عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. هنالك إلى الآن من لم يتفاعل مع هذه الثورة بالجدية الكافية ولازال يظن انه من الممكن ان يمارس نوع من التطبيل للنظام وان يخدع الشعب رغم كل ما حدث، ولم تستوعب أجيال ما فوق الخمسين انها ثورة وعي قبل ان تكون ثورة من اجل إزالة نظام أو حكم، وإمكانية ان تأتي لتتحدث من اجل الحديث فقط وملء الزمن دون ان يكون هنالك استصحاب للتاريخ أو لمواقف الأفراد المستضافين ستكون خصم على القنوات والبرامج فقط، فأصبح التاريخ والمواقف موجودة على الانترنت وبضغطة زر يمكن ان تأتي بكل تاريخ الفرد، وكذلك تعددت قنوات ومصادر المعرفة وامتلاك المعلومات، فعلى الإعلام السوداني الحريص على البقاء كإعلام حر ان يدقق في برامجه ويمتلك معدين كفء، فقد تلاشي زمن المعد المقدم الذي يتحكم في كل زمام البرنامج. ونورد ذلك لأنه إلى الآن هنالك بعض البرامج على القنوات الفضائية والإذاعية وبعض الأقلام تحاول طمس الحقائق وتزوير التاريخ والتلاعب على عقول المشاهدين والمستمعين والقراء، وهنا لا نتحدث عن أبواق النظام مثل الطاهر التوم أو غيره ممن شن عليهم الثوار حملة مباشرة باعتبارهم أعدا للثورة والثوار، ولم تأتي تلك الحملة من فراغ ولكن جاءت نتيجة للمواقف التي اتخذوها ومحاولاتهم لطمس حقائق الواقع حتى جاء قانون الطوارئ ليخرس أمثال الذين كانوا يدعون بان الثورة مجرد فقاعة ولا اثر لها، حتى تفاجئوا بأنهم هم الفقاعة التي تخلص منها النظام ولازالت الثورة باقية في الشوارع تدق أبواب النظام بإصرار ووعي أكثر. وعندما وجد النظام ان الشباب قد قاطعوا قناة سودانية 24 وكذلك قناة الشروق التي هي من الأساس قناة للنظام وأبواقه وهي قنوات لا تحمل ذرة من المصداقية، لجا إلى قناة النيل الأزرق من اجل نشر الكذب ومحاولة ذر بعض مساحيق التجميل في وجه النظام المليء بدماء السودانيين ونهب ثرواتهم، ورغم عدم تصنيف قناة النيل الأزرق إلا انها في أحيان كثيرة تأخذ جانب النظام، ومن الأمثلة الأخيرة كانت نقل مسيرة البشير في الساحة الخضراء التي كانت وصمة عار في جبين القناة، والتي كانت في ذلك الوقت لا تستطيع ان تورد خبر صغير عن مسيرات الثورة السلمية التي تتعرض للقتل والإرهاب من جانب النظام. فعلى معدين ومقدمين البرامج اخذ الثورة بقليل من الجدية لأننا لن نتهاون في إظهار دورهم إذا كان مع أو ضد الثورة، وان المرحلة الحالية تأخذ الحقائق المجردة وتاريخ النظام والأفراد بعين الفحص، فقد انتهي زمن ان تأتي لتقول ما تشاء دون ان يكون هنالك ردود فعل، ولذلك فمن كانت غايته ذاتية يسعى إلى مصالحه الشخصية حتى ولو كانت بقتل السودانيين ونهب ثرواتهم عليه ان لا يأتي ليتحدث عن هموم الوطن، فقد تلاشت المناطق الرمادية ومحاولة تجهيل الآخرين، وليس هنالك إقصاء في اختيار ان تكون مع أو ضد الثورة ولكن عليك ان تكون قدر ذلك الاختيار وان تتحمل النتائج. في محاولة فاشلة لتجهيل المجتمع واستغباء الجميع حاول برنامج حوار المستقبل الذي بث على قناة النيل الأزرق مساء 4/3 ضخ الدماء في شرايين النظام ممثلا في عمر البشير وحزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وإعادة الحياة لهم. فقد أدرك ذلك النظام ان الثورة ماضية وان الشباب ونتيجة لأفعاله قد تجاوزهم وتجاوز ايدولوجيتهم من اجل بناء سودان العدل والعدالة والكرامة الإنسانية وهو السودان الذي يسع الجميع وليس سودان الجماعة. ووضح سعى النظام من خلال فك الارتباط الشكلي بين عمر البشير والمؤتمر الوطني حتى يسعى عمر البشير من خلال السلطة إلى مواجهة الثورة ويذهب المؤتمر الوطني إلى محاولة الدخول في العملية السياسية من منفذ آخر، وهي محاولة أخرى لأذهب إلى