مجلس التخصصات الطبية يختار مدينة عطبرة لاقامة امتحانات الدكتوراة السريرية للجراحة لاول مرة خارج الخرطوم    لولوة الخاطر.. قطرية تكشف زيف شعارات الغرب حول حقوق المرأة    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    مدير شرطة ولاية القضارف يجتمع بالضباط الوافدين من الولايات المتاثرة بالحرب    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    توجيه عاجل من"البرهان" لسلطة الطيران المدني    جبريل إبراهيم: لا يمكن أن تحتل داري وتقول لي لا تحارب    حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: تصريح صحفي    برقو الرجل الصالح    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    منظمة تتهم قوات الدعم السريع السودانية بارتكاب "إبادة" محتملة و"تطهير عرقي"    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    الطالباب.. رباك سلام...القرية دفعت ثمن حادثة لم تكن طرفاً فيها..!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل مصري حضره المئات.. شباب مصريون يرددون أغنية الفنان السوداني الراحل خوجلي عثمان والجمهور السوداني يشيد: (كلنا نتفق انكم غنيتوها بطريقة حلوة)    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفريات لثورة: جراد (ساري الليل) وبطانتو: إله جديد.. لدين جديد! .. بقلم: أحمد ضحية
نشر في سودانيل يوم 20 - 03 - 2019

إن أسوأ وأتفه ما أبتلي به السودان هم: حسين خوجلي والإعلاميين الذين على شاكلته. و هؤلاء السلفيين الوهابيين (رصيد واحتياطي) علماء السوء.
فأولئك وهؤلاء تواطأوا مع هذا النظام البائس. للقيام بأوسع عملية (تزييف ديني) يشهدها الوعي السوداني. في تاريخه المعاصر!
من أقوال التربال الطريفي.
______________________________
أحمد ضحية
________
(إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني).
أبو بكر الصديق (رض)
***
عن حُذَيْفَةُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قال: إيَّاكُمْ وَمَوَاقِفَ الْفِتَنِ قِيلَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: أَبْوَابُ الْأُمَرَاءِ.. يَدْخُلُ أَحَدُكُمْ عَلَى الْأَمِيرِ فَيُصَدِّقُهُ بِالْكَذِبِ وَيَقُولُ: مَا لَيْسَ فِيهِ.
ويقول ابْنُ مَسْعُودٍ (رضي الله عنه): إِنَّ عَلَى أَبْوَابِ السُّلْطَانِ فِتَنًا كَمَبَارِكِ الإِبِلِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُصِيبُونَ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئًا إِلا أَصَابُوا مِنْ دِينِكُمْ مِثْلَيْهِ.
ويقول الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ (رض): رُبَّمَا دَخَلَ الْعَالَمُ عَلَى السُّلْطَانِ وَمَعَهُ دِينُهُ. فَيَخْرُجُ وَمَا مَعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ.
قَالُوا: كَيْفَ ذَلِكَ؟!.. قَالَ: يَمْدَحُهُ فِي وَجْهِهِ وَيُصَدِّقُهُ فِي كَذِبِهِ!..
ويقول أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ (رض): وَمِنْ صِفَاتِ عُلَمَاءِ الْآخِرَةِ أَنْ يَكُونُوا مُنْقَبِضِينَ عَنْ السَّلَاطِينِ، مُحْتَرِزِينَ عَنْ مُخَالَطَتِهِمْ!..
***
حكى سفيان الثوري (رض) قائلا: "أدخلت على أبي جعفر المنصور بمنى، فقال لي: ارفع إلينا حاجتك، فقلت له: اتق الله فقد ملأت الأرض ظلما وجورا، قال فطأطأ رأسه، ثم رفعه، فقال: ارفع إلينا حاجتك، فقلت: إنما أنزلت هذه المنزلة بسيوف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا، فاتق الله وأوصل إليهم حقوقهم، فطأطأ رأسه، ثم رفعه فقال: ارفع إلينا حاجتك، فقلت: حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لخازنه: كم أنفقت؟ قال: بضعة عشر درهما وأرى ههنا أموالا لا تطيق الجمال حملها، وخرجت"
***
يا واقفًا عند أبواب السلاطين (*) إرفق بنفسك من همٍ وتحزين
تأتي بنفسك في ذلٍ ومسكنة (*) وكسر نفس وتخفيض وتهوي ن
من يطلب الخلق في إنجاز مصلحة (*) أو دفع ضر فهذا في المجانين
وكم يحاكي لمسجون يدوم له (*) وكم من السجن في أيدي المساجين
إن كنت تطلب عزاً لافناء له (*) فلا تقف عند أبواب السلاطين
إلا الزم العلم والتقوى وما نتجت (*) من الثمار تفز بالخرَّد العين
خلِّ الملوك بدنياهم وما جمعوا (*) و قم بدينك من فرض ومسنون
استغن بالله عن دنيا الملوك كما (*) استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
الشيخ فرح ود تكتوك
_____________________________
(1)
يقول الكواكبي في كتابه الأشهر (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد): "إنه ما من مستبد سياسي إلى الآن. إلا ويتخذ له صفة (قداسة) يتشارك بها مع الله! أو تعطيه مقام ذي (علاقة) مع الله! ولا أقل من أن يتخذ (بطانة من رجال الدين).. يعينونه على ظلم الناس باسم الله"
ولطالما إنو حديثنا عن (رجال الدين) ديل. اللي أوهمو (بشة) ذات مرة من المراير.إنو (الملايكة بتحارب مع جيشو).. و (القرود بتنزع من قدام مجاهديو الألغام) وأن حكومتو عندها (خط ساخن مع الله) وأن سبب الازمة الاقتصادية هو (ابتعاد الشعب عن الله)..
