كانت الإجابة بأنه فصلآ تامآ فعلآ يصبخ السؤال : ما الفرق الجوهري إذن بين هذين التكوينين؟ ثم ما الفرق بين ما تبقي من هذين الحزبين وبين الجبهة الإسلامية القومية وباقي عشرات التكوينات السياسية في الساحة حاليآ؟.. فإذا لم تكن هناك فروقآ جوهرية فلماذا لا تدمج أسسها وسياساتها وبرامجها وبشكل علمي في عدد محدود يمكن تقييمها وتقويمها علميآ؟.. الحزب ملك للشعب أساسآ لا لمنتسبيه فقط .. في المقابل - ونحن ما زلنا في حيثيات رتابة الواقع السياسي - إرتفع وجود جبهة الميثاق للجبهة الإسلامية القومية تاريخيآ – في تقديري – بهدف إنجاز إحلال طبيعي للإتحادي والأمة ..
واقع الحال أيضآ , فقد وصلت الجبهة الإسلامية القومية قمة قوتها في إنقلابها العسكري علي الوضع القائم عام 1989 .. ساعدها في ذلك عدة عوامل منها : سيولة الوضع القائم أنذاك كنتيجة طبيعية لصراع مراكز القوي إياها وإهتمامها الطبيعي بمصالحها (إرجاع ما صودر منها مثلآ) وذهنية إزالة آثار مايو .. كما أن العوامل البيئية كان لها دور في إظهار وهن هذه التكوينات السياسية الهشة (ظهور المجاعة خاصة في دافور) بالإضافة للمحسوبية والفساد ووصول التردي وإنعدام الثقة في مؤسسات الدولة مرحلة إصرار مؤسسات الإغاثة الخارجية علي توزيع إغاثتها بنفسها .. الواقع يؤكد أن هذه التكوينات السياسية (أحزاب الجبهة الإسلامية القومية (وطني شعبي إلخ) وأحزاب الأمة وأحزاب الإتحادي وحتي أحزاب الشيوعي (الأصل وحق ..) هي في واقع الأمر مراكز قوي عنقودية (علي وزن القنبلة العنقودية) ينفجر الإطار الخارجي برمزه الأصل ليولد تكوينات تحمل الجينات الوراثية ذاتها فتتشظي لأصغر مخلفة مراكز قوي برموز جدد وهكذا .. وعليه فهذا واقع يستحيل – في تقديري – أن يكون أرجلآ سليمة تسير عليها الديمقراطية المأمولة لنهضة الأجيال القادمة مهما كانت نوعية وكثافة مساحيق التجميل التي من غير المستغرب أن تقوم بها مراكز القوي هذه علي أمل حفاظها علي مصالحها الذاتية الآنية ..
وحتي الجبهة الإسلامية القومية نفسها قد لا تختلف كثيرآ في أصلها (حزب مضروب في حركة إسلامية دعوية) عن التكوينات الدينية-السياسية هذه (حزب سياسي مضروب في طريقة دينية) .. فهي – في تقديري - قامت أساسآ كمركز قوي علي أمل إحلال حزبي الأمة والإتحادي .. والدليل الشاهد علي أنها ما قامت أساسآ كرجل (بكسر الراء) تسير عليها الديمقراطية المختارة في السودان أنه عندما سالت الأوضاع في 1989 لم تتصرف كرجل للديمقراطية وعملت للوصول للحكم بالإنتخابات بل وصلت لمبتغاها – كمركز قوي – عبر الإنقلاب العسكري .. وبعده كان طبيعيآ تشظيها – برمزها - عنقوديآ كسابقاتها وأنتهت كمراكز قوي برموز أصغر .. فرماة جبل أحد عندما ظهرت الغنائم تركوا مواقعهم ورؤاهم المعلنة وظهر تسييس الخدمة المدنية و"التمكين" وأمنية الدولة لإغتصاب السلطة كاملة .. وظهر الصراع داخلهم علي السلطة والغنائم للمصلحة الشخصية الذي قاد بطبيعة الحال لإستشراء الظلم والفساد وظهور فراعنة في كل موقع .. فعمليآ الجبهة الإسلامية القومية كانت وحتي الآن