نشر الحزب الشيوعي بياناً عن موافقته علي المشاركة في المجلس التشريعي الانتقالي بعد أن كان قرر اعتزاله على ضوء تحليله بأن الثورة قد تم اختطافها، ودعوته للشعب لردها إلى أصلها بثورة أخرى. وأرجعت لجنة الحزب المركزية قرارها بالمشاركة إلى "مناشدات قوي سياسية صديقة ولرغبتها في تحقيق أهداف وشعارات انتفاضة ديسمبر العظيمة الهادفة الى التنفيذ الدقيق للبديل الديمقراطي وإعلان ميثاق الحرية والتغيير". حكاية رجوع الحزب الشيوعي إعزازاً لمناشدات رفاقية ذكرتني بنادرة ضيفة حلت على بعض أهلها. وكانت فيها بوبرة. جاء وقت طعام العشاء فعزموها عليه فتأبت لتعمم المعرفة بالرجيم الذي هي فيه طلباً للرشاقة. فقالت لها ست البيت: -عليك الرسول يا فلاني تتعشي معانا. - عليك الله ما تخصميني بالرسول شافعنا يوم القيامة. ومدت طرف أصابعها وتناولت لقمة من طرف السفرة. واكتفت. ونام أهل البيت. وأليل الليل وعض الجوع فلاني بنابه الأزرق. فصبرت عليه حتى نفد صبرها. ثم تحاملت على نفسها بشيشي بشيشيى للمطبخ لتستطعم منه. واصطدمت بعنقريب العدة. وكركبت العدة. فصحا أهل البيت مذعورين من نومهم بالكركبة صارخين: -منو دا الفي المطبخ؟ -أنا فلاني. -مالك بدماس الليل دا يا أخيتي؟ -دايره أعز الرسول. لم يرد للحزب الشيوعي في بيانه سبباً مؤكداً للعودة عن قراره باعتزال المجلس التشريعي سوى "معزة الرسول". وما عدا ذلك مثل قوله عن "تحقيق أهداف وشعارات انتفاضة ديسمبر العظيمة الهادفة الى التنفيذ الدقيق للبديل الديمقراطي وإعلان ميثاق الحرية" قول لا قيمة له. وانتظر الناس من الشيوعيين، متى عادوا إلى حرم مؤسسات الثورة، بياناً ذكياً عن تراجعهم من تحليلهم النكد للثورة الذي انبني عليه قرار الاعتزال. فلم ير محمد مختار الخطيب، سكرتير الحزب، في التعاقد السياسي الذي قام بموجبه مجلس السيادة والوزراء (وسيقوم به المجلس التشريعي) سوى سلطة ظالمة غاشمة وجبت إزالتها. ودعا صديق يوسف لإسقاط النظام الانتقالي طالما وجد فيه المجلس العسكري. فترفعوا بذلك على المساومة التي أضطر لها الثوار اضطرارا. وكان الشيوعيون أفضل من جاء بها إلى علم السياسة السودانية وممارستها. فصار شرط الثورة عندهم أن تأتي مكتملة الأركان لا أن تستكمل. وأشاع التحليل كآبة ثورية خيمت على الكثيرين به سلموا باختطاف الثورة. فقد طلب الشيوعي منهم ثورة ثانية لا فعلاً في التي انجزوها. وساق هذا كثيرا من الشباب في أفضل الأحوال للشفقة على الثورة لا للاستمرار فيها. وراجت من جهة أخرى نظريات مؤامرة موسوسة حول نوايا الشيوعيين من وراء هذا الاعتزال. فقال القائل إنهم، بعد اعتزالهم بنية الحكومة الانتقالية، فرضوا سلطانهم عليها بواسطة الشيوعيين السابقين. فاعتزالهم ليس سوى وثيقة تأمين سياسي تخلي طرفهم من المسؤولية متى فشلت الثورة. فأنظر معمار الباطل من فوق باطل. معزة الرسول عليه أفضل السلام فوق راسنا. النقد الذاتي وين؟ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.