لا يُمكن أن ينشأ عنفٌ، دون أن يستند إلى جهالةٍ، أو تطرفٍ، أو إعتدادٍ بالرأي. وبشكلٍ عام، فإنَّ الوعي الديني، الذي يفترض إمتلاك الحقيقة المطلقة، ويهدر كليَّاً حقوق الآخرين في الوجود، ويجرِّم قناعاتهم، ويستبيحهم لينال الثواب، هذا الوعي، بالذات، هو الأساس النظري، والفكري للعنف الذي يلازم تنظيمات الإسلاميين، من حيث أساليب العمل، ولغة الدعوة. لقد نجح أهل بلادنا، وفي بدايات دخول الإسلام للسودان، في سودنته، ونزعوا عنه كثير من مصادر العنف (أنظر: إتفاقية البَفْط)، وقبلوه مسالماً ينحو للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. لقد تباينت المدارس الفكرية الإسلامية، في بعدها، وقربها من العنف، أفكاراً، وأساليب عمل. لقد أختار الأخوان المسلمين الإلتصاق بالعنف، بكل تبدياته (الحيطة، بالحيطة!)، ولم ينتبهوا إلى تاريخ الإسلام المسودن، كما لم يضعوا حساب لمزاج وبنية إنسان السودان، نسيج وحده، الوجدانية، فتعالوا عليه، وأرهبوه، وأجرموا في حقه باسم الدين، وفقاً للتصورات القاصرة القابلة للتفنيد، والدحض، والهزيمة. وفي التاريخ الحديث، رفض الأخوان المسلمين (إتفاقية الميرغني- قرنق للسلام- 1988م.)، وخونوا أطرافها، وعملوا على إبطالها، وتباهوا بأن هذه الإتفاقية هي إحدى أسباب إنقلابها 1989م.، ورفعوا في مكانها شعار (من أجل سلامٍ تحرسهُ القوّة)، وأفضى الشعار، مع أوهامٍ جهولةٍ، وتصوراتٍ مجرمةٍ أخرى، كارثة نيفاشا، ثم إلى إنفصال الجنوب، (كله)، في نهاية المطاف. لقد ولغَ الأخوانُ المسلمين في ممارسة العنف، ضد الأفكار، والمؤسسات، والأفراد. وبألف طريقةٍ وطريقة، خلطوا رؤاهُم المجرمة، إرادتهم التنظيميَّة، ومصالحهم في السوق بالدين، بحيث أصبح من المستحيل الفصل بين الأخوان المسلمين، وبين منابر الدعوة الإسلامية بما فيها (مَنابِر المساجد)، التي صارت ولفترةٍ طويلةٍ تتلقي برامجها من قيادة تنظيم الأخوان المسلمين، وتُكفِّر، من فوق، ما استطاعت أن تكفر، واضعه المبرر الديني، والحافز الإلهي، لمشروع المجارمة القابعين تحت هذه المنابر، يتلقُون القولَ الفصل، لينطلقوا بعده إلى التنفيذ، ومنه إلى الجنة. ويشهد تاريخ الإنقاذ، المحضور، على جرائمٍ، تفوَّقت على نفسها، من حيث النوع، من الأخوان المسلمين، ومن التنظيم. في هذا السياق، فإن جرائماً، جديدةً، متوقعه، بدأت بالإعتداء على النُشطاء، ثم المعتصمين، فلجان المقاومة، ورئيس الوزراء، وأخيراً لجان تفكيك التمكين. ستستمر المحاولات العنيفة، بهدف تعطيل مسيرة الثورة، وتخويف الثائرات والثوار، وبهدفٍ آخر هو تسميم الأجواء، بحيث تصير غير مواتية للمناقشات، ولتبادُل الآراء، وإنتاج الوعي، وبثه، والذي هو: - (كلمة السر بين الثائِرات، والثُّوار!). عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.