494819906_1227466852053286_2519804557696908396_n    تأجيل جديد لاجتماع مجلس المريخ    ثلاثي المريخ يعتذرون للقاعدة المريخية    شاهد بالصورة والفيديو.. الراقصة آية أفرو تعود لإثارة الجدل على مواقع التواصل بأزياء فاضحة ورقصات مثيرة على أنغام (انا مغسة لكل الناس)    بالصورة والفيديو.. ناشط سعودي ينشر مقطع لمنزله بمدينة "جازان" ويشبهه بالمنازل السودانية: (اعلم كما قيل لي انها تشبه السودان ونفس كل شي في السودان و لذلك احس بكل الشوق الذي في دواخلكم إلى بلدكم)    شاهد بالصور.. الخرطوم تتعافى.. 50 حافلة تنقل المواطنين مجاناً من "الجرافة" حتى السوق العربي يومياً دعماً للقوات المسلحة والقوات المساندة لها    وفاة جندي بالدعم السريع بعد تعرضه لنوبة هلع أثناء قصف الجيش لمطار نيالا    شاهد بالصورة والفيديو.. بعد أن شاركتها الغناء في حفلها الجماهيري بالقاهرة.. الفنانة هدى عربي تتغزل في "بلوبلو": (في فنان بخلي الغناء بس الغناء ما بخليهو وفي فنان الغناء بخليهو رغم انه بكون عايز لسة)    بثلاثية الفيحاء.. الاتحاد يضع يدا على لقب الدوري السعودي    ((مبروك النجاح يانور))    التعادل.. آرسنال يخمد ثورة ليفربول في أنفيلد    صاحب أول حكم بإعدام رئيس مصري سابق.. وفاة قاضي محاكمات مبارك ومرسي    توثيق ذاتي لمفقودي جرائم الدعم السريع بمخيم زمزم    إدارة جامعة بحري تقف على سير الامتحانات بمقر الجامعة بالكدرو    حاكم إقليم دارفور يهنئ القوات المسلحة والقوات المشتركة عقب معارك مدينتي الخوي وأم صميمة    غياب 3 أندية عن مجموعات التأهيلي    تجهيزات الدفاع المدني في السودان تحتاج إلي مراجعة شاملة    السعودية: تدريبات جوية لمحاكاة ظروف الحرب الحديثة – صور    رونالدو يضع "شروطه" للبقاء مع النصر    "نسرين" عجاج تهاجم شقيقتها الفنانة "نانسي": (الوالد تبرأ منك عام 2000 وأنتي بالتحديد بنت الكيزان وكانوا بفتحوا ليك التلفزيون تغني فيه من غير "طرحة" دوناً عن غيرك وتتذكري حفلة راس السنة 2018 في بورتسودان؟)    الطاقة تبلِّغ جوبا بإغلاق وشيك لخط أنابيب النفط لهجمات الدعم السريع    ترامب: الهند وباكستان وافقتا على وقف النار بعد وساطة أميركية    محمد وداعة يكتب: التشويش الالكترونى .. فرضية العدوان البحرى    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    إتحاد كرة القدم المصري يدرس دعوة فريق سوداني للدوري المصري في الموسم الجديد    بمشاركة زعماء العالم… عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    أصلا نانسي ما فنانة بقدر ماهي مجرد موديل ضل طريقه لمسارح الغناء    عادل الباز يكتب: النفط والكهرباء.. مقابل الاستسلام (1)    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية حول إضراب أطباء السودان ... بقلم: هشام آدم
نشر في سودانيل يوم 18 - 03 - 2010

إن نحن حاولنا إزالة الغبار المتراكم حول موضوع إضراب بعض أطباء السودان لمحاولة فهم حقيقي لأبعاد المشكلة وتداعياتها، فإننا سوف نقف على مطالب إنسانية ومبدئية ودستورية عادلة جداً، وقد نتجادل حول المطالب في جزئياتها الثانوية، ولكن ليس حول كُلياتها العامة على الإطلاق؛ فمن أبسط حقوق المواطن في أيّ دولة أن تتوفر له فرص العمل، وأن يكون أجره الذي يتقاضاه متناسباً مع ما يُقدمه من ناحية، ومع متطلبات المعيشة من ناحية أخرى.
