خالد عمر يوسف: تصريحات روبيو الأخيرة تدعم مسار الرباعية ولا تنسفها... والسلام خيار السودانيين أولاً    وقفة احتجاجية في العاصمة الأسترالية كانبرا تضامناً مع دارفور    خسارة مصر أمام أوزبكستان تدق ناقوس الخطر    الإعيسر: أرواح ودماء أبناء وبنات الشعب السوداني أمانة في أعناقنا جميعاً    عامر حسن عباس يكتب: الامارات تسعى لإجبار دولة جنوب السودان لدخول الحرب .    اتحاد الجنينة يرد على ادعاءات رئيس اللجنة القانونية باتحاد الكرة السوداني    إرتفاع أعداد النازحين بالدبة إلى (40) ألف شخص    دبابيس ودالشريف    خسارة لتصحيح المسار    رئيس مجلس السيادة القائد العام: الحرب لن تنتهي إلا بنهاية التمرد    ضربة روسية قوية بصواريخ كينجال على مواقع عسكرية حساسة في أوكرانيا    من هوانها علي الدنيا والناس أن هذه المليشي المتشيخ لايعرف عن خبرها شيئاً .. ولايعرف إن كانت متزوجة أم لا !!    شاهد بالفيديو.. رجل البر والإحسان أزهري المبارك يرفض الحديث عن أعماله الخيرية ويعطي درساً للباحثين عن الشهرة: (زول قدم حاجة لي الله.. إن تكلم بها خلاص فسدت)    شاهد بالصورة والفيديو.. المطربة الصاعدة "عزيزة اللذيذة" تبهر الجمهور بجمالها الملفت وتشعل حفل غنائي بإحدى أغنيات الفنانة ندى القلعة    الالعاب الإلكترونية… مستقبل الشباب في العصر الرقمي    فريق مشترك من المفوضية السامية لشئون اللأجئين ومعتمدية اللاجئين ينفذان ترحيل الفوج رقم (25) من اللأجئين خلال العام الجاري    الطاهر ساتي يكتب: مناخ الجرائم ..!!    السودان..وفد عسكري رفيع في الدمازين    تعادل الإمارات والعراق يؤجل حسم بطاقة المونديال إلى موقعة البصرة    إظلام جديد في السودان    تحذير من استخدام الآلات في حفر آبار السايفون ومزوالة نشاط كمائن الطوب    روبيو يدعو إلى وقف إمدادات الأسلحة لقوات الدعم السريع السودانية    نجم ريال مدريد يدافع عن لامين يامال: يعاملونه مثل فينيسيوس    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    المنتخب الوطني يتدرب بمجمع السلطان قابوس والسفير السوداني يشّرف المران    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلتصغ أحزابنا إلى نواقيس تونس .. بقلم: عمر العمر
نشر في سودانيل يوم 24 - 09 - 2019

على أحزابنا إدراك قصر المرحلة الانتقالية في ظل أعباء المهام الملقاة على عواتقها لبلوغ عتبة تجربة ديمقراطية "راسخة راجحة ". التجربة الرابعة لا يمكن الدخول إليها أو إنجازها بالآليات الصدئة نفسها إبان المراحل الثلاث السابقة. النجاح إلى تجربتنا المرتقبة والإنجاز فيها يتطلبان عملاً سياسياً دؤوبا غداة الأمس. الحملات الارتجالية المحمومة قبيل الذهاب إلى مراكز الاقتراع لن تحقق في ضوء حراك ديسمبر مكاسب. الجهد السياسي المبعثر ضيق الأفق قصير الحيلة لن يكتب نسخة ديمقراطية ذات ظل ظليل دائم .
كل الأحزاب مطالبة الآن وليس غداً بالإبتكار في العمل التنظيمي كما الإبداع في الطرح السياسي. آفة أحزابنا أنها تشتغل – حين تفعل – بالسياسة لكنها لا تشتغل البتة على السياسة. أداؤها – حين ينشط – ليس أكثر من جهد موسمي عارض مرتجل. كلها خالية الوفاض من الأدبيات والبرامج السياسية. جميع الأحزاب مسكونة بالإنشطار حد التشرذم الفسيفسائي. أحايين كثيرة يشقُ على المرء إحصاء الأشلاء المبعثرة تحت مظلة حزبية واحدة. للنظام البائد باع في تفكيك أحزابنا غير أن إلقاء كل اللوم على الإنقاذ يفصح عن نفاذ الرؤى. إحدى أبرز قسمات تلك الظاهرة تتبدى في خواء تلك الأحزاب من العمل الديمقراطي وبؤس النادي السياسي.
ما لم تستوعب الطبقات العليا والوسيطة من هياكل الأحزاب الدروس الناصعة من الحراك الجماهيري صانع الثورة المبهرة، لن تنهض بما ينبغي عليها إنجازه بغية الفوز بما تطمح إليه وبه من بطاقات انتخابية. الحراك الشبابي الأبي لم يثبت فقط ديناميكيته على رسم خارطة مستقبل الشعب والوطن، بل أكد كذلك براعة لا تجارى في الحرص على تأمين المسار السياسي وفق رؤاه.
