سطرت جماهير الشعب السوداني بالعاصمة والولايات ملحمة جديدة من ملاحم ثورة ديسمبر التي تخطو بثبات نحو شهرها الثالث، في بسالة أفضت لتشييع قوانين طوارئ النظام إلى مثواها الأخير. وحققت المواكب المركزية التي اجتاحت العاصمة الخرطوم اختراقات جديدة عبر التفاف المزيد من الثوار حولها في أنحاء العاصمة المختلفة، كما تحدى الآلاف محاكم طوارئ النظام عبر تظاهرات أحاطت بمقارها وهم يحملون الثوار على الأعناق عقب إطلاق سراحهم، في مسيرات بهيجة لازالت مستمرة حتى وقت متأخر من الليل. ولازالت قوات الأمن السودانية تستخدم القوة المفرطة ضد المتظاهرين وتمارس الاعتقال التعسفي واقتحام البيوت في مخالفة صريحة للدستور والقانون والأعراف السودانية. و ارتكبت قوات الأمن مجزرة وحشيّة بالجامعة الوطنية جنوبي الخرطوم؛ في المقابل شبّهت متظاهرات بالكلاكلة النائب الأول الأسبق للرئيس علي عثمان محمد طه بدراكولا. وتوافد المتظاهرون إلى منازل رموز الحركة النسوية، وبعض شهيدات الثورات الشعبية في السودان؛ استجابة لنداء تجمع المهنيين السودانيين وقوى إعلان الحرية والتغيير لمواكب مركزية بالعاصمة والولايات؛ تمجيداً لنضالات المرأة السودانية، سُمِّيَت ب"مواكب المرأة السودانية" اليوم الخميس. وفي الجامعة الوطنية شيّعت اللعنات مؤسس الجامعة قرشي محمد؛ أسوة بغريمه مأمون حميدة مؤسس جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا؛ بعد ارتكاب قوات الأمن مجزرة من عمليات الضرب والتنكيل والاعتقالات وسط الطلاب والطالبات على غرار ما حدث لطلاب جامعة مأمون حميدة نهاية فبراير الماضي. وعلت أصوات الطلاب والطالبات الذين نفذوا اعتصاماً حاشداً داخل الجامعة الوطنية بهتافات مدوية تنادي بالحرية، وتطالب بسقوط نظام البشير ورددوا "تسقط بس".. "أي كوز ندوسوا دوس ما بنخاف ما بنخاف".. وتدخلت قوات الأمن لفض الاعتصام بعنف شديد، وانهمرت قنابل الغاز المسيّل للدموع بغزارة فوق رؤوس الطلاب، وانهالت قوات الأمن ضربًا وحشيًا على الطالبات والطلاب قبل وبعد اعتقالهم. حملة الأمن الانتقامية تسببت في إصابة طالب دهساً بعربة "تاتشر" وإصابة العشرات إصابات متفاوتة، بجانب وقوع حالات إغماء جراء إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة، حيث تم إسعاف جميع المصابين ونقلهم إلى المستشفيات القريبة لتلقي العلاج. وفي الشجرة الحماداب أحد أضلاع مثلث الرعب الثوري جابت التظاهرات شوارع الحي العريق، مرددة شعارات ثورية بينها "ثوار أحرار ح نكمل المشوار".. وواصل متظاهرو المنطقة ابتداع طرائق جديدة في الهتافات والنشيد. أما في شمبات فقد هتف المتظاهرون بقوة : "رص العساكر رص.. الليلة تسقط بس"، وفي خطوة قوبلت بالرفض والاستهجان داهمت الشرطة منازل بالحي واعتقلت بعض الأطفال من داخل الغرف. وفي الدروشاب وصلت طلائع المتظاهرين إلى منزل الدكتورة سارة عبدالباقي إحدى شهداء ثورة سبتمبر 2013 بالدروشاب، ووقفوا دقيقة حداداً على روح الشهيدة وأرواح جميع الشهداء، وهتفوا "الكتلها منو كلتوها الكيزان".."سلمية سلمية ضد الحرامية " قبل تدخل قوات الأمن والشرطة لضرب المتظاهرين وتفريقهم ومطاردتهم داخل شوارع الحي. وفي توتي هتف المتظاهرون "يا بوليس ماهيتك كم.. رطل السكر بقى بكم"؟!!. وفي الصحافة صد المواطنون قوات الأمن التي حاولت اقتحام المنازل بحثاً عن المتظاهرين، وفشلت القوات في دخول المنازل رغم وصول تعزيزات إضافية من عربات "التاتشر"، لكن شجاعة وبسالة المواطنين وقفت حائلاً دون تنفيذهم خطة الاقتحام. وكما جرت العادة تحدت ضاحية بري إحدى معاقل الثورة السودانية حصار قوات الأمن والشرطة، وخرجت المواكب وسط الزغاريد والهتاف، وردت قوات الأمن والشرطة التي انتشرت بكثافة راجلة وعلى ظهور "التاتشرات" بإطلاق قنابل الغاز المسيّل للدموع. وفي شارع الستين انتشرت تشكيلات الأمن وشرطة الاحتياطي المركزي بالتقاطعات الرئيسة، خوفاً من تكرار سيناريو موكب الخميس الماضي وتدفق حشود المتظاهرين من الأحياء المجاورة وإغلاق الشارع لوقت طويل. وفي أم درمان خرجت التظاهرات في أحياء بيت المال وود نوباوي وهتفوا :"الشهداء شنو؟ الشهداء كتار الثورة شنو؟ ح نجيب التار".. "حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب".. "ثوار أحرار ح نكمل المشوار" مستخدمين مكبرات الصوت في أجواء طغى عليها الحماس والتصفيق والزغاريد. وفي الموردة وصلت طلائع الموكب إلى منزل العازة محمد عبدالله، زوجة البطل علي عبد اللطيف؛ أيقونة ثورة 1924 ضد المستعمر البريطاني. وفي شارع العرضة أم درمان بالقرب من جامعة الأحفاد للبنات شنّت قوات الأمن التي انتشرت بكثافة حملات اعتقال عشوائية بعد إطلاق قنابل الغاز المُسيّل للدموع. وفي الكلاكلة رددت المتظاهرات "كدا بالواضح ما بالدس.. تسقط تسقط بس".. "يا علي عثمان يا دراكولا.. الكلاكلة قالت قولا".. وفي جبال النوبة بجنوب كردفان ردد المتظاهرون هتافات ضد نظام البشير مطالبين برحيله من بينها: "يا بشير تسقط بس"، ورفعوا لافتات ورقية كتبت عليها شعارات تُمَجِّد نضالات المرأة بالمناطق المحررة بجبال النوبة. كما خرجت تظاهرات حاشدة في حلفا بالشمالية وأربجي بالجزيرة وقرية العقدة المغاربة. شبكة الصحفيين السودانيين 7 مارس 2019 #موكب7مارس