تتمحور مطالب الأطباء المُضربين في سبع مطالب أساسية تتمثل في: [1] توظيف العاطلين من الأطباء لخلق موازنة بين أعداد الأطباء والمرضى [2] توفير المناخ المهني المناسب الذي يُمكّن الطبيب من أداء عمله بالكفاءة المطلوبة [3] مجانية العلاج. [4] سداد المتأخرات المالية المستحقة للأطباء. [5] رفع مرتبات الأطباء لمجابهة ظروف المعيشة. [6] توفير الحماية للطبيب في بيئة عمله. [7] تأهيل الأطباء وتوفير وسائل البحث العلمي والإلكتروني ليظل الطبيب مواكباً للمستجدات في مجاله.
يتخذ إضراب أطباء السودان الآن منحىً خطيراً، ويدخل مرحلة حرجة إلى حدّ التصادم المباشر مع الحكومة، متزامناً في ذلك مع مرور البلاد باحتقان سياسي وأزمة حقيقية أنتجتها تداعيات الانتخابات، والخلافات الواسعة والمُربكة التي تشهدها الأحزاب والقوى السياسية المختلفة المتنافسة على السُلطة؛ الأمر الذي يجعلنا غير قادرين على إغفال الجانب السياسي من تحرّك الأطباء وإصرارهم على تصعيد الموقف في هذا التوقيت بالتحديد.
ورغماً عن حقوقية المطالب التي يرفعها بعض الأطباء؛ إلا أنها -بهذه القراءة- لا تعدو كونها واحدة من حبائل قوى المعارضة السودانية وشراكها التي تسعى بواسطتها لنسف الانتخابات، عن طريق إشعال فتيل أزمة وهمية ذات جذور تبدو حقوقية وإنسانية، وبذلك يتوفر لها الدافع القوي للتصادم مع الحكومة؛ وبالتالي نسف العملية الانتخابية برمتها.
إن القراءة المتوفرة لديّ من كل ما جرى ويجري في السودان في الآونة الأخيرة تجعلني أقول إن قوى المعارضة في السودان تعيش حالة من الذعر فرضتها وقائع المشهد السياسي وأحداثه المتسارعة والمطردة، وحالة الفوضى التي تشهدها هذه الأحزاب سواء فوضى داخلية [داخل الأحزاب] أو فوضى بينية تتمثل في تهافت الاستراتيجيات التي يقوم عليها تحالفات قوى المعارضة والناجمة بدورها عن تضارب المصالح والرؤى، وضمور الفاعلية في خلق الأهداف والخطط بعيدة المدى.
ورغم تعقيد المشهد السياسي السودان في الوقت الراهن، والذي يحول دون إمكانية وضع تنبؤات معقولة للمستقبل؛ إلا أنه يُمكننا بوضوح قياس الفوضى والطفولة السياسية التي تعيشها قوى المعارضة في مقابل التنظيم الاحترافي العالي الذي تتمتع به الحكومة؛ حتى في خرقها للقانون الدستوري والأخلاقي، ولاشك أن المعارضة واعية ومدركة تماماً لهذا الفرق الشاسع بينها وبين الحكومة على مستوى العمل السياسي والتخطيط الاستراتيجي، ولكنها –وحتى اللحظة- غير قادرة على تجديد آليات صراعها مع الحكومة بحيث يتلاءم مع هذا الوعي وهذا الإدراك، وتصر على ممارسة دورها الكلاسيكي بغباء مستخدمة آليات لا تملك القدرة على تجديدها أو حتى توظيفها بالشكل المناسب، ليكون الصراع بينها وبين الحكومة كصراع البدائي مع إنسان الفضاء!
