(إعلام المؤتمر الوطني الإنتخابي يستغل قناتي الجزيرة والعربية) (نتابع الإعلام السوداني لا لمعرفة ما يجري في السودان وإنما لمعرفة رأي وموقف المؤتمر الوطني) (إذا إردت أن تعرف ما يدور في السودان فابحث عن المعلومة في الإعلام العالمي لا السوداني) ظل مسلما لدي غالبية المهتمين أن الإنتخابات لن تخرج من إطاري الفشل أو التزوير خاصة بعد فجيعة الشعب السوداني بفقد الدكتور جون قرنق في سقوط طائرة تشير الدلائل إلى أنه لم يكن حادثا، أكد ذلك ما تلاه من غموض في مسار عمليات لجنة التحقيق الخاصة، والتي تم تكوينها لكشف غموض الحادث والتي لم تنشر تقريرا حتى اللحظة، وما تبعه من تغير في مواقف المؤتمر الوطني تجاه الحركة الشعبية، والتي يظهر فيها التعالي والتعامل معه على أنه تابع لا شريك، وبعد أن تأكدت رغبة المؤتمر الوطني في تعطيل إنفاذ بنود إتفاق السلام الشامل وتلكئه في حسم العديد من النقاط الخلافية مع الشريك الذي أضطر لانتهاج الإنسحاب من قبة البرلمان وسيلة في أكثر من مرة ليجبر المؤتمر الوطني على الإنصياع كان آخرها الإنسحاب إثر إجازة قانون الإستفتاء. وبالعودة إلى مسألة مخالفة نص الإتفاق من الشريكين بالتراضي على أن تكون وزارتي المالية والطاقة معا من نصيب المؤتمر الوطني وقبول الحركة الشعبية بذلك، فإن التوقعات أشارت حينها إلى أنها (الحركة الشعبية) إما أن تكون أكثر حرصا على تنفيذ الإتفاق مما يضعها منذ اللحظة الأولى في خانة الدفاع، وإما أنها لاتقوى على مناكفة المؤتمر الوطني في المسائل بالغة الحساسية مما يضعها في خانة أسوأ تقديرا وهي خانة الضعف، وباعتبار التصريحات المتحفظة في معظم الأحيان لقادة الحركة الشعبية في مسائل هامة للغاية مثل قرار المحكمة الجنائية الدولية بخصوص إتهام البشير، ومواقف الحكومة السودانية من المسائل الدولية والإقليمية الهامة والتي لم تكن في معظمها تمثل رأي السودان وإنما رأي المؤتمر الوطني وحده؛ فإن توقعات الناخب تجاه نتيجة الإنتخابات لم تكن متفائلة بحسبان الأمل المعقود بناصية الحركة الشعبية التي كانت إلى حين توقيع الإتفاق تمثل فرس الرهان للشعب السوداني المغلوب (طوعا) على أمره. منذ حلول عام 2005 وعقب توقيع إتفاق السلام الشامل بدأ المجتمع المدني السوداني (بما فيه التنظيمات السياسية) النظر لمسألة الإنتخابات التي كان مقررا لها أن تكون في السادس من فبراير الجاري قبل أن يتم تأجيلها إلي الحادي عشر من ابريل المقبل، على أنها أمر مفرغ منه ولا حوجة للنظر إليها بعمق أكثر مما هو بائن؛ دون تناسي القلة التي فكرت في الإستعداد لها بطريقة عملية ومتقدمة نوعا ما. وفقا لتقديرات صندوق الأممالمتحدة للطفولة " يونيسف"، فان نسبة الأمية في السودان تبلغ 50% بين النساء، و31 % بين الرجال، ووفقا للتقديرات فإن 61.1% من مجموع الشعب السوداني لا يعرفون القراءة والكتابة. وعليه فإن نسبة المتعلمين تكون 39.9% فقط!!. وبينما يصل مستوى التعقيد في العملية الإنتخابية إلى درجة أن على الناخب في شمال السودان أن يقوم بملء ثمانية بطاقات إنتخابية يعتبر مجرد الإلمام بها تفصيلا، ترفا معرفيا بالنسبة للكثيرين (رئيس الجمهورية، الوالي، ثلاث بطاقات عن المجلس الوطني "البرلمان"، إحداها عن القائمة الحزبية النسبية وأخرى عن القائمة النسوية، وثالثة عن الدائرة الجغرافية، وثلاث بطاقات أخري عن المجلس التشريعي الولائي، بنفس التوزيع السابق)؛ وإثني عشر بطاقة للناخب في الجنوب (الثمانية بطاقات أعلاه زائدا بطاقة عن رئيس حكومة الجنوب وثلاث بطاقات عن المجلس التشريعي لحكومة الجنوب بالتقسيمات الثلاثة نفسها "حزبية، نسوية، جغرافية")، مع الإنتباه إلى أن نسبة الأمية في الجنوب تصل إلى 80%!!. فيمكن تخيل النتيجة التي يهدف المشرع من الحصول عليها بكل هذا التعقيد في العملية الإنتخابية. في ظل هذه الظروف يكون دور الإعلام العالمي ذو تأثير أقوي من المحلي في التأثير على في تشكيل الرأي العام المحلي وعلى موقف الناخب إذ أن درجة المصداقية فيه أكبر منها في المحلي لأنه غالبا ما يسعى للتنافس على أسس حرفية في الأساس؛ وعليه، يكون التوجه نحو الإعلام العالمي في التأثير على المحلي أقوى بدرجة معنوية. ومعلوم أن تشكيل الرأي العام السوداني يلعب الدور المحوري في تحديد نتيجة