قال نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي و قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دلقو " حميدتي" في احتفال سلطنة الفور " بوجود عدد من رجال الإدارة الآهلية، قال؛ يجب أن يكون هناك توافقا للرؤى للوصول إلي ديمقراطية حقيقية في البلاد" و أضاف قائلا " يجب تنزيل شعار الثورة علي الأرض و تكون الدوافع متجردة من المصالح الخاصة، و أن تكون العناصر المختارة للحكومة الانتقالية من الكفاءات غير المنتمين سياسيا، مستقلين، و المستقلين غير ميالين لتصفية الحسابات" المتابع لحديث الفريق " حميدتي" يدرك أنه رجل يتحدث بعفوية، و حديث مباشر سهل المفردات، و لا يحمل حديثه التآويلات التي يمكن أن تنتج من المفردات التي تحمل أكثر من معنى، و لكنه في ذات الوقت يرسل رسائل لها أشارة لها مغذى سياسي، تكشف قناعات الرجل. الملاحظ عندما يقف الفريق أول حميدتي مخاطبا جمع من الناس لا يتحدث بصيغة المفرد بل بالجماعة " نحن" فمثلا قوله في الحديث الذي ألقاه علي جمع من رجال الإدارة الأهلية في أحتفال "سلطنة الفور" قال " قمنا بالواجب و حقنا دماء المسلمين و دا واجبنا و الحمد الله قمنا بالواجب" نحن الشيء العاوزنه نبيض النية" و بساطة اللغة العادية إنها مباشرة لا تقبل التآويلات المتعددة، لكنها لا تخلو من مغاذي سياسية تبين رؤية المجلس العسكري لحل الآزمة السودانية. يقول حميدتي " يجب أن يحصل توافق في الرؤى للوصول إلي ديمقراطية حقيقية" و التوافق المقصود هنا ليس بين المجلس العسكري و قوى الحرية و التغيير، أنما إشارة للقوى السياسية الآخرى، لآن الحديث كان عن الديمقراطية لا عن الفترة الانتقالية، فقضية التحول الديمقراطي بالفعل تحتاج لتوافق سياسي بين القوى السياسية جميعها، و يجب أن لا تدخل فيها مفردات الإقصاء، أو رغبات حزبية. فنجاح عملية التحول الديمقراطي تحتاج للتوافق الوطني، و ايضا صناعة الدستور الذي تحكم علي ضوئه البلاد. فالغذي إذا لم تتم مشاركة القوى الآخرى لا تسمى ديمقراطية حقيقية، و ربما تكون ديمقراطية صورية، لكن حميدتي يركز في حديثه علي التوافق الوطني و هي إشارة للمشاركة السياسية الواسعة. ينتقل حميدتي إلي إشارة آخرى لها مغذها السياسي عندما يشير إلي شعار الثورة " حرية سلام و عدالة و الثورة خيار الشعب" فالشعار يحمل مضامين عديدة و حاضن لقيم لها علاقة مباشرة بقضية الديمقراطية الحقيقية التي تحدث عنها، و مفردة الحقيقية لها مضمونها الخاص، أي أن تكون هناك مشاركة لجميع القوى السياسية، و لا يتم فيها العزل و الإقصاء إلا بالقانون، و مغذى الحديث يجب أن يكون هناك توافق بين رؤى جميع القوى السياسية و التحالفات، أي في قوى الحرية و التغيير و التجمعات السياسية الآخرى، و كانت قيادات قوى الحرية و التغيير قد تحثوا بأنهم لا يرغبون في إقصاء أي قوى سياسية، و كان أخر الحدثين سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب في اللقاء الصحفي الذي كانت قد أجرته معه صحيفة " الشرق الأوسط" حيث أكد إنهم لا يمارسون أي إقصاء علي أي حزب سياسي، و لكن عدم مشاركتهم في الفترة الانتقالية، لآن الهدف منها تصفية الدولة العميقة، لكن هناك قوى سياسية ترفض الاتفاق الذي تم بين المجلس العسكري و قوى الحرية و التغيير، حيث قال تحالف الديمقراطية و التغيير و حزب المؤتمر الشعبي