بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ..). صدق الله العظيم لا أحسب أن كل متابع لما يجري من أحداث في السودان قد فاتته رؤية، أو سماع، أو مشاهدة، كل، أو بعض، تفاصيل المؤامرة التي تستهدف ثورتنا المجيدة التي تدبرها وتحيكها جحافل من قوى التخلف والهوس الديني، ممن يسمون أنفسهم برجال الدين، أو بعلماء المسلمين أحيانا، من الذين وصفناهم نحن الجمهوريون بأنهم (علماء بزعمهم)!. وكما لا يخفى على أحد ممن تابعوا حلقات وفصول المؤامرة، فإن قوى الظلام قد جعلت الدكتور عمر القراي هدفا أولا ومباشرا، تريد أن تتخذه معبرا تدلف منه للهجوم على هذه الثورة العظيمة، ولمقاومة وتقويض حكومتها الوليدة، التي تخوض أكبر وأشرس معارك النهضة والبناء، في أحلك وأصعب أوقات المحنة والابتلاء، الذي عم العالم، بسبب جائحة الكورونا. هؤلاء الادعياء الجهلاء اختاروا الدكتور القراي هدفا، لأن جهلهم، وعجزهم المفضوح عن قراءة الواقع، ورفضهم رؤية ضوء الشمس عن رمد، أعماهم عن إدراك أن أعظم ثورة عرفها عالمنا الحديث، قد اندلعت حقيقة في السودان، فأسقطت نظامهم الفاسد والمهزوم، الذي خرج من عقول وقلوب السودانيين، مرة واحدة وإلى الأبد، حين انهار بفضل الله، وبقوة وتضحيات وصمود شباب هذه الثورة العظيمة. ومن فرط جهل هؤلاء المدعين والمنافقين، من المأجورين من فقهاء السلاطين، ظنوا أن الدكتور القراي هو (الحيطة القصيرة)، التي يمكنهم أنيقفزوا من فوقها، ليتوغلوا داخل أسوار وحصون الثورة، فأراهم هذا الشعب العظيم سوء منقلبهم، ولقنهم درسا في تعبيره، وبالملايين، عن مدى إدراكه لتفاصيل المؤامرة، وعلمهم بأنه شعب واعي، يدرك ما يحاك ضده من مؤامرات دنيئة، ويعرف جيدا من هم أعداءه الحقيقيين ومنهم قادته وناصري ثورته، ومنهم الدكتور عمر القراي، الذي قاد لجانا من خبراء وعلماء بلدنا الحبيب في حقل التعليم والمناهج، لإصلاح الخراب الهائل، والمتعمد، الذي قصد به النظام المباد تدمير التعليم، ليسهل عليه تغبيش وعي الشعب، ومن ثم تركيعه وإخضاعه لسيطرته باسم الدين، والدين منه براء! لقد خاطب الدكتور القراي الشعب، باكرا، ومن أول أيام تصديه لقيادة المعركة، وواجهه بحجم التحدي الذي علينا تجاوزه لإصلاح شأن التعليم، ولم يخف عنهم أمرا، وحمل الجميع المسئولية، حتى يتعاونوا ويتكاتفوا ويتنادوا على وجه السرعة، فاستجابوا لدعوته، ونهضوا، ونجحوا، خلال بضعة أشهر فقط، في عبور أخطر المزالق، وصرنا الآن نستشرف طباعة 53 مليون كتابًا مدرسيا، لتوزع مجانا على تلاميذنا المحرومين! سمعنا من قبل بأن أول الغيث قطرة، ولكن الدكتور القراي، ورفاقه المخلصين، علمونا بأن أول الغيث يمكن أن يكون أمطارا غزيرة، برقهاقبلي! ولقد خيل لهؤلاء العاطلين من عديمي الفكر أنهم باستهدافهم للدكتور القراي سيواصلون تآمرهم القديم ضد الجمهوريين، وضد الفكرة الجمهوريين، لأنهم لم يتعلموا شيئا طوال تاريخ معاركهم ومؤامراتهم ضد الأستاذ محمود، وضد تلاميذه من الجمهوريين، وضد فكرته العظيمة، وقد كانت كلها معارك ومؤامرات خاسرة، انتهت دائما بخزيانهم، وارتدت إلى نحورهم، فقتلتهم كمدا وحسرة! لفد اخترت عنوان هذا المقال (المؤامرة من جديد!!)، وهو نفس عنوان أحد كتب الأخوان الجمهوريين عن واحدة من حلقات تآمرهم في السابق ضد الجمهوريين، والتي ارتدت إليهم، وأثمرت، عكس ما خططوا له، زيادة في وعي وإدراك واهتمام الشعب السوداني بالفكرة الجمهورية! فكما جاء في مقدمة كتابنا تحت هذا العنوان: (... هذه المنشورات الثلاثة هي جزء من مجموعة المنشورات التي صدرت في عام 1968، في أوان مهزلة محكمة الردة، وهي تشمل تواريخ صدورها.. وقد وزعت منها عشرات الآلاف على المواطنين، وصدر بعضها في الصحف.. وقد كنا نتولى تسليمها باليد للقضاة الشرعيين، وفي مقدمتهم الشيخ عبد الماجد أبو قصيصه قاضي قضاة السودان والشيخ عوض الله صالح مفتي جمهورية السودان وقد توعدنا قاضي قضاة السودان بإتخاذ إجراءات رادعة ((لإساءة أكبر هيئة قضائية في السودان)) يقصد بها المحكمة الشرعية العليا - ولكنه كان توعداً كاذباً لم ينفذه، لأنه يدرك أن محكمة الردة كيد سياسي لا صلة له