ومظاهر هذا النقص واضحة وجلية في سلوكياتنا ومعاملاتنا اليومية وفي أفعالنا واغراقنا في الذاتية وكأننا نعيش في أرض ليست أرضنا، ووطن ليس بوطننا غرباء فيه وعلي وشك الرحيل ولاتربطنا به الا المصالح والمنفعة الأنية... هذا المسكوت عنه ، في التزاماتنا الوطنية، هو من أسباب تدهور أوضاعنا الحياتية في كل مظاهرها ، وفشل كل السياسات الأصلاحية ، لسبب بسيط، وهو أنه لا توجد في الأساس قاعدة وطنية أخلاقية يبني عليها. التربية الوطنية هامة وضرورية لكل أهل السودان علي اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية ، والساسة ورجال المال والاعمال ، أكثرهم حوجة في أعادة تأهيلهم تربويا. التربية الوطنية ، في أبسط معانيها وأهدافها ، هي التي تنمي الاحساس والشعور بحب الوطن، والناس، والمجتمع الذي نعيش فيه ونتقاسمه المنافع... التربية الوطنية، تبدأ من البيت والأسرة الواعية، ثم المدرسة والجامعة ..ترفع من مستوي الوعي المعرفي والفكري ، وتلعب دورا مفصليا في اعداد الأجيال الناشئة ، تغرس فيهم حب العمل الشريف والتعاون البناء والتفاهم واحترام الرأي الأخر...لهذا تعتبر مادة التربية الوطنية في معظم الدول الحديثة من أهم المواد والوسائل التي تعتمدها المؤسسات التربوية لتحفيز أحاسيس الانتماء وايقاظ المشاعر الوطنية وخلق المواطن الصالح وتزويده بالمعارف والمبادئ والقيم التي تربيه بصورة تجعله ينشأ علي الاتجاهات الخيرة فيه حتي ينعكس ذلك عليه كمواطن صالح. ولا أدري حقيقة مقدار ااجرعة من ( التربية الوطنية) الحالية في مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية ، ولكن واقع الحال الذي نشاهده يقول، أن أكثر من جيل لاحق، بعد الستينات من القرن الماضي، يفتقد أبسط مقومات التربية الوطنية وللأسف هم رجال اليوم الذين نرأهم في مجالات السياسة والتجارة وبعض رموز المجتمع. لهذا فان المهمة صعبة وخطيرة علي لجنة المناهج الحالية برئاسة الدكتور القراي...فليست المدارس وحدها هي التي تحتاج الي هذه المادة..بل أن قطاعا كبيرا في المجتمع يحتاج الي اعادة الهيكلة وبالتالي نحتاج الي فتح فصول مسائية ، أسوة بفصول محو الامية...يلتحق بها كل من يرغب في شغل وظائف الدولة العمومية. ..وينجح فيها ، حتي يطمئن المجتمع بان شاغل الوظيفة مواطنا صالحا وقدوة حسنة للأجيال القادمة. د. فراج الشيخ الفزاري