كعادته خرج المتحدث الرسمي بإسم المجلس العسكري الإنقلابي في السودان بموقف رافض متوقّع ومصحوب بالكثير من المعلومات المُغالِطة للحقيقة حول مبادرة (الإيقاد) التي قدّمها رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد لمعالجة الأزمة التي تسبب فيها هذا المجلس بتحويل نفسه من منحاز إلى الثورة ليس مطلوباً منه سوى استكمال ترتيبات تسليم السلطة إلى الشعب، إلى طامع فيها بالكشف عن تلك الحقيقة يوماً بعد آخر بدءاً ببيانه الأول. معلوم أن المجلس العسكري الإنقلابي، قد قفز على السلطة في الحادي عشر من أبريل 2019م، بعد أن أدرك أن الثورة السلمية التي دفع فيها الشعب أرواحاً غالية ودماءاً زكية خلال ثلاثين سنة، قد استوت وحان القطاف الثمرة، ويجب أن يعلم أن الثمرة التي يحاول قطفها إنما ستتحول إلى ثمرة أشبه بثمرة التين الشوكي ولكن باطنها مثل قشرها. إن المبادرة التي تمحورت حول الوصول إلى تشكيل المجلس السيادي من ثمانية مدنيين وسبعة عسكريين، قد نزعت عن الشعب حقّاً حصرياً وأصيلاً ممهوراً بدماء الشهداء، وأعطت العسكريين الإنقلابيين ما لا يستحقون، ليس تجريداً لحقّهم كمواطنين سودانيين يحق لهم الوصول إلى السلطة، ولكن لأن مدخلهم إليها كان خاطئاً حينما استخدموا القوة العسكرية والإنقلاب وسيلة للإستحواذ عليها، وهو ذات المدخل الذي ظلّ الشعب يرفضه وثار لإزالته. إن قبول قوى إعلان الحرية والتغيير بالمبادرة رغم إجحافها قد أكّد مدى تقدير هذه القوى للوساطة والوسيط ولحجم المخاطر التي تحيق بالشعب والوطن والتي ظلّ المجلس الإنقلابي بتعنّته يصنع منها المزيد كل يوم لمعالجة في سهولتها أوضح من قرص الشمس في رابعة النهار. إن المجلس العسكري الإنقلابي، يقود البلاد في نفس الطريق الملتهبة التي ظل سلفه المخلوع يقودها فيها، وهو في ذلك يضع مصير وسيادة وطن في مهب الريح، ويرهن إرادة شعب إلى التوهان ويستحقر قدر أمّة بكل ماضيها وحاضرها. وهذا إن دل فإنما يدل على طغيان الأطماع الذاتية في الإستئثار بالسلطة المحروسة بالقوة العسكرية واستخدامها ضد الشعب الذي يدفع فاتورة سدادها. إن غياب العقلانية والرشد لدى المجلس العسكري الإنقلابي، كفيل بأن يدقّ آخر مسمار على نعش الوطن الذي خنقه وكفّنه سلفه. لقد كانت الصورة واضحة منذ البيان الأول للمجلس العسكري، ولم تكن كل ممارساته اللاحقة سوى محاولات لكسب المزيد من الوقت لفرض أطماعه في السلطة، مستهدياً بنهج ووسائل سلفه، ظناً منه بأنها وسائل كفيلة بتأمين جلوسه على رقاب الشعب والإستمتاع بإذلالهم لخدمته ثلاثين سنة أخرى. وقد بدأ كذلك يوم ركل القيم وقتلها في ساحة الإعتصام فنكر مسئوليته عنها بصلف ثم اعترف بجرمه الجِلف. لقد تعرّض الشعب السوداني خلال الثلاثين سنة الماضية لنكبات كفيلة بإفناء أي أمّة ضعيفة الشكيمة والإرادة، ولكنه تحمّل كل تلك المآسي والضربات وقاوم وظلّ ينهض ويقف على رجليه مرة تلو أخرى، وبلغ إحدى قمم نضاله في السادس من أبريل 2019م باعتصامه المتميّز، وأكّد قدرته على تحويل اليأس إلى أمل والضعف إلى