عندما اسقطت ثورة ديسمبر 2018م المجيدة الجنرال الرقاص ونظامه، اعتقدت جازما بأن الصادق المهدي رئيس حزب الامة (جناح العائلة)، سيسقط هو الآخر أيضا لطالما كان من الناحية العملية شريكا سريا لحزب المؤتمر الوطني المحلول، حيث لم يكن معارضته للبشير ونظامه منذ انقلاب 1989م إلآ لتضليل جمهور حزبه والضحك عليهم. الكل يعلم لقاء الصادق المهدي بعمر البشير في جيبوتي في نوفمبر/تشرين الثاني 1999 ومن ثم عودته بعده بفترة قليلة إلى السودان وتوقعيه معه عدة اتفاقات، أهمها "برنامج التراضي الوطني". بعد عودته إلى الخرطوم لم يكن الصادق المهدي وحزب عائلته أبداً أبداً على خلاف مع حزب المخلوع في أي مسالة من المسائل السياسية، وأن خروجه من السودان في عام 2014م و2017م بحجة خلافه مع النظام الحاكم إنما تم ذلك بتخطيط مع الحزب الحاكم نفسه بغرض تفتيت وتشتيت المعارضة المسلحة في الخارج وهو الأمر الذي نجح فيه بإمتياز. ولأن الصادق المهدي كان يكرس كل امكاناته وطاقته لخدمة مشروع الأخوان المسلمين ونظامهم الحاكم في السودان، عليه كرمه عمر البشير في عام 2014م بوسام رئاسة الجمهورية في العيد ال85 لإستقلال السودان، ليقبل هذا التكريم بتقديم الشكر للبشير وحزبه ومتهماً المعارضة بالعجز عن حل أزمات البلاد. البسيط الذي ذكرناه عن أفعال الصادق المهدي وأعماله السيئة جداً لم يمنعه من الكذب على الناس والضحك عليهم وكأنهم يعانون من مرض فقدان الذاكرة بالقول في خطابٍ خشبي أمام الآلاف من أنصاره في الجزيرة أبا بولاية النيل الأبيض انهم تفردوا عن كل القوى السياسية كافة، والتي بحسب قوله شاركت النظام في مرحلة من المراحل، وكشف المهدي عن تعرضه لثلاث محاولات إغتيال بالإضافة إلى دعاوي إغتيال قانونية في مايو 2014 وأبريل 2018 تصل عقوبتها الإعدام، مضيفا أن محاولات اغتياله استمرت حتى سقوط النظام، وكشف المهدي عن رؤية غيبية جاءته بشأن سقوط نظام الإنقاذ بانفجار في داخله، مضيفا أن ذلك قد كان، مشيرا إلى رؤية سابقة جاءته بأن نظام مايو سوف يسقط يوم كذا وكذا. إنه يكذب ويتحرى الكذب بإدعاء تعرضه لثلاث محاولات لإغتياله من قبل النظام السابق، والحقيقة هي أن الصادق المهدي من أكثر الخاسرين من الثورة السودانية الظافرة، ذلك أن نجاح هذه الثورة قد أوقف الأموال الطائلة التي كانت تنساب إليه من حزب المؤتمر الوطني المحلول لمواقفه المتفقة معه.. فهل يعقل أن يحاول النظام السابق اغتياله؟ عزيزي القارئ.. الصادق المهدي الذي ناهز عمره ال85 عاما، ستين عاما منه قضاه في الكذب والتضليل وممارسة سياسة الحقد والكراهية وزرع الفتن، يعتقد بعد كل المعاناة والكوارث التي تسبب فيها، أنه وحده القادر على قيادة الناس في السودان، حيث دعا وبوقاحة مفرطة، حركات الكفاح المسلح إلى الاندماج في حزبه أو التحالف معه أو تأسيس أحزاب مدنية، كما دعاهم إلى ترك السلاح في المرحلة المقبلة والعمل مع الجميع لإعادة بناء السودان، وأكد