عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. كأنما أصبح ذلك طقسا ثوريا يمارسه السودانيون وحدهم عقب كل ثورة ، طقس يين مدى التلاحم الذي يمكن أن يصل إليه أبناء هذا الشعب العظيم عند المنعطفات التاريخية واللحظات الفلرقة في تاريخ هذه الأمة .. حدث ذلك في أكتوبر عام1964 حينما جاء قطار من عاصمة الحديد والنار مؤازرا لتلك الثورة التي كانت فاتحة الثورات الشعبية في هذه المنطقة ، مثلما عززه قطار أخر قادم من الشرق الحبيب فأستقبلتهم الخرطوم يومها إستقبال الفاتحين . ومع أن هذا الفعل الثوري لم يكن متاحا في أبريل عام 1985 لأن إنحياز الجيش جاء مفاجئا ، إلا أن معظم المدن لم تغب عن المشهد وسجلت حضورها على دفتر الثورة . أما ما حدث في أبريل هذا العام بعد أيام من السقوط الأول للإنقاذ فقد كان شيئا فوق الوصف حينما قدم قطار عطبرة ممتلئا بالبشر من الداخل وعلى الأسطح في مشهد وصفه الغربيون بأنه أعظم مشهد ثوري في العالم في تلك اللحظة ، فيما وصفه صحفي أمريكي بعبارة بليغة قائلا ((لم أرى قطارا لكنني رأيت بشرا على شكل قطار)) لقد الهب هذا المشهد المشاعر عند كل محطة مرّ بها القطار ومع أن رحلته العادية لا تستعرق سوى ساعتين إلا أن قطار الثورة إستغرق في مجيئه للخرطوم ثمان ساعات لأنه في كل محطة كان يجبر على التوقف والتفاعل معه والتزود بالماء والطعام وكانت لحظة التلاقي العظيم حينما عبر كوبري النيل الأزرق وأقترب من ساحة الإعتصام يومها ، ليسجل تلاقيا جماهيريا غير مسبوق إختلطت فيه الدموع بأصوات الهتافات التي رحبت بالثوار فيما جرى توثيق الحدث ليظل باقيا في الذاكرة . الآن أعلنت اللجنة التسييرية للنقابة العامة لعمال السكة حديد أن قطار عطبرة المقرر تسييره لحضور التوقيع النهائي على الإتفاق سيتحرك مساء الجمعة ليكون حاضرا يوم السبت . لقد أصابت اللجنة التسييرية الفكرة بتسييرها لهذا القطار من جديد حتى يتجدد العهد مع الثورة ولتؤكد بأن الجماهير أينما كانت سوف تتداعى متى كانت الثورة في حاجة للدعم والسند ، أما العلامة الفارقة التي تمنح قطار عطبرة الأفضلية هذه المرة عن سواها ، فهو تواجد الإعلام بكافة أطيافة وخاصة الإعلام الأجنبي الذي تهزه مثل هذه المشاهد ، علما بأن التوثيق في المرة السابقة كان بكاميرات الهواتف ، بينما سيمنح التصوير الإحترافي للوكالات والقنوات والصحافة ذلك اليوم زخما وبعدا عالميا ، فيما يتوقع أن يخطف قطار عطبرة جلّ الأضواء .