لنا أن نتساءل الآن. وبعد أن جرت مياه ثورة سبتمبر المجيدة تحت كل الجسور:
هل عجزت (الملايكة) عن هزيمة جيوش المهمشين والفقراء والكادحين. حتى تعود لمملكة بشة المسرة والسلام؟..
وهل القرود بكل (خفة) يدها وسرعتها وحيلتها وقدرتها الفائقة على (اللفح).. عجزت عن (ختف) سروال الدولة الأشهر (من قميص عثمان) من أيدي الثوار. والهرب به وتخبئته. في أدغال القصر الجمهوري.. لحدي ما بشه أفندي طرزان يفضى لاستلامو؟..
وهل قطع الله (خطوط التواصل) لذلك أقال بشة حكومته التي فقدت (قداستها)! وكون حكومة برئاسة عامله (أمير الهامش) (إيلا) وعضوية قداسة (الإمام) (الحبيب) (حسن طرحة) وأئمة آخرين؟! على ذات شاكلة حسن طرحة وسميه سفنجات و قوش سراويل؟!
وهل عاد الشعب الى رشده. ورجع الى الله معتذرا؟!
وهل محاولات كسو الواقع بطبقة "ريش دينوي". ستصمد أمام "هببايات" وهبايب الشعب الذي فاض به الكيل؟!..
لعل بداية ظهور هذا النوع من (العلماء) في عصرنا الحالي. كان مع بداية حرب الخليج التانية 1991 حين صدرت الفتاوى (المتأنقة) لرجال دين وهابيين سعوديين: "بجواز دخول القوات الأجنبية بلاد الحرمين!!"
ولم يقف علماء السوء هؤلاء عند هذا الحد. بل انتشروا في عدة أقطار اسلامية من بينها السودان.. كالسرطان الخبيث. ليسجلوا (أقبح الفتاوى) المخالفة "لنصوص الشريعة"، الهدف الأول والأخير منها هو: (شرعنة أحكام السلطانِ. و تمرير قراراته بلباس ديني. وتجريم من يتظلم أو يستنكر أيضا بلباس ديني!.. نظير هبات السلطان ومكرماته و(الجراية) الشهرية من بيت مال المسلمين. التي يجريها السلطان على هؤلاء العطالى. من حر مال الشعب وموارده.. لإدراك السلطان أن السلطة الدينية كانت ولا زالت. أقوى مروّض للشعوب. وأنفذ قوة لقيادتها.
وعلى نهج هؤلاء الافاقين قليلي الحياء. قال الشيخ (السعودي الوهابي) عبد المحسن العبيكان: "أن الأمريكان لا يضربون إلا من يعتدي عليهم. في العراق! وأن الكفار لو عينوا على المسلمين حاكما، فهو ولي أمر شرعي!"..
وبتحايل هؤلاء المرتزقة المنافقين. تمكن فيما مضى (حافظ الأسد) من توريث ملك لسوريا لابنه السفاح (بشار الأسد).. وأفتى المصري الانتهازي محمود لطفي عامر أن (جمال مبارك) يجوز له أن يرث حكم والده (حسني مبارك) باعتبار الأخير أميرا للمؤمنين!
وكذلك فعل العميل الأرزقي أسامة القوصي. حين حث حماس على قبول الصلح مع إسرائيل اقتداء بالسادات، وبفعل الرسول صلى الله عليه وسلم يوم (الحديبية!!)..
وعلى هدي هؤلاء وخطاهم تجرأت (هيئة كبار العلماء) في السعودية. على فتوى إن قتل المجاهدين للأمريكان. لا يجعلهم يتنسمون رائحة الجنة!.. وهي شبيهة بفتوى الترابي التي (نقض بها غزله) عندما تبدلت المواقع.. أإذ أفتى أن (الشهداء فطايس!)..
يلاحظ على كل هذه الفتاوى انها (حسب الطلب) وتفتقر للموقف المبدئي الأخلاقي. الذي تقبله الفطرة السليمة!..
وأخطر من كل ذلك أن خرج من (رحم الوهابية). تنظيم (داعش) التكفيري الإرهابي. الذي نشر الرعب والخوف من القتل بأبشع الطرق. غيلة وغدرا. سلاحه الذي أجادا استخدامه! الأمر الذي دفع بمؤتمر الشيشان. إستبعاد (السعودية) عن أهل السنة والجماعة. ما يعني أن المذهب (الوهابي السلفي) يتعارض مع مذهب السواد الأعظم من المسلمين أهل القبلة. بتطرفه وانبتاته وغربته عنهم!
ويتضح لكل ذي بصيرة. إن فتاوى هذه الفئات التكفيرية. الضالة والمضللة. انما هي (فتاوى تحت الطلب) وأنها زائفة ك(أئمة السلطان) أو (علماء الاستبداد) و العمائم واللحى المشبوهة..
زائفة كأقوال أصحابها. الذين يستدلون بالشرع لإباحة الظلم للظالمين والفساد للفاسدين. و(التحلل) للصوص. ويحولون عن جهل أو عمد (الحاكم) إلى (إله) أو (ظل الله) في الأرض كما يزعمون. و يفتون بحرمة الخروج عليه!