المهدي اتفاقه مع أهدافهم الساعية إلى تحقيق اللامركزية للولايات وقسمة عادلة للسلطة والثروة واعتراف بالتنوع الثقافي وحقوق الإنسان، مؤكدا أنهم في حزب الأمة يملكون أغلبية في المناطق التي قامت فيها الحروب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وأكد المهدي أن وجودهم في هذه المناطق اغلبية وزاد " البغالط بنوريهو " وأضاف المهدي أن سبب ذلك هو تبنيهم قضايا تلك المناطق وعندما كانوا في السلطة اشركوهم فيها، حتى قيل في حكومته بأنها تشبه قطرنيالا. والمرء إذ يستغرب جدا من هذه الدعوة رغم أنه لا غرابة عندما يتعلق الأمر بهذا الديناصور السياسي الكريه الكذوب.. لكن الغرابة هذه المرة هي أن يدعو الحركات المسلحة التي وصفها ذات يوم بالعنصرية وبالخيانة وبالتعامل مع دولة اسرائيل وأمريكا وغيرها، بالإنضمام إلى حزبه العائلي الذي يترأسه منذ 1964م؟ ما يدعو له الصادق المهدي عزيزي القارئ، إنما هو محاولة واضحة منه لمقاومة جينات الأنانية لديه، سيما وهو -أي الصادق المهدي يرى كل شيء بعينيه وليس بعيون الآخرين، ولا يمتثل للتغيير والتصحيح للرأي الآخر والنصيحة. نعم، إن المهدي أناني بإمتياز، وعندما تسيطر الأنانية على العمل السياسي والقرارات، نصبح أمام كارثة تجعل التطوير والإصلاح مستحيلاً، ذلك أن الأناني يحمل عقلية صلفة متحجرة يسيطر عليها الغرور والتكبر والعنجهية التي لا تقبل الشراكة. الأنانية تشل نمو الأداء السياسي، تئد روح العمل الإصلاحي وزرعه في الأجيال القادمة، وهي ظاهرة خطيرة تتيح فرص للفاسدين والعابثين في التحكم بمصير البلد والأجيال. ما لا يعرفه الديناصور السوداني الذي يكذب على انصاره وجمهوره في وضح النهار بفرية تعرضه لثلاث محاولات اغتيال من قبل النظام الساقط، هو أنه حتى لو اجتمع كل الأنانيات البغيضة في تحالف الثورة المضادة، فإنها لم تنجح في غرس مخالبها لتنهش جسد الوطن وتمتص رحيق الشباب الثائر لتعيش على حسابهم، وليس هناك مجال لسيطرة الأنانية السياسية والمشاريع الصغيرة وميلشيات الموت التي تقتل وتنتهك حرمات وكرامة الناس، وتدعي زوراً الوطنية. الصادق المهدي الذي امضى أكثر من ستين عاما في السياسة، يعيش الآن بسبب ثورة ديسمبر المجيدة اسهالا وافلاسا سياسيا، وعليه كان لابد أن يصوغ كل الأكاذيب والافتراءات لتزيين واقعه المزري ليقول انه ما زال موجودا على الساحة السياسية السودانية، إذ ماذا ينتظر يا ترى من شخص أناني استهوته المناصب والكرسي واستأنسها، وأصابه العمى الذهني ورؤيته للأشياء لا تتجاوز لحيته المصبغة. هذه هي صنيعته عبر أكثر من ستين عام في السياسة، يتواطأ على السودان وشعوبه بأبخس الأثمان ويدب بسمومه في أجسادها دون مواربة أو استحياء.. إنه يندم على ذهاب البشير ونظامه لفقدانه للإمتيازات والأموال التي كان يتلقاها منهما شهريا، فليستمر هذا الديناصور الكذاب في كذبه وغيه وتضليله. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.