شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت نقاد يختار الجياد: الي الصديق الدكتور حسن محمد أحمد في عليائه .. بقلم: حامد بشري
نشر في سودانيل يوم 30 - 07 - 2020

أنتقل أمس في 27 يوليو 2020 الي الرفيق الأعلى رجل قل أن يجود الزمان بمثله ، أتي الي هذه الدنيا في صمت ورحل عنها في صمت . كان رجلاً فريداً في كل شيئ له من الصفات مما يقربه الي الانبياء والصالحين اقلها النبل والشهامة والعفة ونكران الذات أضافة الي أن الله سخره لقضاء حوائج الآخرين من عباده . برحيله المفاجئ أنهمر الدمع السخين من مسقط رأسه بجبال التاكا ونهر القاش وأحياء العاصمة التي أستقر بها ومن العاملين بعمارة التأمينات بالسوق العربي ومجموعة الخبراء الزراعيين وخريجي جامعات الاتحاد السوفيتي وأتحاد الصناعات وعمال المنطقة الصناعية بالخرطوم وسائقي الشاحنات وساكني مدينة بارا وكل من أتته الفرصة والحظ السعيد بالتعرف عليه .
دكتور حسن محمد أحمد تعرفت عليه منذ أيام الطلب بموسكو في سبعينيات القرن الماضي عندما حضر للدراسة بالاتحاد السوفيتي أول مره . علي حسب ما روي وكان يردد في مناسابات عدة طواها النسيان من ذاكرتي كنت أول المستقبلين لهم كطلبة جدد حضروا للدراسة بجامعات الاتحاد السوفيتي في ذلك العام علي الرغم من عدم وجود سابق معرفة بأحد منهم . أنتقل بعد ذلك الي دراسة الزراعة بجمهورية اوكرانيا بمدينة كرسنادار وكان يزورنا بموسكو كل ما سنحت الفرصة . بعد التخرج عمل حسن بوزارة الزراعة ثم بُعث للمرة الثانية للتحضير للدراسات العليا بنفس المدينة التي درس فيها سابقاً برفقة زوجته منورة . بعد حصوله علي الدكتوراة في العلوم الزراعية عاد الي موقع عمله بوزارة الزراعة التي لم يبقي بها طويلاً حيث تم فصلة للصالح العام .
أما حالي ، بعد أنقطاعي الطويل عن البلد الذي فرضته الظروف السياسية القاهرة عقب الأنقلاب المشؤوم في يوليو 1989 عدت أول مرة الي السودان عام 2003 . وجدت حسن أصبح رجل أعمال وله شركة تعمل في المحاصيل الزراعية وحكي عن الكيفية التي أدخلته في العلاقات الشائكة وسط عالم الربح والخسارة . كانوا قلة من أصحاب التوجهات اليسارية الذين ضاقت به الوسائل لكسب العيش بعد أن زُج بهم في المعتقلات والسجون وبيوت الأشباح وأصبح مخرجهم الوحيد الدخول الي عالم البيع والشراء . كانوا رواداً في ذلك المنحي ، حسن وصلاح عوض وعبدالرحمن سالنتوت . حسن وشريكه صلاح بدأوا التجارة في سوق الله أكبرببيع الطماطم بسوق بحري مع تمويل بصفيحتين من شيخ موسي الذي عرفني به حسن حيث وجدته مرتدياً العراقي والسروال البلدي متوسطاً من دون فرش سريره البلدي في دكانه الذي يخلو من كل شيئ الا خزانة حديديه وسط سوق بحري. هذه الترويكا أسهمت بصورة مباشرة في تمويل أنشطة الحزب الذي يدينون له بالفضل في كل هذه النجاحات كما حاولوا مراراً أقناع المسؤولين في أجهزة الحزب بأستثمار جزء من مالية الحزب في هذا المجال الأ أن الفشل أصابهم علي الأقل في ذلك الوقت.