فالخليفة عندهم كالمرسل من الله. الذي ولاه أرضه وعباده. وتصرف المالك البشري من وجهة نظرهم في ما يملك عدل. وليس جورا! والشعب من هذا المنطلق من "ممتلكات الحاكم". الذي لا يجوز الخروج عليه. أو مطالبته بأي حق. ما دام هو المتصرف في كل شيء.
كلامنا ده ما في القرن العاشر ولا الحداشر في تاريخ المسلمين. ولا عن أوروبا ما قبل (عصر التنوير) وما فعله رهبان الكنائس، ونظرية (الحق الالهي) كلامنا ده عن الحاصل خلال التلتين سنة الاخيرة والان. هسه.. في القرن الواحد وعشرين.. عصر التطور العلمي والتكنولوجي والبحثي.
وبالتحديد كلامنا ده عن من يطلقون على أنفسهم إخوان مسلمين. و أنصار السنة الوهابيين والسلفيين الانشقوا عنهم. الأولاد (الزغب البطان).. ناس مزمل وشهاب وأبو بكر والبدوي وهلم جرا.. من صعاليك تقطعت بهم سبل العطالة ودروب المستقبل. فاحترفوا الإفتاء. في سبيل لقمة العيش. من الاموال الوهابيه السعوديه. وعطايا النظام ومكرماته!
لقد عمد هؤلاء (العيال البذيئين التافهين). منذ انطلاق الثورة على تخذيل الجماهير. و الإفتاء بحرمة الخروج على الحاكم و"ليتهم سكتوا ولم يبيحوا دم الثوار! و يجيزوا السكوت عن القصاص! ويحلوا للحاكم أن يستبد بكل شيء! لأنه يملك كل شيئ! لقد صنعوا (إلها جديدا) و (دينا جديدا) لأنفسهم.. كله مصالح، أسّه الخوف وقاعدته الأساسية (لا تنازعوا حكامكم أمور الحكم. حتى ولو كانوا قتلة مجرمين)"
انهم ذاتهم نفس (الزبالة) التي أبتليت بها مصر.. واغلبنا قد يكون سمع بالداعية السلفي (محمد سعيد رسلان) صاحب الفتوى المشبوهة. التي تحرم (الترشيح) ضد الانقلابي السيسي في الانتخابات. يعني ينزل انتخابات براه وينافس نفسو والبيكسب فيهما يبقى الرئيس؟!
وقد سبقه في ما يشبه فعله هذا. واحد تاني اسمو (علي جمعة) وده "نجر" فتوى أباح بها دماء المعارضين لنظام السيسي. و اعتبرهم (خوارج).. وقبل كده واحد تالت اسمو إ(لهلالي) غرّد في تويتر. وحلق بعيداً في وسائل التواصل. ناجرا فتوى وضعت السيسي في مرتبة الرسول (ص) مع وزير داخليته آنذاك محمد إبراهيم. وشبههما بموسى وهارون عليهما السلام.
وهي فتوى شبيهة بفتوى المرحوم (فراج الطيب) في ايام الانقاذ الاولى. مع أنه شاعر. من شعراء أب ضلفتين وليس رجل دين. و التي (الفتوى) وضعت بشبش أفندي في مقام أعلى من اسد وسيف الله حمزة وابن الوليد. وفي المرتبة ذاتها مع النبي محمد إن لم يفقه! خلال قصيدة عصماء. استدعت التاريخ الاسلامي كلو. ولم تترك فيه (فرضا) ناقصا!
وفي الحقيقة منبع ومصدر هذه الفتاوى المشبوهة. هو الفكر (الجبري) المتطرف لإبن تيمية. وتلاميذه الوهابيين. الذين شقو من المنبع جداول. تصب في كل أقطار العرب والمسلمين!
ومن أغرب الفتاوى.. التي ترقى لمستوى العمالة.. ما أفتى به إمام الحرمين السديس. يدعو الله لترامب وبن سلمان!.. ترامب الذي يدين كل العالم الحر.. سياساته العنصرية المعادية للإنسانية. يدعو له إمام الحرمين بنفسه! فتأمل!
ومن جهة أخرى نجد (عائض القرني) في وقت حصار المسلم لأخيه المسلم. وفي دولة شقيقة (قطر) وفي الشهر الحرام يؤيد ولي عهده. معضدا موقف المملكة وحلفائها الخليجيين!
ومع ارتفاع الأسعار في السعودية. خرجت فتوى تقول: إن "ارتفاع الأسعار من الله" قبل أن يكون أمراً من سياسات أمير المؤمنين بن سلمان. كما يحلو لهم تسميته!
والأمر نفسه حصل في السودان. إذ نجر (كهنة النظام) فتوى تزعم ان "سبب الازمة الاقتصادية هو بعد الشعب عن الله!" وليس الرأسمالية الإسلام ربوية الطفيلية. والفساد والسياسات الخاطئة!
إنها موجة (الفتاوى السلطانية) المشبوهة. التي غالباً ما تأتي (تحت الطلب) لتزيد من الشبهات حول أصحابها. حتى أدخلوا الشك في ضعاف القلوب والعقول.. الشك في أنفسهم.. وربما دينهم ذاته الذي بقوا ما قادرين يتعرفوا عليو!