القصر رئيسا واذهب إلى السجن حبيسا، وبدا حزب المؤتمر تلك الخطوة من خلال خطاب ربيع عبد العاطي على قناة العربية الذي جاء لا نقول مهادنا لان ربيع لا يعرف المهادنة ولكن جاء منكسرا نتيجة لفاعلية الثورة، والذي حاول من خلاله ان يجئ بخطاب مغاير لا يشبه أسلوبه الذي تعودنا عليه والذي كان كله إنكار للواقع ودفاع عن النظام، وكان ذلك بعد خطاب الطوارئ الفاشل واستضافت فيه العربية بجانب ربيع فيصل محمد صالح ذلك الثوري الواضح. واستمرت محاولة المؤتمر الوطني من خلال برنامج حوار المستقبل الذي اشرنا إليه والذي كان لمدة ساعتين وتم استضافة وجوه تجميلية تتوافق مع ما يريد ان يوصله المؤتمر الوطني، وكان الضيوف هم ياسر يوسف عن المؤتمر الوطني ومحمد لطيف كاتب صحفي وعلى ما اعتقد سهير صلاح عن المؤتمر الشعبي ومحمد حسين خبير استراتيجي كما جاء التعريف، وكان سؤال الحلقة عن خطاب الرئيس ودور المؤتمر الوطني وعن مستقبل المؤتمر الوطني، فتلك الوجوه بإرادتها أو نتيجة لجهلها قد شاركت في محاولة تلميع المؤتمر الوطني وبذلك أصبحت جزء من الأزمة. وعندما نقول ان القناة ومقدم البرنامج بالإضافة إلى ضيوف الحلقة حاولوا تلميع المؤتمر الوطني وإيجاد مخرج امن له، لا يأتي ذلك تجنيا ولكن نتيجة لتجاوز البرنامج للتركة الثقيلة للنظام المتمثل في عمر البشير والمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية من قتل وإرهاب وترويع ونهب لموارد البلد طوال 30 عاما، فكيف لحديث عن مستقبل العملية السياسية ان يتجاوز كل تلك التركة إذا لم يكن هنالك تواطؤ، فبكل بساطة تم منح الفرصة لياسر يوسف ليتحدث عن وعي المؤتمر الوطني للدرس وانه على استعداد للجلوس مع الجميع للتباحث حول مستقبل السودان، وان المؤتمر الوطني قبل الثورة ليس هو المؤتمر بعدها. فهل اعتقد اولئك الجالسين ان الشعب السوداني سيسامح بهذه البساطة ولازالت دمائه تجرى في الشوارع بامر هذا النظام، ولازال الارهاب والقمع والتعذيب يمارس في معتقلات النظام، هذا بخلاف التركة التاريخية!!! فعلى الجميع إدراك ان هذه الثورة ليست اقصائية ولكنها ليست غبية لترك نظام مارس كل صفوف القتل والإبادة وكل ما يمكن ان تتصوره من جرائم إنسانية ضد ارض السودان وإنسانه ان يعود إلى الساحة ببساطة، فلا مكان لياسر يوسف ونظامه من البشير إلى المؤتمر الوطني إلى الحركة الإسلامية في مستقبل الحياة السياسية السودانية، فليقتلوا من شأوا أو يعذبوا كيفما يريدون ولكنهم في الأخر إلى مذبلة التاريخ، وهو موقف مبادئ قام عليه شعار تسقط بس أي يسقط كل النظام بكل ما ومن يحتويه، ولن يتم تسليم السودان مرة أخرى لمجرمي الحرب مهما كان الثمن الذي يمكن ان ندفعه من اجل إزالة هذا النظام من جذوره. فإذا أي حديث من جانب الآخرين عن إمكانية إيجاد فرصة لهذا النظام إلى العودة إلى الحياة السياسية هو جرم في حق هذا الوطن. فإذا كانوا جادين في الحديث عن مصلحة الوطن كان عليهم ان يتحدثوا عن جرائم النظام في حق الوطن وعن إعادة الوطن المسلوب إلى أهله بدل المتاجرة به وبإنسانه بين محاور لا شان للإنسان السوداني بها، كان الأجدى ان يتحدثوا عن ضرورة محاكمة الذين أجرموا في حق هذا الوطن وإعادة ما تم سلبه من أموال. ولم نستفد من كل البرنامج الذي استمر لمدة ساعتين سوى إدراك اقتراب اكتمال الثورة واهتزاز النظام بكل فروعه من عمر البشير إلى المؤتمر الوطني إلى الحركة الإسلامية من داخله وبداية تفككه، وكذلك كل يوم يمر يوضّح لنا من هم مع الوطن ومن هم مع الوطني، فذلك البرنامج بكل من فيه هم جزء من أزمة السودان وليسوا جزء من الحل، ونتمنى ان يستمر البرنامج في استضافة الجهلة وحارقي البخور حتى يذهبوا مع النظام إلى مذبلة التاريخ.