وفي عام 2005 عدت في زيارة للسودان ولاول مرة كان معي أبني أمير الذي بلغ من العمر 12 عاماً وبنتي " اليس " التي تصغر أخاها بأربعة أعوام . وفي ثاني يوم للوصول أذا بحسن يحضر الذبيحة وفجأة رأيته يحضر طبق للتلفزيون حتي يتمكن أطفالي من مشاهدة ما يناسبهم من برامج غربية . حسن كان دائماً في حالة حركة وأستعجال في سباق مع الزمن ، يريد أن ينجز كل الأشياء في أقصر وقت وعلي الدوام كان يتفقدني ويتفقد احتياجاتي وأحتياج أسرتي في فترة غيابي . لا يتركني علي الاطلاق أن أساهم معه في أي شيئ كان يكرر لي ( أنتو ناس بره ما عندكم قروش ، القروش هنا ) . في أحدي زياراتي للسودان حاولت أن أُشطب بنيان منزلٍ متواضع في حي شعبي تعود ملكيته للوالدة تم بناءه بشق الأنفس بعد تضافر جهود مشتركة من عدة جهات ففكرت أن أعمل حملة تبرعات لمواد البناء من الزملاء والأصدقاء اللذين يعملون في هذا المجال : التراب ، الطوب ، البوهية ، الاسمنت كل حسب مقدرته وأستطاعته وقررت أن أدعو الجميع للافطار لمناقشة هذا الأمر . حسن كان أول الحاضرين وعندما شاهد الورق المقوي علي الحائط بالبرندة التي ستناول فيها طعام الأفطار وعليها قائمة المواد المطلوبة للبناء أستفسر عن ماهية الحاصل ، شرحت له الفكرة وتوقعت منه أن يثني عليها فما كان منه الا ان اتجه للحائط ومزق هذا المجهود وطلب مني أن ارسل في اليوم التالي صديقنا المهندس سامي حجازي الذي يتولى الاشراف علي هذا العمل حتي يدفع له التكلفه وقد كان . حسن كان لا يعرف أنصاف الحلول يحل المشكلة من جذورها . عند زياراتي للخرطوم حسن يخصص لي سيارة وسائق وفي بعض الأحيان يتولى الامر أبنه مازن أذا كان الوالد مشغولاً أو في بعض سفرياته . لحسن علاقات واسعة مع كل شرائح المجتمع وهو متفرغ بالكامل لحل مشاكل الأهل والاصحاب خاصة أذا كانت متعلقة بمشاكل جوازات ، هجرة ، أقامات ، وقود ، غاز طباخة ، تذاكر سفر من والي ، معتقلين في حراسات ، مستشفيات ، سفر أشخاص للعلاج بالخارج وهلمجرا. هذا هو تخصصه الأساسي أما أكل العيش له ولأسرته فيأتي في المرتبة الثانية وفي رواية أخري الثالثة. لا تصعب عليه حل أي مشكلة في السودان خاصة أذا كانت مالية وما أكثر هذه المشاكل في السودان . سباق لعمل الخير لدرجة يصعب وصفها . لم أري أكرم منه علي الأطلاق . رغم البحبوحة التي يعيش فيها الأ أن بعض الأيام تمرولا يجد فيها قوت يومه . المس ذلك في أنقطاعه المفاجئ عني وحينما يزورني ويتضح أنه أستعمل المواصلات العامة أعرض عليه المساعدة بتوصيل احد الضيوف الي مقره فيرفض بشموخ وأبا . في حالات كثيرة كان يصطحبني لزيارة أهلي الممتدين علي طول العاصمة وفي المجالسة معهم يحكي هؤلاء الاهل عن المشاكل اليومية التي يمرون بها وفي الحال حسن يتبادل التلفونات مع الشخص المشتكي ويتصدر مشكلة هؤلاء الأشخاص الذين قابلهم لأول مرة .
عند زواج شقيقتي أسماء معظمنا كان خارج الوطن ، علمت أن حسن تولي امر الزفاف من الالف للياء حتي بعض الضيوف أصبحوا ينادونه بحسن بشري بأعتباره اخ للعروس . في فترة غيابي الطويل حسن كان يزور المنزل بأنتظام ويستفسر عن ضروريات الحياة وعن صحة الجميع أثناء حياة الوالدة وحتي بعد رحيلها . كان رجلاً فريداً ليس له شبيه .