قوّة، لكن الطامعين ما زالوا كثر، لا سيما في قيادة مؤسسته العسكرية من الذين تبنّاهم المخلوع وهيأهم بذات النهج. لقد فرضوا بابتعادهم عن الرشد وإشاحتهم عن رؤية الحقيقة البائنة حرباً على شعبهم، وفرضوا عليه أن يبدأ من جديد ويستصحب معه دروس التجربة، وإن الشعب منتصر وإن طال السفر، وأنه بالغ قمّة القمم في نضاله مهما كانت وعورة الصعود. إن حزب العموم يشدد على أنه لا مكافأة لتضحيات الشهداء ولا سبيل إلى تحقيق دولة الحرية والسلام والعدالة، الدولة التي يتطلّع الشباب إليها وتتأملها الأجيال القادمة، إلا بالسلطة المدنية التي تقود الوطن في المرحلة الإنتقالية والوصول إلى الديموقراطية عبر التبادل السلمي للسلطة من خلال الإنتخابات عبر التعددية السياسية، ولا يتأتي كل ذلك إلا باستئصال الدمار الشامل الذي أحدثه النظام الإنقلابي بقيادة المخلوع عمر البشير، وبقفل الطريق أمام المجلس العسكري الإنقلابي الحالي الذي يحاول استنساخ سلفه. إن التزام قوى إعلان الحرية والتغيير بمضمون (الإعلان) أمر حتمي، وعليها السعي لضم كل القوى الداعية إلى التغيير ولا سيما الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة القائد عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة الأستاذ عبد الواحد محمد أحمد النور، وأي قوى داعية وعاملة وساعية للتغيير، كما على تلك القوى أن تسعى إلى نفس الغرض. وعلى الشعب السوداني الثائر أن يُعزز تفويضه بالتفافه حول قوى إعلان الحرية والتغيير لتمكينها من الإستمرار في قيادة ثورة التغيير، وأنه لا أولوية تعلو على وحدة الصف ووحدة الهدف. إن حزب العموم يُذكِّر الإتحاد الأفريقي بضرورة السعي لتعزيز وقوفه إلى جانب الإنتقال الحتمي للسلطة إلى المدنيين باعتبار أن ذلك يتّسق مع توجّه الإتحاد نحو دعم الديموقراطية في القارة، وأن تحقيق هذا التوجّه يقتضي ممارسة كل الضغوط على المجلس العسكري للنزول عند رغبة الشعب. كما يدعو الحزب الإتحاد إلى تكثيف الجهود بالتواصل مع بعض دول الإقليم التي تتدخّل سلبياً بدعمها لتثبيت الحكم الإنقلابي، وهو تدخّل فوق أنه يتعدّى على سيادة السودان وإرادة شعبه، يعمل أيضاً إلى تقويض جهود الإتحاد الأفريقي في نشر الديموقراطية في القارة. كذلك يدعو حزب العموم الأممالمتحدة ممثّلاً في مجلس الأمن أن حماية الشعب السوداني الأعزل الذي يتعرّض للقتل والتعذيب يوماً بعد آخر، وما معاناته خلال الستة أشهر الماضية وفي مقدّمتها مجزرة فض الإعتصام، إلا بعضاً مما ظل يعانيه هذا الشعب لثلاثين سنة ماضية. إن تمسّك الشعب السوداني بسلميته رغم الطغيان المسلّح الذي يتعرّض له، دلالة على احترام هذا الشعب لمضمون حفظ السلم والأمن الدوليين رغم قدرته على حمل السلاح ومقارعة الذين يستأسدون باستخدامه ضده الآن. إن مكافأة مثل هذا الشعب ينبغي أن لا تكون بنسيانه وتجاهل معاناته. عاش نضال الشعب السوداني لا بديل للمدنية إلا المدنية إعلام حزب العموم السوداني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. www.omompartysudan.org