الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    قرارات جديدة ل"سلفاكير"    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاهد علي العصر .. بقلم: عبدالله محمد أحمد الصادق
نشر في سودانيل يوم 28 - 01 - 2019

في عصور رجال الاقطاع والملوك والنبلاء ورجال الدين كان عبيد الأرض يصنعون ملابسهم من الجلود والنساء يغزلن وينسجن الصوف والكتان لأسيادهن الذين كانوا يملكون الأرض وما عليها من انسان وحيوان، فلم تكن أوربا تعرف شيئا عن قطن المناطق الحارة وحرير الصين، وتفتح ذهني في طفولتي الأولي في الجزيرة شرى بدار المناصير وشاهدت نهايات عصر الساقية ورأيت النساء يغزلن القطن وينسجن الدمورية لهن ولأزواجهن وأطفالهن، وتطورت الدمورية في شندى الي صناعة الدمور الفاخر جلاليب وبدل لكبار الأفندية وعلية القوم، واشتهرت شندى أيضا بصناعة صابون الحمام الذى كان يعرف بالفنيك، وفي المدرسة الأولية كان الزى المدرسي من الدمورية المصرية وكانت الدمورية الباكستانية لباس البرجوازية القروية وصفوتها، ثم جاء ثوب الزراق والفركة الأقمشة الملونة والساكوبيس للعراريق في الصيف، وقرأت التاريخ في أصوله وتعلمت من التجربة الذاتية المباشرة من صفوف الدراسة الي ربع قرن في دروب الخدمة المدنية الي أربعين عاما في بلاط صاحبة الجلالة، وسافرت في الضهارى وركبت اللوارى وشربت الشاى في قهوة أم الحسن وأكلت الشية في قهوة الله كريم وشربت العرق ولعبت الورق، والعالمون ببواطن الأمور يزعمون أن نميرى يوم من خور عمر من المكان الاشتهر كان مدينا لست العرقي التي كانت تخط علي الحائط خطا عن كل زجاجة عرقي يستدينها نميرى، وكان طلاب المدارس الثانوية في ذلك الزمان المفقود في الدورة المدرسية كل سنة نشيدهم الجماعي في بربر السلوى وفي الدامر الخلوة وفي مروى طمبارة وفي شندى نقارة من حلفا لي بارا.
وتعلمت من التجربة الذاتية المباشرة ان الناس في كل زمان ومكان كماهم في منظور فيثاغورس في القرن الأول قبل الميلاد وفي منظور علي بن أبي طالب أول الفلاسفة في الاسلام وأول المعتزلة في القرن السابع الانسان عالم صغير والعالم انسان كبير والشباب كما قال بشار بن برد قالوا حرام تلاقينا فقلت لهم مافي التلاقي ومافي قبلة حرج، وطلعت القمرا أخير يا عشانا تودينا لي أهلنا يسألوك مننا، وشوفا لجنا وشوف خصالو في الديوان لافي شالو، والبنات اجمعن جن زى كهارب المينا بقن دى تقول أنا من دى أحسن وآمني فايتا الجيل عشرة طن، وتعلمت ان الانسان حزمة من الغرائز والدوافع والحاجات البايولوجية والأطماع والتطلعات المتعارضة في اتجاهاتها والمتفاوتة في قوتها وضعفها يسعي الي اشباعها وموضوعها الأشياء وأخيه الانسان أخذا وعطاءا، وان الناس مختلفون في مواهبهم وقدراتهم الطبيعية، وقال علي بن أبي طالب قيمة كل انسان في الذى يحسن وأتعس الناس من بعدت همته وقلت قدرته، وتعلمت ان الخير والشر في طبائع الأشياء وان الضمير هو الحاسة الأخلاقية ولا يكون الضمير الا فرديا وان الفرد هو الأصل ومصدر الفعل الحقيقي في المجتمع وان بعض الناس لا يخافون من الله ولا يخافون من المجتمع ولا يخافون من خليفة المهدى وهم كما جاء في الآية القرآنية نفس لوامة ونفس أمارة بالسوء.
وتعلمت من التجربة الذاتية المباشرة ان الانسان أعجوبة الكون وطلسمه العجيب لا يمكن ضبطه ووضعه تحت المجهر ولا يمكن فهمه الا من خلال مواقفه، ومن طبيعة الانسان وأى كائن حي كما قال يوحنا فردريك 19776/1841 أن يدافع عن نفسه ويصون ذاته، وقال سارتر ان مواقف الانسان ليست كلها خارجية فهي أيضا في مزاجه وتفاعله وانفعالاته، وقال ان الحرية جوهر الطبية البشرية، ورأيت ذلك في الطفل يتمرد علي أبويهة تمسكا بحقه في الحرية وطفل منفتح يصافح من يلتقي به ويناديه بعبارة يا عم ويا خالة وطفل خجول وطفل جرىء وطفل وفي وطفل لئيم وطفل كريم وطفل شحيح وطفل طماع جشع يستولي علي لعب الآخرين وطفل أناني يصادر الكرة ويصر علي اللعب بها منفردا، وقال يوحنا لوك ان الانسان بدون الحرية عبد للضرورة، وليس للحرية وجودا خارج الذهن الا في موقف معين ولحظة معينة، لذلك كانت الحرية في القرآن هي الأصل والقيد أستشناء لأن المجتمع نظام للعلاقات بين الأفراد ولأن الفرد هو الأصل ومصدر الفعل الحقيقي في المجتمع هذا يصيد وهذا يأكل السمكة كما قال محمود الوراق، ولا يكون القيد الا في حالة الضرورة القصوى لمراعاة مصلحة الجماعة ولا علاقة لذلك بمشاعر الجماعة كما يزعمون لأن الناس يختلفون في مشاعرهم اللائق وغير اللائق والمستساغ وغير المستساغ، ولا يفترض أن يجرم القانون فعلا لا يضر بالآخرين ضررا ماديا وقد يختلف الناس في تعريف الضرر المادى وذلك مجال القضاة والمحامين، وقال أبوبكر الصديق هذا كتاب الله فيكم لن تضلوا ما تمسكتم به، فالاسلام هو الحل لأن الحرية هي الحل، ويعاني المسلمون اللآن من الفوضي الدينية والسياسية التي عانت منها أوربا حتي القرن السادس عشر لغياب الحرية والديموقراطية.
ولا داعي للتوسع في أقول الفلاسفة العلماء لأننا نجد ذلك في الحكم والأمثال الشعبية وهي كبسولات يضع فيها الناس تجاربهم الذاتية المباشرة، وقال رجل أمي من أهالي دارفور ان الحياة تفلق وتداوى ومن أراد أن يقول الحقيقة عليه أن يحضر عكازه، وقال رجل أمي من أهالي كردفان ان الذى ينظر تحت أقدامه قد لا يتعثر لكن عود الراكوبة يفقع عينه، وربما كان الرباطابي الذى وصف نميرى بالديك في عنقريب العدة أميا، وكان نميرى كالمريض الذى فقد ثقته في الطب الحديث وكان في نقابة عمال السكة حديد واتحاد كرة القدم كالديك في عنقريب العدة والثور في مستودع الخزف، لكن نميرى كان يعاني من الندم والاحساس بالذنب بدليل أنه التقي بزوجة عبد الخالق محجوب في بيت عزاء فقال لها سامحيني يا نعمات، وفقع عود الراكوبة أعين الترابي وحيرانه فكانوا ولا يزالنون يتداون من داء التمكين بداء التمكن في غياب المسئولية الوطنية والأخلاقية وجلدا ما جلدك جر فوقو الشوك فقد تبلدت جلودهم وتحجرت قلوبهم وقال علي بن أبي طالب من قل ورعه مات ضميره وقال محمود محمد طه ان الحياة كتاب الله المشهود.
