ما اشبه ليلة محرقة قرية كولوم الوادعة ببارجة محرقة الضعين مارس 1987،التي احرقت فيها مليشيات قبيلة الرزيقات، قبيلة الدينكا في القطار بعون ومساعدة الشرطة المنوط بها السهر لحماية المواطنين.ومن سخريات القدر وتصاريف الدهر ان تعود عجلات التاريخ الي الوراء في قرية كولوم الواقعة في الجزء الشمالي الغربي لمدينة ابيي، حيث دبرت مليشيات المسيرية أولاد كامل هجوماً غادراً علي أهالي هذه القرية العزل وهم نيام في صبيحة 22 يناير 2020 فقتلتهم وأحرقت النساء والأطفال والكهول في داخل البيوت، ثم اختطفت خمسة عشر طفلاً. حدثت هذه الجريمة البشعة مكتملة الأركان كما وصفها المحامي الشاب الور داو تنقلوط، بعدما تأكد هذه المليشيات ان القوات الأمنية التابعة لبعثة الاممالمتحدة بمنطقة ابيي والتي وعدت أهالي قرية كلوم بالحماية قد انسحبت بإعدادها وعتادها بشكل .كامل وبطبيعة الحال تقع المسؤولية التقصيرية علي هذه القوات لفشلها في حماية المدنيين. (2) كما ان المسؤولية الجنائية تقع بصورة مباشرة علي حكومة السودان الانتقالية التي لم تكبح جماح هذه المليشيات القبلية التي كان نظام المؤتمر الوطني المنحل يستخدمها كخيول مسرجة تقاتل بالوكالة تنفيذاً لأجنداته القذرة والشريرة التي تتمثل في سياسة الأرض المحروقة، ذلكم النهج العدواني الذي مورس من قبل حكومات السودان بمختلف توجهاتها السياسية والأيديولوجية منذ 1964، لكسر شوكة شعب دينكا نقوك ومحاولة إبادته والقضاء عليه قضاءاً مبرماً ومن ثم الاستيلاء علي ارضه وثروته النفطية. ويجدر الذكر رغم هول الحرب والعنف الممنهج فان هذا الشعب مايزال اقوي مراساً وأصلب عوداً وهو بندقية عصية الكسر، اذ ظل يقف سداً منيعاً في وجه الغزاة علي نحو مائه. ولعل الحرية والاستقلال الوطنيين اللذين تحققا حتي رفرف العلم الوطني المهيب المرصع بنجم الأمل في جنوب السودان كانت جهود المشاركة لابناء وبنات شعب دينكا نقوك في المسيرة الطويلة من الكفاح والنضال دفاعاً عن الأرض والهوية الوطنية،سيما في ثورة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان مايو 1983 تحت لواء المفكر الثائر الشهيد الدكتور جون قرنق. (3) ومما يثير الفضول الممزوج بالسخرية والاشمئزاز ان المسيرية التي تماهت علي مر التاريخ مع الأنظمة السياسية السودانية الشمولية والدكتاتورية و تدعي نسب جزورها للعروبة والي العباس عم الرسول (ص) وتنازع دينكا نقوك الأرض، ماتزال موغلةً في التخلف والبؤس الذي يضاهي أهل العصور الوسطي اذ لم يتلق ابنائها اية الخدمات الصحية والتعليمية من الدولة السودانية أسوة باولاد حوش بانقا (مثلث حمدي) المزعوم عام 2005. (4) مجمل القول ان الموقع الجيوسياسة لمنطقة ابيي الغنية بالنفط ما انفك يشكل نقطةً صراع دام بين الشمال والجنوب حتي لحظة كتابة هذه السطور. وللمفارقة ان دينكا نقوك لم يتلق اي أموال من نسبة 2٪ من عائدات هذا النفط حسبما ورد في برتوكول حل نزاع ابيي مايو 2004. رغم إشارة تقرير رقم (47) حول أفريقيا لمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات في أكتوبر2007 ، بعنوان السودان (اخراج ابيي من نفق الأزمات) الي نسب إنتاج نفط لمنطقة والتي تبلغ 2606٪ من الإنتاج الكلي للسودان فنسب عائداتها للأعوام ، 2005م بلغت ( 599) مليون دولار ،أما عام 2006م فنسبته ( 670،85) مليون دولار فيما بلغت نسبة عام 2007م ( 529،3) مليون دولار ،وفي سياق متصل جاءت عائدات عام 2008م( 440،60) مليون دولار ،وفي الوقت نفسه بلغت نسبة عام 2009م( 388،87) مليون دولار.وفي واقع الحال ان هذا النفط الهائل يشكل دون ادني شك عاملاً موججاً للحرب في المنطقة اذ ان تحتل لواء (31) من الجيش السوداني ومليشيات المسيرية حقول كيج (دفرا) التي تنتج اكثر من عشرة الف برميل بترول يومياً من مزيج النيل الأكثر جودةً. وهنا يظل السؤال الذي تقدم به الاستاذ المحامي منجلواك الور كوال رئيس شبكة قانونيي ابيي قائماً. اين ذهبت عائدات نفط منطقة ابيي منذ 2005 ؟ مشار كوال اجيط عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.