قضايا الشرعية والتغيير وأنماطه. تحت مسميات (حكم خلع السلطان الجائر) و امارة الغلبة و الصلاة خلف البر والفاجر.. و مضاجعة الزوجة الميتة (مضاجعة الوداع).. الى آخره من تبرير لشهوات الحكم والجنس حتى لو كانت ممارسته مع موتى! فالجنس شاغل تفكير السلفيين. ومحور فتاواهم مهما كان موضوعها!!
يرى العلماء الأحناف. أن سلطه لم تجىْ من خلال بيعه صحيحة. (باعتبارها عقد اختيار لم يدخله إجبار)، وتستبد بالسلطة دون الجماعة، بدلا من ان تكون نائب ووكيل عنها، لها حق تعيينها ومراقبتها وعزلها، فهى غير شرعية، ويجب تغييرها.. ومثل هذه (الفتوى الأخلاقية و الشجاعة) لا تصدر فعلا الا بمن تشربو فكر (أبي حنيفة). الذي اشتهر بقتال أئمة الظلم والجور.. علماء السوء الذين يستخدمهم السلاطين. لتكريس بقائهم وشرعنة سلطتهم كسلطة وراثية عضود!
ومما لا شك فيه أن (ثورات الشعوب) أضحت أكثر حدث مزلزل في عصرنا الحديث. لعروش المتسلطين على الأوطان، ولهذا في أوج هذه الثورات. كان نشاط هؤلاء "العلماء المطبلين للحكام يصل الذروة" كما يحدث الآن من نشاط فائق للسلفيين، الذين بلغوا أبشع درجات "الفظاعة و الجرأة والوقاحة" في حياكة الفتاوى للسمع و(الطاعة العمياء) وتعدي حدود الله لصالح حكامهم!
ولهذا حظي أمثال عبد الحي يوسف. ومزمل وأبوبكر والبدوي وشهاب بقرب النظام. وإضفاء الشرعية عليه بفتاويهم المختلة. وامتلأت منهم مجالس وموائد الحكومات. بل وانتشروا بين طبقات الناس والعلماء. للاختراق و لتشتيت المعتقدات. فلا تخلو الجامعات من أركانهم النقاشية المضللة للطلاب. ولا برامج التلفزيون من لقاءاتهم. ولا دروس الإذاعات من سمومهم. وكذلك اللقاءات والاجتماعات التي تسمى "إسلامية" من هيمنتهم. بل لا يعترف (بدار إفتاء) إلا إن كانوا هم سدّتها ورأس حربتها! بل وطال نشاطهم. حتى وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب!
ولا أحد يجادل في أن الفتاوى اليوم. تحاك على قياس الحاكم، وأن الحائك الذي يلقب ب "فضيلة الشيخ" و"العلامة"، وظيفته تفصيل الآيات والأحاديث بتفسيرات حسب الطلب. بالتالي تحريف (الكلم) عن مواضعه. وسوء (التأويل) ولي أعناق (النصوص) لتوافق أهواء أولياء نعمته من الحكام!
(2)
أشرنا فيما سبق. أن سلطة الحاكم. فى الفقه السياسى الإسلامي:
(أ) تستمد شرعيتها من بيعة المسلمين له. فهو بالتالي نائب ووكيل عن الشعب. الذي له حق تعيينه ومراقبته وعزله. يعرف الماوردي البيعة بأنها (عقد مراضاة واختيار لا يدخله إكراه ولا إجبار)(الأحكام السلطانية، ص 7 ). ويقول أبو يعلي أن الخليفة (وكيل للمسلمين). لكن هناك ما هو نقيض لهذا التصور:
(ب) فالدولة الإسلامية في عهدي (النبوة والخلافة) الراشدة تجسد التصور السابق للسلطة السياسية. وما يترتب عليه. بقيامها على مبادىْ الشورى والعدل والمساواة، لكن لم يستمر الأمر هكذا..
فبعد عهد الخلافة الراشدة. بداْ بالتدريج الانحراف عن هذا التصور، فتحول الحكم إلى الاستبداد بالسلطة دون الجماعة، واحتكار السلطة لجماعة معينة دون غيرها.
منذ عرفت الشعوب النظم المستبدة عبر مراحل التاريخ. عانت من سيطرة هذه النظم على المؤسسات الدينية. وبالتالي توظيفها للدين في (تشكيل وعي) و تعبئة وحشد الجماهير وتوجيهها. لخدمة رغبات الحكام الطغاة. الذين لا يبالون سوى بنهب ثروات شعوبهم. و تثبيت أركان سلطانهم الى يوم الدين. بما ينتجه علماء هذه المؤسسات. من فتاوى تعضد من سلطان الحكام. مقابل الامتيازات التي يمنحهم لها هؤلاء الحاكم. وربما ساعد على هذه الفوضى. عدم التخصص بمعنى أنه.ليس ثمة شروط علمية محددة. يجب أن تتوافر لأي فرد. كي يصبح عالما بالدين. اذ ان كل المطلوب هو توافر (شروط الاجتهاد). التي تعينه على تفصيل الفتاوى!
لكن نلاحظ أن انفراد فرد او فئة بالسلطة الدينية. دون الجماعة اى الكهنوتية، وهو ما يتناقض مع كون هذه السلطة مخوله أصلا لها، و (الكهنوتية) مرفوضة في الإسلام. لأنها تعني أن هناك وسيط بين الإنسان وخالقه (وإذا ساْلك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني)، قال تعالى (واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )، بطاعتهم المطلقة في أوامرهم ونواهيهم. كطاعة (أنصار السنة و المنشقين عنهم). للوهابية وفكر ابن تيمية. طاعة عمياء!
