شاهد بالفيديو.. تحسن أم استقرار أم تدهور؟ خبيرة التاروت المصرية بسنت يوسف تكشف عن مستقبل السودان في العام 2026    وزير الثقافة والإعلام بنهر النيل يلتقي وفد منتدى وطنية الثقافي، ويؤكد رعاية الوزارة لمبادرة "علم السودان في كل مكان تزامناً مع ذكرى الاستقلال    السودان يهزم غينيا الاستوائية وينعش حظوظه في التأهل    شاهد.. الفنان شريف الفحيل يعلن الصلح مع شقيقه محمد بصور معبرة وتدوينة مؤثرة: (بكتب قولي انا في اخوي، الغالي ود امي وابوي)    نادي الأهلي مدني يعلن رسمياً إطلاق نجمي التسجيلات للمريخ    شاهد بالصورة.. نجمة السوشيال ميديا الحسناء أمول المنير تترحم على زوجها الحرس الشخصي لقائد الدعم السريع بتدوينة مؤثرة: (في مثل هذا اليوم التقيت بحب حياتي وزوجي وفقيد قلبي)    عثمان ميرغني يكتب: مفاجأة.. أرض الصومال..    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    بنك السودان يدشن نظام الصادر والوارد الإلكتروني عبر منصة بلدنا في خطوة نحو التحول الرقمي    بنك السودان يدشن نظام الصادر والوارد الإلكتروني عبر منصة بلدنا في خطوة نحو التحول الرقمي    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    زيادة جديدة في الدولار الجمركي بالسودان    والي الشمالية يستقبل وفد لجنة تقصي الحقائق حول انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان    معتصم جعفر يعقد جلسة مع المدرب وقادة المنتخب ويشدد على ضرورة تحقيق الانتصار    رونالدو بنشوة الانتصار: المشوار لا يزال طويلًا.. ولا أحد يحسم الدوري في منتصف الموسم    البرهان يطلق تصريحات جديدة مدويّة بشأن الحرب    المريخ بورتسودان يكسب النيل سنجة ويرتقي للوصافة.. والقوز أبوحمد والمريخ أم روابة "حبايب"    الصادق الرزيقي يكتب: البرهان وحديث انقرة    الأهلي مروي يستعين بجبل البركل وعقد الفرقة يكتمل اليوم    عبدالصمد : الفريق جاهز ونراهن على جماهيرنا    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    شاهد بالفيديو.. (ما تمشي.. يشيلوا المدرسين كلهم ويخلوك انت بس) طلاب بمدرسة إبتدائية بالسودان يرفضون مغادرة معلمهم بعد أن قامت الوزارة بنقله ويتمسكون به في مشهد مؤثر    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    مدرب المنتخب السوداني : مباراة غينيا ستكون صعبة    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    تحولا لحالة يرثى لها.. شاهد أحدث صور لملاعب القمة السودانية الهلال والمريخ "الجوهرة" و "القلعة الحمراء"    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    فيديو يثير الجدل في السودان    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجمع المهنيين: جبهة الهيئات (1964) والتجمع النقابي (1985) أشباح أم ذاكرة؟ .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 31 - 01 - 2019

أثارت كلمة الدكتور الشفيع خضر عن تجمع المهنيين جدلية الاتصال والانقطاع في التجربة التاريخية. فبدا لي أنه يرجح أن تجربة هذا التجمع منقطعة عما قبلها من تجاربنا في أكتوبر 1964 وإبريل 1983. فيصف بعض من وقفوا معه بالعيش مع ذلك في "نوستالجيا" (حنين إلى الماضي) (ينظرون إلى مجريات الأحداث بنفس طريقة التفكير التقليدية، أو قل "الدقة القديمة"، التي تفترض مركزا قياديا ملموساً ومجسداً في كاريزمات معروفة.)
فترى الشفيع هنا يقطع تجربة تجمع المهنيين عن تجربة تجمعات من عياره قادت ثورتي 1964 و1985. فلا يرى فيه مركزاً قيادياً ملموساً مجسداً كما كانت جبهة الهيئات في أكتوبر 1964 أو التجمع النقابي في ثورة إبريل 1985. وهذه القيادة الملموسة المجسدة ما يريده له بعضنا من المصابين بالنوستالجيا للثورتين القديمتين.
ربما خطرت للشفيع هنا كلمة ماركس عن صنع التاريخ الراهن وأشباح الماضي. قال ماركس إن الناس لا يصنعون تاريخهم وفق مشيئتهم الخالصة، ولا في ظروف من اختيارهم هم. فهم يصنعون ذلك التاريخ في ظروف سبقتهم من الماضي وتوراثوها. ولكنهم متى انشغلوا بتغيير ما هم فيه حطت تقاليد الأجيال الماضية كالكابوس على أمخاخهم. ففي زمن الأزمة الثورية بالتحديد يستدعي الناس بإشفاق أرواح الماضي طامعين أن تخدمهم في مهمتهم لتجديد حياتهم المعاصرة. فهم يستعيرون من تلك الأجيال الأسماء، وشعارات المعارك، والأزياء. فالجديد يولد متلحفاً بقناع من الماضي وينطق بلغة مستعارة منه.
وأشباح الماضي موجبة للحذر حقاً في حين ننشغل بصناعة تاريخ جديد. فالانقطاع عن التاريخ، متى استقبلنا شغلاً جديداً للتغيير، يفتح الباب لطاقة مبتكرة نتحرر بها من أسر الماضي وأمنه "الأبوي" وشفرته المحفوظة. ولكن المعرفة باتصال التجربة التاريخية (وهي غير النوستالجيا) وسيرورتها طاقة استثنائية في خدمة التغيير كما نباشره اليوم.
