السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجليات الاقتصاد السياسي لفيروس كورونا: بين نفي الأيدولوجيا البرجوازية وإعادة اختراعها .. بقلم: الفاضل الهاشمي
نشر في سودانيل يوم 01 - 04 - 2020


مدخل:
"الآن وهنا: لأول مرة يتم نطق كلمة الطاعون"
ألبيرت كاموس 1947 (بتصرّف)
أستهدف فى هذا المقال تحليل ظاهرة جائحة الفيروس التاجي كرونا موظفاً "الإقتصاد السياسي" كمقاربة ونهج تفسيري متعدد المساقات. وليس المقصد بالطبع تناول مشاهد الهلع والخوف والإكتئاب والبؤس البشري فى ظل غروب شمس دولة الرفاه وغياب الشفافية وتغييب المعلومات الطبية رغم عطاءآت الثورة المعلوماتية ؛ وإنما تأمّل الإحتمالات الكبري فى مسارات الظاهرة على الأصعدة الفكرية الإقتصادية السياسية والإجتماعية. وعلى سبيل المثال سياسة حصانة القطيع كآلية تضحي بمجموعة المسنين والتي صرح بها ساسة مسؤولون فى اوروبا ذكّرت الناس بأطياف الإقتصادي توماس مالثوس حول الطاعون ككابح نمو سكاني. كان لوباء سارس عواقب مماثلة لم يتوقعها المهنيون والخبراء فى حقل علم الأوبئة ، كما ترك وباء الموت الأسود الذي استمر اربع سنوات فى اوروبا (1346-1350) آثار إقتصادية إجتماعية عميقة فى نمط الإنتاج حيث كان معدل الوفيات واحد من كل ثلاثة مصابين حيث إرتفعت أجور الخدم ، حسب آدم سميث، كما تغيّرت أنماط الوراثة وملكية الأرض كضربة قاضية للنظام الإقطاعي (ميل ولويس).
سمّي جاك دريدا أربع لحظات إنعطاف فارقة فى التاريخ البشري كانت اولها صدمة كوبرنيكوس الفلكية وبعدها لم تعد الكرة الأرضية مركزاً للكون ؛ فصدمة داروين البيولوجية وتطور الإنسان ؛ ثم صدمة سايكولوجية أعلت من شأن العقل الباطن (اللاوعي) فى التحليل النفسي. الصدمة الرابعة حسب دريدا هي الشبح الشيوعي الذى خيّم على أوروبا وأرّقها وقضّ مضجعها، وظل الشبح الذى بطبيعته لا يموت يتنزل ويعاود الزيارة كهاجس المخلّص فى الفكر الديني وفكرة المهدي المنتظر عند الشيعة. ترى هل تستشرف البشرية ،على تباشير وباء فيروس كورونا، صدمةً خامسةً تنمسخ فيها الراسمالية المعولمة المعاصرة الى منظومة تتفسّخ أخلاقياً وتأكل بعضها، نعم تأكل مسنيها، على سبيل الإنتقاء الطبيعي فى الداروينية الإجتماعية والبقاء للأصغر سناً والدولة الرشيقة الأصغر والمنشأة الأكبر كما تقتضي شروط بقاء نمطها الإقتصادي الإجتماعي المعاصر؟.
ذكر الفيلسوف سلافوى جيجيك أن الأوبئة الآيدولوجية تترى على جميع الفضاءات المعولمة والأقليمية والمحلية، ومنها صناعة الأخبار الكاذبة والإشاعات، نظريات المؤامرة، انفجار السلوك العنصري؛ وأضيف الذكورية والتعصب الديني ورهاب الأجانب (زينوفوبيا المهاجرين). تستهدف هذه الأوبئة الآيدولوجية دعم منظومة قائمة و/أو التمهيد لبذر أخرى. طرح جييك رؤيوياً ، على مسند الفيروس التاجي الكورونا إحتمال تخلّق "تفكير بمجتمع بديل، يتخطى حدود الدولة القومية، مجتمع يحقق نفسه في أشكال التعاون والتضامن العالميين.
