كثيرة هي العاب الطفولة التي عجنت الشخصيات وغذتها بقيم هي تراب الارض وملحه وبمخزون معانيها نستدعيه لاستنهاض المفيد الصالح ومن ضمن تلك الالعاب الشعبية والتي كن نختم بها العابنا وشقاواتنا كان أحدهم يحمل حفنة تراب يبسطها بكلتا كفتيه ويقول " المديدة حرقتني " والمديدة من الاكلات الشعبية الشهية المغذية تصنع من طحين الدخن او الذرة وتحلى باللبن والسمن او هي من التمر او الحلبة هي ايضا غذاء كامل ومشبع للبطون الجائعة ولفقراء السودان اريافه ومدنه في ليالي الشتاء والخريف الممطر وهي مدرة لحليب المرضع تملاْ البطون وتدفيء الاحشاء ولكنها ان صبت على الاكف لا محالة حارقة كاوية واللعبة في مغزاها الاخير " الحرق والكي والفركشة " تماثل ما تقوم به بعض احزاب المعارضة السودانية في مصفوفة الانتخابات التي باتت قاب قوسين او ادني فمن يحمل التراب في يديه ويماثله بتلك المديدة الساخنة والتي ستحرق اياديه رغم لذتها وحلاوة طعمها وفائدتها وهكذا باتت الانتخابات عندهم " يتغنون بها ولا يريدون للاخرين خوضها " .. كان احد طرفي اللعب بشقاوة الطفولة وما ان يريد مغادرة ميدان اللعب إلا ويحمل حفنة تراب يفردها بكلتا كفتيه فيضرب احدهم كفي حامل التراب والذي لا محالة تتطاير ذراته في الاعين وتطال الفم والشعر وينطلق الكل جريا في كل الاتجاهات وسط الضحكات الهستيرية ويدلف بعضهم لمنازلهم او لاقرب زقاق وقد يعود ذلك الجمع لميدان اللعب او قد لا يعودوا فقد تكون الشمس قد غاب قرصها مندسة في كبد السماء معلنة نهاية نهار مشرق وبدايات استدال ستائر الظلام .. قد تكون بعض من واجبات درس الصباح تلح لفك طلاسيمها او قد تكون الامهات بحت اصواتهن ليدخل الصغار لبيوتهم قبل حلول كامل الظلام وقبل ان تطفيء فوانيس الكورسين التي ما عادت تنير قرى السودان ولا نجوعه وبعض ضواحيه بعد ان أولد سد مروي عملاق القرن الكهرباء لكثير من اجزاء الوطن .. " المديدة حرقتني " لعبة طفولة وشقاوة عيال "ولكن ما بالهم الكبار" استدعيتها من تجاويف الذاكرة بكل ما تحمله من معاني في قالبها الطيب اللذيذ وظاهرها الخبيث ل " فركشة " اللعب وتشتيت الاطراف وانهاء التمادي في ألا مسؤولية واداء الواجبات الاسرية والتعليمية ماثلت لدي تماما بعض ما يصدر من الاحزاب السودانية ومواقفها من لعبة الانتخابات التي انتظمت وسار مركبها .. ان احزاب المعارضة اثبتت انها اضعف من ان تسير في مسارات الانتخابات وممارسة الديمقراطية رغم انها كانت طوال السنوات العشرون الماضية تعتبر تغييب الديمقراطية هي اكبر فرية وجرم مشهود لحكومة الانقاذ لانها لم تأتي بارادة الشعب وبممارسة لعبة الشعوب المحببة لحكم نفسه بنفسه من خلال اختيار ممثليه ولكن اختلفنا ام اتفقنا مع من هم بكراسي الحكم فان الديمقراطية خيرا ان تأتي من ان لا تأتي اصلا . الاحزاب المعارضة ظلت تختلق الزرايع وتلونها بالوان لا جامع لها ولا بينها وبين بعضها ميثاق برغم انها اطلقت على نفسها تجمع المعارضة وفي بعض الاحيان تكتل جوبا وخطت خطوات لكنها ناقصة وهزيلة .. ان الاحزاب ارتكبت حماقات في حق رموزها وفي حق سمعتها وأرثها وتاريخها وقبل