مرقنا ضد الناس الأكلو عرقنا:
قال هيجل 1770/1830 ان الصيرورة صميم الوجود وسر التطور وان الموجود الواحد يعارضه الوجود بالكثرة لكن الكثرة في حقيقتها واحدة، وسبقه المعتزلة في القرن الثامن بأن العالم وحدة تربطها علاقات التكامل والتفاعل، وقال ان الانسان يشعر ويفعل وينفعل ويتخيل ولديه دوافع ورغبات يسعي لاشباعاها ويبدأ أنانيا ويهذبه المجتمع بالحق والواجب، وان الدولة كالفرد لكي يعترف الآخرون به عليه أن يعترف بهم، وأنها في أحسن حالاتها قوة خارجية لا تختلف عن قوى الطبيعة، وكانت النخب المتسلطة منذ فجر المجتمعات البشرية الأولي تستغل خوف الانسان من قوى الطبيعة وخوفه من المجهول، ونرى ذلك في أنفسنا لكنهم في أنفسهم لا يبصرون ولا يفكرون في الابل كيف خلقت والجبال كيف نصبت والسماء كيف رفعت لشنآن قوم، وخلق الله الانسان فيلسوفا وسياسيا ودعاه للتفكير في خلق السموات والأرض لكنهم يزعمون ان من تفلسف تزندق وان الشريعة الاسلامية جاءت علي شرط الأمية، وفي عهد عمر بن الخطاب تفجرت البراكين بين مكة والمدينة وسالت الأودية والدروب بالحمم البركانية فهرع الناس الي المساجد يصلون ويستغفرون ظنامنهم أنه يوم القيامة ويعلم تلاميذ المدارس في عصرنا هذا ان البراكين ظاهرة طبيعية كالأمطار والبرق والرعد والسيول، وعندما قال عمر بن الخطاب يا سارية الجبل كان ذلك ايحاءا من السماء ان صحت الرواية، أما أنا فأرى المعارك الحربية تدور حية وأتجول في الغابات والصحارى وأعماق البحار وأرى التنوع والتعدد الحيوى في البر والبحر وأنا جالس في غرفة نومي أو مضجع في سريرى، وسار جيش المسلمين في غزوة تبوك من المدينة الي تخوم الشام ثلاثين يوما لكن الطائرات الحربية في عصرنا هذا تقطع نفس المسافة في ربع ساعة، والماضي لا يمتد في الحاضر الا عظات وعبر، وتعلما من الحرب الأهلية في أميركا في القرن الثامن عشر والحرب الأهلية في السودان في القرن العشرين ان أى صراع خلفه مصالح اقتصادية وللناس مصلحة مشتركة في السلام وتبادل المنافع وليس لهم مصلحة في الحرب، وعارض الجنوبيون في أميركا تحريم الرق وتحرير العبيد لأنهم مزارعون يحتاجون للرقيق في زراعة وحصاد القطن والحبوب، أما الشماليون في السودان الذين أسسوا الدولة من منطلق تحيزاتهم العنصرية واحتكروا السلطة منذ الاستقلال يريدون تكريس مصالحهم ونفوذهم الاجتماعي، وكان نميرى في العدالة الناجزة وقوانين سبتمبر كالديك في عنقريب العدة والثور في مستودع الخزف وحاول صدام حسين تقليد نميرى في الوقت الضائع طمعا في ثلاثا عاما في السلطة، وكانت السلطة في السودان ومنذ الاستقلال عجوبة التي خربت سوبا وخضراء الدمن التي حذر منها الحديث النبوى وقالوا ماهي خضراء الدمن فأجاب النبي بأنها المرأة الحسناء في منبت السوء، ولا يعاب علي المرأة الحسناء كثرة العشاق والمعجبين لكن الكيزان كانوا ولا يزالون يتداوون من داء التمكين بداء التمكين من حرصا علي السلطة وخوفا من تبعات أفعالهم، وهم الآن يتخبطون كمن به مس من الجنون، ومرقنا مرقنا ضد الناس الأكلو عرقنا، ونحن مرقنا وما خايفين وين الفاتح عزالدين.