الإنتخابات التي تبقى لها إثنين وستين يوما فقط!!. الإذاعات العالمية التي تجد قبولا ومتابعة من المواطن السوداني وخاصة في الريف هي الإذاعة البريطانية (BBC-Arabic) ومونتكارلو، بينما القنوات تمتد من (BBC-Arabic)، قناة العربية، قناة الجزيرة، وغيرها من القنوات الأخرى مثل روسيا اليوم وفرنسا (France 24)، وأخريات بدرجة متابعة أقل. وللأسف فإن متابعة قناة الجزيرة تحظي بشعبية أكبر في أوساط السودانيين على جميع مستوياتهم. فإذا كانت قناة الجزيرة هي صوت الحركة الإسلامية العالمية فإن قناة العربية هي قناة (العربية)؛ وبغض النظر عن درجة الإحترافية والمهنية في داخل كل من القناتين، فإن تأثيرهما على الرأي العام السوداني لا ينكره عاقل. فإنه إذا تم (بخبث) توجيه رسالة عن دارفور عبرهما إلى المواطن السوداني، فإنه يكون واضحا أن هذه الرسالة تدخل ضمن الحملة الإنتخابية للمؤتمر الوطني، خاصة عندما تكون هذه الرسالة موجهة من مواطن دارفور (حلقة قناة العربية كانت توثيقة في منطقة ودعة بشمال دارفور عن هجمات الحركات المسلحة على المنطقة، وتوجيه أصبع الإتهام إليها كسبب رئيسي ومباشر في عدم الإستقرار الكائن بالإقليم كله، على أساس أن الخلاف بين الحركات المسلحة وبين الحكومة دون الإشارة إلى أسباب وكيفية تكوين هذه الحركات ودون ذكر كلمة جنجويد من بداية الحلقة إلى نهايتها؛ بينما كانت حلقة قناة الجزيرة عن الخلفية التاريخية العربية والإسلامية لدارفور وتم تسجيلها تحت الظلال الوارفة بمدينة نيالا بشمال دارفور ، والتي تصرف التفكير من النزيف الدموي الحاد في الإقليم إلى تصوير الإستقرار في المنطقة ببث الإغنيات كما لو أن ممارسات الجنجويد بدعم المؤتمر الوطني بالإقليم قد انتهت منذ أمد بعيد). وفي هذا من التأثير على المتابعين لهذه القنوات ما لا تحمد عقباه. في الوقت الذي تقوم فيه قناة BBC-Arabic بعمل جيد في تعرية الحقيقة وكشف الغطاء الذي تحاول القنوات الأخرى إسداله على ما يتم، خاصة وأن تزامن هذا مع طلب قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية اعادة النظر بالقرار السابق بعدم اتهام البشير بارتكاب أعمال إبادة جماعية. إذا كان الموقف السياسي العام إلى حين قريب يتجه نحو الوحدة (التكتلية) ضد المؤتمر الوطني، فإن المؤشرات تتجه اليوم نحو الغرق في تفاصيل المعركة الإنتخابية دون النظر إلى أبعد من موضع القدم مع ضرورة عدم تناسي أن الهدفين الرئيسيين من هذه الإنتخابات هما إحداث التحول الديمقراطي، والحفاظ على وحدة السودان كنتيجة لإستفتاء تقرير المصير في 2011، ولن يتحقق إي منهما إلا بإبعاد المؤتمر الوطني من سدة الحكم، هذا غير إن الإنتخابات التالية لن تحظى بهذا القدر من الإهتمام والرقابة الدولية، ولن تكون الإنتخابات نفسها بهذا القدر من الأهمية إذا ما جاء الإستفتاء بنتيجة الإنفصال. دعونا نفترض أن التقديرات التالية أقرب للصحة وهي لنسب المتابعين للإعلام وسط السودانين: المنطقة الإعلام المحلي القومي الإعلام الولائي الإعلام العالمي صحف مجلات إذاعات تلفزيون إنترنت إذاعات تلفزيون إذاعات تلفزيون إنترنت الخرطوم 15% 5% 15% 10% 10% 30% -- 5% 40% 20% ريف الخرطوم 5% -- 20% -- -- 40% -- 30% 20% 2% المدن الولائية 15% 5% 15% 10% 5% 20% 10% 15% 40% 15% الريف السوداني 5% -- 30% 10% 1% 40% 5% 50% 10% 1% ودعونا نفترض أن العاملين على إسقاط المؤتمر الوطني في الإنتخابات يعلمون هذه النسب يدركون أهمية تأثير كل منها على النتيجة النهائية للإقتراع القادم؛ فإن بث حلقات عن الجرائم التي تم اقترافها في كل من دارفور، الشرق، الجنوب، أو في الشمال، في أي من هذه الوسائط الإعلامية من شأنه أن يقلب موازين التخطيط الحالي الذي بدأ تمريره عبر القنوات المنحازة إلى خط المؤتمر الوطني السياسي. ومن الضرورة بمكان أن يتم تصميم الرسالة الإعلامية التي تتوافق مع كل من هذه الوسائط حسب طبيعتها والفئة التي تصلها. يملك المجتمع المدني السوداني من العلاقات ما يتيح له أن يحقق نتيجة مقدرة خلال ما تبقى من فترة زمنية وجيزة نأمل أن لا يضيع المزيد منها. هشام عبيد يوسف بوشقرون - النرويج Best regards Hisham O. yousif Porsgrunn - Norway Cell Phone: +47 998 57 883 mailto:[email protected]