الإنتماء السياسي للفريق عبد الفتاح البرهان، وموقعه في تدافعات الداخل والمحيط الإقليمي، يمكن أن نصل إلى ديباجة مكوناته، من خلال رؤية بنورامية، عوضآ عن الركون إلى الحدس، وضرب الرمل....ولما كانت الأشياء تعرف بضدها، فالفريق البرهان يتعرض منذ ظهوره على المسرح، رئيسآ للمجلس العسكري الإنتقالي، لحملة شرسة من "قناة الجزيرة"، والقنوات الإخوانية التي تبث من تركيا وبريطانيا، والممولة كلها أصلآ من قطر...وتذهب تلك الحملة، إلى دمغه بأنه رجل السعودية والإمارات، في الجيش السوداني، مستندة في ذلك إلى أنه كان مكلفآ، بملف المقاتلين السودانيين في اليمن إلى جانب جنود ما تسمى بالحكومة الشرعية، بالرغم من أن مؤسسة القوات المسلحة السودانية غير متورطة في تلك الحرب، وأن القوة العاملة هناك، هي من جنود قوات الدعم السريع غير النظامية، الأمر الذي جعل تلك القنوات، تتهم حمدان دقلو "حميدتي بأنه أيضآ، أداة سعودية في السودان ...وما يؤجج الحملة القطرية التركية الأخوانية على البرهان، أن سيرته الذاتية تقول أنه تنقل كثيرآ بين الرياضوالإمارات، ومكث لفترات طويلة في الأخيرة، وزاد من حنقها إعلان الإمارات والسعودية، الإعتراف بالمجلس العسكري الإنتقالي وتقديم مساعدات من البترول والحنطة والدواء، إلى البلد الذي نكبته العصابة الكيزانية. |||||فيديو من قناة 24 السعودية يتضمن إعتراف السعودية بالمجلس العسكري الإنتقالي، وحزمة المساعدات العاجلة التي قدمتها|||| https://www.youtube.com/watch?v=g0qiRjUVff8&feature=push-u-sub&attr_tag=d4TU13wMb7hCKGn4%3A6 وتذهب تلك الأطراف الإخوانية، إلى حد إتهام السعودية والإمارات، بإستخدام نفوذهما المالي، في سبيل إختراق المشهد السياسي السوداني، بعد إنتصار الثورة، والدفع بعبد الفتاح البرهان إلى السطح....ومع إعتبار مسوغات هذه الحملة، فإنه من الواضح أن البرهان كان متأهبآ تمامآ لدوره، ومن المؤشرات التي تشي، بإنه صانع مشهد إسدال الستار، على الصنم، ما أكده أكثر من مصدر، أنه ثالث ثلاثة ذهبوا للسفاح عند الفجر، ليقولوا له The game is over .....وأكثر من ذلك، كان حريصآ على أن يكون في مبنى الإذاعة قبل إبن عوف، حيث أكدت أكثر من جهة إخبارية، أنه وصل قبل ابن عوف الى مبنى الإذاعة، ترى هل ليتأكد بنفسه أن كل شئ يجري حسب خطته؟...وكان من الذكاء تقديمه لإبن عوف، ليتسلم السلطة من السفاح المجنون، الذي أمر بفض الإعتصام، مهما كلف الثمن، تشبسآ بالسلطة حتى آخر رمق....فتقديم صهره إبن عوف ليتسلم السلطة، يطمئن السفاح بأنه سيكون في أيد، حريصة عليه ورؤفة ورحيمة به، وبالتالي يتخلى عن عناده وتشبسه، وفي كل ذلك كان إبن عوف لا يدري أنه يتم إستخدامه كقناع بحكم رتبته ومصاهرته للسفاح....وهكذا عندما أسفر الموقف، عن صعود ضابط غير معروف، إلى سدة السلطة وإعترفت به السعودية والإمارات على الفور، بدأت عليه الحملة بأنه صنيعة هاتين الدولتين.....وقبل يومين في حوار أجرته قناة الجزيرة، مع الأخواني رئيس تحرير صحيفة "السوداني" ضياء الدين بلال، الذي كان مقربآ جدآ من السفاح ودوائر صنع القرار، سأله المذيع عن مدى صحة ما يتردد عن دخول أموال سعودية أماراتية لصنع الإنقلاب، فأجاب نعم نسمع عن ذلك ولكن ليست هناك أدلة. أما "الفريق" محمد حمدان دقلو (حميدتي) فقد أعد لمن صنعوه مفاجأة صاعقة، بأن تمرد عليهم حين إحتاجوا إليه، في (ساعة العوزة) كي تستوي الطبخة، التي بطبيعة الحال كان يعرف تفاصيلها...ففي اليومين الأولين للثورة، كنا نشاهد فيديوهات تقول:: قوات حميدتي تهاجم الثوار في شارع الستين...قوات حميدتي تقمع الثوار في بري، وهكذا دواليك...ولكن حميدتي أطل بنفسه وقال::| لم نقمع الثوار ولن نقمعهم ولسنا في عداء مع الشعب ، بل نحن مع مطالبه|...وما كان في مقدور "السفاح العجوز"، أن يتصدى بعنفه المشهود لهذا التمرد، في ربع الساعة الأخيرة، ليعيد الوحش الذي صنعه بيديه، إلى قمقمه بعد أن أصبح حجمه، اكبر بكثير من ذات القمقم...وأكثر من هذا، فإن حميدتي أيد الإعتصام وحيا المعتصمين...