المندسون في المظاهرات:
التطرف عاهة عقلية وشعورية وأخلاقية، والمتطرفون كالنار لا تستطيع الامتناع عن الاحراق، ولم تخالف النار طبيعتها الا عندما قال لها الله كوني بردا وسلاما علي ابراهيم، والتطرف شهوة ووجع لا شفاء منه الا بمزيد من التطرف والغلو والتعصب، وقال علي بن أبي طالب ليس التعصب في الاصرار علي الرأى انما التعصب أن ترى أشرار قومك خيرا من خيار الآخرين، ووصفه الامام الغزالي بأنه حالة من الجنون، والتقي فرانسيس بيكون مع ابن حزم الأندلسي بأن التعصب مانع من موانع التفكير المنطقي السليم، وقد تحول الجرعات الزائدة في معامل الكراهية الدينية شخصا الي وحش دموى شرس ولا يكون لها تأثير في شخص طبيعي، بدليل ان الارهابيين الذين أعلنوا توبتهم تقية في السعودية سرعانما التحقوا بتنظيم القاعدة في اليمن، وبعض طلاب الطب يفشلون في دراستهم لعدم احتمال رؤية الجثة في حصة التشريح وبعض الناس يغمي عليهم لمجرد رؤية الدم ولا يستطيع أن يذبح دجاجة والداعشيون يذبحون الانسان بالسكين كما تذبح الشاة، ولا يختلف الداعشيون عن السفاحين في جرائم القتل الشهيرة الذين يجدون متعتهم في قتل النساء والأطفال ومنهم الذين يفضلون لحوم الأطفال علي سائر أنواع اللحوم، والاجرام شكل من أشكال التطرف وطغيان الذات، والمتطرفون قلة في أى مجتمع بشرى لكنهم الأكثر حركة وصخبا وضجيجا، وكان بابو نمر يتهم دعاة الفتنة باشعال الحرائق بين الدينكا والمسيرية وهم كثيرون بطلاب الغنائم والأسلاب واستباحة الأعراض، واجتذب اعلان الجهاد في الجنوب المتظرفين من خارج السودان وعلي رأسهم بن لادن، وفي برنامج في ساحات الفداء شاهدت عويس ومحمد شريف من شباب المجاهدين في الصومال، وفي ورقته أمام مؤتمر التنظيم الدولي للاخوان المسلمين في الدوحة قال الترابي ان حركته تواصلت مع الحركات الاسلامية بدول الجوار، وكان صبية الترابي في المدارس والجامعات يتفاخرون علي أقرانهم بأنهم هم الذين طردوا القوات الأميريكية من الصومال، ويتحمل النظام الاخواني في السودان مسئولية غياب الدولة عشرين عاما في الصومال والفتنة الدينية في أثيوبيا وأفريقيا الوسطي، ونشأ تنظيم القاعدة في السودان قبل أن ينتقل الي أفغانستان، ومن تلاميذ حسن البنا المهندس الزراعي المصرى شوقي أحمد المصطفي مؤسس تنظيم الجهاد والهجرة أول تنظيم ارهابي في القرن العشرين، واجتذب الدفاع الشعبي أيضا طلاب المال الحرام واستباحة الأعراض والملاحقين في جرائم جنائية، وكان اسحق فضل الله في برنامج في ساحات الفداء يبيح اغتصاب النساء باسم ما ملكت أيمانكم، وكانت أشبال الأسود وغير ذلك من الحيوانات والوحشية وكتل المهوقني والتك وعقودات المستعمرات الجهادية في بحر الغزال وأعالي النيل تعرض للبيع لدى السماسرة في أسواق الخراطيم ونهبت مباني مشروع سكر ملوط، وقال كمال عمر الأمين في حديث صحفي ان الشرطة الشعبية كانت تابعة للتنظيم، وكانت الشرطة الشعبية حرس بيوت الأشباح وشرطة اللجان الشعبية التي كانت مؤسسات أمنية تتجسس علي الناس بالأحياء وترصد سلوكهم العام الخاص، ويشيرمقتل اثنين من مهندسي البترول بغرب كردفان الي وجود داعش داخل ملشيات النظام، ومن ذلك تهريب الفتيات