28 عامآ غيرت ملامح الأرض والناس رؤية دكتور جون قرنق للسودان الجديد، كشجرة وارفه، جزورها راسخه وفروعها تداعب نسمات السماء..... أبراهيم الحاج-واشنطون [email protected] يلازمني شعور بالرهبه والتوجس وبداخلي تحتشد صور متعدده، بقايا أحاديث ،جمل أنبقه وأفكار ثقيله، مبعثره لكنها مضيئه، تكاد تجهر بصيرتي من وضوحها. تمر الذكري الثامنه والعشرين لتأسيس الحركه الشعبيه لتحرير السودان، وعلي الدروب المسلوكه مازالت تفوح راحه مسك مؤسسها، مفكرها وفارسها المبجل دكتور جون قرنق ديمبيور. مازالت الحشود تتقاطر من كل الدروب والمحطات، نافره ريشها ومسرحه، مسروره وتغني في أنتظار حبيبها ومنقذا. كل الأحاديث والكتابات، نظرات الرفاق والدهشه من طلت عينيك، الإصرار وسلامة الحس البعيد، البسمة للطفله الصغيره، التأمل وإحتشاد المعاني الساميه في تفكريك ونظرتك للبلد والناس الفي الهجير بدندن بي مجيك. جاءت جموع مشدوه بيك، تترجم في مساها وفي صباحا، لي سودانك الطالع ذي الكهارب من عنيك لي قلوبهم وما خلا حتا، ما ملاها بيك، إدفق وسال عبر الشوارع للبيوت، من عبري ولا توريت. حاجه عجيبه، أنت زول ولا مخلوق براك، شايل كل الصفات الفي الخلق، ومتجوز براك، أصلو لافي زول بقربك ولا فكرتك ممكن تموت..... تجئ هذه الذكري، ومازالت الحوجه الملحه لإضاءة الأفكار التي عبر عنها القائد والمفكر الكبير د. جون قرنق مبيور خلال أيام النضال المسلح ، من خلال منابر مختلفه ومتفرقه وعلي مدي زمني ومكاني متحرك. أن جاز لي وصفها كالكبسولات من حيث أنه أراد السهوله في إبتلاعها والسرعه في هضمها لمقاتلي ،مناضليو مؤيدي الحركه الشعبيه فيما إقتضته ظروف الحرب وعدم الأستقرار حينها. و بمأن الحال قد تحول واصبحت الحركه الشعبيه لتحرير السودان، حركه سياسيه بجنوب السودان وشماله،و تمارس العمل السياسي المدني كما ضمت في عضويتها الملايين من بني وطني ، وتدير شؤون الوطن والمواطن ، فقد جاء الأوان لفكفكت هذه الكبسولات المعرفيه الي مفهاهيم عمليه وعلميه تتناسب و مقتضيات العمل السياسي ، و في نفس الوقت تحقق أهداف التحول المنشود عبر تبسيط الأفكار ومما رستها بشكل روتيني. وبما ان العضو بالحركه ، يمثل النواه الأساسيه لنجاح حلم التغيير ، وأيضآ الممثل اليومي لهذه المفاهيم داخل مجتمعاته المتنوعه ، كان لابد من التركيز الكبير علي صقل وتطوير إمكانياته الفكريه والمعرفيه . ولابد لي أن أشير الي أن جزء كبير من تلك العضويه يمر بمرحله إنتقاليه بالغة التعقيد ( مابين الحرب والسلام)، ( العسكريه والمدنيه) ، مما يلزم بذل جهد سريع وإضافي لتلافي إي إنتكاسات سلبيه ومتوقعه. ومما يثلج الصدر ويبشر بالخير ، أن قيادة الحركه الشعبيه فاطنه بحكم تجربتها الطويله الي ما أشرنا إليه ، بل تعدته الي العمل الفعلي والجاد لتطوير مناهج دراسيه متكامله لتدرييب وإعادة تأهيل أعضاء الحركه الشعبيه . وبهذا يمكننا التحدث بلغه و هدف واحد عند تناولنا لمفهوم السودان الجديد وما يتبعه من تفاصيل . وبا طبع هذا لايعني ممارسة التلقين أو الإستنساخ مثلما مورث عند بعض من الأحزاب العقائديه. فالحركه الشعبيه لا تتبني نهج أيدولجي محدد وقاطع ، وإنما تستلهم تجارب وممارسات إنسانيه متنوعه ومتغيره. لعل الحديث عن أفكار دكتور جون لابد ان يمر عبر بوابه فكرة السودان الجديد، تلك الفكره الملهمه والمقاومه لصدأ العداءات والدعايات الكثيفه، من حيث أنها تمثل وبكافة المقاربات السياسيه والإجتماعيه الحديثه، المخرج الآمن والمستقر لمجتمعاتنا بالسودان جنوبه، شماله ، شرقه وغربه. ويعد النكوص أو التنكر لها عوده تقهريه الي قاع التفتت، التشتت والضياع. عن الحديث عن كبسولة السودان الجديد طاف بخاطري دور البنسلين في محاربة أمراض الإلتهابات الصدريه بالسودان، وكيف كان يمكن أن يكون حال أهلنا إن لم يكن متوفرآ حينها.