هي عمليآ لا تحكم طبيعيآ ولا تدير ولا حتي تنسق طبيعيآ بل هي مستعمرة للشعب السوداني !!! .. فطبيعيآ أفرز صراع الأنفس البشرية داخلها مؤتمرآ وطنيآ وآخر شعبيآ وإصلاح الآن وود ابراهيم وجالسون علي الرصيف الخ .. وكأي مستعمر ستهمه أمنية الدولة أساسآ لإستمراريته وسينكفي علي ذاته منتفعآ وسيحسب أنه في خير وكل شئ علي خير .. وليس مستبعدآ أن يتخيل هذا المستعمر أن عليه فقط بعض المظاهر التجميلية لإعاده لصق الشظايا وإجراء بعض الطلاء لمواصلة التمكين .. وربما أوصلهم الوهم الآن لمرحلة إهتماماتهم الشخصية ومنافساتهم ومنذ الآن في من سيخلف رئيس الجمهورية الحالي بعد عدة أعوام وهكذا .. متناسين أن الفرد منهم – في الوضع الديمقراطي الطبيعي لا واقع الإستعمار المعلن - في أي موقع كان هو مجرد أجير للمالك الحقيقي "الشعب السوداني".. السيولة والضبابية التنفيذية المستمرة الآن يقابلها أن الكثير جدآ من الملاك الحقيقيين منشغلون هم وأسرهم بجلب ماء الشرب مثلآ علي أكتافهم أو بالحمير كهم أولي من تعليم الأبناء وصحتهم .. والواجب يفرض علي المالك الحقيقي مطالبتهم بحقه في إدارة شأنه وأيضآ حقه العادل من الموارد التي وهبها لهم جميعآ رب العزة مثل البترول والذهب وبيع الأراضي والقروض واجبة السداد وغيرها والآن والآن فقط وما عند الله من حساب فله هو وحده جل وعلا .. إن كانت هنالك إنجازات – وهو أمر طبيعي – لنظام ساد أكثر من ربع قرن فإن للميزان كفتين .. كفة للإنجازات وكفة للموارد المستهلكة لإنجازها (بترول وذهب وأراضي وممتلكات بيعت وقروض واجبة السداد وغيرها) ..
الشاهد أن المستعمر البريطاني أنجز مشروع الجزيرة والخدمة المدنية وغيرها ومع ذلك فيوم إخراجه يوم يتم فيه الإحتفال به سنويآ كإستقلال وطني .. عليه فالخطوة العملية الأهم – في تقديري - لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني (أيآ كان مسماه) هو الإجابة علي السؤال : هل سيتبع أعضاء الجبهة الإسلامية القومية بكل شظاياها وجوب تفعيل "النقد الذاتي" ؟ وإن كانت الإجابة بالإيجاب فلأي مدي؟ .. بإختصار أرجو أن يكون مفيدآ : الآن الجبهة الإسلامية القومية (بكل شظاياها) لا تحكم طبيعيآ ولا تدير ولا حتي تنسق بل هي مستعمرة للشعب السوداني .. ولا مجال حتي للظن – في تقديري - بإمكانية قبول الشعب لتغيير الطلاء الخارجي (نظام خالف أو متجدد أو خالف متجدد) للإحتفاظ بوضع المستعمر .. وحتي الحزب الشيوعي السوداني بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي العظيم وإنشقاقات المرحوم الخاتم عدلان وأسباب إبتعاد آخرين مثل د. الشفيع خضر بالإضافة للدعوة داخله للأخذ بالقيم الإسلامية كلها مؤشرات تدل علي بعده عمليآ عن التشدد ووسطيته .. تماشيآ مع وسطية الشعب السوداني الأصيلة فيه .. أما ما يفوق المائة تكوينآ سياسيآ والتي لا يعرف المواطن (المالك الحقيقي) حتي أسماءها يبدو أنها عمليآ تكوينات القصد منها الوجاهة المجتمعية والتي يمكن أن توفر لرموزها مصالح شخصية لا تهم المالك الحقيقي ولن يوافق عليها في الأوضاع الطبيعية ..