زوجات للداعشيين في ليبيا وقضية الدبلوماسي الأمريكي وأحداث مساجد أنصار السنة في الثورات وكمبو ولاية الجزيرة، واطلاق النار علي المتظاهرين صبا للزيت علي النار وكذلك تهديدات علي عثمان والفاتح عزالدين، مما يعني أن الكيزان في حالة من الذعر والخوف الشديد علي حياتهم لكنهم قد يعودون الي ما يسمونه بالفوضي الخلاقة التي قامت عليها الانقاذ، وفي ثلاثين عاما من الأكاذيب والفبركات الاعلامية والخدع السينمائية والمسريحيات المكشوفة انهاترت الثقة في الاسلام السياسي وشخوص النظام والاحزاب السياسية أشخاص حقيقيون قبل أن تكون أهدافا وشخصات اعتبارية، ويفقد النظام شرعيته عندما يفقد ثقة الناس واحترامهم، ولا أجد مانعا في مساومتهم علي الأموال المنهوبة السائلة والمنقولة في الداخل والخارج والمعروف منها 13 مليار دولار في مليزيا و9 مليار دولار في لندن وماخفي أعظم والمال تلتو لا كتلتو، لاعادة تأهيل مشروع الجزيرة والمناقل والقاش وطوكر والسكة حديد واعادة هيكلة الدولة واصلاح الخدمة العامة.
داعش والداعشيون:
يحمل مشروع دولة داعش المزعومة في أحشائه جرثومته القاتلة لأن التطرف والغلو كمرض السكرى تحسب اصابته بعدد الصلائب بمعني التفاوت في الغلو والتطرف وعدم وجود منطقة وسطي يلتقي فيها المتطرفون، وقال الترابي ان الايمان درجات، والناس في كل الأديان مختلفون في مفهوم الدين والوسع والاستطاعة، وفي القرآن لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، بدليل داعش والقاعدة وأنصار الاسلام وبوكو حرام والاخوان المسلمين علي مسرح الأحداث وانقسام الحركة الترابية في السودان، والتفاوت كالتعدد سنة الكون وقانونه الأزلي، وتلتقي كل الحركات الاسلامية في تعطيل آيات الحرية والتسامح وعددها مائة آية، واعلاء آيات السيف وهي آيات ظرفية فقد كان القرآن يتنزل والواقع متحرك ولا يقبل الثبات، وكان الخوارج في القرون الأولي يزعمون بأنهم اشتروا من الله أنفسهم بأن يكون لهم الجنة ويعرفون بالشراة لكنهم انقسموا الي حرورية وأزارقة وكانوا شبابا تنقصهم التجربة الذاتية وهي أصل المعرفة، ولم تكن شعارات الخوارج تختلف عن شعارات الحركة الترابية في عشريتها الأولي وشعارات جماعة التكفير والهجرة، وقال الصادق المهدى أنه بدأ داعشيا ثم انتمي الي جماعة الاخوان المسلمين في أيام دراسته في بريطانيا ومن شب علي شيء شاب عليه، وكانت المهدية داعشية ونازية دينية وكذلك الحركة الترابية في عشريتها الأولي، ومن أدبيات الصادق المهدى استنهاض الأمة العربية والاسلامية وتوحيد أهل القبلة وسافر الي فلسطين وسيطا بين فتح وحماس وفاقد الشيء لا يعطيه وباب النجار مخلع، وتصوف ابن أبو العتاهية فقال له ان التصوف يحتاج الي رقة الحال وحلاوة الشمائل ولطافة المعني وأنت ثقيل الظل مظلم الهواء راكد النسيم، والداعشيون غلاظ النفوس والأكباد وكالطير يقع بعضه علي بعض وأسماك القرش والضباع عندما تشتم رئحة الدم،
تجمع المهنيين:
