تعتبر منظمة الدعوة الاسلامية من أقدم المنظمات الطوعية الرائدة في العالم الإسلامي، تأسست المنظمة في العام 1980 م بواسطة مجموعة من المحسنين من عدة جنسيات مختلفة تداعوا لتقديم الدعم والمساندة للانسان الإفريقي، وصنف هؤلاء المحسنون كاعضاء فى التظيم الدولى للاخوان المسلمين ويستضيف السودان رئاسة المنظمة في عاصمته الخرطوم وفق قانون خاص تم إجازته في العام 1982 م ووفقاً لهذا القانون تعامل المنظمة كبقية المنظمات الطوعية الدولية غير الربحية بهذه البداية المحمودة داخليا فى السودان وخارجيا فى بقية الدول الاخرى تأسست منظمة الدعوة الإسلامية بأهدافها السامية وببرامجها المفيدة وبعملها الدءوب من اجل الانسان المسلم فى كافة أرجاء العالم ومن اجل مساعدته ومساندته ودعمه ماديا وفكريا وروحيا ، وهى بهذه البداية تكون من أوائل المنظمات الإسلامية التى طرقت مثل هذا المجال كما انها من اوائل مؤسسات العمل الاقتصادى والمالى لتنظيم الاخوان المسلمين. تم اختيار السودان كدولة مقر لمنظمة الدعوة الإسلامية وتم تسجيلها رسميا تحت قانون الهىئات التبشرية لسنة 1982م واصبح دولة مقر لرئاسة المنظمة لاسباب ايدلوجية تتعلق بالاقليات المسلمة ونشر السودان فى جنوب السودان ودول افريقيا وباشرت عملها وفق الاهداف التى تأسست من اجلها وقامت بفتح مكاتب لها فى عدة مدن اقليمية ودولية . كما لم تكن منظمة الدعوة الإسلامية بعيدة عن تنظيم الإخوان المسلمين فى العالم على وجه العموم وفى السودان على وجه الخصوص لم تكن بعيدة بطبيعة الحال عن ثورة الانقاذ الوطنى حيث ذكر احد قيادات الاخوان المسلمين واحد مؤسسى تلك المنظمة ان البيان الاول قد تم تسجيله داخل استديو المنظمة بواسطة الرئيس القادم وقتها عمر البشير على كل فان قادة ثورة الانقاذ الوطنى كانوا يعولون كثيرا على منظمة الدعوة الاسلامية لكونها احد اكبر المنظمات الداعمة لتنظيم الاخوان المسلمين فقام النظام آنذاك بتمكين منظمة الدعوة الاسلامية مباشرة بعد ان فرغ من تأمين نفسه فاصدر قانون سودانيا سماه قانون منظمة الدعوة الاسلامية وجمع لها فى ذلك القانون كل ما يخطر على البال من امتيازات وسلطات وصلاحيات اراد بها ان تكون تلك المنظمة فوق القانون بل وفوق الدولة نفسها . ومن يريدان يتعرف على مدى الامتيازات التى حظيت بها المنظمة فليرجع الى الفصل الثانى من قانونها والذى تمت تسميته حصانات وإمتيازات المنظمة حصانة مباني المنظمة المادة 7 . حصانة محفوظات المنظمة ومراسلاتها المادة 8 . حصانة أموال المنظمة المادة 9 . الحريات المالية للمنظمة المادة 10 . إعفاء المنظمة من الضرائب والرسوم المادة11 . تمتع المنظمة في استعمال المواصلات الرسمية بأفضلية الأجور والرسوم المادة 12 . حرية تنقل موظفي المنظمة المادة 13 . حصانة أعضاء مجلس الأمناء المادة 14 . حصانات وامتيازات موظفي المنظمة ومستشاريها المادة 15 . لم يكن فى ذهن واضعى قانون منظمة الدعوة الإسلامية ان نظاما اخر سيأتي فى يوم ما تتقاطع فلسفته وافكاره مع افكار الحركة الإسلامية فى السودان كما لم يكن فى ذهن حكومة الإنقاذ الوطنى آنذاك ان المياه ستجرى من تحت الجسر وان الارض ستميد من تحت أقدامها بسبب سياسات النظام و سوء إدارته لموارد الدولة ، لهذا فان تمكين منظمة الدعوة الإسلامية فى السودان كان هدفا مشروعا فى نظرهم حتى ان أحدا لم يعترض فى حينها على مقومات ذلك التمكين وهى مجموعة الحصانات والامتيازات التى حظيت بها المنظمة ، على كل فقد سارت المنظمة وفق ما يشتهى واضعوا قانونها فتمددت كما وتنوعت كيفا وقامت بإنشاء مشاريع ساعدت كثيرا من المسلمين فى داخل السودان