إذا افترضنا أن كارثة تشيرنوبل أسقطت إحدى نسخ النظام السوفيتي وأن كورونا لم تسقط النظام الشيوعي الصيني، هل يمكن تأمل فكرة أن كورونا يمكنها إعادة طرح بديل عالمي يراهن على منظومة تقدمية لحمتها وسداها رحابة عقل جماعي يثق فى الشعب على إدارة موارده بشفافية ديمقراطية شعبوية بحكمة خارج فضاء أيدولوجيا تراكم رؤوس الأموال المعروف الآن وإدارة الموارد عبر أيادي العرض والطلب الخفية كما طرحها الإقتصادي آدم سميث وتبنتها بخفة اللبرالية الجديدة؟. يبدو أننا ازاء صدمة ستزلزل مفاهيم نظام راسمالي معولم تعددت كوارثه وربما وضعت نهاية لتكاليفه المادية والرمزية الباهظة وطرح بديل مفهومي وفكري آيدولوجي. طرح جيجيك بديهيات وأمثلة عابرة: منها الدور النافذ لمنظمة الصحة العالمية فى إدارة بداية الأزمة رغم سلحفائيتها، وأطروحة بيرني ساندرز الداعمة لنظام الرعاية الصحية الشاملة في الولايات المتحدة الأمريكية والدعوة الى تشكيل شبكة رعاية صحية عالمية. ما لم تظهر بوادره بعد هو تخلّق منظومة فكرية نقدية جديدة تفكك مفاهيم وأسس وقواعد الديمقراطية البرجوازية التعددية واللبرالية الجديدة الإقتصادية المعولمة الجامحة الجانحة العائرة المطلوقة التي أعيت حيلتها جائحة فيروس كورونا. تتعدد أزمات الديموقراطية البرجوازية الدورية من فقاعة التقنية (دوت كوم) ، وحزمة فضائح الشركات الكبري، وأزمة 2008 التي فجرتها فقاعة سوق العقارات الأمريكي، حجم الديون الفلكية الخاصة والعامة، محن المتشردين بلا مأوي ، ضعضعة قطاع الرعاية الصحية ، التفسخ البيئي والتلوث والإنحباس الحراري، لغاية تعاظم خطابات الكراهية من مركزية إثنية فاقت الهتلرية، لغاية أزمة فيروس كرونا الحالية وهى تدفع بالمسنين الى مغبة الموت الجماعي. أسئلة ملحة تفرض نفسها حول بنية القادم وطبيعة الخطاب النظري والفكري الذي يتخلّق ببطء مع الخوف والهلع والكساد القادم. يستصحب ذلك بالطبع اعادة إنتاج تصور مفاهيمي تفكيكي ومشاريع فكرية وسياسية حول توزيع الثروات والدخول، صراع العمل-راس المال ، ترسيخ ديمقراطية فى مكان العمل والحقوق الأساسية الأخري بما فيه وضع حد للإستغلال الإقتصادي وإستئصال الفروقات الطبقية.
تُرى هل هى صدفة كونية جعلت الفيروس يتسم بالديمقراطية و"لا يميّز بين الفقير والغني، أو بين رجل الدولة والمواطن العادي" كما قال نائب وزير الصحة الإيراني؟. أزعم ، فى رفقة الفيلسوف جيجيك، أن التاريخ البشري الآن أمام كارثة تحصد البشر وتوتّر حركة الأسواق وراس المال وتطرح سلوك رأسمالي لم يكن بهذا القبح الأخلاقي ، أزعم أن الفضاء الفكري والأيدولوجي مهيأ لأطروحة تبحث عن منظومة فكرية اقتصادية اجتماعية سياسية أكثر فعالية وأنسنة على المستوي العالمي والأقليمي وعلى مستوى الدول.
الآثار الديموغرافية والإقتصادية الإجتماعية للفيروس
تقدّر التوقعات أن الفيروس ربما يصيب أربعة مليار من سكان الأرض البالغ عددهم أكثر قليلا من سبعة مليار، كما تقدّر المعلومات الديموغرافية الأولية الواردة من يوهان أن الرجال أكثر عرضة للإصابه به بنسبة تتراوح بين 54% الى 68% من المصابين ، وأغلبهم من كبار السن (أكبر من 40 عام) ولم يتوصل علم وظائف الأعضاء بعد الى تفسير إنحياز الفيروس الجندري. كما أنه لايؤثر كثيراً على الأطفال حسب إحصائيات علم الأوبئة. تظل قوة أو ضعف جهاز المناعة العامل الرئيس فى إلتقاط العدوي. يقدر أحد خبراء الصحة العامة (غابريال ليونغ ، هونغ كونغ) أن المرض ربما يصيب 60% الى 80% من سكان الكرة الأرضية اذا إنفلت عقاله. بلغت نسبة الموت وسط المصابين حتى الآن 5%. على الصعيد الإقتصادي بدأت آثار الوباء تظهر فى الصين وهونغ كونغ واستراليا. تقدر خسارة سلاسل الإمادات وحدها ب 300 مليار وستستمر آثارها لمدة عامين (مركز بوينغ، جامعة واشنطون بسينت لويس).