كتلة قوى الحرية والتغيير كرّست مفهوم العمل المشترك تحت قيادة واحدةِ موحّدة. كما رسّخت حتمية رصَ الصفوف من أجل تجاوز العقبات والمطبات الماثلة والطارئة. الحراك الجماهيري اليقظ العارم كسر – وإلى الأبد – الحلقة الجهنمية السودانية المألوفة. تجربة ديمقراطية هشة فاشلة، إنقلاب عسكري، فانتفاضة شعبية ثم تجربة ديمقراطية قصيرة البصيرة والعمر. هذا الحراك قادر مقتدر على إبتداع مواعينه التنظيمية في حال إخفاق الأُطر الحزبية التقليدية في مواكبة أمانيه الجديدة المكتسبة بعرقه، دموعه ودمه. ربما يجدر هنا استدعاء تجربة نقابة "تضامن" البولونية عندما ربحت كل مقاعد البرلمان إلا واحداً من المقاعد المبذولة للتنافس في إنتخابات شبة حرة في العام 1989.
النسخة الدمقراطية المرتجاة لن تتم كتابتها في غياب رؤى سياسية فكرية وقيادات ملهمة محرِّضة لها الإقتدار على صوغ المستقبل. عوضاً عن القيادات العاجزة فاقدة بريق الكاريزما يتطلب المشهد قادة مثقفين متسمين بالصلابة، النقاء، الشفافية والإستقامة الوطنية إلى جانب مواهب في استنهاض الجماهير واستباق الأحداث.
لعل كل ذلك يفتح أبصار القيادات الحزبية على حتمية العمل من أجل إعادة بناء هياكلها، كتابة أدبياتها وإعداد برامج حداثية عبر مؤتمرات تستهدف في المقام الأول توحيد بُناها التنظيمية على نحو عاجل وواسع. متابعة هموم المرحلة الإنتقالية ينبغي ألا تشغل أحزابنا عن مهام إعادة بناء أطرها الذاتية. الفترة الإنتقالية أقصر مما يتوهم هؤلاء وأولئك. أبعد من ذلك أنه لم تعد القواعد الشعبية لعبة في أيدي ساسة يتوكؤون على سند صدئ، عسكريين متقاعدين ورجال مال نهمين. هناك شباب يملكون وفرة في شروط الوعي ويبدعون كل أدوات التغيير الجذري.
القيادات التقليدية والمستولدة من تحت العباءات القديمة عليها كذلك الإصغاء جيداً إلى نواقيس تقرعها حالياً التجربة الإنتخابية في تونس. هذا واجب لا تمليه فقط مهام الإستفادة من الجوار بل التقارب بين التجربتين الديمقراطيتين في البلدين كنموذجين طازجين يخترقان المحاولات البائسة في المنطقة. إن لم يفعلوا ذلك يواجهون حتماً مصير قيادات تونس السياسية العتيقة البائسة.
ثمة إجماع على توصيف حصيلة إنتخابات الرئاسة في تونس بمثابة إدانة تبلغ حد العقاب على المؤسسة السياسية الحزبية. هناك تفوق إثنان من خارج الإحتمالات على جميع المتنافسين من داخل حلبة المنظومة السياسية المألوفة. الإقبال على صناديق الإقتراع جاء متدنياً على نحو بلغ سفح الإحباط. المرشحان المتأهلان إلى الدور الثاني صعدا فوق قيادات معروفة بينهم، رئيس حكومة، رئيسا وزراء، رئيس جمهورية سابقون ونائب رئيس حزب الأغلبية في البرلمان الحالي. كلاهما؛ العزوف الجماهيري والصعود الثنائي الفجائي من المجهول كتبا إدانة شعبية عريضة للنخب السياسية مقابل إخفاقها في تحقيق الرهانات الوطنية المرتبطة بحياة الشعب والوطن .
هي رهانات تماثل رهاناتنا المائجة في صدور الشباب على امتداد ساحة البلد إذ ترتبط على نحو عضوي بالسلم الوطني، العدل الإجتماعي، العدالة الإنتقالية والسيادة الوطنية. النتائج التونسية تحدث قطيعة كاملة مع زبانية السياسة وزبونية الإنتخابات. واهم من يتوهم بعاد تلك التجربة عن عقل أو خيال شبابنا محرِّض الحراك الجماهيري وصانع الثورة. هذا جيل لا يؤمن باستنساخ الطبعات الفاشلة. بل هو يعكف على استخلاص العبر من التجارب السابقة. لهذا جاءت ثورتنا مغايرة لحكايا "الربيع العربي".
نواقيس تونس تقرع من أجل إيقاظ الأحزاب حين تغط في سبات عميق متوسدة التاريخ وإرثاً يتداخل فيه أو يغلب عليه الكسب الشخصي أو الأيديولوجي الأرثوزوكسي دونما شحذ الذهن أو العصب بغية استنفار الجماهير حول برامج عمل من شأنها ترقية حياة الشعب متجاوزة كل حمولات الشبكات البالية من مخلفات النظام البائد على جبهات الإقتصاد، الإجتماع والثقافة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.