الآن وقد تقابل البرهان مع نتنياهو في عنتيبي بيوغندا، بدون تفويض من الشعب السوداني الذي قدم الشهداء، وتسلق هو والعسكر – الذين لم يتم التحقق بعد من دورهم في مذبحة القيادة، السلطة – لقمة سلطتها بطريقة لا تزال غامضة بالنسبة لنا. وبد أن اتفقا وطلب كل منهما من الآخر خدمات بلد الآخر. أظن أن الهدف من دعوة الزيارة التي وجهتها الادارة الأمريكية له بزيارتها بات واضحاً. لقد كشفت إدارة ترامب عن نواياها تجاه سودان ما بعد الثورة. ففي الوقت الذي يحتاج فيه السودان إلى وقفة داعمة من المجتمع الدولي ليخرج من الحفرة العميقة التي أوقعها المتأسلمون الفجرة فيها. لم تبادر الحكومة الأمريكية ، كما هو متوقع، إلى المبادرة برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد زوال حكم الاسلاميين الذين كانت تتحجج به. بل سارعت إلى استثناء السودانيين من المنافسة على فرص القرين كارد، في رسالة ضغط واضحة على حكومة الثورة. والهدف الأمريكي من عصاها وجزرتها وثمنه دائماً مكشوف ومعروف لكل الشعوب في العالم: الانحناء والتبعية. لقد قام حمدوك بزيارتين إلى الولاياتالمتحدة، الأولى كانت لإلقاء خطاب السودان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والثانية يبدو أنها بترتيبات مع جهات غير رسمية، وفي كلتا الزيارتين تم تجاهله وهو ممثل الشق المدني، ساس الثورة ورأسها، ولم يلتقِ خلالهما، لا بوزير الخارجية الأمريكي، ولا من هو في منزلته. والآن يتلقى البرهان دعوة رسمية لزيارتها، وقبل أن يلبي الدعوة ليتلقى التعليمات من البيت الأبيض، التقى نتنياهو واتفقا على قضايا تمس سيادة البلد دون الرجوع إلى أطراف السلطة الأخرى، وكأنه رئيس جمهورية منتخب، لا رئيس مجلس سيادة انتقالي. فمن أين له هذه الجرأة على تخطي كل الحدود الدستورية ؟!. كيف واتته الشجاعة للاستهانة بالقوى الاجتماعية والسياسية التي أتت به، هو وقبيله من العسكر للسلطة، وتجاوز إرادتها؟!. الحق والحق أقول لكم. نحن الذين منحنا البرهان هذا الحق، بهذا التشرذم والصراع والتنازع على كيكة سلطة، على الموقد الانتقالي، لم تنضج بعد. فهل هناك غباء أكثر من ذلك؟!. ولا يفهمن أحد بأننا بذلك نسجل موقفاً ضد التطبيع مع إسرائيل أو أي دولة في العالم. ولكننا ضد أن تُتَخذ مثل هذه القرارات الكبيرة والمُختلف عليها بمعزل عن الشعب، أو أن تأتي بقرارات فوقية، فلسنا قطيع بسوقه الراعي أينما ما شاء. ولكم في الدول التي طبَّعت حكوماتها مع إسرائيل قدوة وعبرة ومَثَل. فقد طبَّعت مصر السادات مع إسرائيل ورغم هذا لم يحدث "تطبيع"، وإنما قرارات على ورق الحكومتين لم تستطيعا إنزالها على أرض الواقع. فهل أخذ البرهان، ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين تفويضاً من الشعب السوداني بالتطبيع مع إسرائيل والتعاون معها؟. هل أخذوا رأي الشعب في خطوتهم عبر استفتاء قبل اتخاذ قرارهم، أم أنهم فقط "نجروا" القرار في أذهانهم ثم توكلوا على الله؟!. متى تفهمون أن العهد الذي كان الرئيس فيه يتصرف في الدولة وكأنها ميراث عائلي. أو أن الحكومة هي وليَّة أمرنا، وأننا رعايا الحاكم أو حكومته، له الوصايا وعلينا الطاعة المطلقة من كل قيد وشرط قد ولى. أيها السادة والسيدات في السلطة متى تفهمون أن هذه دولة جديدة؟!. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.