وكيف نجهل و نحن أينما قلبنا أبصارنا في صفحات التاريخ. ندرك قاعدة ثابتة تتكرر مع الحكام، ملخصها أن أي سلطة قامت على رؤوس المسلمين. فظلمت وتجبرت. لم تكن لتحقق مرادها لولا مساندة علماء "السوء"..
بل في بعض الحالات أن(علماء السوء). هم من يخطط لانتزاع السلطة. ف(الترابي) ليس الوحيد في التاريخ. الذي خطط للاستيلاء على السلطة عنوة!
وفي المقابل أي سلطة عدلت وأحسنت. لم تكن لتتألق في سعيها. بدون معيّة علماء "الحق". ولو ركزنا الاهتمام على تاريخ (خلفاء بني أمية والعباسيين) لعرفنا كيف كانت البداية باستمالة الفقهاء والعلماء. ليدعموا سلطانهم عند العامة، واستمر الحال معهم في تصاعد تدريجي. ليتفاقم ويتحول لأبشع صوره، حين وقعت فتنة (خلق القرآن) في عصر المأمون والمعتصم، وحينها ظهر ابن أبي دؤاد– (عالم البلاط) في ذلك العصر و(المفتي العام) لخليفة المسلمين– وهو يحرض المعتصم لقتل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. قائلا له: اقتله يا إمام ودمه في عنقي!
وهذا المشهد تكرر في بلادنا بتحريض الإسلامويين على طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان والاقتصاص منهمعلى عهد الديمقراطية الثانية. 1966.
ونجاح الترابي في تحريض النميري على إعدام محمود محمد طه. بمزاعم الردة!
(3)
لما كتبنا من الأسبوع الأول. لانطلاقة الثورة المجيدة دي. وقلنا إنها غيرت "وجه السودان" الى الابد. كان (بيقودنا) نفس الحدث (القادنا) للمشي خلف (تجمع المهنيين) بدون ما نعرف عنو اي حاجة!! عملا ب(قلب الواطي الجمره دليلو)!! وده ما كان حدس ثوار شعبنا كلهم وبس! ده كان إدراك عميق لحوجتنا لقيادة موثوق فيها. بعد أن خذلتنا قيادات القوى السياسية في أكثر من مرحلة خلال ال 30 سنة من عمر النظام!..
ولإدراك الشعب بانو لا يمكن القيام بأي (عمل ثوري) ذي الحراك الحاصل ده دون (قيادة!!)..
واحتمال برضو لقناعة عامة انو على أسوأ الفروض. ما حيصل شيء أسوأ من الحاصل والحصل فعلا. خلال تلتين سنة عجاف! قضى فيها الكيزان زي (جراد ساري الليل) على الاخضر واليابس.
واحتمال برضو انو الثورة. انطلقت بقوة (دفق وعي) كبيرة جدا. زي الموج الهادر. الذي ينحت الصخر.. هذا الوعي الهادر كشف وعرى بوضوح تام. تلاعب النظام بالمشاعر الدينية ب(الخطب والخطابات) الموجهة والسياسات (الإعلامية والدعائية) الممنهجة التي رأس رمحها (شخصيات انتهازية طفيلية) ما عندها اخلاق بتعريفه. ذي حسين خوجلي والطاهر التوم واسحق فضل الله والهندي و ضياء بلال وغيرهم من (كلاب السلطة الاعلامييين والدعائيين) من ادعياء الصحافه والاعلام.
وكذلك شكل (حجر الزاوية) التاني من يطلقون على انفسهم (رجال دين أو قوى وجماعات إسلاموية). تواطأت مع النظام (الإعلامي والدعائي) يعملان معا بتناغم وانسجام. للقيام بأوسع عملية (تزييف ديني) يشهدها الوعي السوداني. في تاريخه المعاصر!
بلغت (قلة ادب) الكيزان والسلفيين وانحطاطهم. مرحلة غير مسبوقة. في استغلال الدين. وتوظيفه بجرأة ووقاحة متناهية. للحصول على مكاسب مادية. فمن خلال مظلة الدين. نهبوا موارد الشعب وثرواته. وحولوا السودان لإقطاعية. يملك كل شيء فيها فئة من (المنبتين أخلاقيا) والمعاقين ذهنيا و نفسيا و المنحرفين سلوكيا. فيما لا يملك المواطن ود البلد و سيدها (ولا أبو النوم ذاتو) مع انو اجداد المواطن ده هم (ال روو) بدمائهم التراب ده. و حرسوا (الطوابي) لحدي ما قامت قيامة (عبد القيوم) وكانت ولازالت شجاعتهم مضرب مثل للغزاة والمحتلين. (الأصلو) ما ممكن ينسوا الطريقة الباسلة (ال تم) الاستشهاد بيها في كرري وأم دبيكرات. أو حتى في (وكت) لاحق كيف عبد الفضيل الماظ. استشهد تحت الأنقاض منكفئا. يحتضن مدفعه المكسيم!. تماما ذي مشهد العلم الرفض دكتور مهاب يخليهو يقع. في بواكير عمر الثوره دي. فظل مرفوعا حتى الان.. أو الكنداكات البيتصدن للبمبان بالجرادل بكل جسارة. يحسدهم عليها اشاوس الرجال!
