مقدمة : تناولنا في المقال المنصرم الإستراتجية الأولي " إدارة الأساسيات" في الأوقات المضطربة والتي بدورها ارتبطت بعدة انشطة ومهام وهي إدارة التضخم / السيولة / الإنتاجية / العنصر البشري المؤهل وتكلفة البقاء في العمل مقابل وهم الربح.، والأساسيات مرتبطة بمؤسسات اليوم وملتصقة بها وخاصة في الاوقات المضطربة والشاهد أن المؤسسات تعمل في فترتين زمنيتين مختلفتين ( اليوم وغداً أو الحاضر والمستقبل). وكل أنشطة اليوم ما هي إلا قرارات تم اتخاذها في يوم الامس، وما يوم غدا إلا قرار اليوم وعلي المدراء العمل علي ذلك المفهوم إلا انه في الأوقات المضطربة لا يمكن الافتراض بان يوم الغد هو امتداد طبيعي لقرارات الامس وذلك ضمن سياق الاوقات المضطربة فهناك تغيرات كبيرة و تحمل في طياتها فرص ومهددات ومخاطر لا يمكن معرفتها او التنبؤء بها. تتناول الإستراتجية الثانية في إدارة الأوقات المضطربة تحت عنوان الإدارة ليوم الغد، وهناك ملاحظة اود الاشارة اليها وهي اللغة التي يستخدمها الكاتب في كونها لغة " أفعال" عملية ومباشرة مثال: الإدارة للغد، الإدارة للمستقبل، الإدارة للإنتاج ... وليس إدارة الغد، أو إدارة المستقبل، وهو الأمر الذي يدل علي تركيز الكاتب علي الاجراءات والاساليب العملية التطبيقية أكثر من الجانب النظيري والتحليلي العام. تعتمد إستراتيجية الإدارة ليوم الغد علي ستة أعمدة رئيسية علي النحو التالي : تركيز الموارد علي النتائج التخلي عن يوم الامس إدارة النمو إدارة الابتكار والتغيير استراتيجيات الأعمال ليوم الغد بطاقة أداة للمدراء تركيز الموارد علي النتائج تعني في مجملها بالرقابة والتحكم علي الموارد وتركيزها علي النتائج والموارد تعني كل الأنشطة والإنتاج والأفراد والميزانيات في أن تلتزم بتحقيق النتائج. وتحتاج المنظمة ان تكون مرنة وقوية في ذات الوقت لعمل ذلك، وان تخصص ميزانيتين منفصلتين واحدة للعمليات التي تتم والثانية تخصص للفرصة التي لم تاتي وان تعطي الوقت والاهتمام المتساوي لكلاهما ( للعمليات التي تمت وتتم والفرص التي لم تاتي بعد) وخاصة في الاوقات العصيبة اما جانب الموارد يعني أيضا التخلي عن الأنشطة الغير ضرورية والتي عرفها الكاتب ( التحكم بوزن الشركة) تركيز الموارد علي النتائج يتطلب التزام ثابت ومنتظم بمراقبة وزن الشركة والتخلص من الوزن الزائد او الحمولة الزائدة ولقد خصص الكاتب القسم الثاني من الاستراتيجية تركيز الموارد علي النتائج بسياسة التخلي عن يوم الأمس ( الماضي) لا يمكن بأي حال التخلي عن ما مضي بصورة مطلقة ولكن الكاتب عني بذلك التخلي عن كل الأفعال والأنشطة والمنتجات الغير ضرورية لتحقيق النتائج المتوقعة فالامس وحمولته له تاثير كبير علي المؤسسة وقد يكون المنتج او الخدمة بدون اي اسهام فعلي علي نتائج المرجوة بقدر ما هو إلا حمولة زائدة، ومعظم الأنشطة تكون مثقلة بتركة " الماضي" وبيوم الأمس وهى الأنشطة والمنتجات التي تكون غير منتجة واي مؤسسة تحتاج لسياسات التخلي ( التجديد)، وفي الأوقات العصيبة والمضطربة يجب التخلص من كثير من الأشياء حتى تكون المؤسسة سريعة وخفيفة ورشيقة وتصل لنتائجها المرجوة بالصورة السليمة. (و نحن في السودان وفي ظل ما نمر به من ظروف عصيبة و أوقات مضطربة احوج ما نكون علي الامتثال والتأسي بمثل هذه الاستراتيجيات فبجانب تركيز مواردنا المتنوعة والمهولة علي النتائج ولا شئ غير النتائج المحددة سلفاً بجانب هذا نحتاج ايضا الي سياسة التخلي عن اشياء كثيرة وكثيرة تعيق تقدم وتتطور وازدهار مؤسساتنا وما من مؤسسة خاصة او عامة إلا و لها من الوزن الزائد الموروث والمتوارث والمُرحل من تركة نظام الانقاذ البائد وخاصة في جانبه الاقتصادي و الاداري والثقافي) إدارة النمو : ليس هناك نمو علي الدوام، كما ان النمو ليس ثابت بل يتغير ويتحرك ويجب أن يكون النمو محسوبا ومعروف حتى يمكن إدارته وتحسينه وتحتاج أي مؤسسة إلي إستراتيجية للنمو ويجب علي المؤسسة أن تفرق بين النمو الصحي والنمو المرضي و هو أمر ليس بالبسيط، و أي نمو في فترة زمنية قليلة وينعكس علي نتائج تزيد من الإنتاجية في موارد المؤسسة هو نمو طبيعي وصحي ويجب دعمه