(فلم يستبينوا النصحَ إلّا ضُحَ الغدِ) أكتب الان وقد شارفت أسابيع الاخ رئيس الوزراء على الإنتهاء ان لم تكن فعلا قد انتهت. ظلّ العشم موجوداً منذ تشكيل الحكومة الانتقالية وحتى يومنا هذا في ان تتعامل الحكومة مع الأشياء تحت ضوء شمس السودان الباهر وان تبتعد عن المناطق الضبابية في التعيين للمناصب العامة وفي وإيقاف (التشاور) لذات الغرض مع من هم دون قامة هذه الثوره وفي الخروج عن الصمت المطبق الذي ظلت تتعامل به الحكومه معنا كشعب فصرنا كأنّما نُحكم من داخل القبور وفي الخروج على تسيير الأمور بنفس نهج الإنقاذ في عدم الشفافيه وفي ثقافة المؤامرات وتغييب الحقائق عن الشعب. مما يعني ان لا شيء قد تمّ انجازه على خط الثوره التي قادها الشعب وصولاً الى الان.. نفس نهج الإنقاذ يضاف اليه المعاناه التي نتقبلها بكل رحابة الصدر التي لا يصدّقها عقلٌ بشري أملاً في غدٍ أفضل. ان كان هنالك شيٌ قد أُنجِز فهو إبعاد كل القوى الثوريه الفاعله من مسرح الأحداث في جميع المواقع والإبقاء على سدنة العهد البائد و ( اصحاب المصالح) على رأس وداخل كل اجسام اجهزة الدوله ومنها الاجهزه الامنيه التي لا تحتمِل مثل هذا التلكؤ المقصود من جهات ، قطعاً ، ذات مصلحه هذا من ناحيه ومن الناحية الاخرى ينمُّ عن عجزٍ بيّنٍ غير مبرر لمن بيده السلاح الأكثر مُضاءً والأقوى أثراً وهو سلاح (الشارع ) إن كان هذا الشارع هو من يعمل من أجله الاخ رئيس الوزراء حتى الان. والأدهى ظلّ تقريب الانتهازيين وإبعاد اصحاب الغبينه هو ديدن المسؤولين وعلى رأسهم الاخ رئيس الوزراء ( ومن هم حولَهُ ) حتى أصبحنا نحن كالشحاذين امام بلاطه وقحت واتحاد المهنيين. لم نرعوِ وظللنا ( نشحد ) ليس من اجل خيرٍ نرجوه لانفسنا ولكن من اجل خير السودان وثورته وشهدائه ومسحوقيه .. بدأت هذه ( الشحده ) منذ شرارة الثوره الأولى بغرض ايلولة وزارة الداخليه للسلطه التنفيذيه لصالح الشعب صاحِبِها وظلَّ رد القوى المدنيه ثابتاً لا يتغير ( الله كريم ).. عندها أيقنّا ان هنالك ( بيعاً ) قد تمّ من البعض وان هنالك ( خيانةً ) قد حدثت وتوهطت وسط ( صمت البعض الآخر) يضاف لكل ما تقدّم الوثيقه الدستوريه الكارثه. لم يُحاسب احد ولم يحاكم احد ولم يُفصل احد بل كلهم آمنون في أسرابهم يأكلون الطعام ويمشون بيننا كأن شيئاً لم يكن وظلت الوثيقه هي المشجب الذي نعلق عليه خيبتنا كأنها قرآنٌ منزل مع ان كل ما تقدّم يندرج تحت خانة الخيانةِ العظمى بلا منازعه. عندما تسنّم الاخ رئيس الوزراء منصبه جلست إليه ومعي نفرٌ من ( شرفاء ) الشرطه و خبراء الأمن و( ناغمناهو ) بكل الصدق الخالي من ( الغرض ) .. تحدثنا اليه من القلب و نحن نحمل على أكتافنا أثقالاً نضاليه منذ 1989 مرّت عبر بيوت الأشباح وكوبر وموقف شندي. حدّثناه عن ( اوّل ) معارضه فعليه علنيه ضد نظام الإنقاذ كانت قد قادتها الشرطه ) ، وأعقبها ما أعقبها من اعتقالات وتنكيل ، حملنا له هموم زملائنا المعاشيين وتطلعاتهم من اجل مستقبل مشرق للبلد وللشرطه وكيف أنّهم هم الأجدر والأقدر على إعادة بَعثِهِ ولن يعيد مجد الشرطه إلّا هُم ..حدّثناه عن برامجنا للإصلاح للشرطه وكيفية إنشاء جهاز الامن. . إستمع لنا سعادته بتركيزٍ عالٍ وأثنى على جهودنا وأبدى إعجاباً بطرحنا وأبدى إهتماماً ووعد بأنه سيظل على إتصالٍ مباشرٍ معنا ولكن للأسف إنتهى الأمر برُمّتِهِ فور مغادرتنا لمكتبه والآن مرت أربعة أشهر ولم يكلّف نفسه مشقة الإتصال بنا . ثورة الشرطه التي اتحدث عنها ابعد سعادة رئيس وزراء الثوره قادتها ومفجريها .. فرّ منهم سعادته فراره من المجزوم وهم الذين سعوا اليه بأقدامهم ولم يكبّدوه مشقة البحث عنهم. نعم .. نحن نطلق هذه الصيحه الان للاخ رئيس الوزراء ( واثقين ) ان هنالك (حولهُ ) من يزينون له الباطل ، وأنا اعني ما أقول ، وهذه الجزئيه ( قد قلناها في حضرته )، ولا ندري ان كنا قد أُبعِدنا بسببها ، لاننا لا نعرف المداهنه فالقضية قضية وطنٍ يتشظّى ويُقاد الى المجهول وأحسب ان هذه فرصةٌ اخرى منّا لإخراجه من دائرة سوء الظن التي بدأت تستبين طريقها اليه قادحةً في وطنيته وإخلاصه لهذه الثوره وكيف أنه يسعى في خدمة اجنده خفيه. ونحن من الذين بدأ الشك يتسرب اليهم بل يكاد يتحول الى يقين فكم من المرات تم التعيين لمناصب دون تحري ودون تبصر؟ .. وإن تمّ تحري فهو بالتأكيد مع غيرِ ( أهلِه ) وهو عطاء من لا يملك والى الان يتم التعيين من المناطق الرماديه. ويتم تقريب غير المناسبين الى حضرة ومجلس ومستشاري رئيس الوزراء. نحن قد واجهنا الإنقاذ في اول عهدها وصلفها وبأنيابها ومخالبها فلن نسكت على ثورةٍ وصلنا اليها ببذلنا وعطائنا كفصيلٍ اصيل من فصائل شعبنا وشهدائه. لن نترك ( ما يلينا ) فيما يخص الامن والشرطه ووزارة الداخليه ونحن نرى هذا التخبط المجنون وال ( مرمطه ) وقلة القيمه التي تحدث لهذه القوه النظاميه الضاربه جذورها في عمق التاريخ نحن ادنّا تدخل العسكر في شأن وزارة الداخليه وقوات الشرطه وغل يدها عن خدمة وطنها تحت مبررات لا تمت للحقيقه بصله وأقول و ( بحق ) ان تدخل العسكر صار الان لدينا اخفّ من ( مصيبتنا ) في المكون المدني بمجلس وزرائه أولاً وببقية عقده ثانيا وعاشراً. الوثيقه الدستوريه الكارثه أعطت العسكر حق ترشيح وزير الداخليه وهذا أتى نتاجاً ( لكرم ) مفاوضينا .. اما القبول والرفض والإشراف على الأداء فبيد رئيس الوزراء. ان سكوتكم المُخِل عمّا يجري بهذه الأجسام التي هي الان ( بكامل ) شكلها الذي شكّلتهُ ورعته الإنقاذ ..تعِجُّ بكامل منسوبيهم .. نفس من قتلوا واغتصبوا وسحلوا وأهانوا فعن اي حكومة ثوره نتحدث وعن اي سمنارات ولجان ومهرجانات. لماذا دأبت الحكومه على (الاختيار ) غير الموفق ؟ كم مره تم اختيار لمسؤولين بلا تبصُّر وظهر حتماً انه لم يكن إختياراً سليماً وتمّ الرجوع عنه تحت ضغط الشعب. قبل تشكيل الحكومه تقدّمنا بورقه بخصوص الشرطه والأمن في إطار الخطه الاسعافيه للفتره الانتقاليه. كان مما جاء في تلك الورقه كمثال واحد فقط : (حل هيئة العمليات بجهاز الامن وتسريح أعضائها ونزع سلاحها ومحاكمة من اجرم منهم في حق الشعب ) وكلنا يعلم مصير هذه الورقه اذا علمنا انّ تمرُّد هذا الجسم قد حدث بعد شهورٍ من رفع تلك الورقه للحكومه ولولا لطف الله ل ( حدث ما هو اسوأ مما حدث ). والى الان نجد جهاز امن المؤتمر الوطني المؤدلج بكامل عدته وعتاده وبكل أوزاره في حق الشعب يتقاضى أفراده مرتباتهم ولوازمهم كأن شيئا لم يكن وكأن تغييرا لم يحدث .. من يحميهم ومن يفرض وجودهم وأنتم في صمت القبور. وأقول لشعب السودان ان هنالك مدّاً ثورياً ( آخراً ) بانتظارنا .. إنها لجريمه ان نكتفي بمجرد الإنتظار والزمن يمضي ولا ندري ما يخبئه القدر لنا ولوطننا..اؤكّد لكم اننا سنبكي غداً على وطنٍ أضعناه ( بصبرنا )وتراخينا. الأُفُق الآن يحمل لون الدم والهواء يحملُ رائحة الدم .. الإنفراط الأمني والحرب الأهلية لا يفصلنا عن كل ذلك إللا زمن الهُطول.. إننا نتلاعب الآن بزمنٍ قيّمٍ لا ندركُ قيمته ولا أهميته في تاريخنا وسنؤخَذُ على حينِ غرّه. فلنلتفت لمواثيقنا من اجل حكومه مدنيه. لا مكان للتراخي والاسترخاء في إنتظار اللا شيء وعلى الحكومه ان تتعامل معنا بعقولنا فنحن شعب لم تعد تفرحه عودة التيار الكهربائي .. لا نبيع كما فعل من أوصلونا لهذا الوضع الشائه المزري وما زالوا فوق رؤوسنا وما زال بعض كرمائنا يدعون لهم و ( لصمتهم ) و لقراراتهم المريبه ولهبوطهم الناعم وغير الناعم بمزيدٍ من الفرص. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.