الثورة فجرت الوعي بذاتنا وهويتنا وجغرافية بلدنا. وكشفت عن طبقات الزيف الراكموها علينا. (شذاذ آفاق) من قمة الهرم لقاعدته. شذاذ آفاق لا يساوون (نكله). ذي نوعية بشة وعلى عثمان وعلي الحاج وزفت الطين نافع ومصطفى شحادين وربيع عبعاطي: سمسار الشقق الأسبق بلوازمها التكميلية في (جده) (للترطيبات الحمراء) لاصحاب المزاج الذين يدفعون بسخاء. لهذه الأمور (من خلف ظهور زوجاتهم) المخدوعات! والمثقف الدعي غازي صلاح الدين! وصولا لسفنجات وطرحة وآخرين كتااااااار من أنصار سنة والمنشقين عنهم. هذه الصناعة الصينية المضروبة!..
وطرحة ده قصتو براها. منذ كنا طلبة في الجامعة الأهلية. كان شخصية مقيتة حتى لأعضاء حزبه. الذين ربطتنا بهم صداقات. كان يأتي من (ج الخرطوم) متضهبا يتغشى أركان النقاش ليتم تدريبه من ناس (العم صديق!).. فكونه من النوع غير المقبول اجتماعيا. ليس بالامر الجديد!
المهم نوعية حسن طرحة. أصبحت كظاهرة وسط الطلاب. وكثر غيرهم من أصبحوا يتامى تائهين. بفعل الثورة الذي جرد أي طبقة من طبقات الزيف. وعرى الجميع قدام نفسهم.. قبل تعريتهم قدام الآخرين!
(4)
انطلقت ثورة سبتمبر المجيدة. من ركام الجروح والآلام والغباين.. تفضح وتعري كل التشوهات وبالتفاف الطرق الصوفية حولها. شالت الغشاوة عن الالتباس التأويلي للنصوص.. الالتباس الذي روج له أنصار السنة والسلفيين المنشقين عنهم.. وهكذا رمم آبائنا المتصوفة. الوعي الديني للمخدوعين في الشعب و بشكل جذري وحاسم. استعاد فيه الوجدان الثقافي للسودانين. )ذاته المنهوبة). ليكتشف للمرة الأولى. أن هذا النظام الفاشي بفتاوى (علمائه المنحرفين). ورطه في كل ما هو ضد قيمه المتوارثة حتى قبل الديانات!..
الذين ارتادوا الغرب (خاصة أوروبا) معقل العنصرية. وعندما يحتكون بهذه العنصرية الحقيقية وجها لوجه. رغم وجود القوانين النافذة. يدركون أننا (لسنا شعبا عنصريا).. القبول بالآخر جزء من قيمنا الراسخة.. ولطالما فتحنا ابواب بيوتنا للغرباء والسابلة. ونساء ريفنا يضبحن للضيف في غياب الرجال.. المرأه ست البيت. تسوق البهيمة للضيف. وتقول ليهو اضبحها.. شعب هذه قيمهِ.. قيم إكرام الضيف.. وقيم الإخاء والتعايش والقبول بالآخر. وكل القيم التي لطالما قوت الوحدة الوطنية. لا يمكن أن يكون عنصريا!..
فالنار العنصرية التي ولعها هؤلاء البؤساء. واوهمو الشعب أن النار ناره. فيما تركوه 30 سنة على قارعة التاريخ.. (ياكل نارو) لوحده! بالامكان إطفائها خلال الصراع الاجتماعي الطبيعي. الذي هو سنة كل مجتمعات الدنيا!
شعب السودان رغم الاسافين. التي دقتها النظم المتعاقبة في وحدته الوطنيه. وخاضت باسمه حروب ومعارك ابدا لم يفكر فيها. ولا يريدها ولا تعنيه ولا تمثل ثقافته العريقة الموروثة لآلاف السنوات.
شعب لم يكتفي بأن اقتطع حتى للأجانب الذين لجؤوا إليه (دارفور) المأوى. بل وزوجهم بناته من عامة الشعب ومن الاسرة المالكة. ولم يتركهم عطالى. إذ اقتطعهم من الأرض الخصبة ما يعينهم على كسب قوتهم.
(5)
لقد أسقطت هذه الثورة المجيدة. كل )جلاليب الكهنوت) التي أخفت داخلها مصاصي دماء وسماسرة ومرابين. الدين بالنسبة لهم استثمار و(بيزنس مقدس!).. فعرف سواد الشعب للمرة الاولى مخازي رجال الدين المتملقين. وتمسحهم بأهداب السلطان.
عندما أضرب الأطباء بسبب إهمال النظام. لكل مايتعلق بصحة وحياة المواطن. بدلا عن أن ينصح علماء السودان المزعومين. ولي نعمتهم النظام. و يؤدوا الدور المتعين عليهم تأديته. أو على الأقل من منابر المساجد التي يؤمونها تخصيص خطبهم. للغرض الديني الذي من أجله شرعت الخطبة (مناقشة أمور المسلمين) وهمومهم. وليس ثمة ما هو هموم أهم من صحة الناس ومعاشهم وتعليم ابنائهم (أعداء الإنسانية الثلاثة: الفقر والجهل والمرض).. فالناس شركاء في ثلاث: (الماء والكلأ والنار)!!