أى حركة دينية هي بالضرورة حركة عنصرية، وفي الديموقراطية الثالثة كانت الجبهة الاسلامية حزبا طائفيا ثالثا وتلتقي الأحزاب الطائفية الثلاثة في عدائها للحركة النقابية والاتحادات المهنية كمظهر من مظاهر المجتمع المدني، والحركة النقابية والاتحادات المهنية مؤسسات ديموقراطية بحكم تركيبتها البنيوية وأهدافها الفئوية، ولا تستطيع الأحزاب السياسية اختراقها لأن الأمن الوظيفي وتحسين الأجور وظروف العمل والنهوض بالمهنة قضيتها المحورية، ولم تكن الحركة النقابية ألعوبة في يد الحزب الشيوعي كما يزعمون لكن القوى الحديثة بعد انقسام مؤتمر الخريجين الي أحزاب طائفية لم تجد ملاذا سوى الحزب الشيوعي، وكان موقف حكومة الصادق المهدى من الحركة النقابية يخدم مخطط الجبهة الاسلامية التي كانت صحفها تطلق سحبا من الدخاخين في الفضاء السياسي لاضعاف الديموقراطية واشانة سمعتها تمهيدا للانقاض عليها، ولولا مواقف السيد عبد الرحمن المهدى لكنا الآن مستعمرة مصرية، ولولا التحالف بين حزب الأمة والحزب الشيوعي والنقابات والاتحادات المهنية بقيادة الصديق عبد الرحمن المهدى لما كانت اكتوبر 1964، والانصار بلوتاريا لأنهم العمال والمزارعون والرعاة و وهم الآن مع المتظاهرين في الشوارع ولا يحتاجون في ذلك لاذن من الصادق المهدى، وجرت الكثير من المياه تحت الجسور في ثلاثين عاما وأصبحت الطائفية اسما بلا مسمي وقبة بلا فكي سوى قل ة من المنتفعين من النذور، وفي الديموقراطية الثالثة فشلت الجبهة الاسلامية في انتخابات الهيئات النقابية فلجأت الي تكوين نقابات اسلامية خارج القانون لاضعاف الحركة النقابية وتفكيكها، وكانت حكومة الصادق المهدى تتفرج في شماتة لكن السحر انقلب علي الساحر فلولا ذلك لما كان ميثاق الدفاع عن الديموقراطية الذى تبناه حزب الأمة حبرا علي ورق وحبالا بلا بقر، والانقلابيون عادة يعملون ألف حساب للحركة النقابية والاتحادات المهنية ولا يعملون حسابا للأحزاب السياسية لأنها لا تملك الكثير من وسائل الضغط والمقاومة، وتآمرت الأحزاب الطائفية الثلاثة علي تغييب الحركة النقابية التي قادت الجماهير الي النصر عند تكوين الحكومة الانتقالية بدليل بقاء قوانين سبتمبر مسمار جحا في جدار السياسة السودانية وهي الشرارة التيأشعلت الانتفاضة، وتجمع المهنيين في الشارع العام يمثل السودان كله لأنه يمثل قوى الشعب المنتجة صاحبة المصلحة الحقيقية في الحاضر والمستقبل العمال والمزارعون والرعاة والحرفيون والموظفون والأطباء والمهندسون والمحامون وغير ذلك من ذوى الأعمال الحرة، لكن أول القصيدة كفر ففي الدستور الانتقالي المنشور علي الفيس بوك مقعد واحد للمرأة في مجلس السيادة من سبعة مقاعد و25% في المجلس التشريعي وعدد الطالبات في جامعاتنا أكبر من عدد الطلاب وعدد النساء في الطبيعة أكبر من عدد الرجال، وأذكر أنني دعوت الصادق المهدى الي الجلوس مع الحركة النقابية علي مائدة مستطيلة مثلما اعترفت بها الادارة البريطانية وتفاوضت معها، فقد تضاعفت نفقات الدولة بتطبيق الحكم الاقليمي في سنة1982 وانخفضت ايراداتها بتحريم الخمور في سنة 1983 ودعوته الي الغاء قانون الحكم الاقليمي وقوانين سبتمبر التي قال انها لا تساوى الحبر الذى كتبت به والناس يتوقعون عائدا ومردودا من الديموقراطية وليس مزيدا من الأعباء، وسيان في الدكتاتورية قمع الرأى الآخر أو تجاهله.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.