* إن كنتم لاتريدون السلطة.. فنحن لا نريدكم تتسلطنون علينا.. فلماذا العَنْكَبةُ يا البرهان؟ * نراك في حديثك المبثوث على تلفزيون السودان قبل يومين تضيف سلطة الجيش إلى السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية المعروفة في الأنظمة الديمقراطية.. * و كان تصىريحك عن استقلالية الجيش عن رئيس الوزراء تصريحا خطيرا لحد الكفر بمدنية الدولة.. و كأنك تقول أن الجيش أو القوات المسلحة سلطة منفصلة بذاتها عن السلطة التنفيذية.. و أن الجيش فوق السلطات الثلاث.. * و بالغت فزعمت أن رئيس مجلس الوزراء سوف يكون مُنْتَمٍ إلى حزب سياسي ما، و لذلك لا ينبغي أن يكون مسئولا عن الجيش لأن الجيش جيش قومي.. * أنت مخطئ يا سعادة الفريق أول.. و إليك هذه المعلومة المبدئية عن وضع القوات المسلحة في أعرق ثلاث دول ديمقراطية في العالم:- 1- الولاياتالمتحدةالأمريكية: المسئول الأول عن القوات المسلحة و القائد الأعلى لها هو رئيس الولاياتالمتحدة.. و يليه في المسئولية وزير الدفاع.. علما بان الرئيس من الحزب الحاكم.. و يختار وزير الدفاع حسب رغبته.. 2- القائد الأعلى للقوات المسلحة في بريطانيا هي أو هو الملكة أو الملك أما وزير الدفاع البريطاني فيختاره رئيس الوزراء و ينتمي للحزب الحاكم.. 3- القائد الأعلى للقوات المسلحة في فرنسا هو رئيس الجمهورية.. و ينتمي وزير الدفاع للحزب الحاكم في الغالب.. * لشيئ في نفسك بثثت معلومات خاطئة عن دور الجيش/ القوات المسلحة في النظم الديمقراطية.. و ربما ابتلع بعض المشاهدين الطُعْم، لكن ما قلته زاد شكوك العارفين ببواطن الأمور في صدق ما تقول.. * و من ناحيتي، فقد تأكد لدي أنكم تتشبثون بالسلطة تشبث الغريق بقشة عابرة مع أمواج الثورة المتلاطمة.. و تسعون لخلق حكومة مدنية مشوهة لا معنى لها في قواميس الأنظمة الديمقراطية.. و لذلك أجبرتم الثوار على مشاركتهم في حكومة إنتقالية لستم أهلا لها.. و تقاتلون من أجل صلاحيات تمكنكم من السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد غصبا عن شركائكم المفترضين.. * كم احترنا، غاية الحيرة، في ادعائكم عدم الرغبة في السلطة و نحن نعلم نواياكم.. و ما يحيرنا أكثر أنكم تعلمون أن الشعب لا يرغب في مشاركتكم للمدنيين في حكمه.. * و الشعب يتساءل عن السبب في تشبثكم بالسلطة يا البرهان طالما أنتم متفقون معه في جزئية رفض تسلطكم عليه؟ و يتساءل: لماذا العَنْكَبَة إذن؟ و لماذا كل هذا اللف والدوران حول عددية أعضاء المجلس السيادي و صلاحيات المجلس.. و حول تقليص مهام رئيس الوزراء.. و الإصرار على تأجيل المجلس التشريعي..؟ * ُلماذا لا تفَضُّوها سيرة، يا أخي، و تتركوا القافلة المدنية تعبر بالسودان إلى بر الأمان.. * عليكم، يا البرهان، أن تعلموا أن مواكب الثورة لن تتوقف عن المطالبة بمدنية السلطة.. و سوف تكتظ الشوارع بملايين الثوار.. و لا ثائر يخشى رصاص أمنكم و جنجويدكم و المندسين الآخرين.. و لن تخيفهم سيارات الدفع الرباعي و استخدام الدوشكا ضد المظاهرات السلمية كما حدث في مجزرة الأبيض.. * "يخس على البرهان!"، قالت لي محدثتي.. لقد أغضبتها، يا البرهان، و أغضبت أصحاب الضمائر الحية في كل السودان.. أغضبتهم لأنك لم تغضب مثلنا، يا البرهان، على مقتل صبايا و صبية السودان في الأبيض.. خسِئت ! خسِئت لأنك (تأسفت).. تأسفت و بس! * تأسفت فقط.. ثم زعمت أن ثورة شباب الأبيض إنحرفت عن مسارها بالاعتداء على بنك الخرطوم بالابيض و لذلك تم قتلهم، كما أوحيت.. * لماذا تكذب يا البرهان، و كأن تخريب بنك الخرطوم في الأبيض كان سابقاً لقتل الثوار برصاص (المندسين) فوق سطح البنك.. و كانت سيارات الجنجويد واقفة أمام البنك دون أن تتحرك يا البرهان..؟ * ثم، إن تعبيرك عن أسفك و حزنك تعبير لايليق بشخص قائم مقام المسئول عن أمن و تأمين البلد كلها.. و كان المقام العام في السودان مقام حداد و حزن عميق و غضب على هدر دماء غالية غالية.. دماء ترونها أرخص من دم ذبابة.. * شاهدت الشباب الثائر فمرت بخاطري شريط دماء شباب لا يخاف: * كان التاريخ يتحرك أمامي في الثلاثين من يونيو.. تحركت معه.. تحركت.. ثم عجزت عن السير مع المستقبل و المستقبل يمر من أمام منزلي شلالات تهدر نحو غد يصنعه الشباب بعضده و عرقه و الرصاص يلعلع و الدماء تنزف.. و الشباب ماض في هتافه: الطلقة ما بتكتل، بكتل هتاف الزول..! * فاستقيت الحكمة و حب الوطن من هؤلاء الصغار الكبار.. و اليوم أسمعهم يرددون نفس الهتافات في تضاد مع المكتوب على إحدى سيارات الجنجويد ((موت ولد و لا خراب البلد))! * ما أروعها من كلمات ((الطلقة ما بتكتل، بكتل سكات الزول)) و هي نفس الكلمات تلْهَجُ بها ألسنة هؤلاء الشباب هذه الأيام.. و ما أجمل الإصرار في سيماهم..! * التضاد بين " الطلقة ما بتكتل، بكتل سكات الزول" و بين " موت ولد و لا خراب بلد" يجعلني أحس أن لكل ثائرة و ثائر قضية كبيرة ضد الجنجويد و ضد نظام البشير و ضد المؤتمر الوطني و ضد الحركة الإسلامية و ضد المجلس العسكري، تحت رئاستكم يا البرهان.. خسِئتم، يا البرهان، خسِئتم! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.