بحكم عمله ، زار معظم قارات الدنيا وسافر الي مدن بعيدة وكانت رغبته زيارتي في كندا والتعرف عن قرب الي أسرتي . شرعت في أجراءات الدعوة التي قدمتها مع المقدرة المالية التي يتمتع بها الشخص المدعو الي السلطات الكندية الا أن طلبي قُوبل بالرفض بحجة أنه لا توجد أسباب قوية تستدعي الشخص المدعو للرجوع الي موطنه الأصلي . وعندها زالت والي الابد الفرصة الاولي والاخيرة لرد بعض الجميل له .
المحتفي برحيله لدار الخلود لرفقة الصحاب الذين رحلوا لم يكن بعيداً عن الهم العام والنشاط السياسي بل أن مساهمته كانت بغير حدود من تأمين للارشيف والكادر المختفي بمساعدة شريكة حياته منورة وعلي الخصوص بعد الأنقلاب الذي قادته ونفذته الجبهة الأسلامية في 89 . ربطته علاقة وثيقة مع السكرتير العام للحزب الشيوعي محمد أبراهيم نقد بعد خروجه للعلن ورافقه في رحلاته أثناء طوافه بمدن السودان المختلفة . ولهذه الصداقة قصة تُحكي . بالاضافة الي الهم العام المشترك جمعتهم محبتهم التي ليس لها حدود للتدخين . صديقي حسن تفوق علي نقد في هذا الجانب .
وقبل أن يأخذ المولي وديعته وصلتني منه رسالة بتاريخ 16 يونيو الجاري فحواها الاستفسار عن أجازتي السنوية لانه يريد أن يبعث لي وأنا الموظف بالحكومة الكندية تذكرة ذهاب واياب الي الخرطوم ( تورنتو – الخرطوم- تورنتو ) لانه مشتاق شوق شديد لان نلتقي قبل أن تفرقنا (الكرونا ) علي حسب تعبيره . يا للعجب ، صديق من السودان من غمار الناس ، وليس من الاسماء اللامعة في عالم البزنس كما يسمونهم لا يملك مصانع ولا مزارع ولا أملاك ينتفع منها يريد أن يتبرع وليس أن يساهم بأرسال قيمة تذكرة كاملة ، هذا هو حسن الذي ذكرت أنه لا يعرف أنصاف الحلول . وأتي ردي علي رسالته في هذه السطور :
قرأت هذه الرسالة وجرت علي الخديين دمعة وتذكرت أياماً خوالي حيث عشنا فيما يشبه المدينة الفاضلة . جمعتنا صدف غريبة حيث مثلنا السودان القطر الواحد وأنصهرنا في بوتقة لا نعي من أي منطقة أتي كل منا أو الي أي مكونات قبلية ننتمي لذا قد نجد صعوبة في فهم هذه الحرب المستعرة التي قضت علي الأخضر واليابس . طعامنا ولباسنا ومرقدنا كان مشتركاً ، وصلنا الي مرحلة المسواك الواحد والجيب الواحد .كنا لا نعرف قيمة للنقود ما نملكه من أعانة وما تجود به بعض العائلات من السودان لابنائها وبناتها كان مشاعاً للجميع . تعرفنا علي الشرق بواسطة المرحوم دكتور أوهاج وعلي كسلا عن طريق دكتورة آمنه (السمحة ) كما كنا نطلق عليها والشمالية بواسطة حسن بلوخه ومدني عن طريق عباس الامين وأبو الرو وأقاصي الشمال شيخ الدين وفاروق كدودة وعبدالشافي صديق ، كردفان أبوالجاز والجنوب ماجوك وعلي هذا قس . مضي علي هذه الذكري ما يقارب النصف قرن وما زال بعضنا كما كان
صديقي حسن محمد أحمد هو نفس حسن بتاع زمان رغم أختلاف الظروف والوضع الأجتماعي وتحولنا الي آباء وحتي بعضنا وصل مرحلة الجدود ولا أريد أن اسميها أرزل العمر ، الأ أن حسن يتعامل مع المادة كما كان عليه منذ الازل . القرش لا يسوي عنده تكلفة سباكته . لله درك يا حسن . ربنا اعطاه نجاح البنون وشريكة حياة حفظته في المال والعرض واللحظات العصيبة وما اكثرها . وصلت دعوتك وشوقك يا حسن الا أني لا استطيع أن اكلفك بما لا طاقة لك به . هذه الملاليم أحوج ما يكون لها هم عائلتك الصغيرة والممتدة . وبعدين ياخي أنا ما بستاهل كل هذه الهيلامانة والظيطة والزمبريطة . انا لسوء الطالع لم أستطع حتي الآن من تقديم عُشر ما قدمته لي وللآخرين. لا زلت أذكر في مرة كنا أنت وانا في زيارة الي حكيم السياسة السودانية المرحوم محمد أبراهيم نقد وخرج معنا لكي يودعنا فما كان منك الا أن وعدته بأحضار كمبيوتر أو تلفزيون علي ما أذكر فكان رده ليس الرفض فقط وانما أعقبه بمقولة "الحزب ده ما فيه راجل غيرك يا حسن أنت عايز تجيب كل شيئ " . هذا أنت يا حسن بشهادة رجل عظيم .