وبالنسبة للحركات المسلحة فالشاهد أنها لن توافق إن وصل منتسبوها للحكم ديمقراطيآ أن تعارض ( بضم التاء) بالسلاح كما تفعل الآن .. ولذلك فبضاعة منطق البندقية لن تجد من يشتريها بإقتناع في نظام ديمقراطي مأمول .. وعليه لا مجال أمام الحركات المسلحة – في تقديري - غير المساهمة مع أهل الرأي لكسر هذه الرتابة السياسية والخروج بجديد مبتكر يرتكز علي الماضي ويشع أملآ حقيقيآ في نفوس هذا الشعب الرائع... فالمحصلة – في تقديري - أن الواقع السياسي السوداني (العنقودي) وصل لمرحلة الإنحباس .. ولا مناص من أن يٌفعِل المجتمع إرادته لمنع الإنفجار غير محسوب العواقب .. كيف ذلك؟ أعيد إقتراحي الذي ظللت أطرحه منذ ديسمبر 2005:
المقترح البديل:
بإعتبار تراكم التجربة السياسية - النظرية والعملية - منذ الاستقلال كنزآ لأهل البحث العلمي والدراسات وأهل الإعتبار من الواجب الإستفادة منه لتطوير الواقع السياسي السوداني .. عليه: أولآ: يكون السيد رئيس الجمهورية (بوضعه الإعتباري) لجنة علمية وطنية قليلة العدد (10 – 15 شخص) كثيرة العلم والخبرة .. مثلآ: السادة: الطيب زين العابدين وحسن الساعوري وعبد اللطيف البوني والصادق المهدي ومنصور خالد وغازي صلاح الدين وعبد الله علي إبراهيم وأمثالهم .. وأقترح أ.د. الطيب زين العابدين رئيسآ مؤقتآ لها لحين توافق اللجنة علي طريقة إدارة عملها .. ويمكن لللجنة الإستعانة بمن تراه مناسبآ لمدارسات أو دراسات من داخل أو خارج الوطن .. مهمتها : التوافق علي تعريف الحزب وتقييم الأسس التي قامت عليها كل التكوينات السياسية الحالية (الفكرية والسياسات والبرامج) وإختيار ما تراه مناسبآ منها للواقع ومستقبل الأجيال .. وبناء عليه تعمل علي حزم هذه الأسس - وتسدد النواقص- في أقل عدد ممكن من التكوينات السياسية (إقتراح حزبين أو ثلاثة) تتضمن قيم المالك وتختلف إختلافآ بائنآ .. يطرح الإقتراح للحوار العام .. ثم يتم تجويد الإقتراح بما أفرزه الحوار العام ..
ثانيآ: تقوم اللجنة العلمية القومية بالحوار مع التكوينات السياسية القائمة الآن للتخلي عن التكوينات القديمة والأخذ بما توصلت إليه اللجنة العلمية القومية .. في حالة إصرار التكوينات القديمة علي رفض التجديد المقترح يمكن أن يعرض المقترحان لللإستفتاء الشعبي ويترك للشعب الإختيار لتحمل إيجابيات وسلبيات التجربة القادمة بعد الحوار .. يضمن المقترح الفائز في الدستور .. ومن إيجابيات ذلك ضمان عدم التضارب مع الدستور مثلآ في حرية التنظيم لضمان تميز أي حزب جديد يقدم للموافقة عليه مستقبلآ عن ما هو قائم .. إذا فازت فكرة الأحزاب الجديدة فيفتح الباب للتسجيل في عضويتها لتفعيلها وستكون هنالك مساحات للإبداع داخل كل حزب ويترك حتي الإسم وتطوير الحزب لإبداع منتسبيه .. عندها يكون علي المالك دعم هذين الحزبين ماديآ ومراقبتها كما هو معمول به.
المحصلة النهائية المأمولة : بديلآ للتكوينات السياسية الكسيحة والمترهلة القائمة الآن والتي لن تسير بالوطن إلا لسيوله قد تمسحه من الوجود فالمقترح هو أن يكون للديمقراطية المأمولة أقدام ناضجة يمكن أن تمشي عليها كمرحلة تطور طبيعي .. هذا التجديد سيكسر الرتابة .. وبسبب زوال التكوينات القديمة ستزول العقبات الناتجة من تراكم سلبيات الممارسة السابقة وحتي من تراكم الحواجز النفسية الناتجة من سوء التفاهم الشخصي داخل هذه التكوينات وبين بعضها البعض .. كما أنها ستضيف لأي أساس وسياسة وبرنامج قائم الآن أعضاء جدد فرق بينهم كثرة التكوينات وهي إضافة إيجابية لا خصمآ منها .. والنتيجة المأمولة إنعاش آمال المالك الحقيقي وتحفيزه للمشاركة السياسية بالإنضمام للأحزاب الجديدة أو علي الأقل الإهتمام بنشاطاتها (في الإنتخابات مثلآ) مما يعتبر مساهمة إيجابية منه في نهضة وطنه من كبوته المستمرة منذ الإستقلال وفق رؤية علمية واضحة يمكن تقييمها وتقويمها مستقبلآ .
