حين جاء السؤال.. هل الدعوة لتظاهرات الثلاثين من يونيو ) لاسقاط الحكومة* جاءت الاجابة لا... انها ن اجل * اصلاح مسار الثورة *. ربما تبدو الاجابة مقبولة لدى البعض ، لأن هناك كثير من المسارات لم ترق الانجازات فيها الى مستوى طموحات الثورة والثوار. و يلاحظ فى سياق الاجابة على سؤال الهدف من التظاهرات * تناقض * بين ،لأن الذين يتحدثون عن تصحيح مسار الثورة، فى قرارة انفسهم و من واقع اجاباتهم يعلمون بأن الذى حدث فى السودان * ثورة * و تصحيح مسارها يعنى بأن هناك ايجابيات تعتورها سلبيات تحتاج الى اصلاح ، و يضحى من غير المنطقى ان تكون التظاهرات هى الوسيلة الامثل لاصلاح الاعوجاج، لأن للثوار خيارات عملية و عقلانية للقراءة المتأنية للاوضاع وترشيدها لتنسجم مع الاهداف المعلنة للفترة الانتقالية. (2) ان تأتى الدعوة لهذه التظاهرات من أطراف تعتبر من الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية تبدو غريبة و شاذة.. لأنها بهذه الدعوة الاحادية أكدت ان الجسم المنوط به توحيد الرؤى غير متوافق و غير منسجم فى الاساس. و مما يدهش المراقب ان يأتى اجتماع ممثلين للمجلس المركزى لقوى الحرية و التغيير مع السيد رئيس الوزراء بعد الدعوات الاحادية من بعض اطراف هذه القوى !!، و هذا الاجتماع الهام تم فيه تناول كافة التحديات العديدة التى تواجه مسار الثورة فى هذه الفترة الحساسة من تاريخ الفترة الانتقالية....حيث تم الاتفاق بتكوين وفد مشترك للحوار مع حركة الحلو و عبد الواحد ، و ضرورة الاسراع فى تعيين الولاة المدنيين ، و الشروع الفورى فى تشكيل المجلس التشريعى مع الوضع فى الاعتبار المقاعد المخصصة لكتلة السلام ، و ضرورة اكمال مقدرات الاجهزة العدلية المختلفة ، و اكمال أعمال لجان التحقيق فى لجنة فض الاعتصام و توفير المعينات اللازمة ، و محاولة تذليل المشاكل المعيشية التى يعانى منها الشعب بمختلف فئاته. و فى اتجاه بدا للمراقب غريبا ،خلص الاجتماع بأن التظاهر حق مشروع للجميع ، وكأنه قرار يؤمن التظاهرات التى تمت الدعوة لها ، حتى دون الاشارة بما هو مطلوب فى هذه المرحلة من تحركات عملية مدروسة ترشد الحكومة التنفيذية و تحفزها و تشجعها لانفاذ المطلوب منها بروح الفريق الواحد . (3) الثورات الشعبية فى أساسها تنطلق من جموع الشعب فى لحظات من لحظات التاريخ حين تضيق الاحوال ، و رغم انها تأتى بعد مخاض طويل من الهبات والاحتجاجات ، فهى فى الاساس تتسم بكثير من العفوية ، وواضح لكل متابع بأن الثورة السودانية التى توجت بمشاركة شباب من الجنسين كان هدفها الانعتاق تماما من كل ارث الماضى والولوج الى فترة جديدة فى عالم جديد غير مقيد بأحقاد الماضى و غير مؤطر لجهات سياسية معينة ، ولها احلامها فى حرية وسلام وعدالة. و لا يغيب عن البال بأن قوى سياسية و منظمات مجتمع مدنى و جماعات متنوعة ساندت الثورة أملا ان تنعتق البلاد الى افاق رحبة تتيح لها تحقيق دولة القانون و المؤسسات . فى مثل هذه الاجواء كان من المنتظر ان تكون مشاركة الجهات التى اصبحت جزءا من المنظومة الحاكمة .. مشاركة جادة و مسؤولة و صادقة بالنصح والتوجيه والنقد المؤسسى الذى ينتقد