فبدلا عن تخصيص خطبتهم لتسليط الضوء. على القضايا التي دفعت بالأطباء للإضراب. عمد علماء السوء هؤلاء. إلى نجر الفتاوى التي تتجاهل واقع الصحة المزري. الذي يعج بأمراض تاريخيا انقرضت. في دول العالم الأخرى. لم يفعل النظام خلال 30 سنة إزاءها أي شي؟!.. ولو استمر 30 سنة أخرى لن يفعل شيئا! بل سيقود البلاد الى مزيد من الانفصالات والتمزق والدمار. ولن يجد المواطن حتى الماء ليشربه. فضلا عن أي ضروريات أخرى. فهؤلاء القوم الطفيليين. كفاءات في الدمار!! ومن العبث تجريب المجرب!
إذا ألقينا نظرة على جارة فقيرة ك(مصر) لا تملك ما يملكه السودان من ثروات وموارد. وفضلا عن فقرها كثافتها السكانية. التي تكاد تعادل ثلاثة أضعاف سكان السودان. مع ذلك كانت من أولويات ثورة يوليو 1952 التخلص من أعداء الفلاحين الثلاثة: الإقطاع و البلهارسيا والملاريا. وبالفعل أصبحت مصر في غضون 5 سنوات من إنطلاقة ثورة يوليو تكاد تخلو من البلهارسيا والملاريا. ليس هذا فحسب بل عملت على تأميم الممتلكات القومية. كقناة السويس!
فيما نحن في السودان. منذ 1956 حتى الآن. لا نزال سنويا نموت بالاسهالات المائية والكبد الوبائي والملاريا. وجملة من الأمراض أصبحت في العالم جزء من تاريخ الامراض. التي تجاوزتها الإنسانية كالطاعون والسل. الخ..
إذ ليس من المفهوم اطلاقا بعد 30 سنة من النظام الذي برر لانقلابه إنقاذ المواطن والوطن. أن يمرض هذا الوطن إلى درجة التمزق أشلاء. فضلا عن استمرار المواطنين بالموت بالأوبئة والتلوث الغذائي. ولا تزال المستشفيات تنقصها المعينات الطبية. ولا تزال أوضاع الطبيب متردية ومزرية. لا تتناسب مع عمله!! ولا تزال هجرة الاطباء مستمرة. ولا تزال الحوامل يمتن في الولادة. ولا تزال أمراض الطفولة والامومة. التي تفضي الى عاهات أو اعاقات مستمر.. ولا تزال ولا تزال.. مستمرة!!
وعلماء السوء النعام. يدسون رؤوسهم في الرمال. حتى لا يروا هذا الواقع المعاش. الذي لن يلغيه عدم رؤيتهم له أو فتاويهم الخائبه. التي صورت الأطباء كأنهم دراكولات. عملا بنظرية عينك في الفيل (وزارة الصحة والسياسات الصحية للنظام وميزانية الصحة نفسها) وتطعن في ضلو (الأطباء).. وكعادتها في التحريم والتحليل على كيفها. أفتت هيئة علماء السوء. دعما للنظام بحرمة (الامتناع عن إسعاف من هو في حاجة للعلاج بالمستشفيات. ومن وجبت عليه مواساة غيره بطعام أو شراب أو دواء (أو خيط لخياطة جرح) وقالت أن ذلك يقع في باب القتل العمد الذي يستوجب الدية؟!
لم يعرف. لهذه الهيئة موقف من القتل العمد. الذي ظل هذا النظام يمارسه. بحق المواطنين المسالمين العزل خلال ال30 سنة الماضية. وحتى الآن.. ولم يحدث أن أفتت بحرمة الابادات الجماعية والاغتصاب والتعذيب والاعتقال بسبب الرأي. والقتل خارج نطاق القضاء والجرائم ضد الإنسانية. بل وتبني النظام سياسات من شأنها تمزيق الجغرافيا. وهو ما حدث بالفعل بانفصال الجنوب. والحروب التي لم تتوقف في المناطق المهمشة. بل واحتلال دول مجاورة لأجزاء واسعة من السودان. لم يكلف علماء السوء أنفسهم بإصدار فتوى. على الاقل تدين ذلك. فيما انشغلوا بقضايا (ج لينان) و(مسلمي بورما الروهينجا) وقطاع (غزة) واغتيال الشيخ أحمد ياسين وحماس. فهذه أمور أهم من قضايا السودان المصيرية بالنسبة لهم.
وفي الحقيقة منذ تأسيسها ظلت هيئة (علماء السوء) كواحدة من مؤسسات النظام. تؤدي وظيفتها الراتبة. في إنتاج الفتاوى و المبررات الدينية. لجرائم النظام وممارساته المعادية للمواطن والوطن. وهو أمر ليس بغريب على المؤسسة الدينية. التي لطالما دعمت الاستبداد السياسي. بل إن (الاستبداد السياسي) خرج من رحم (الاستبداد الديني) وهو أحد أسباب (فصل الدين عن السياسية) في أوربا إبان ثورتها الخالدة. في قرونها الماضية المنيرة.
إن تواطؤ علماء السلطان. مع النظام الحاكم اتضح بشكل جلي. منذ الأيام الأولى للثورة. عندما ذهب وفد منهم لمقابلة الجنرال الطاغية، عمر البشير، في قصره المنيف وتناولوا معه أطايب الطعام والشراب. بينما رصاص قناصة مليشياته. يحصد أرواح شباب البلد الأبرياء في الشوارع، ولم يصدر منهم حتى الآن بيانا. يدين قتل الأبرياء وانتهاك حرمات المنازل وكشف الأعراض. واعتقال الآلاف من المواطنين. دون مسوغات قانونية.