هنالك نية صادقة لزيارة ارض الجدود قبل أنقضاء الفترة الأنتقالية لرؤية السودان بعد الثورة وللانحناء امام ساحة الأعتصام تخليداً لذكري الشهداء الذين كانوا أشجع منا وضحوا بأرواحهم من أجل سودان تسوده قيم الحرية والعدالة والمساوة.
ختاماً تحياتي للجميع والي لقاء قريب .
أنتهت الرسالة
لم يكتف بهذا الرد بل زاده اصراراً علي طلبه الاول وارسل الرسالة الأخيرة بتاريخ 21 يونيو حيث تمت بعدها محادثة تلفونيه قبل حوالي أسبوع أو أكثر من دخوله المستشفي تحدثنا فيها عن ساسة يسوس وعبرت فيها عن عدم رضائي عما يدور في الساحة السياسية وخاصة في مطبخ رئيس الوزراء . ذكر بأنه ينوي الذهاب في أجازة قصيره الي مسقط رأسه مدينة كسلا حاولت أن أثنيه بدافع الحرص علي صحته من جائحة (الكرونا) الأ أنه أصر علي الذهاب بدعاوي زيارة الوالدين اللذان تقدما في العمر ومن الأفضل قضاء عيد الأضحي معهما وكانت هذه آخر محادثة . علمت بوعكته صدفة من الأخ صلاح عوض ، حزنت كثيراً وحاولت مراراً طمأنة نفسي بأنها ستمر بسلام وأنه لا محالة من ملاقة حسن ثانية ولكن كان القدر هو الفيصل والحكم . ولا تدري نفس بأي أرض تموت . أسلم الروح الي بأرئها بكسلا ودفن بها وترك والديه يعتصران الحزن الابدي بفقدهما لزينة البنون.
الاخ حامد
تحياتى لك والاسرة الكريمة
اولا قراءت اعتزارك المفعم بايات الشكر لشخصي الضعيف، فلك شكري
ثانيا لا تنسى انك ليس صديقى بل اخى الذى ولدته امى عرفة وليست المرحومة زينب. انت لا تعرف مكانتك عندى عشان تفاجئنى بهذا الاعتزار المخيب
ثالثا انت تعلم بأن ابنائي شغالين كويس، عزة فى مركز أبحاث فى النرويج و وضعها المالى على احسن ما يرام ومازن شغال مقاولات ووضعه كويس جدا.
رابعا انا قلت ليك راح تجينى قروش و حارسل ليك تذكرة السفر، ما لك تعترض، عشان نشوفك و عشان تشوف اخوتك و عشان تشوف السودان بعد الثورة.
خامسا انا مصر و اذا بتعتبر انه حسن اخوك فلا تعترض.
سادسا القروش لسه ما جاتنى و عندما تصل سوف اضعك أمام الأمر الواقع.
اخوك دوما حسن
العقل الباطني لازال يتعامل مع حسن طريح مستشفي كسلا أثر أصابته بنزيف داخلي . لا زلت أردد الدعوات والتمني له بالشفاء وهذه لحكمة يعلمها المولي.