تأثرت دول أوبيك المصدرة للبترول جراء الحرب التجارية السعودية السوفيتية وغمر الأسواق النفطية بالعرض وإنخفاض أسعار النفط إضافة الى إنخفاض طلب الصين علي النفط. ذلك بالطبع يؤثر على إنتاج النفط الصخري والرملي فى شمال أمريكا. كما عكست المؤشرات فى الأسواق المالية هبوط بنسب أعلى من إنخفاضها منذ 1987. تأثرت الحياة الإقتصادية فى عدة قطاعات: الصحة، التجارة، السينما، ألعاب الفيديو، المطاعم، قطاع التجزئة والبقالات ومراكز التسوق، النقل، الطيران، السياحة، الرياضة، التقنية، الموضة، الجامعات الخ.
تعطل النشاط الإقتصادي والحياة فى 24 محافظة فى الصين تنتج 80% من الدخل القومي و90% من صادراتها. تضاعفت أسعار أجهزة الوقاية الشخصية 20 مرة. نبّه خبراء علم الإقتصاد الجغرافي الى أثر الفيروس فى ضعضعة سيادة الدول الإقتصادية والسياسية وعواقب جيوسياسية ومالية كبري. سيؤثر الفيروس علي إقتصاديات (أمريكا والإتحاد الأوروبي والصين) والتي تساهم معاً ب 62% من مجمل الدخل العالمي.
مساءلة شعار البرجوازية العتيد: حرية رفاه وعدالة
ظلّ المجمع العسكري العالمي يتسيّد الأسواق ويتيح صواريخ ستينغر التي يساوى سعرها جهاز التنفس الإصطناعي المطلوب الآن وعجزت الأسواق والبنية الإقتصادية المعاصرة عن توفيره لأنه أصلا خارج رادار قوانين تراكم راسمال وأرباح اقتصاد معولم إخترعت رؤاه الفكرية واستراتيجياته ومراكز أبحاثه وعلمائه ومفكريه أسلحة عسكرية زنووية وبيولوجية منذ عقود وإنشغل عن قطاع الصحة العامة والأدوية وانفردت به الشركات متعدية الحدود القطرية. ماذا يفعل ضحايا فيروس كورونا فى الشمال والجنوب الكونيين بترسانات الأسلحة والصواريخ والدبابات والمعامل الجرثومية ومشاريع غزو الفضاء؟.
اليوم تقف بريطانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة ، حيث تتعزّز ترسانات الأسلحة من رؤؤس نووية وأساطيل جوية وأرضية وبحرية، تقف عاجزة عن توفير معدات طبية لمجابهة تحديات الجائحة وإسعاف ضحايا الوباء، وفى غفلة وخواء إنساني وأخلاقي تتبني أوروبا منهج حرب جديد علي الجنس البشري حتي لاتنهار الميزانيات وحكوماتها ؛ وليس الحال بأحسن من ذلك فى ألمانيا واسبانيا وهولندا. خفتت شعارات الديمقراطيات البرجوازية من حرية وعدالة ودولة رفاه وإخاء وقوانين ومواثيق حقوق إنسان، وأدب عصر التنوير، جميعها تراجعت خجلاً إلا من صوت خفيض فى بداية الأزمة من منظمة الصحة العالمية (د.ذيب هاشم). وعلى مشارف الأزمة القاتلة القياموية تتبرعم آفاق ضرورة التعاون والتنسيق والتضامن الأممي كمسند لتحول فكري جديد وسديد.
فجّر مشهد وباء فيروس كورونا أزمة حضارة فى أفقها الفكري ومنظومتها الأخلاقية وضمنه تنطرح عشرات السمات والأسئلة الإجتماعية السياسية الإقتصادية والفكرية الملحّة:
1. تعيد الدولة القومية إنتاج نفسها بإمتيازات وسطوات جديدة حيث إجراءآت الطوارئ تفتح شهية السلطة الى التغلغل فى إستخدامها لاحقاً ؛ وفى ذلك تهديد لروح التضامن والتعاضد الأممي والحريات الأساسية ونشوء عولمة أكثر إنغلاقاً.
2. فقر التخطيط وسوءه وفقر الكفاءات القيادية الجماعية سيضع الإنسانية فى طريق مظلم مالم تظهر أساليب جديدة فى إدارة الدولة القومية والنظام العالمي.
3. قضايا الإحتباس الحراري والإنبعاث الكربوني سيطرح إعادة النظر فى سلاسل الإمدادات الطويلة وعلاقاتها بقضايا التلوث ومطالب العمالة فى الجنوب الكوني مما سيطرح نزعات عزل قومي إقتصادي جديد، خاصة أن الولايات المتحدة تتملص من دورها القيادي فى العولمة. أي مدرسة فى العولمة ستسود فى الفضاء الجيوسياسي: عولمة إنعزالية حمائية مغلقة أم عولمة تضامنية الكل فيها كسبان بحيث تقي البشرية مغبة وباءآت تهدد البشرية جمعاء؟. أنتقل جزع وهلع الحكومات من مستوي حظر التجول والتجمع الي مستوي سياسات الدول الغذائية وتعطلت العقلانية وبدت معالم مايمكن تسميته قومية أو قطرية غذائية حيث تتدخل الدولة وتفرض إجراءات تعطيل أو حظر بعض الإمدادات الغذائية المحلية والتبادل التجاري العالمي كإلغاء عقودات الصادر من دقيق القمح والجزر والسكر والبطاطس (كازخستان) ، والأرز (فيتنام)، زيت عباد الشمس (صربيا)؛ وأحياناً سياسات تموينية وإحتياطات إستراتيجية (شراء الحكومة الصينية الأرز والقمح وتخزينه) والرقابة على الأسعار. نلاحظ إصدار مستوردي القمح (الجزائر ، المغرب وتركيا) مناقصات وعطاءات جديدة لاستيراد القمح لغاية شهر يوليو. وجود تسوق غذائي عالمي مسعور وهلع ، ثم نزعات حكومية نحو سياسات حمائية ستؤدي الى إرتفاع جنوني فى أسعار المواد الغذائية حيث بدأ شراء محاصيل العام القادم بشراهة وهذه وصفة جاهزة للتضخم فى هذا القطاع وتوقّع مزيد من جنون الحكومات ، وربما إحتجاجات ومظاهرات جماهيرية تتعلق بالغذاء كما حدث فى 2008 و2011 حين إندلعت مظاهرات فى 30 دولة فى افريقيا وآسيا والشرق الأوسط ؛ واضعين فى الحسبان أن تلك المظاهرات ، خاصة فى 2010، ارتبطت بعوامل مناخية فى الدول المصدرة للمواد الغذائية منها روسيا، أما الآن يتسيد المشهد عامل الوباء. أسعار العقود الآجلة فى بورصة شيكاغو(عقود القمح ولحم البقر والبيض) سجلت الآن ارتفاعا ملحوظاً ووصلت أعلى مستوياتها منذ 2015.
ذات الصدمة الوبائية ستخلخل وتربك الراسمالية المعولمة إقتصادياً ومالياً من حيث زلزلة نظام العرض والطلب فى خطوط وسلاسل الامدادات العالمية الذى كوّن نظام معولم دقيق على مدار الساعة حول إنضباط: هنا والآن. تعدي تهديد البكتريا والفيروسات والكائنات الدقيقة إصابة ونقل العدوي للبشر وحدهم إلى حبس أنفاس منظومة شبكات التوزيع والإمدادات الراسمالية المعولمة وخسارات الأسواق المالية.
4. نجاح كوريا الجنوبية وسنغافورا والصين النسبي فى مجابهة الوباء بدّد هالة منهج المركزية الاوروامريكية وعلامتها التجارية السياسية، وفضح فعالية وريادة مؤسسات الأخيرة الفكرية والبنيوية التحتية والفوقية الأساسية. القادة الصينيون مصرون الآن أكثر من اي وقت مضى على أهمية تكاملهم فى صيغة عولمة جديدة تجعلهم شركاء أصيلين فيها كونهم أكثر ثقة فى كفاءتهم فى جني ثمارها. الرهان المطروح بحدة يتعلق بالثمن التي سترضى به البشرية بعد الخسائر الفادحة التي منيت بها ازاء النموذج الصيني والاوروأمريكي وماهو الدرس من تجربة كلاهما. السؤال الملح هو: هل سيقبل شباب الألفية الأوروبي والأمريكي ويشتري لامبالاة آيدولوجيا السلطة الإقتصادية التي أثقلت كاهله بديون قروض الجامعة التي تصحبه طيلة عمره وتفسّخ السلطة السياسية التي عجزت عن توفير الحمايه له من الموت الجماعي الماثل؟.
5. نحن الآن ازاء جائحة أفرزت سمة أخلاقية بغيضة تشبه الى حد كبير خطاب الكراهيات الأخري التي صاحبت المجتمع الراسمالي. ظهرت فى اوروبا سياسات وقرارات صحية تتعلق بالعمرية [ageism] كإنحياز ضد كبار السن تتعارض مع حقهم الأساسي فى الخدمات الصحية العلاجية وكذلك حقهم فى الحياة. تخلّق خطاب تعيين المسنين ضمن مسعي تبريري لمنطق دور الدولة الراسمالية (دولة رشيقة كما يقول شعار التقشف الاقتصادي الذي يروّج له صندوق النقد الدولي والبنك الدولي). لذلك علاقة فكرية مباشرة بالطبع بالتوجه الفكري الراسمالي اللبرالي الجديد بإضمحلال دور الدولة وبالتالي بؤس فعالية قطاعاتها ومؤسساتها، خاصة أمام الأزمات والأوبئة. أساس اللبرالية الجديدة الفكري هو تبني دولة ضعيفة تترك للأسواق مهمة انتاج وتوزيع الموارد، حيث لم تسُد أطروحة جون مينارد كينز الذى حاول إصلاح الدولة بعد الكساد العظيم فى 1929. الشاهد ان القطاع الصحي العام ترنّح منذ نهاية دولة الرفاه فى القرن التاسع عشر، كونه لم يخلق أساساً لمجابهة تحديات الجوائح والكوارث؛ ذلك لأن النظام ترك صناعة الأدوية واختراعها لشركات كبري أكبر من الدولة ومن دول مجتمعة. تأثر كبار السن من قبل بسياسات لم ترتبط بمتطلباتهم فى الإعاقات البصرية والسكن وغيرهما ، خاصة التطفل على معاشاتهم التي عاثت بها الأسواق المالية ومحقتها. اذن تورطت البرجوازية الان بسبب جائحة كورونا فى عطن وتفاهة أقرب الى الإبادة الجماعية للكبار بتركهم دون رعاية. زبدة القول أننا إزاء نمط علاقات إنتاج يتفسّخ.
6. من الناحية الفنية نعلم أن خطوط وسلاسل الإمدادات المعولمة تواجه تحديات اقتصادية (إرتفاع أسعار العمل الصيني، سياسات دونالد ترمب الحمائية وضمنها الحرب التجارية، دخول الروبوت والأتمتة وكذلك الطباعة ثلاثية الأبعاد التى تستخدم النماذج الرقمية فى العمليات الصناعية) وتحديات سياسية (الفاقد الوظيفي وفاقد العمالة في قطاعات اقتصادية راسخة). تفاقمت هذه التحديات بفعل فيروس كورونا. هناك احتمال أن ينعدل حال الإمدادات بتدخل الحكومات لدعم القطاعات الصناعية الحيوية ولكن سينخفض معدل الربح (شانون اونيل فى مقال فورين بوليسى).
7. تجربة الجائحة ستخط (خط مامنو نط) على قول الشاعر محمد الحسن حميد وهو عودة دور القطاع العام بإمتياز وكساد أطروحة حكومة رشيقة ومتقشفة ، وبصرف النظر عن طبيعة الدولة التسلطية او انفتاحها فقد نجح تدخل حكومات الصين من جهة وكوريا وتايوان من جهة أخرى. لكن يظل الإنعزال القطري والحمائية مهدد للتعاون والتضامن الدوليين. وقائع تقنية القرن الواحد وعشرين (تفشي البكتريا والفيروسات والكائنات الحية الدقيقة، الذكاء الإصطناعي، فيروسات الكمبيوتر، حوادث الإشعاعات) جعلت من سياسات الإنعزال القطري قضية فاشلة وغير عملية سواء فى قطاعات الإستراتيجيات الأمنية او الوبائيات او الإنحباس الحراري؛ ذلك كون المخاطر والتهديدات العظمي ذات طبيعة كونية وشاملة لا تجدى معها السياسات القطرية الضيقة. ملخص تجربة فيروس كورونا هو سيادة وريادة دور العقل الجمعي والقطاع العام في إدارة الأزمة، بصرف النظر عن شمولية النظام أو إنفتاحة التسلطي. سيتعرض الإقتصاد العالمي الى صدمة وكساد تضخمي لامحالة ؛ وستظهر نزاعات إقليمية ومحلية ، وربما تنشأ حركات تقرر الإكتفاء الذاتي محلياً واقليمياً أو تفشل تجارب دول وليدة تحت شروط قاسية. وعبر هذه وتلك سيتم إعادة توزيع بنية السلطات العالمية والأقليمية ونفوذها.
مشهد ومآلات الولايات المتحدة الأمريكية:
يواجه نموذج الولايات المتحدة الفكري والعملي كدولة راسمالية قائدة تحدياً ربما يطرح بدائل ل"إجماع واشنطون" اللبرالي الجديد. كانت الكرة الأرضية تهفو الى جسم قيادي فى بداية الوباء وحاولت منظمة الصحة العالمية سد الفراغ ولعبت دوراً محدوداً عبر بث معلومات وارشادات ونصائح للدول الى حين. وبعد أن زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت العولمة أثقالها الوبائية، تفتق ابداع الشعوب وأنسنتها وتضامنها على المستويات المحلية رغم هلع الكارثة وعبوسها حيث سجلت تضافر ورفاقية وتضحيات الجيش الأبيض فى القطاع الصحي فى جميع الدول؛ بالإضافة الى أناشيد التضامن المحلي وهى تنبثق من حناجر الإنسان المعولم الجديد المقاوم من فوق الأسطح والبلكونات فى المدن المحاصرة تسجل إضافة لتاريخ المقاومات البشرية عبر التاريخ الطويل من ظلم وبشاعة منظومات العبودية والإقطاع وتهور العولمة الراسمالية المعاصرة. ستكون روح الأنسنة البشرية وقوداً للقادم. يوم بكرة جميل.
نتوقع أن يتحسّب رأس المال السياسي والإقتصادي الأمريكي وممثليه السياسيين لمشاريع الحداثة المطروحة من القوي التى تضررت من وباء الكورونا، ومنها أطروحات ساندرز رغم حذرها وتحفظاتها. السؤال هو هل ستجذّر قوي الحداثة فى أمريكا وبقية العالم مطالبها أم تتحالف مع السائد وتسعي نحو عولمة تضامنية ذات مركزين أو ثلاثة (أمريكي، صيني، اوروبي) تعلي من شأن رأس المال أم تقف مع قوي العمل وترفع شعارات ترفض وتدين ماحدث من موت جماعي تم فى وباء كورونا؟. وبمعني آخر، كيف تكون مراسم ختام الموت والإبادات الجماعية الوبائية على مسرح العولمة والراسمالية والفكر البرجوازي المعاصر وخطوطه الحمراء والرمادية معاً. وبمعني ثالث، أزعم ، حتي لا أقول أراهن، أن هناك قوي فى أوروبا وأمريكا تضررت من المشروع السائد وظلت تطرح مقاومات منذ دافوس الأولي ، ومجموعات احتلال وول ستريت وياقات فرنسا الصفراء ؛ قوي ستعيد طرح مقاوماتها تشبه نسخة بيرني ساندرز وتتجاوزها بعد زلزال جائحة كورونا.
الإشتراكية الديموقراطية الأمريكية: نسخة بيرني ساندرز
سأتناول هنا الموقف الأمريكي عشية الوباء (محطة ساندرز) كمدخل إلى احتمالات تتعلق بتخلّق واقع جديد فى مشهد العولمة المعاصر. ستظل أطروحات ساندرز خجولة إزاء كارثة كورونا التي سخرت من همة مشروعه، كون أطروحاته الانتخاببة السياسية تجلت فى سياق صراعه مع بايدن فى فبراير-مارس 2020 . سقف نسخة ساندرز هو تخفيف حدة غلو الرأسمالية الأمريكية التى قست على الشغيلة من شباب الألفية (الملينيا) لغاية المعاشيين. تمثلت تلك الأعباء فى قروض الطلاب، وصعوبات تكاليف المعيشة من عقار ومعيشة أثقلت طموحاتهم فكفروا بوهم يسمى "الحلم الأمريكي".
حدود سقف ظاهرة ساندرز أنها لا ترغب فى تغيير نمط الإنتاج أو وسائله ؛ ولا ترقي إلى خلخلة النظام الديمقراطي السائد. واضح أن يسار الحزب الديمقراطي يتذبذب بين الواقع المعيشي الضاغط وبين الخوف القديم من الاشتراكية الموروث من الحرب الباردة، رغم أن الأخير تضعضع بسبب انهيار المعسكر الاشتراكي وأصبحت وسائط الإعلام اليمينية الكبري (مجلة الكونوميست ، فاينانشيال تايمز، نيويورك تايمز، واشنطون بوست ، وول ستريت الخ) تستعرض رواد الماركسية فى مناسبات عديدة وأصبحت الجامعات تدرس كورسات الماركسية عبر لبرالية تطرح الرأي ونقيضه بحيادية وتوحي ظاهرياً بمنهج يدعي "حياد علمي رومانسي". والقوسين هنا للفت الإنتباه إلى أن العلوم الاجتماعية لا علاقة لها بالحياد ، كون الباحث الاكاديمي يطرح من قولة تيت وجهة نظره الأكاديمية وينحاز لها ويوفر الأدلة التي تثبت انحيازه الفكري، حتي لا نسميه انحيازه الآيدولوجي بعد، وهو كذلك.
لا نود استعراض تجربة الاشتراكية الأمريكية الرسمية التى لامست السلطة وانتخاباتها فى ظل الخوف من المعسكر الاشتراكي وكلنا يعلم بتخويف وتخوين السيناتور جوزف مكارثي لكل من يتفوه بعبارة اشتراكية. أفرز واقع العنصرية البغيض فى الستينات حركات مقاومة من السود نحو الحقوق المدنية والسياسية وظهرت حركات نافذة مناهضة للعنصرية والفقر على تخوم السلطات الأمريكية الرسمية. وظهر أيضا اليسار الجديد الذى دفع إلى السطح مفهوم "العدالة الاجتماعية" الذى أصبح بمثابة بديل ايدولوجي مخفف لمفاهيم الصراع الطبقي الذى يُرى بالعين المجردة. ظهر الديمقراطيون الاجتماعيون فى أمريكا منذ سبعينيات القرن الماضي لكن حصول ساندرز على 13 مليون صوت فى الانتخابات التمهيدية فى 2016 وضع الديمقراطيين الاجتماعيين فى موقع متقدم داخل الحزب الديمقراطي تلبية لشروط طبقية ضاغطة (اقتصادية اجتماعية). جوهر برنامج ساندرز هو مجانية التعليم والرعاية الصحية أو اتاحتهما بأسعار مخفضة عبر إعادة توزيع الثروات من خلال الضرائب واستبدال شركات التأمين الصحي الخاصة بنظام قطاع عام. يظل سقف ساندرز أقل من الاشتراكية الديمقراطية وليس استبداله (جو معكرون) .
ثم ماذا بعد؟
يظل واقع الفجوة الشاسعة بين ملاك الثروات والفقراء فى الرأسمالية المعولمة المعاصرة صداع دائم للسلطات الحاكمة (توماس بيكيتي ، راس المال فى القرن الحادي والعشرين) واضطرت معه الأدبيات البرجوازية استخدام كلمة قسط (equity) كبديل لعبارة المساواة للتعبير عن هذه الفجوة الفلكية المخيفة.
ستفجر أزمة كورونا المعولمة أزمات اقتصادية مالية سياسية وتطرح أسئلة فكرية جذرية حول فعالية ووظيفية منظومة الاقتصاد السياسي المعاصر ودور الدولة فى عمليات الإنتاج والتوزيع. تتعدد أسباب الأزمات الدولية والركود ويمكن أن يأتِ من عدة متغيرات: ركود 1973-1974 (النفط)؛ ركود 2000-2001 (فقاعة الانترنت دوت-كم) ، وركود 2008-2009 (فقاعة الرهن العقاري الأمريكي).
فى سياق المشهد الأمريكي ساهمت أزمة 2008 المالية المعولمة فى التأثير على أطروحات اوباما الذي ضخ الحياة في الشركات الكبري التى أفلست بمنطق أنها أكبر من أن تخرج من السوق خاسرة ، ودفع لها من ضرائب ذات الشغيلة التي ساهمت فى ثراء تلك الشركات عبر ميكانزمات الاستغلال المعروفة فى الأدب الماركسي. جوهر الأزمة تكمن فى أن النظم والمؤسسات الصحية فى اوروبا وأمريكا الشمالية لم تكن على الإطلاق أولوية فى التخطيط الإقتصادي والسياسي ضمن رؤي واستراتيجيات اللبرالية الجديدة. وترتبط بذلك براح وسعة استيعاب القطاع الصحي لإحتياجات الإنسان المعاصر من صناعة أدوية الي لقاحات وربط علم الأوبئة برفاهية الإنسان ورعايته بعيداً عن آليات تراكم رؤوس الأموال والأرباح ؛ وحقيقة أن شروط العولمة من حركة تجارة وأسفار بشرية دؤوبة جعلت من الوباءات ظاهرة شبه سنوية فوق طاقة منظومة العولمة المعاصرة.
أزمة فيروس كورونا العالمية التى تهدد حياة الملايين فى كوكب الارض ستعيد أطروحات ساندرز بعنف الى طاولة الصراع الطبقي السياسي فى أمريكا والعالم اجمعين. لن تنقذ الموقف سياسة تخفيض أسعار الفائدة إلى مايقارب الصفر ومادونه الذى فرضته البنوك المركزية فى العالم ، وكذلك تدابير الدعم الحكومي للمواطنين والشركات، بل ستفاقم تلك السياسات الديون الحكومية، بالاضافة إلى ديون الأفراد. ديون العالم (سندات حكومية ، أو ديون مباشرة) أصبحت تفوق الناتج القومي باكثر من 300٪ . وسيعقب ذلك خسارة ارباح البنوك الكبري. أزمة الكورونا فى الصين عطلت سلاسل الإمدادات وخطوط الانتاج فى الصين. أضف إلى ذلك حرب النفط السعودية الروسية ؛ وحروب تجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ؛ وحرب الولايات المتحدة وروسيا ؛ وحرب الولايات المتحدة مع اوروبا. كما يتعسر الآن التنسيق بين البنوك المركزية حول السياسات النقدية وبين الدول فى ظل تملص الولايات المتحدة من قيادة الرأسمالية العالمية وتبني ترمب سياسات حمائية تحت شعار: أمريكا اولا . وفى البال مؤشرات ركود اقتصادي منذ 2019 فى منطقة اليورو (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا).
المحتمل أن المخاطر المالية من أزمة ديون ومخاطر القطاعات الصحية لوباء كورونا القياموي والكساد التضخمي المصاحب له ستطرح أسئلة من شأنها زلزلة ثوابت مادية ورمزية فى مشهد سيادة العولمة؛ أزمة تراجعت معها الرأسمالية من ثوابتها الفكرية الراسخة وخطوطها الحمراء وفى قلبها: نظام مصرفي وأسواق مالية تقوم على الدعم الحكومي، كون أيادي الأسواق الخفية تعجز أن تضمن توازنها ، وتطور القوي المنتجة ووسائل الإنتاج، حتى أمرت الأسواق بأزمة فائض الإنتاج. هذا الإقتصاد سيقعده فى النهاية الإفراط فى عمليات الاقتراض والديون . ضمن هذا السياق من الممكن أن تتحرك نظرياً إعادة إختراع آيدولوجيا تخبطت منذ كساد اطروحة نهاية التاريخ التي لفرانسيس فوكوياما. الآن كل شيء قابل للاشتعال حتى الانكماش والركود الشامل أو تلاشي الدولة رويدا رويدا بشكل ما إذا ما أصرت الدولة على فرض التقشف على الإنسان المنتج بأن يدفع فاتورة الكساد كل مرة.
مصادر:
Bell, C. and Lewis, M. (2005) ‘The economic implications of epidemics old and new, center for global development', Working Paper, Number 54, February 2005, Oxfordshire: NTC Economic & Financial Publishing.
سلافوى جيجيك ، كورونا ضربة للرأسمالية قد تعيد اختراع الشيوعية، ا.ر تى ، مارس 2020 ، بلوق
https://visavism.blogspot.com/2020/03/blog-post_45.html?m=1
د. ذيب هاشم "الحرب التي لم يتنبأ بها أحد، نحو عالم ما بعد كورونا" ،ن مارس 2020.
https://www.bloomberg.com/news/articles/2020-03-24/countries-are-starting-to-hoard-food-threatening-global-trade
Countries Starting to Hoard Food, Threatening Global Trade, Isis Almeida and Agnieszka de Sousa.
جو معكرون، صعود اليسار يصطدم بجدار الوسط - ملامح الصراع داخل الحزب الديمقراطي فى انتخابات أمريكا ؛ مارس 2020، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
مجلة السياسة الخارجية الامريكية (فورين بوليسي):
https://foreignpolicy.com/2020/03/20/world-order-after-coroanvirus-pandemic/
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.