كتبت قبل فترة ليست بالبعيدة في هذه الصحيفة الإلكترونية المقروءة مقالا تحت عنوان (حكومة مصغرة لمعالجة المشكلات الامنية والاقتصادية في السودان) طرحت من خلاله افكارا رئيسة ومقترحات محددة بشأن تكوين وتفعيل هذه الحكومة...و أحسب أن هذه الافكار ليست كلها من ( بنات افكاري) ولكنها مقتبسة ومعدلة عن تجارب دول أخري عربية وغربية خاضت التجربة ونجحت فيها وتغلبت علي طوارئ أمنها او متغيرات وضعها الاقتصادي وأشرت في ذلك إلي إسرائيل في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية ، ومملكة البحرين عندما اصدر الملك حمدبن عيسي آل خليفة في سبتمبر 2015 قرارا بتشكيل حكومة مصغرة تعني بحل المشكلات المالية في ظل تراجع عائدات النفط. كما حدث لاحقا ان طرحت الحكومة التونسية وكذلك الحكومة العراقية فكرة الحكومة المصغرة للخروج من ازماتها الامنية والمالية ....وبطبيعة الحال، فإن السودان ليس استثناءا، فهو يواجه وضعا مماثلا ان لم يكن اصعب واكثر تعقيدا من الحالات السابقة ويأتي في مقدمة هذه التعقيدات التركة المثقلة من الفساد التي ورثتها الحكومة المؤقتة أضف الي ذلك قلة وتدني الوعي والحس الوطني عند قطاع كبير من المواطنين السودانيين فهم أكثر خلق الله قلقا وتململا واستعجالا النتائج.... ولهذا اقول دائما...لم يفشل حمدوك وحكومته المؤقته في ادارة الدولة ولكن نحن الشعب السوداني قد فشلنا في تحمل تبعات المرحلة السابقة واصبحنا نقفز فوق الحواجز استشرافا للمستقبل الذي نحلم به ونريده فورا. اقول هذا وقد صدر مؤخرا بيان رئيس مجلس الوزراء بعد الاجتماع الثلاثي الذي ضم مجلس السيادة والوزراء ومركزية ( قحت).وفيه تم التوافق علي تسكيل آلية عليا لإدارة الازمة الاقتصادية. وبطبيعة الحال فإن هذه الآلية ستضم في عضويتها الوزراء وكبار المسئولين المعنيين بالشأن الاقتصادي وبالضرورة الشأن الأمني حيث لا انفكاك بين المتغيرين( الأمن والاقتصاد) ...هكذا تشير كل الدلائل في السودان هذه الآلية وبتركيبتها البنوية ..هي ذات الفكرة التي طرحناها في إنشاء الحكومة المصغرة لمعالجة الازمة..وما بهمنا في الأمر هو ضرورة ان تلتفت الجهات الرسمية في الدولة الي ما يطرح في الصحف من افكار قد يكون لها دور في معالجة الازمات ما دام الهم السوداني يخصنا جميعا وليس الحكومة وحدها... فلو كان لأي عضو في الحكومة قد اطلع ساعئذ علي تلك الفكرة فربما قام اي فريق متخصص بدراستها وتطويرها والاستفادة منها بشكل عملي بدلا من ذلك الانتظار الطويل والتعقيد في المشهد السياسي والاقتصادي لنعود ونطرح مقترحا كان يمكن تبنيه بإسم الدولة من وقت بعيد ورغم ذلك...فان تأتي متأخرا خيرا من الا تأتي أبدا..ولكن يجب الوضع في الحسبان فان فكرة الحكومة المصغرة( تحت اي مسمي كان) تحتاج الي فلسفة ومنهج وشفافية وآلية فاعلة وكفاءات وخبرات ومتابعة..خاصة وقد تكون هي التجربة الاولي في السودان..وبالتالي وحتي نضمن نجاحها فلابد من دراسة تجارب الآخرين خاصة الدول التي واجهت مشاكلها الاقتصادية والامنية بتلك الآلية المبتكرة...علما بان الحكومة المصغرة هي جزء من الحكومة الرسمية المشكلة بموجب الوثيقة الدستورية...ولكنها تمتاز عنها بأنها اكثر تميزا وتركيزا وتخصصا وأكثر صلاحية في معالجة الأزمة. د.فراج الشيخ الفزاري عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته..