هذا المقال ينطلق من مفهوم تاريخي يستقرأ تاريخ الاوبئة و تاثيرها في انهيار الامبراطوريات ليصل الي مقاربة وباء الكورونا و مدي امكانية تأثيره علي بقاء الدولة الرأسمالية في حال استمراره الي مدي اطول. و كتأطير استباقي فان انهيار الامبراطوريات تتداخل فيه عوامل عديدة و قد ياتي عامل الاوبئة لكشف هشاشة الامبراطورية و يعجل بانهيارها.. حدث هذا تاريخيا للامبراطورية الرومانية الشرقية المعروفة بالامبراطورة البيزنطية، و في هذا الصدد فقد كتب ويليام روزين كتابا مهما يستقصي فيه تاثير وباء الطاعون علي الامبراطورة الرومانية اطلق عليه( براغيث جستنيان: الوباء العظيم الاول و نهاية الامبراطورية الرومانية) و قد ترجمه للعربية الدكتور اسامة عبد الحق نصار( راجع محمود محمد علي.. صحيفة المثقف)..و يقول دكتور محمود محمد علي بان هذا الكتاب تتبع وباء الطاعون و الذي انتقل من جنوب مصر مع السفن الحاملة للحبوب و المتجه إلى مواقع الامبراطورية الرومانية في تركيا الحالية، و قد انتقل هذا الوباء عبر البراغيث و الفئران و ادي الي هلاك اعدادا كبيرة من الناس عبر القرن السادس الميلادي و ادي الي تفكك الامبراطورية الرومانية..نظرية اثر الوباء في انهيار الامبراطوريات و هزيمة الجيوش يجب ان يعاد التفكير فيها و تحديدا عبر وباء كورونا الذي اريك تجربة العالم و وفق المنظور التالي: *طبيعة بناء الدولة الرأسمالية* قامت الدولة الراسمالية و بشكل تاريخي علي مفاهيم حرية السوق و ان الضابط الوحيد في هذه العملية هو فكرة العرض و الطلب اي اليد الخفية، و بالتالي انحسار دول الدولة في العملية الاقتصادية وتصبح الشركات الكبري هي صاحبة القرار و الموجهة للعملية الاقتصادية..و لقد واجهت الدولة الراسمالية تحديات كبيرة كشف خطل هذا المفهوم و تحديدا في امريكا. ففي نهاية عشرينات القرن الماضي مر الاقتصاد الامريكي بحالة كساد هددت بقاء النظام الراسمالي، و لهذا برزت النظرية الكينزية لصاحبها جون مينارد كبنز و فكرت في اعادة دور الدولة في الاقتصاد، و قد لعب هذا التفكير دورا مهما في الخروج من حالة الكساد عبر تلك المرحلة من خلال تدخل الدولة و سيطرتها علي الاقتصاد. لكن تراجع دور الدولة في امريكا لاحقا و سيطرت الشركات الكبري علي مفاصل الحياة الاساسية و اصبحت الدولة دولة حرب من اجل فتح اسواق خارجية لهذه الشركات و مصادرة احتياجات السوق من الدول الاخري، و اصبحت امريكا دولة حرب بامتياز، اذ يقول بعض الخبراء بان امريكا قد خاضت اكثر من اثنين و تسعين حربا منذ انشاءها و كل هذه الحروب لم تكن دفاعية لكن هدفها السيطرة علي موارد الآخرين. من هنا فان الدولة الراسمالية و في حدود امريكا قد ركزت علي صناعة الأسلحة المتطورة من اجل السيطرة علي العالم و اهملت القطاعات المهمة مثل قطاع الصحة و قد تم تركه للشركات الكبري و التي حولته الي قطاع للربح. بعد انتشار وباء كورونا بدات امريكا اكثر تخلفا من كوريا الجنوبية في مواجهة هذا الخطر و تكشف ضعف النظام الصحي و الذي لم يكن مهئيا لمواجهة هكذا وباء، وهذا يعكس مجال اهتمامات الدولة الراسمالية، اذ تبرز قدرتها في التسليح لتأمين مصالح الرأسماليين الصغار و الكبار. لهذا فان دور الدولة عموما يجب ان لا يبتعد عن ثلاثة مجالات و هي التعليم و الصحة و والمواصلات، هذه البنيات لو تركت للقطاع الخاص فان مصير اي دولة سيكون مواجها بتحديات كبري و بالذات في مرحلة الأزمات. بالعودة لمناقشة دور الاوبئة في سقوط الامبراطوريات، فإن و باء كورونا سيربك الإقتصاد الأمريكى كما سيربك كل الدول و في حالة استمراره لفترة اطول سيعجل بانهيار الامبراطورية، اما الدول النامية فليس لديها ما تخسره و ستغرق في الفقر اكثر و ينفتح الباب للقوي التي تؤمن بدور الدولة لقيادة العالم، و لهذا فان العالم سيصبح كالآتي تاسيسيا علي اللقاء الذي اجرته مجلة( فورين بولسي)(Foreign Policy) مع مفكرين و ساسة عالميين: 1-فشل الولاياتالمتحدة و الغرب بشكل عام في قيادة العالم وتحول الدفة للصين و دول جنوب شرق اسيا 2-النظام العالمي و توازن القوي سيتغيرات بشكل كبير.. 3-انتهاء نظام العولمة الاقتصادية و الاعتماد المتبادل و البحث عن سلاسل توريد كلية. 4-نسف القواعد الحالية لعمليات التصنيع و الانتاج العالمية. 5-فشل المؤسسات الدولية في القيام بدورها الذي كان متوقعا في التحذير و التنسيق للحد من الأزمة. 6-توقع تفكك الاتحاد الأوربي بعد فشله في مواجهة الازمة علي مستوي اعضاءه.. 7-مزيد من الانكفاء علي الداخل و تراجع القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك.. 8-تقوية مفهوم الحكومة المركزية و تعزيز قبضة الحكومات دون معارضة. 9-قوة الروح الانسانية و نجاحها في مواجهة الخطر 10-المنتصر في الحرب ضد الكورونا هو الذي سيكتب التاريخ و يحدد المستقبل بشكل كبير. 11-سيكون العالم اقل حرية و اكثر فقرا. انتهي استطلاع مجلة(فورن بولسي) لبعض المفكرين، والذي يشجع بالقول ان وباء كورونا يمكن ان يؤدي لانهيار الامبراطورية و فق نظرية الرعب و الصدمة و التي اخترعتها الرأسمالية العالمية لضرب المراكز التي تتعارض معها،و لكن هذه المرة ياتي الرعب و الصدمة من كورونا فهل ستصمد الدولة الراسمالية امام هذا الرعب؟ الاحتمال ليس كبيرا. _______ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.