بموضوعية و يشارك ميدانيا فى تذليل المشاكل بدلا ان يكون طرفا فى معادلتين متناقضتين .. التى يمكن تلخص فى *مع وضد*. (4) واضح للمراقبين بأن الدعوات لتظاهرات الثلاثين من يونيو ، تحمل فى بعض اوجهها نقدا للمكون العسكرى بدعوى انه المسيطر الفعلى على الاوضاع الامنية والسياسية بينما المدنيون فى المجلسين مستكينون، و هذه الادعاءات تحمل فى طياتها دعوة مبطنة لنسف الشراكة تماما بين المكونين ، الامر الذى مازال رئيس الوزراء ورئيس المجلس السيادى يصران على تأكيده بانهما يعملان فى تناغم تام... فلا بد والامر هكذا اعتبارهما صادقين او كاذبين !! و فى المجلس مدنيون يمتازون بالنزاهة يراقبون ولهم القدرة على التمييز واتخاذ القرارات المناسبة لكل حدث ، و فى الاجتماعات مع الحركات المسلحة والجبهة الثورية مشاركون من شباب المدنيين ايضا قادرين على تحديد ما لات ما تصل اليه تلك الاجتماعات من قرارات . و يبدو ظاهرا ان محاولة دق اسفين الخلافات بين المكونيين العسكرى و المدنى يعتبر بداية النهاية للفترة الانتقالية برمتها ، ثم ان تفاقم الخلافات بين مكونات قوى الحرية والتغيير سيعطى للمكون العسكرى مسوغات تؤكد القناعات الراسخة فى اذهان العسكر بأن المدنيين متسيبون و يجيدون الجدال واللعب على الحبال لتحقيق مصالحهم الذاتية، و من ثم تضيع البلاد وسط زخم الجدال الذى لا سقف له ، و مثل هذا الاستقراء يدفع الاغلبية الغالبة من جموع الشعب للوصول الى قناعة بأن الامور لا يمكن ان تدار هكذا بهذا القدر من العبث!! (5) مخاطر كبيرة تحدق بالبلاد هذه الايام ابرزها الخطر البايولوجى كما ذكر د, محمد عبد الحميد استاذة مادة الحد من مخاطر الكوارث فى الجامعات السودانية ، فمن المثير للعجب والدهشة ان تصدر الاوامر لكافتنا للبقاء فى البيوت و تغلق المحلات والدور . و تشل حياة الغالبية الغالبة من ابناء و بنات الشعب .. و يفقد الناس سبل كسب معايشهم لتبرز تظاهرات يسمونها مليونية . فى انتهاك صارخ للموجهات الصحية ، اضافة لمخاطر الجائحة التى لا ترحم لا يخفى على اى انسان ما يعايشه الناس فى معايشهم ، و بدات اصوات التبرم والسخط تسمعها جهارا نهارا من اؤلئك الذين شاركوا فى الثورة ، و فى اجواء سخط طالت مدن كعطبرةو مدنى و مقتل شاب فى الكدرو و بروز اشتباكات متعددة ف أطراف عديدة ..و كلها اجواء يمكن ان تستغل بصورىة او أخرى ضد الوضع برمته .. بينما كان من المؤمل ان يشيع المؤيدون للثورة التفاؤل بين الناس ببشريات ما قد سيتم بعد مؤتمر برلين المرتقب لمساعدة السودان و بشريات بان الغد افضل بتكاتف المؤيدين للثورة .. بادماج السودان فى المنظومة الدولية ... و بالعمل ان يعمل المتنفذون فى مجلسى السيادى والتنفيذى بتناغم وود. خلاصة القول ان الدعوة لتظاهرات الثلاثين من يونيو حديث باطل حنبريت ، و حنبريت حسبما شرح البرف الراحل الطيب عبد الله يعنى ما هو باطل بطلانا خالصا .. مما يجعلنا نردد مع نصر بن سيار : أرى تحت الرماد وميض جمر * يوشك ان يكون له ضرام فان النار بالعودين تزكى * وان الحرب مبدؤها كلام فان لم يطفئها عقلاء قوم * يكون وقودها [ جثث و هام . والدعوة الان للعقلاء .......