أنهم يرفضون الاتفاق الذي تم بين قوى الحرية و التغيير و المجلس العسكري الانتقالي، هذا الخلاف في وجهات النظر هو الذي يتحدث عنه الفريق أول حميدتي، و يطالب في حديثه بتوافق الرؤى للوصول إلي ديمقراطية حقيقية. أنتقل الفريق حميدتي في حديثه إلي أستخدام الرمز لتوضيح المعني و أيضا المغذى السياسي، و خاصة الرجل يتحدث مع قيادات الإدارة الآهلية و يقول " السودان أصبح ذي الجلابية المشمسة و لا تستحمل الجر" و هنا يشير رمزا للتنازع بين القوى السياسية، فالتنازع يؤدي لتمزيق البلاد، و هي لا تتحمل ذلك، و هي تتماشى مع إشارته الأولي " توافق الرؤى للوصول للديمقراطية الحقيقية" و لكنه كان يؤكد في حديثه " نحن سوف نمنع ذلك" الأمر الذي يؤكد أن المجلس العسكري لن يتنازل عن قيادة مجلس السيادة، و لا يقبل أن تأول صلاحيته إلي مجلس الوزراء أو المجلس التشريعي، أي أن تكون الفترة الانتقالية بالنظام البرلماني و الذي يجرد مجلس السيادة من صلاحية أتخاذ القرارات في القضايا، و حديث حميدتي الرمزي يشير إلي رئاسية النظام. أختار الفريق أول حميدتي أن يرسل رسائله من خلال حديثه لرجال الإدارة الآهلية، و هي أيضا لها مغذى سياسي، يحاول في حديثه أن يطمئن بها قطاع سياسي آخر، و معلوم أن رجال الإدارة الآهلية يمارسون سلطاتهم بمظلة الدولة، لذلك لا يستطيعون مقاطعة الدولة إن كانت الدولة ديمقراطية أو شمولية، و كان أغلبية رجال الإدارة الآهلية يشاركون في النظام السابق بصور شتى، و الأغلبية تشارك من خلال " البرلمان الاتحادي و برلمانات الولايات" و أن السلطة لن تمارس عليهم الإقصاء. لكن الطمآنة تتعدى رجال الإدارة الآهلية إلي آخرين. ينتقل الفريق أول حميدتي إلي إشارة آخرى تمتد إلي خارج الحدود، و في ذات الوقت يبن موقفه من قضية التحالفات في المنطقة و إلي أين يميل شخصيا، حيث يقول " أن بعض رموز النظام ذهبوا إلي دول راعية للإرهاب و لا نستطيع القبض عليهم، إلا إذا مدوا رؤوسهم خارج هذه الدول" و يقول أيضا " هناك حملة كبيرة ضد قوات الدعم السريع تدعمها بعض الدول" و هي إشارة لذات الدول التي سماها في حديثه بالراعية للإرهاب. و معروف أن تحالف السعودية و الأمارات في حرب مع حركة الإسلام السياسي، و في حالة مقاطعة مع دولة قطر و أتهموها بأنها تدعم الإرهاب، و أيضا انسحب ذلك علي تركيا دون أن تكون التهمة بشكل صريح من قبل السعودية و الأمارات علي تركيا، و لكنها تعرف ضمنيا وفقا للتحالفات في المنطقة، لكن إشارة حميدتي هل تمثل قناعة ذاتية و يتحمل مسؤوليته بهذا القول. أم إنه موقف سياسي يتبناه المجلس العسكري، هذا لم يحاول حميدتي الخوض فيه، لكن الإشارة إليه للتأكيد أن هناك علاقات خارجية يجب مراعاتها، و عدم الخوض في تفاصيلها لأنه رفض الخوض في ذلك. فالحديث السبيط للرجل حاضن للعديد من القضايا التي يحاول أن يستخدم فيها الرمز، و استخدام الرمز ذكاء فطري عند رجال البوادي و الصحراء الذين تعودوا علي الرمزية و ضرب الأمثال، لأنها لا تجعل المتحدث يسترسل في الحديث حتى لا تغيب معه المعاني و الإشارات المهمة. فحديث حميدتي مع رجال الإدارة الآهلية في احتفال " سلطنة دارفور" رغم قلته و بساطته إلا أنه كان يحمل العديد من الإشارات و المغذى السياسي العميق. و نسأل الله حسن البصيرة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.