ولأن المعارضة مُدركة تماماً لحقيقة هذا الاختلاف بينها وبين الحكومة؛ فإنها على الدوام ساعية إلى عرقلة العملية الانتخابية لأنها تعلم علم اليقين أن نتائجه ستكون وبالاً عليها، ولكي نحسن الظن بهم فإننا لن ندعي أنهم خائفون من ضياع السُلطة من أيديهم، ولكننا سوف نقول إنهم خائفون من العار الذي سوف يُلحقه بهم التاريخ؛ لأنهم كانوا السبب في ضياع الديمقراطية والشرعنة لهذه الطغمة الحاكمة بكل الغباء السياسي الممكن. ولقد شهدنا عدة محاولات للمعارضة حاولت عبرها نسف الانتخابات ولم تنجح، فجاءت معركة الأطباء هذه كواحدة من هذه المحاولات.
رؤيتي الواضحة للأحداث أن المؤتمر الوطني سوف يفوز بالانتخابات لا محالة، فهو الحزب الأكثر تنظيماً وأكثر إقناعاً للمواطنين والأكثر التصاقاً بالشارع السوداني، رغم كل ما نعرفه عنه من فساد وجرائم لا يُنكرها إلا أعمى بصر وبصيرة، وقد رأينا كيف تتعاطى الحكومة مع الأحداث الخارجية والداخلية برزانة وحنكة حتى في أكثر المواقف حرجاً؛ رغم علمنا اليقيني بما يشهد المؤتمر الوطني من اختلافات وتباينات وانشقاقات داخلية؛ إلا أنه ظل –ظاهرياً- محتفظاً بقدر كبير من الرزانة ورباطة الجأش، الأمر الذي تفتقده بقية الأحزاب والتنظيمات السياسية التي يتسم سلوكها السياسي بالعنتريات وردود الأفعال غير الناضجة وغير المدروسة.
إن ما يحدث الآن على الساحة هو: إما محاولة للحيلولة دون فوز المؤتمر الوطني بالانتخابات عبر الحيلولة دون قيام الانتخابات نفسها، أو تمهيد لسلوك سياسي لمرحلة ما بعد الانتخابات يتسم بالعنف أكثر من أيّ شيء آخر. فبالإضافة إلى ما تعانيه أحزاب المعارضة من إشكاليات حزبية هيكلية وتنظيمية وتنسيقية فإنها تعي تماماً بواقع عزلتها عن الشارع السوداني وأزمة الثقة واللتان تجعلان المعارضة لا تعوّل كثيراً على أيّ حراك ثوري تدير دفته وتمرر من خلاله أجندتها الخاصة كما في السابق، ولكن تظل الآمال على الدوام معلقة بحتمية التغيير حتى وإن كان هذا التغيير سوف يأتي على كف عفريت المصادفة والتصيّد لزلات الحكومة والتي لم تكن خافية على الشعب يوماً ما.
إن حقوقية مطالب الأطباء يشوبها الطابع السياسي الذي خرجت به؛ حتى ولو رغماً عنها، كما يشوبها رعونة التوقعات عبر التصعيد الذي لا أراه منطقياً على الإطلاق. فليس بوسع هذه المطالب أن تنال حظها من الاهتمام إلا في ظل دولة القانون وحقوق المواطنة، وبالتالي فإن الوقت الملائم لطرح هذه القضايا هو بعد الانتخابات وليس قبله، ولا أرى أيّ حنكة في تصعيد الموقف مع الحكومة التي تصر على استمرار الانتخابات في موعدها رغم كل العراقيل والنداءات من بعض الجهات بذلك، فيبدو أن الحكومة باتت متعطشة لتحقيق حلمها في الخلاص من جلد الحكومة الانقلابية والدخول في جلد الشرعية الذي سوف يُطيل عمرها إلى أمد أطول مما قد نتوقعه.