بالقانون إلا صلة التسخير والاستغلال.. ولقد كانت هذه المنشورات طرفاً من حركة المواجهة السافرة التي نهض بها الأخوان الجمهوريون في المحاضرات العديدة، وفي الندوات، والصحف، وفي الكتيبات، لتبيين المكيدة السياسية وراء محكمة الردة، وليتم الفصل عند أفراد الشعب، بين رجال الدين وما ينطوون عليه من زيف وإدعاء وبين حقيقة الدين حتى يتفتح الباب أمام الأذكياء بفهم جديد للدين، وبعد أن ظنوا ردحاً من الزمن أن الدين هو ما عليه هؤلاء الأشياخ من صور شائهة متخلفة، ولتتم مواجهة الدستور الإسلامي المزيف، الذي كانت الطائفتين تلهث وراء الإسراع بتطبيقه ليكون سيفاً وسوطاً على كل تقدم وعلى كل فكر حر. (... لقد كانت محكمة الردة تنفيذاً لمخطط طائفي شارك فيه السياسيون التقليديون، ورجال الدين، إستهدف التصفية الجسدية للفكر الجمهوري، بعد أن أقض مضاجعهم، وسفه أحلامهم، بتوعيته النشطة المستمرة للشعب وبتأثير نقده المتواصل للجهل الذي كان يتربع على دست الحكم على الرأي العام.. ولقد لجأ هؤلاء للتصفية الجسدية بعد أن عجزوا عن المواجهة الفكرية، محطمين بذلك كل الحقوق الدستورية للمواطن. ولم يمنعهم من التنفيذ إلا أنهم لا يملكون القدرة على التنفيذ، فاكتفوا بإعلان الحكم، ظناً بأن ذلك يكفي لمحاربة الفكر الجمهوري، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، إذ كانت محكمة الردة هي الجرعة الضرورية لتقوية ودفع الفكرة الجمهورية، فقفزت كماً وكيفاً وبصورة ما كان يمكن أن تتم لها إلا في أعوام طويلة وبمجهود مضن، والآن، وبعد أن وضح ذلك لمن كانوا يسمون القضاة الشرعيين ولرجال الشئون الدينية وبعد أن استعلن أمر دعوتنا، وقويت شوكتها، وبعد خروج كتاب ((الميزان بين محمود محمد طه والأمانة العامة للشئون الدينية)) ليكشف للناس حقيقة من يسمون برجال الدين، وليكشف التشويه المتعمد، والتزييف والاستعداء الرخيص للسلطة علينا، وليزيح الستار عن ماضٍ مخز لرجال الدين، بعد ذلك كله بدأ الكيد والتآمر من جديد، لتنفيذ ما عجزت عنه محكمة الردة قبل سنوات سبع..). (... لقد كانت محكمة الردة أكبر محنة للقانون في بلادنا.. أكبر محنة للفكر والضمير الإنساني. وقد أنى للقضاء السوداني ممثلاً في رجاله أن يقول كلمته، وأن يمحو عن جبينه وصمة العار التاريخية التي لحقت به، إذ مورس بإسمه، وبسلطته، أبشع أنواع التخلف الفكري والقانوني...). (... إننا سنواجه هذا التآمر الجديد الذي تقف خلفه الشئون الدينية وحلفاؤها من القضاة الشرعيين والأخوان المسلمين بكل حسم وصلابة الحق حتى ينزاح قناع القداسة الزائف عن وجوه من يسمون برجال الدين الذين هم أكبر ما رزئ به الدين طوال التاريخ.. عاشوا بالدين ولم يعيشوا له، واقاموا القطيعة بينه وبين الشباب الذكي المتفتح بسلوكهم المشين وفهمهم المتحجر الذي جسدته وحكته محكمة الردة في أبلغ صورة.. إن محكمة الردة هي المصير الذي ينتظر الذكاء والفكر والحرية لو وجد السلفيون الفرصة في السلطة الزمنية.. ولذلك، فهي خير ما يرفع ويستثمر لتوعية أفراد الشعب بمثالب رجال الدين إذ هم اليوم أكبر عقبة أمام الإسلام، فهم من حيث لا يعلمون، يناهضون عودة الدين ويدعون ضده بسوء سلوكهم وقصور فكرهم، دعوة لا يبلغ مبلغها أعدى أعداء الإسلام. فهم ((الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً)).. ولكن لا ضير، فإن الحق ينصره أصدقاؤه.. وينصره أيضاً أعداؤه...). والآن، نشهد حلقة جديدة من حلقات هذه المؤامرة، وستكون نتيجتها نفس نتيجة سابقاتها. فكما لاحظ وكتب أحد الشباب: (*من المستفيد من وراء كهشتاق القراي؟*.. (... سوف يتكالب السودانيون على كتب الجمهوريين والاستماع لتسجيلات وفيديوهات الاستاذ محمود محمد طه في موقع الفكرة الجمهورية على شبكة الانترنت Al-Ustazh Mahmoud Muhammed Taha and the Republican Thought وفي وسائط التواصل الاجتماعي، وخاصة، اليوتيوب. وسوف يتم تسليط الضوء علي الفكر الجمهوري وسوف يقتل الشباب هذا الموضوع بحثا. لقد قدمتم، أيها التكفيريون، خدمة مجانية للحزب الجمهوري.)! ألا ما أشبه اليوم بالبارحة! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.