فكبسولة السودان الجديد ، قوية المفعول وعصية التطبيق. قصد بها الدكتور قرنق التحول الكامل للسودان القديم الي سودان جديد. وللغوص في هذا المفهوم ، لابد من تفكيك وفهم معني السودان القديم، منعآ للإلتباس ولتوضيح مناطق حساسه من المكون السوداني ، إستجلبت فيما إستجلبت كثيرين من ذوي المصالح الخاصه و المشككين أيضآ. لابد من الإشاره الي ان كثير من المكونات الوطنيه بشمال وجنوب الوطن ، رفعت وناضلت ضمن برامجها الي الوصول الي صيغ وأهداف وطنيه عبر طرحها لبرامج مختلفه حققت كثير من النجاحات لكنها قعدت عن إحداث تغيير كامل. لعل أميز سمات السودان القديم ، هي مركزية الحكم مما بات يعرف بالمركز ، ويتعدي في مفهومه السلطه القانونيه والأمنيه. وبهذا نعني تمركز رؤوس المال ، الخدمات وفرص الحياه الكريمه بمستواها العام. ولم تظهر المركزيه مع ظهور الإنقاذ ، إنما تراكمت عبر أنظمتنا السياسيه منذ الإستقلال ، وتوطدت جزورها مع مجئ حكومة الإنقاذ. فكلما زادت قوة المركز هزلت بنيات الريف او مابات يعرف بالهامش. تمركز الخدمات والتنميه والفرص الحياتيه المختلفه بالمركز (الخرطوم) ، همش بدرجات متفاوته كل أقاليم السودان الأخري وحرمها من التنميه والمشاركه في الحكم وخيرات البلد الواحد ( يشار اليها بالسلطه والثروه ضمن إتفاق نيفاشا)، مما حدي بهحرة الريف الي المدينه ، حتي أصبحت الخرطوم، السودان المصغر لما تبتلعه من هوامش بالإضافه لما ذكر من إستسياد للمركز بالسلطه الإقتصاديه المطلقه . قامت سلطة المركز بإستخدام المكون الإثني والعقائدي ، لتوطين حكمها الجائر ، مما فتح نافذه لدخول عنصر بالغ التعقيد بالصراع السياسي ، يحتاج علاجه الي أجيال ورحمه إلاهيه. فالمركز كرث لقيمة مكون واحد من الثقافه والجنس( العربي الإسلامي) وهمش في البدء مكونات أخري تنتمي الي نفس الثقافه والمله ، ومن ثم تعداها الي الإثنيات والثقافات السودانيه الأخري ، والتي كانت اصلآ تعاني من التجاهل وعدم الإعتراف.فهجرت اللغات المختلفه و دمرت الحضارات العريقه وصودرت المكتبات وعطل العمل بكل ما كان يرمز الي التنوع الثقافي والعرقي بالسودان. فاصبح 90% من سكانه يحتلون مراتب دنيا من حيث حقوق وواجبات المواطنه. وفي ظل هذه العتمه يجي دكتور جون قرنق محللآ سياسيآ وعالمآ إقتصاديآ ومستصحبآ لتاريخ وثقافة شعوب هذا البلد. ليرسم بشكل هندسي بارع وصفه في غاية الدقه لمعالجه هذه القضايا بشكل جزري واضح لا يكرث للحول الساهله والقريبه. وعلي عكس ذلك، فقد كان مستبصرآ بحيث ان ما صاغه بفكرة السودان الجديد تمثل الضمان الوحيد لإستقرار الدوله الجديده بجنوب السودان والدوله المتبقيه بشماله. ودون ذلك مواصله للتفتت وةلإنشطار. دراسه أفكار دكتور جون قرنق، لابد من ان تكون واحده من أولويات العمل الثوري بالمراحل القادمه لتاريخ السودانالحديث، بل يتعداه الي نطاق افريقيا عامة. فإن غيب الموت جسده لابد من أن نرعي أفكاره لنستلهم جزء من إحلامه.