ذلك في حق قواعدها تلك الجماهير التي نفترض انها اكتوت بهجير حكومة الانقاذ والتي تسير الان بخطوات قوية وثابته وايضا مدروسة بعناية انها تقف في العراء ووسط جماهيرها وبكل سيئاتها وانجازاتها لتقول للاخرين ها أنا ولكن أين انتم .. وبعض الاحزاب الكبيرة تتقازم وتذكرني بقول احد حكماء العرب حينما دلف لمجلسه وفد يتزعمهم شخص مهندم توسط المجلس وجلس في وسادتة الوثيرة وكان رفاقه " الغبش ورعيته الغلابة " يتفاوضون ويتجادلون بالحجج والبراهين ويأخذون العهد والوعد تلو الاخر من مضيفهم ومحاورهم وأخينا " كبير القوم المهندم " الذي تصدر المجلس بهندامه الفخم يتنحنح ليلفت نظر الحاكم الذي بادره " تحدث يا هذا حتى أراك " .. وصار مثلا يحاكي ذلك الاجوف خالي الوفاض والذي لا يستند غير على مظهره الذي يغالي في الاعتناء به دون جوهر يجعل منه رجل للملمات والمواقف تستند عليه رعيته وناسه بفكره وتخطيطه وبما يجعله خيارا حينما تتحدث صناديق الاقتراع . هذا هو حال كثير إن لم أقل كل رموز احزابنا الكبيرة التي " حار دليلها " وفقدت بوصلتها التي توصلها باهداف نبيلة لمواطنيها ولرمز عزتها ووجودها اصلا .. ولم يتبق لها إلا ان " تفركش " وتبويظ وتخرب مركب الانقاذ الذي يسير رغم علاته ومساوائه .. وهي تدري او لا تدري وهذه مصيبة أنها طعنت وباياديها وبسهامها خاصرة قواعدها وجمهورها وسددت نصلا قاتلا لناسها ولجسمها .. إن أي متابع عن قرب لمسارات الاحزاب وقياداتها التي تتراصص امام المايكريفونات وعدسات الفضائيات ساعة بعد الاخرى لاذاعة بيانات ضعيفه مهلهلة لا ترقى لفكر انسان السودان البسيط وكان الاولى لها ان تجلس " جلسة رجل واحد " ولا مانع ان تشاطرهم " ابنته المفوهة " لتنسج برامج انتخابي يرضى طموحات الكثيرون اللذين يتعطشون لفكر جديد وفلسفة عمل لا تمجد افراد وزعامات كرتونية كل رصيدها ما تستدعيه من ماضي الاجداد والاسلاف الصالحين اللذين جعلوا من ذلك السودان رمزا للصمود والكبرياء تلك الزعامات التي ساهمت في بناء امة ووطن عريض .. ان التاريخ واهل السودان جميعهم يحفظون لهم هذه السيرة العطرة . ولكن أين هم أحفادهم وبناتهن .. ان مواقف كل او بعض احزاب السودان المعارضة أضعف من الصمود لنهاية اللعبة والتي يشهد العالم كله بأن اللجنة القومية للانتخابات لجنة منتقاءة اثبتت انها كفء برجاحة عقلها وبرحابة صدرها ومجاهدتها لسد الثغرات ومعالجة اي اخفاقات لتتيح للجميع ممارسة حقه كاملا وها هي تفتح لكل المنظمات الدولية والاقليمية لتكون شاهد ومراقب لمسارات الاقتراع التي ستبدأ في 11 الجاري .. واكثر من ذلك ها هي الدول الاوربية وسيدة العالم الولاياتالمتحدةالامريكية التي طالما لجأ لحضنها دعاة الديمقراطية يشهد اهلها بزعامة المستر جريشن المبعوث الامريكي للسودان أنه اطلع على كل ما من شأنه قيام انتخابات نزيه وشفافه .. عواطف عبداللطيف awatifderar [email protected] اعلامية مقيمة بقطر همسة : يا رجال السودان ونساؤه .. حكموا صوت العقل وانزعوا جلباب الآنا فالسودان يحتاج لفكركم ولعطاءكم .. كونوا " المديدة " الغذاء وليس شقها الخبيث الفركشة والتخريب .