يعتمد المؤتمر الوطني للفوز بالإنتخابات على عاملين أساسيين هما صعوبة عملية الإقتراع، واستغلال السلطة والإعلام، وربما يكون لهما ثالث وهو التزييف في النتائج بطريقة أو بأخرى.. فيما يتعلق بالأول وهو صعوبة عملية التصويت أو الإقتراع، فقد قام المجتمع المدني بدور مقدر في هذا، وظل طوال عامين يعمل على نشر ثقافة الوعي الإنتخابي عبر الورش التدريبية وتدريب المدربين والندوات والسمنارات وما إلى ذلك، مستهدفا القطاعات التي يقع عليها العبء الأكبر من تنظيمات سياسية وقادة محليين ومعلمين وغيرهم. وقد نجح إلى حد كبير في التعريف بما يتطلبه الإنتخاب ابتداءا بالقانون الإنتخابي وتوزيع الدوائر الجغرافية وطريقة إنتخاب كل من الرئيس (بطاقة) والوالي (بطاقة) والمجلس الوطني (ثلاث بطاقات: قائمة حزبية/ قائمة المرأة/ وقائمة لمرشح الدائرة الجغرافية) والمجلس التشريعي للولاية (ثلاث بطاقات بنفس طريقة توزيع بطاقات المجلس الوطني)، لتصبح ثمانية بطاقات في الشمال وإثني عشر بطاقة في الجنوب (مضافا إليها أربعة بطاقات: لرئيس حكومة الجنوب (بطاقة) والمجلس التشريعي لحكومة الجنوب (ثلاث بطاقات)؛ وامتد عمل المجتمع المدني للتعريف بنوع وطريقة التصويت لكل بطاقة؛ ثم بكيفية توزيع النسب بين القوائم وطريقة حساب النتاج للعملية الإنتخابية. يعتمد المؤتمر الوطني على هذا التعقيد الزائد في أن يتمكن عبره (وبه) من تحقيق التالي: 1- (ترهيب) المواطنين من المشاركة في إنتخابات بكل هذا القدر من التعقيد. 2- تسجيل أعلى نسبة من الخطأ في بطاقات منافسيه. 3- القيام بعمليات تزوير وتزييف النتائج (في مرحلتي الإقتراع والفرز). 4- إمكانية مقدرته (بأموال الشعب) على شرح وتفصيل هذا التعقيد على عضويته ولمن يريد التصويت له، مع (توقع) فشل الآخرين في ذلك. إذا، يصبح رهان المؤتمر خاسرا طالما نجح المجتمع المدني في تيسير ما حاول جعله (عسيرا) على العامة ومنهكا ومتعبا للساسة والمراقبين. وطالما تم أعداد مراقبين (محليين) بمستوى جيد من التدريب على سد منافذ الخلل والتلاعب. تبقت على الإجراءات العملية للإقتراع ثلاثة عشر يوما فقط (في حال عدم التأجيل). ولنكن واقعيين ونعمل على أن التأجيل لن يكون، فما هو الأكثر أهمية من غيره؟؟ 1- أن يصل التنسيق بين الجهات العاملة في مجال الرقابة الإنتخابية المحلية أقصاه ويمكن أن تقوم كل من (شمس) و(تمام) والمنظمات الدولية الداعمة لهما، بهذا الدور على أكمل وجه فقد كانت لهما الريادة والقيادة في تنفيذ كل ما سبق، خاصة وأنهما يمثلان تحالفا عريضا لمعظم (إن لم يكن كل) منظمات المجتمع المدني العاملة في شأن الإنتخابات. 2- أن يستمر التعريف بالعملية الإنتخابية وتبسيطها وإزالة الرهبة من نفوس الناخبين حيالها. لقد قام المؤتمر الوطني (حتى الآن) بالعديد مما يثبت أنه لم يكن نزيها في مسألة الإنتخابات إبتداءا من إجازة القانون الإنتخابي، ومرورا بالتعداد السكاني الزائف وترسيم الدوائر الجغرافية، ولا انتهاءا باستغلال إعلام الدولة لصالحه الخاص. ومع هذا (ولهذا)، يزداد اليقين من أنه غير قادر على الفوز؛ ومن ثم: يزداد اليقين في سقوطه في الإنتخابات لمصلحة التحول الديمقراطي بتمام غض النظر عن سؤال: من يكون البديل، لأن البديل في كل الأحوال هو (التداول السلمي للسلطة). لقد أصبح المواطن على ثقة من أن الإذاعة والتلفزيون (اللا قوميين) يخضعان لمصلحة المؤتمر الوطني الإنتخابية، وأصبح معدل التجاهل المصحوب بالإستهزاء لهما متزايدا يوما بعد يوم، إلا أننا نعلم علم اليقين أن هناك من البسطاء من يعتبرهما (لسان الحال)، ونعلم كذلك أن هناك بدائل تتمثل في قنوات فضائية عالمية تحظي باهتمام واحترام المواطن السوداني أكثر من المحلية وفوق هذا وذاك: فإنها رهن الإشارة لكل من يطلبها. إن الرسائل الإنتخابية (على محدودية زمنها) ذات تأثير قوي ويجب الإستفادة القصوى منها. في هذا التوقيت الحرج، فإن أي إستغلال للسلطة لمصلحة المؤتمر الوطني الإنتخابية يصب في غير مصلحته، وفي الذاكرة القريبة الشهيد محمد موسى وفصل الأطباء واعتقال عبد الله مهدي. نتوقع (ونتمني) المزيد من الضغط على الأجهزة الأمنية لتقوم بمثل هذه التفلتات مع استغلالها بوعي ونشرها بين المواطنين لزيادة ذاكرة السخط و ال (قَرَف) لتكون متزامنة مع الإنتخابات؛ فنحن أدرى بطبيعة شعبنا ال (نسّاي). تبقي المحور الثالث وهو التزوير وهذا نفرد له مساحة أخرى.. نحن الآن بحاجة للأمل القوي في التغيير.. هشام عبيد يوسف ناشط مجتمع مدني النرويج HISHAM JODA [[email protected]]