وخارجه منها على سبيل المثال المجلس الافريقى للتعليم الخاص ومؤسسة دانفوديو ومشروع ابراج الخير وتقوم المنظمة بتنفيذ اهدافها من حلال ريع تلك المشروعات الاستثمارية بجانب تمويلها لافطارات رمضان ومشروع الاضاحى لعدد كبير من الناس فى دول افريقيا لم تقف منظمة الدعوى الإسلامية فى الحياد بشأن الحكم فى السودان فهى كانت دائما فى قلب الحدث بدأ من تسجيل البيان الاول وليس انتهاءا بموقفها من المفاصلة الشهيرة بين الرئيس عمر البشير والأمين العام حسن عبد الله الترابى اضافة الى دورها فى تمويل انشطة التنظيم وقد تفاخر الاسلاميون بعد ذلك بانهم نجحوا فى انشاء استراتيجيتهم بخصوص تمويل الحركة الإسلامية وأنهم قد نجحوا في إقامة الشركات التجارية والبنوك وشركات الاستثمار والتأمين الإسلامية وتوفير التمويل لعناصرهم لينشطوا تجارياً في كل المجالات، وفي ذات الوقت أدى هذا لتقوية منظَّماتهم الجماهيرية وتأسيس العديد من المنظَّمات الإسلامية مثل الدعوة الإسلامية والإغاثة وغيرها، الشيء الذي وفر المال المباشر وغير المباشر لتمويل أنشطة التنظيم المختلفة، و خلق الكثير من فرص العمل والوظائف لاستيعاب وتشغيل عضويتهم ومؤيديهم ولإغراء الشباب والطلاب وتجنيدهم كان لمنظمة الدعوة الاسلامية دورا بارزا فى الأحداث التى مرت على مسيرة الحكم فى السودان وخاصة ما عرف حينها بالمفاصلة بين المنشية والقصر فقد قال القيادى الاسلامى اسامة توفيق ان العلاقة بين نظام الحكم فى السودان ومنظمة الدعوة الاسلامية علاقة غير معلنة وحتى انقسام الشعبي كان يشتيبه في انها تموِّل الشعبي، لذلك تم اعتقال القيادي بالشعبي الأمين محمد عثمان، عقب المفاصلة والذي كان يشغل منصب الأمين العام للمنظمة فى ذلك الوقت من المؤكد ان منظمة الدعوة الإسلامية حازت على تمكين منقطع النظير فى السودان خلال حكم ثورة الانقاذ الوطنى ومن المؤكد ايضا ان ذلك التمكين قد ساعدها الى حد كبير فى تنمية مواردها وتوسعة مشروعاتها وانها قامت من خلال ذلك التمكين أيضا بتنفيذ الكثير من أهدافها سواءا على مستوى التظير والرؤيا او على مستوى العون الانسانى فى السودان وخارج السودان مما يخلق نوعا من اليقين بان منظمة الدعوة الاسلامية كانت واحدة من الاذرع الطويلة للحركة الاسلامية فى السودان على وجه العموم ولنظام الحكم فيه على وجه الخصوص وهى بهذا التوصيف تكون واحدة من ادوات نظام ما قبل الثورة دون ادنى شك بقيام ثورة ديسمبر التى أزاحت نظام الثلاثين من يونيو 1989م برز نظام جديد فى السودان وكان لزاما عليه وتمشيا مع متطلبات التغيير ان يقوم بازاحة كافة مظاهر النظام السابق فصدر قانون تفكيك التمكين والذى حشددت له الألفاظ حشدا حتى انه لم يترك شئيا له علاقة بنظام الإنقاذ الا وطاله وكان من بين تلك الأشياء منظمة الدعوة الإسلامية حيث صدر قرارا بحلها والغاء قانونها ومصادرة اموالها وتسريح عمالتها وكان التفكيك مدويا مثل التمكين على المستويين القانونى والمادى . تنص المادة الثالثة من قانون تفكيك نظام الإنقاذ على الاتى في هذا القانون وما لم يقتض السياق معنى آخر تكون للكلمات والعبارات الآتية المعاني الموضحة أمامها: الوثيقة الدستورية : يقصد بها الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019. نظام الأنقاذ : يقصد به ما ترتب على الانقلاب الذي استولى على السلطة الشرعية في السودان في الثلاثين من يونيو 1989م واستمر في الحكم حتى 11 أبريل 2019م. الحزب : يقصد به حزب المؤتمر الوطني المسجل بجمهورية السودان. رموز المؤتمر الوطني: يقصد بهم أي شخص شغل منصباً في ما يسمى "مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني" أو