لا أدري ، من أين توارث أهل السودان ، صفة الجدال والخلاف والاحتجاح في الصغيرة والكبيرة وهو ما نشاهده في كل مكان يجتمع فيه اثنان حتي داخل الأسرة الواحدة...بل حتي الطفل السوداني عندما يولد ، فهو يولد معبرا عن احتجاهه بالخروج بصرخة مختلفة عن كل صرخات الميلاد المعروفة لكل أطفال العالم... ولو كان التعارض أو الخلاف موضوعيا لهان الامر ، ولكنه جدال وحوار ونقاش من أجل الاختلاف ولو ضد الشخص نفسه . وكما نعلم، فان الجدال نوعان...جدال ممدوح لتثبيت الحق ودحض الشائعات ، وجدال مزموم لدحض الحق...ولكننا في السودان زدنا علي ذلك بالجدل البيزنطي ! : والجدل البيزنطي كلنا نعرفه كصفة مذمومة ، ولكننا لا نعرف خطورته العملية ...ومتي وكيف حدث ؟ يعرف الجدل البيزنطي بانه نقاش لا طائل تحته...فيه يتحاور طرفان دون أن يقنع أحدهما الاخر أو يتنازل منهما عن وجهة نظره مما يؤدي الي اختلال في التوازن الفكري. : ويرجع أصل الحكاية الي القرن السابع الميلادي عندما شغف مواطنو الأمبراطورية البيزنطية بالجدل اللاهوتي حول الثالوث وطبيعة الأب والأبن، مما أدي بالأمبراطور قسطنطين الثاني الي اصدار مرسوم امبراطوري يحظر النقاش حول طبيعة المسيح ، وفرض عقوبات علي من يخالفه ، بل وصلت العقوبات الي طرد الرهبان والقساوسة من الكنيسة ، وفصل موظفي الدولة من وظائفهم ومصادرة أملاكهم ...ورغم كل ذلك لم يكفوا عن الجدال والنقاش الذي يعشقونه..واستمر بهم الحال حتي القرن الخامس عشر الميلادي عندما غزت الجيوش العثمانية مدينة القسطنطينية ودخول المدينة بينما لا يزال مجلس شيوخها يناقش و في جدال شديد حول امور تافهة مثل جنس الملائكة ذكور أم اناث...وحجم أبليس ، هل هو كبير لا يسعه المكان ام هو صغير يستطيع أن يدخل من خرم الابرة؟ وهذا ما نخافه ، حقيقة، علي السودان ...فنحن نعشق المجادلة والوقفات الاحتجاجية والمناقشات في غير موضوع جاد تماما كأهل بيزنطة ....ورفقاء اليوم . عسل علي لبن.، ولكنه أمر مؤقت..فهم ( مشروع انشقاق) مستقبلي لا محالة...وهذا ما تراهن عليه المعارضة وسدنة النظام البائد....وللأسف فان بوادر هذه الانشقاقات باتت تلوح في الافق ...وكل الخوف ، ونحن نتحاور ونتجادل ونختلف، أن نجد العثمانييون القدامي الجدد علي أبواب القصر حول أمور تافهة لا تخدم الثورة أو الثوار في شيئ مهم. د.فراج الشيخ الفزاري عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.