لإستمرار مثل هذا التطور - بعد إحداثه- في هذا الجانب والجوانب الأخري أعيد مقترحي بضرورة إستحداث "بيت الحكمة" ( سمه ما شئت) .. هذا يكون في قمة جهاز التخطيط الإستراتيجي القومي .. ويتكون من المجالات المختلفة : السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعسكرية/الأمنية .. فيه تصب زبدة نتائج البحث العلمي الرسمي والخاص والرأي العام ليكون في متناول يد متخذ القرار الحالي أو المقبل بغض النظر عمن يحكم .. ويمكنهم علميآ تقييم تنفيذ التجربة وتقويمها إن دعي الحال .. بهذا الفهم فاللجنة السياسية المقترحة أعلاه ستواصل عملها – كجزء من بيت الحكمة - لمراقبة تنفيذ التجربة أعلاه لتقييمها وإنزال المقترحات البحثية لإجراء البحوث والدراسات لتقويم التجربة أن دعت الحاجة بجانب مهامها السياسية عامة .. كما أن وجود اللجنة العسكرية/الأمنية سيعني عمليآ مشاركتهم في إتخاذ القرارات كافة وبالتالي لا معني لمحاولات الإنقلابات العسكرية مستقبلآ .. وعليه بهذا الفهم – وبعيدآ عن المجاملات والمحاصصات والترضيات - سيبدأ التخطيط الإستراتيجي والتنفيذ العملي للسياسات والبرامج علي أسس علمية وقومية بغض النظر عمن يحكم الآن أو في مقبل الأيام.
وآخر القول: كان لأدولف هتلر خيارين : أن يحمي وطنه ويطوره ويساعد جيرانه ليستقروا ويتطوروا .. إن كان قد فعل ذلك فلربما كانت ألمانيا قائدة أولي للعالم ومنذ ذلك الزمن .. لكنه - في المقابل - طور بلده ولكنه دمر جيرانه وغيرهم وتم تدمير وطنه ومات منتحرآ .. وحديثآ كان الخيارين أمام القذافي فأختار ما تصوره الأفضل ووصل للنتيجة الطبيعية المعروفة .. عليه أعتقد أنه إذا إختار أهل الحكم والمعارضة الآن إجراء تلوين زخرفي لتكويناتهم السياسية الحالية متوهمين أنه الإبداع بعينه (وهو أمر لن يكون مستغربآ من مراكز قوي ورموزها العنقودية) .. وأنهم سيجدون الموافقة والدعم الشعبي لهذه الزخرفة فلن يكون مستغربآ إن بشر أهل وطني ببؤس يطول إن مد الله في أجل الوطن (والله يكضب الشينة) .. أما إذا استجابوا والسيد رئيس الجمهورية (أيآ كان) لهذا المقترح لإستحداث أرجل حديثة وقوية - متوافق عليها شعبيآ ومضمنة في الدستور - تسير عليها الديمقراطية المأمولة وإذا تفاعل معه أهل السياسة عامة كمصلحة وطنية عليا بالإضافة للتوافق علي أسس قيام الدولة الحديثة كمخرجات للحوار فالمأمول – في تقديري - وضع الوطن في طريق ديمقراطي حقيقي يقود لنهضة حقيقية يستحقها هذا الشعب الرائع وأجياله القادمة ..
* نشرتٌ هذه الفكرة في ديسمبر سودانيل 2005 و2007 و2009 و2011 و2013
وعامي 2016 وبداية 2018 تحت عنوان : لنهضة الوطن: وجوب تثوير الفكر لتفعيل مخرجات الحوار الوطني*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.