في عذائك يا حسن أقتبس هذه الجزئية مما سطره الزميل أمين محمد أبراهيم في وفاة رفيق دربه الخاتم عدلان لانها صالحة لكل زمان ومكان ولكل من ضحي في سبيل الوطن من أجل حياة كريمة
"ولئن غيبك الموت جسداً فإن ذكرك سيظل ماثلاً وحاضراً في قلوبنا وضمير وذاكرة الشعب الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا ، ولئن أحزننا رحيلك فإننا فخورون بأن جمعتنا بك الأيام وتشاركنا هموم الحياة وصارعنا معاً لتغيير واقعها المختل الى الأفضل قدر المستطاع تحقيقاً لأحلام وأشواق مشروعة لسواد الناس في التقدم. فنم مطمئناً في سلام فمثلك لا يموت ، فقد بذلت حياتك في تجرد ونكران ذات لقضية تستحق أن تكرس لها كل الحياة بسخاء لا يعرف المن ولا الأذى وإقدام لا يعرف التردد فالحياة يا صديقي تعطي مرة واحدة، ونشهد أنك قد عشتها كما ينبغي وبما يرفع ذكرك في ذرى المجد ويشرِف كل من انتميت إليه أو انتمى إليك وعزاؤنا أنك خالد في الخالدين وقد علمتنا الأيام أن نسموا على أحزاننا وآلامنا ونلعق جراحاتنا ونمضي نعزف أجمل الألحان ونغني ونحن نزف أوسم الفتيان عقولاً وأكثرهم نباهة ونبلاً إلى رحم الأرض الولود الخصيب في القرى والمدن والأصقاع البعيدة في أرجاء الوطن الواسع نبذرهم (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) صدق الله العظيم "
أسمح لي أن أدعو لك بدعوة من راتب الامام المهدي بتصرفٍ:
"اللهم يا مذكوراً بكل لسان ويا مقصوداً في كل آنٍ ويا مبدئاً لكل شأن ٍويا من بيده الأكوان ويا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن ويا مالكاً لكل جرم وعرض وزمان أسئلك بما توليت به الأولياء المقربين الذين لهم عندك شأن أن تصلي وتسلم وتبارك علي عبدك حسن فها هو بين يديك فأني لنا أن نزكية لك ، نسألك أن تكرم مثواه بقدر ما أعطي لاصدقائه ولوطنه علماً ونفعا ًوبقدر ما كان طيب العشرة ونقي السيرة والسريرة . اللهم نسألك أن توسع مرقده وتآنس وحدته وتنقله من ظلمة اللحد الي مراتع النور وأن لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره وتغفر له وتعفُ عنه وتشمله برحمتك يا أوسع الراحمين . وأن تدخله فسيح جناتك مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا وأن تلهمنا من بعده الصبر والسلوان ، وأنا لله وأنا اليه لراجعون .
العزاء للجميع وحرى تعازيّ القلبية إلى رفيقة دربك الفارسة الصابرة منورة وذريتكما عزه ومازن ووالديك وإخوتك وأهلك وعشيرتك وأصدقائك الكثر صلاح عوض ، حيدر حسب الرسول ، الشيخ الخضر ، عبدالرحمن سالنتوت ، فيصل بشير ، محمد خالد وكمال ، هاشم تلب ، فوزي ، الشفيع خضر ، عبدالله حمدوك ، عبدالرؤوف ، سليمان الخضر ، حسن وراق ، حاتم قطان ، الدكتور محمد محمود ، نعمات خضر ، محمد الهادي ، عبداللطيف ، فائزة نقد ، أميرة الجزولي ، بنات وأبناء السيد بشري وعشيرتهم واصهارهم أجمعين ، ناس سوكل عبدالله قطبي ، وحسن محي الدين ، ومعتصم ود الحاجه ، وعبدالغني عبد الجليل ، ودكتور عمر ياجي ومصطفي أحمد حسن وجلال حسين وعوض حامد وناس كرسنادار محمد الهادي ورفاق كثر جمعك بهم الهم العام . و رفاقك في مجموعة (ساق ) وغيرهم الكثير ممن يضيق المجال عن ذكرهم وعموم أهلك وجميع أصدقائك وعارفي فضلك .
وداعاً حسن ، كنت سباقاً لعمل الخير وسبقتنا حتي في الرحول الي دار الخلود . بلغ سلامنا العاطر بدون فرز الي كل من سبقك من الصحاب الي دار النعيم : الصديق ود العوض وناس عمك تجاني وأصاحبك نقد ومحجوب شريف وعمك الجزولي ويوسف حسين وقول ليهم الدنيا بقت مسيخة بعد ما رحلتوا.
والي اللقاء.
صديقك في الحياة وفي الممات
حامد بشري
28 يوليو 2020
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.