ومن هنا نستطيع أن نستنج، أن الضباط الذين خرجوا للمعتصمين من القيادة العامة وطلبوا منهم [الصمود والإستمرار في الإعتصام] ثم إنبروا للدفاع عنهم ضد مليشيات الأجهزة الأمنية، حين حاولت فض الإعتصام بالرصاص، هم رجال البرهان، الذي كان في حاجة للإستقواء، بهذه الحشود الملايينية لإرضاخ السفاح. ونحن نحاول أن نجمع فسيفساء البعد الخارجي، لإنقلاب القصر الذي أعده البرهان بعناية، لإستكمال أجزاء اللوحة، يتعين علينا أن نلاحظ ان السعودية والإمارات، هما الدولتان الوحيدتان، اللتان أتتا على لسان المتحدث الرسمي للمجلس العسكري الإنتقالي، في مؤتمره الصحفي أمس الأول، مضمختان بالثناء.....وهذه إشارة واضحة، إلى أن المجلس العسكري الإنتقالي، تمامآ في المعسكر المعادي لحركة الأخوان المسلمين. فليس مصيبآ كل الصواب، من يقول أن حضور السعودية والامارات في مشهد ثورة ديسمبر، لحاجتهما لبقاء الجنود السودانيين في اليمن.....ففي الواقع أن أمر الجنود السودانيين في اليمن، ليس سوى نقطة في سطر طويل.....فكما هو معروف أن السعودية والإمارات، بنفوذهما النفطي والمالي الساطع، تقودان حربآ شرسة ضد حركة الأخوان المسلمين في كل مكان، منذ ما يسمى بالربيع العربي، الذي أتى بالأخوان إلى السلطة في أكثر من بلد عربي....وليس سرآ دور هاتين الدولتين، في دعم القوى المدنية المصرية، لإقتلاع حكومة مرسي الأخوانية، حيث خرج ملايين المصريين رافضين لحكم الأخوان....وقد سنت الأمارات والسعودية في عهد الملك الراحل عبد الله، قوانين تصنف حركة الأخوان المسلمين كحركة إرهابية وكل من ينتمي إليها يقع تحت طائلة القانون....وهذا يفسر عداء هاتين الدولتين المستتر للنظام الأخواني السوداني، وإحتقارهما للسفاح البشير، الذي لم يلق أي إستقبال محترم، في زيارات الشحاذة المتكررة، بصورة مقززة للرياض وأبي ظبي.....وما كان أوجع للعصابة المتسلطة في الخرطوم، إحجام السعودية والإمارات عن مدها، بأي أنبوب تغذية وهي تتلوى تحت ضربات الثوار الشباب الأشاوس.، بل أن الإمارات رفضت إستقباله، عندما حاول أن يزورها في جولة شحاذة بدأها من قطر، في الأسبوع الثاني من الثورة....وعلى الجهة الأخرى، هناك معسكر قطرتركياإيران وجماعة الأخوان الملسمين المصرية، الذي يتبنى دعم الحركات الإسلامية، في كل البلدان الإسلامية ومساعدتها في الوصول إلى السلطة...وفي هذا السياق لم يتأخر الرئيس التركي المعتوه، عن السؤال عن مكان إحتجاز السفاح بعد إلإطاحة به، بزعم أنه يريد الإطمئنان على صحته...لتبدأ بعد ذلك الحملة القطرية التركية وأبواقها الأخوانية الأخرى، ضد ما يسمونه بالحضور السعودي الاماراتي المريب، في مشهد ثورة ديسمبر. والحالة هذه، فإن الخلايا الإخوانية النائمة، في الجيش والوزارات والمؤسسات، الباقية على حالها دون أن يمسها قرح، ودون أن يتم إحتثاثها منها، إذا واتتها الفرصة وإنقضت على السلطة في حركة مضادة، فإنها ستنتقم أول ما تنتقم من البرهان ومؤيديه، حتى قبل الثوار أنفسهم، بدعوى أنهم أطاحوا بالسفاح البشير، بدعم سعودي امارتي، كما تروج قناة الجزيرة والقنوات الأخوانية، التي تبث من تركيا...وسيكونون ضحية أنفسهم المتقاعسة عن إجتثاث الكيزان الذين إجتثوا بلا شفقة ولارحمة، آلاف الموظفين والمهنيين عند بداية مجيئهم بإسم التمكين، ما سهل لهم البقاء في سدة السلطة ثلاثين عامآ......إن الضمانة الوحيدة للوصول، الى غايات الثورة في إقامة دولة القانون، والديمقراطية التي يجري فيها التداول السلمي للسلطة، هي إجتثاث دولة الكيزان بدءآ...ولن يتأتى ذلك، إلا بتحالف القوى المستنيرة في الجيش، مع ملايين الشباب الذين لن يهدأ لهم بال، قبل أن تتحقق الأهداف، التي هبوا من أجلها وصمدوا أمام سفاح مجنون، وآلته القمعية الوحشية، وقدموا قوافل من الشهداء...قد يكون البرهان محاصرآ بقوى الدولة العميقة المتربصة، ولكنه سيجد النجاة، بمد يده بصدق لملايين الشباب، الذين هشموا أنف السفاح وأزلامه، وقادرون على تهشيم أنوف أخرى....هذا إذا كان حقآ يؤمن بأهداف ثورة ديسمبر كما يقول. أحمد القاضي كندا ووترلو الثلاثاء 16 أبريل 2019 م عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.