في تصريحات صحافية. قال (الحبر الأعظم ركن الإسلام) رئيس هيئة علماء السلطان. البروفيسور محمد عثمان صالح. (محرضا) ضد الثوار والنشطاء: "إن الشائعات مهدد يقوض التماسك والنسيج الإجتماعي، وإنها سلوك ضار يخالف التزام المؤمنين والصالحين..
أن الذين يشيعون الأخبار المغلوطة، ويمارسون التبشيع بالناس عبر وسائط التواصل الاجتماعي. خاصة (الواتساب) إنما يرتكبون إثماً عظيماً..
إن أخطر صناع الشائعات من يهدفون إلى هز وتقويض الأمن الإجتماعي..
على الدولة أن تسن تشريعات، وتضع قوانين رادعة. تجاه من يتورطون في مثل هذه الجرائم الخطيرة، يجب أن تتم مراجعة وتفعيل القوانين المعنية بالمعلوماتية. ووسائط التواصل الإجتماعي، فهي تحتاج إلى متابعة ومحاسبة في إطار القانون".. ويبدو أن عالم السؤ هذا. (يتغابى العرفة). أن مصدر الشائعات. هو جهاز الامن نفسه عبر (جداده) الاليكتروني!
وعندما تم التوقيع على ميثاق الفجر الجديد في يناير 2013أصدر (العارف بالله) "الملا" كمال رزق. إمام وخطيب مسجد الخرطوم الكبير. (فتوى) قال فيها بالحرف الواحد: "ان كل من وقع على ميثاق الفجر الجديد كافر!!!".. علما أن من بين الموقعين قوى طائفيه ودينية!!
وتعتبر هذه الفتوى (نقلة نوعية) تستدعي الوقوف عندها. لانها حولت المعركة بين الحكومة والمعارضة. إلى معركة بين المسلمين (الحكومة و اتباعها) و الكفار (المعارضة و من شايعها!).. وهو الخط الذي اعتاده النظام. لابتزاز المشاعر الدينية للجماهير.
فحتى ثورة الشعب الراهنة. أصبحت في إعلام النظام ودعايته البائسة بقدرة قادر. هي ثورة (الشيوعيين العلمانيين الكفار) أعداء الدين والوطن! مع أن الشيوعيين لم يقولو أنهم (علمانيين). وليس في ادبياتهم انهم علمانيين؟.. ورغم أن العلمانيين ذات نفسهم ليسوا كفارا.. لكنها الطريقة المبتذله المعتادة. في تصوير أي موقف )ضد النظام) هو موقف (ضد الدين) مع أن من يدافع عن قدسية الدين واحترامها الآن. هم هؤلاء الشيوعيين والعلمانيون انفسهم؟!
لكن الإسلامويين جفت في عروقهم دماء الإبداع. ولم يعودوا قادرين على إنتاج أكذوبة جديدة مقنعة. لذا يعيدون إنتاج ذات الاكاذيب القديمة في التعامل مع هذه الثورة. والتي لا محالة سترتد عليهم!
فهي الأكاذيب نفسها التي تم التعامل بها مع الجنوبيين. و نفسها التي يتم التعامل بها مع دارفور. والان الثورة بعد أن أصبحت (بري الدرايسة دار حرب) وليس مستبعدا أن يفاجئنا (علماء السوء) بفتوى أنهم وثنيون كفار. دربتهم إسرائيل. لتفجير حرب دينية في الخرطوم. تأسيا بياسر عرمان في الحركة الشعبية وعبد الواحد في دارفور والقائد الراحل جون قرنق في الجنوب...
والشاهد أن المؤسسات الدينية. في السودان. ظلت على الدوام تدير ظهرها لقضايا الشعب وهمومه اليومية. اذ تتعارض مع تبعيتها للنظم المستبدة المتعاقبة. وهو امتداد لإرث ضارب الجذور في التاريخ المسيحي والإسلامي. منذ كان الأباطرة و السلاطين (أمراء بني العباس) يسمون أنفسهم (بحاماة الكنيسة). و ب(الحاكم بأمر الله، والواثق بالله).. إلخ. ويجمعون بين السلطتين الروحية والزمنية.
وهكذا نجد أن توظيف الدين. لخدمة الأغراض السياسية ليس جديدا. ففي عالمنا المعاصر شخصيات ك(القرضاوي) و وسلفيين وعلماء السودان. وغيرهم كثر. هم ورثة شرعيين لهذا الإرث التاريخي غير المشرف!!.. الذي ظل يؤدي الوظيفة نفسها: (توفير الشرعية للحكام المستبدين والطغاة، وتبرير أفعالهم المنافية لقيم الدين، وإقناع الناس بأهمية وجودهم كحُماة للدين والأمة!).. وبالتالي يستخدمون الدين لشرعنة وجود الطغاة وعدم معارضتهم، وتخدير الناس ليسهل ذبحهم. وهذا أحد أسباب اعتناق شباب كثر للأفكار السلفيه التكفيرية المتطرفة مثل(الوهابية) التي خرجت من رحمها داعش!
كولشيستر
03/19/2019
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.