ليس بالإمكان المطالبة بمجانية العلاج [مثلاً] في وقت هكذا، ونحن هنا لا نتكلم عن حقوقية المطلب أو عدمه، ولكننا فقط نتكلم عن التوقيت، فهل ثمة دولة قانون ودستور حتى نطالبها بمطالب دستورية وحقوقية؟ أعتقد أن جُل المطالب التي يُنادي بها الأطباء هي من أبجديات الديمقراطية ودولة المواطنة غير المتحققة في الوقت الراهن، وعليه فإن الجدير بالإتباع هو تكثيف الجهود من أجل إنجاح العملية الانتخابية والحيلولة الديمقراطية دون نفاذ المؤتمر إلى السُلطة الشرعية؛ مما يُمهّد الطريق نحو دولة ديمقراطية تتحقق فيها كافة المطالب الحقوقية ويُعاد النظر فيها إلى القوانين ويُراعها في تغيير ما يلزم من تشريعات ودساتير من شأنها أن تجعل إحلال هذه المطالب أمراً مُتيسراً دون اللجوء إلى المصادمة المباشرة مع الحكومة، ولاشك أن بقية المطالب سوف تأتي تبعاً لذلك بشكل تلقائي.
إننا في السودان نشكو من انعدام الحقوق المواطنية والدستورية، وثمة مشكلات أكبر من مشكلات الأطباء، فهم –وإن كنا نقدّر لهم ما يمرون بهم- ليسوا شريحة واحدة من شرائح الشعب المتضررة من انعدام الحريات وسيادة القانون وغياب الدستور؛ وأعتقد أن سعينا لإنجاز مطالب الأطباء الآن هو كتدريس أتكيت الطعام والمائدة دون أن يكون هنالك طعام أصلاً. فلتقم الانتخابات ولنحاول فيها أن نكثف جهودنا لإسقاط النظام كأولوية، وبعدها بإمكان الجميع المطالبة بحقوقهم ضمن دولة تعترف أساساً بهذه الحقوق، فيتقدم العاملون في سلك التعليم بمظالمهم ليطالبوا بإعادة المفصولين، وتحسين رواتبهم لتتناسب والوضع المعيشي، وتطالب بتوفير وسائل التعليم وبيئته وتجديد وترميم المنشآت التعليمية، وتطالب بتغيير المنهاج التعليمية وضرورة مجانية التعليم، ومجانية الكتاب المدرسي وغيرها العديد والعديد من المطالب المسكوت عنها في ظل دولة لا تعترف لا بحقوق المواطن ولا كرامته.
وفي الختام فإنني أتوجه برسالة إلى الدكتورة ناهد محمد الحسن التي أعلنت إضرابها عن الطعام، فبعد تحيّتي لوقفتها الشجاعة والقوية، والتي بكل تأكيد نفتقر إليها، إلا أنني أرى أن إعلانها الإضراب عن الطعام رغم أنه وسيلة حضارية وديمقراطية عالية القيمة؛ إلا أنها لا تجدي إلا في الدول التي تولي اهتمامها الكبير بالإنسان وحقوقه وكرامته، ويُسيء ضميرها مثل هذا السلوك من أحد مواطنيها، ولكن دولتنا هذه لا تكترث بمثل هذا السلوك ولا تعترف به، فهي دولة تجوّع شعبها عن قصد؛ فهل يُضيرها أن يجوّع أحدهم نفسه بإرادته؟ دولة تقتل مواطنيها وترتكب ضدهم أبشع الجرائم الإنسانية؛ فهل يُضيرها أن يُشرف أحد مواطنيها على الموت بإرادته؟ إنها –سيدتي- وقفة شجاعة، ولكنها للأسف ليست في الوقت أو المكان المناسبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.