وتدعيمه ولكن النمو الذي تكون نتائجه فقط في حجم المؤسسة وليس بالتركيز علي نتائجها ومنتجاتها وليس في فترة زمنية قليلة ويقلل من مخرجاتها فهو نمو غير صحي وغير طبيعي. إدارة الابتكار والتغيير: هناك تغيرات عظيمة وكبيرة ارتكزت علي عدة أوجهة من ضمنها التغيير علي مستوي التكنولوجية ومنذ مشروع مارشال لإعادة بناء أوربا بعد الحرب العالمية الثانيةؤ1945م تطورت الابتكارات التكنولوجية بصورة سريعة و تزايدت في سرعتها وضخامتها مع مرور الوقت منذ الخمسينيات وحتى السبعينيات من "القرن المنصرم" ( الحاسوب/ صناعة الأدوية والمضادات الحيوية) ولكن التغييرات التكنولوجية أسيئ فهمها ومقاصدها فالذي تسارع حقاً هو الوعي بالتغيير التكنولوجي وليس التغيير التكنولوجي في حد ذاته. ومن التغييرات البنيوية العظيمة هي صناعة الالكترونيات وما صاحبها من ابتكارات انعكست في مجال الاتصالات والأقمار الصناعية ( المسموعة المرئية المقروءة). التطور والتغيير شهد جميع أوجه الحياة المختلفة من التصنيع وخطوط الإنتاج والابتكارات و ازدادت المعلومات والرقابة وتجسد ذلك في الماكينات والكمبيوتر. تكنولوجية المعلومات أصبحت جزء من العملية الإنتاجية في حد ذاتها علاوة علي ذلك ساهمت هذه التكنولوجية علي زيادة الحجم الاقتصادي ونمو موارد جديدة للطاقة ( الغاز والمواد السائلة والطاقة الشمسية الخ). تخصيص الميزانيات للابتكار أمر مهم جدا في عالم الأعمال اليوم والابتكار ليس بمفهوم البحوث بالضرورة فالبحث ما هو إلا أداة من أدوات للابتكار، فالابتكار يعني الإنعتاق والتخلي من يوم الامس " الماضي" و بصورة منتظمة ثم يعني البحث بصورة منتظمة عن الفرص التي من جانب التكنولوجية والأسواق، الابتكار يعني أيضا الاستعداد لتنظيم مشاريع الريادية والأعمال التي تهدف لعمل جديد وليس منتج أو سلعة أو تحديث منتج أو سلعة قديمة بصورة منفصلة خارج البيروقراطية والهياكل الإدارية المألوفة. استراتيجيات العمل ليوم الغد: تسلط هذه الاستراتيجية الضوء علي مكونات وأداوت التخطيط الاستراتيجي الذي يبدا بالتخطيط وبان التخطيط لا يكون عملية تكميلية لانشطة ومنتجات اليوم و ليس امتداد للحاضر وخاصة في الاوقات المضطربة هذا الافتراض خاطئ جدا فهناك احداث فريدة ونادرة الحدوث لا تُري ولا يمكن رؤيتها وعليه لا يمكن التخطيط لها مسبقا اللهم إلا في التغييرات الكبيرة مثال ( التغييرات السكانية وهي من اصح المؤشرات في الاقتصاد الغربي التي يمكن الاعتماد عليها في التنبؤات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية). وقد أشار الكتاب الي شئ في غاية الاهمية علي الاطلاق وهو من أهم أدوات التخطيط الاستراتيجي واشار اليها بطريقة ضمنية وفي سياق استراتيجيات العمل ليوم الغد " في قيادة الاسواق والتصنيع" وهي اداة التحليل الاستراتيجي الاكثر زيوعاً وانتشاراً واهمية في عالم اليوم ألا وهي (تحليل معامل القوة والفرص والمهددات والضعف ليس علي مستوي القطاع الخاص فقط بل تشمل كل القطاعات العامة والمنظمات الخيرية). بطاقة أداة للمدراء : هناك لغط كبير بين مدراء الادارة في من يناصر البعد القيمي الانساني والاخلاقي ( البعد النوعي للادارة ) علي خصوهم الذين يرون ان قياس الاداء في خلاصته هو ( البعد الكمي للادارة) وان البعد الاخلاقي ما هو إلا مجرد هراء. في الواقع كلا من الفريقين تجنب الصواب فالذين يرون البعد القيمي للادارة ليسوا واقعيين بل هم مجرد أباء والذين يرون قياس الاداء في خلاصته " كمي" فهم يركزون جانب الاعمال ككل وليس علي جانب قياس اداء الادارة.عملية قياس الاداء مهمة جدا وخاصة في في الاوقات المضطربة و يجب ان تتركز في اربعة جوانب وهي : القياس في تخصيص راس المال ( قياس العائد علي الاستثمار وانعكاسه علي النتائج ). القياس في قرارات الناس ( كبار المدراء والتنفيذيين وتقيمهم بشان الافراد و مقارنة ذلك بالنتائج ). القياس في الابتكار ( هل جهود الابتكار مجدية ومتوقعة! وهل يمكن قياسها علي النتائج المتحصلة!؟). القياس مقابل الاستراتيجيات ( اداء الادارة يجب قياسه مقابل استراتيجيات الاعمال). عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.