أي شخص كان عضواً بمجلس شورى الحزب أو عضواً بالمجلس القيادي للحزب بمن فيهم من شغلوا منصب رئيس الجمهورية أو نائباً لرئيس الجمهورية رئيساً للمجلس التشريعي أو والياً أو وزيراً اتحاداًيً أو ولائياً أو مديرًاً لجهاز الأمن أو نائباً عاماً أو نقيباً للمحامين أو رئيساً للقضاء أو للمحكمة الدستورية لجمهورية السودان إبان نظام الإنقاذ التمكين: يقصد به أي طريقة أو أسلوب أو عمل أو تخطيط أو اتفاق للحصول على الوظيفة العامة أو الخاصة إنفاذاً لسياسات نظام الإنقاذ سواء بالفصل من الخدمة تحت مظلة الصالح العام أو بتعيين منسوبي نظام الإنقاذ أو إحلالهم ليتولوا بأي وسيلة أو يسيطروا على الوظائف أو المصالح أو المؤسسات القائمة أو التي تم إنشاؤها بقانون أو أي منظمة أو هيئة أو شركة أو اسم عمل أو مشروع أو جمعية أو اتحاد طلابي أو مهني أو نقابة أو أي كيان سواء له شخصية اعتبارية أو لم يكن وذلك للحصول على أي ميزة أو إعفاء أو امتياز أو إتاحة فرص للعمل بسبب الولاء التنظيمي أو الانتماء السياسى أو القرابة بأحد رموز نظام الانقاذ أو قيادات الحزب أو الأفراد الذين نفذوا أو ساعدوا في الاستيلاء على السلطة في الثلاثين من يونيو 1989م أو بسبب المحسوبية أو الولاء أو الحصول على الموالاة لنظام الإنقاذ أو لتحقيق أهدافه أو تلك الورادة في برنامج الحزب وشعاراته. بالرجوع الى ما قلناه انفا بشأن قيام منظمة الدعوة الإسلامية نجد ان نص المادة 3 المشار اليه فى الفقرة التى تخص تعريف التمكين ينطبق عليها تماما مما يجعلها عرضة لتطبيق أحكامه عليها ولكن الذى يثور الجدل حوله هو الالية التى يحب ان تتبعها لحنة التفكيك فى حل منظمة الدعوى الإسلامية . بحسب ما أوضحنا فان منظمة الدعوة الإسلامية تم إعادة إنشاءها بقانون صدر فى عام 1990م وهو القانون الذى الغى اتفاقية المقر المبرمة عام 1982م وانشأ وضعا قانونيا جديدا للمنظمة وعليه فان حل المنظمة يستوجب إلغاء القانون الذى أنشأها وبما ان القانون لا يلغى او يعدل الا بقانون اخر يصدر من نفس الجهة التى أصدرت القانون المراد إلغاءه فان منظمة الدعوة الإسلامية لا يمكن ان يتم حلها الا بقانون يصدر من الجهة التشريعية فى الحكومة الانتقالية وهى مجلسى السيادة والوزراء مجتمعين ويحب ان يتم النص فى ذلك القانون على كيفية التصرف فى مشروعات ومؤسسات المنظمة وكيفية التصرف فى أموالها وعلى لجنة تفكيك التمكين ان تقوم بتنفيذ ما يليها فى ذلك القانون وعليه فان القرار الذى صدر من لجنة التفكيك بحل المنظمة دون ان يتم الغاء القانون الذى انشأها ربما يعطى للمسؤلين عن المنظمة سلاحا قانونيا امام المحاكم السودانية لإبطال ذلك القرار . يجب الإشارة أخيرا انه لا مجال للقول بان منظمة الدعوة الإسلامية هى منظمة دولية لا تخضع للقانون السوداني وذلك ان نظام حكم الإنقاذ لم يرد لتلك المنظمة ان تكون منظمة دولية وان السودان دار مقر لها فقط وقد أوضحنا كيف ان النظام آنذاك قد اصدر قانونا خاصا بها وانه جعلها بموجب ذلك القانون منظمة سودانية ليس للمنظمات او القوانيين الدولية شأن بها مسيرة منظمة الدعوة الاسلامية كانت حافلة خلال الاربعين عاما التى قضتها فى السودان وذلك بفضل نظام ثورة الانقاذ الوطنى وحاضنته الحركة الاسلامية السودانية وبمثلما كان قانون منظمة الدعوة الاسلامية الذى صدر فى عام 1990م بداية لمسيرة ظافرة لها ، كان قانون تفكيك التمكين هو القشة التى قصمت ظهرها من بعد ما كانت شامخة شموخ نظام الانقاذ ومتمكنة تمكن الاسلاميين ولكن لله فى خلقه شئون عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.