يغرف تجمع المهنيين،كمركز قيادي، اليوم من ذاكرة جبهة الهيئات في 1964 والتجمع النقابي في 1985 كقيادتين لحراكات جماهيرية خرجت عن بكرة أبيها لتغيير ما بها في ملابسات أزمة ثورية ضربت النظام القائم. وتعريف الأزمة الثورية هو أنها حالة سياسية لا تكون بها الجماهير غير راغبة بأن تحكم بالطريقة القديمة فحسب بل ألا يكون النظام نفسه قادراً على الحكم بالطريقة القديمة. وقد تفسد الحالة الثورية وتتطاول وتتخثر وتنكسر إن لم تنشأ قيادة ثورية ملهمة بمثابة "أركانحرب" للثورة. وسترى في حالات ثوراتنا الثلاث قيام هذا المركز ليكون هذه القيادة بما هو تدارك أكثر مما هو استباق.
أعرض هنا لملابسات قيام كل من جبهة الهيئات (1964) والتجمع النقابي (1985) لبيان نشأتهما في سياق كسياق التجمع النقابي الراهن ليكونا أركنحرب ثورة شعبية خرجت بعبقرية تلقائية لتغيير ما بها.
جبهة الهيئات 1964: انبذرت هذه الجبهة بعد مظاهرة تشييع الشهيد أحمد القرشي صباح الخميس 22 أكتوبر. وجاء الاقتراح بها من هيئة أساتذة جامعة الخرطوم. وهي ما طرأ للأساتذة في باب تبعتهما القيادية بعد معركة ليلة الأربعاء 21 أكتوبر مع السلطات تضامناً مع طلابهم، وقيادتهم لموكب التشييع نفسه. وعرض الأساتذة، الذين كانوا فرغوا من كتابة مذكرة للحكومة تطالب بتنحيها، خطة الجبهة للمحامين ممن كانوا في منازلة مع النظام آخرها في شهر أغسطس 1964 دفاعاً عن أحمد سليمان وفاروق أبو عيسى ممن عرضا للمحاكمة بتهم الإساءة للمحكمة. فاجتمع الأساتذة بمكتب عابدين إسماعيل، نقيب المحامين، في اجتماع شمل طلاباً وقضاة ومحامين وأساتذة حيث ُعرضت فكرة جبهة للهيئات لقيادة الثورة والإضراب السياسي العام. وانضم الأطباء الذين وقوفوا بقوة عند حقهم في علاج ضحايا يوم الأربعاء وحق الضحايا في علاج آمن من تعديات الشرطة، للجبهة بعد تقديم مذكرة ساخنة أخرى للحكومة بالتنحي. وعرضوا دارهم، كما أساتذة جامعة الخرطوم، مركزاً للجبهة. وانتهت الجبهة بإرسال وفد للتفاوض مع جبهة الأحزاب التي كانت تجتمع بقبة الإمام المهدي بأم درمان في يوم 27 أكتوبر.
التجمع النقابي (1985)
بذرة التجمع النقابي كانت في اتصالات أجرتها نقابة أساتذة جامعة الخرطوم خلال محاكمة المرحوم محمود محمد طه بالردة وإعدامه. ولكن التجمع اتخذ شكله المؤسسي في خضم المظاهرات المناوئة للنظام التي بدأت بالجامعة الإسلامية ومعهد الكليات التكنولوجية في 26 مارس 1985. فكان إضراب الأطباء في الخرطوم في 30 مارس احتجاجاً على قتل المتظاهرين وتجريحهم. وخرجت نقابة المحامين للدفاع عن المعتقلين. واجتمع في مساء 1 إبريل ممثلون لنقابات مهنية لتتفق على الدخول في إضراب سياسي عام يوم الأربعاء 3 إبريل. وسير الأطباء موكباً للقصر احتجاجاً. وانضمت في الأثناء 30 نقابة للتجمع. وتكونت في 5 إبريل قيادة موحدة للثورة من النقابات والأحزاب. واستبق انقلاب سوار الدهب موكباً للقضاة والديبلوماسيين تقرر له يوم 6 إبريل. وكان التجمع النقابي مسرحاً لصراعات أحزاب على أحزاب (أمة إمام إمة صادق، اتحاديون وختمية) ونقابات على أحزاب. وتكون التجمع مؤسسياً مساء 6 إبريل بدار أساتذة جامعة الخرطوم وقوامه المحامون، والمهندسون، والصيارفة، والتأمينات العامة، واتحاد طلاب جامعة الخرطوم.
هذا عرض مرتجل لتكوين جبهة الهيئات والتجمع النقابي لم أرد منه سوى أنهما، مثل تجمع المهنيين، خرجا ليكونا القيادة لانفجار جماهيري في أزمة ثورية. فلم تعد تلك الجماهير قادرة على أن تحكم بالطريقة القديمة فحسب بل لم يعد النظام نفسه قادراً على الحكم بالطريقة القديمة. والنقطة الأخيرة من المعادلة مهمة جداً. فقد تضيق الجماهير بالنظام وتسخط بطرائق حكمه القديمة لعقود كما في حال الإنقاذ. ولن تنفجر بالشكل الواسع الذي رأيناه في أكتوبر وإبريل وديسمبر إلا حين يبلغ النظام من الفشل حداً لم يعد هو نفسه قادراً على الحكم بالطريقة القديمة. ولو لم يتوفر الشرط الأخير، أي شرط تهافت النظام وفشله، لما زاد الناس عن تعبيرات معارضة قوية وشجاعة مصيرها النكسة.
سيكون السؤال المثير حقاً بعد هذا العرض: لماذا تظهر بيننا قيادات المهنيين هكذا في منعطفاتنا الثورية؟ لماذا يبدو وكأنها تتناسخ؟ ما هي ديناميكيتها السياسة والاجتماعية والتاريخية؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.