شاهدت ظهر السبت 5 سبتمبر 2020 برنامجاً فى تلفزة البي بي سي عن حيوان وحيد القرن الابيض الذى اصبح غاب قوسين أو أدنى من النقراض مع عالمنا . وتركز البرنامج على الحيوان الوحيد المتبقى من هذه الفصيلة النادرة يقضى ايامه الاخيرة تحت الرعاية و المحبة من الحارس النظامى فى حماية الحيوانات البرية وتزرف حرائر الفرنجة الدموع على أفعال بنى الانسان فى ابادة من يشاركونهم الحياة فى أرض الله الواسعة . وتجرى حوله الدراسات لانتاج سلالة له بوسائل اصطناعية . كل ذلك طبيعى لهذا النوع من البرامج . ولكن الصادم ان هذا الحيوان الباقى اطلقوا عليه اسم "سودان" تذكرا للمنطقة التى كان منتشراً فيها مثل هذه الفصيلة ، حتى قضت عليها الحرب الاهلية و الصيد الجائر فى ذلك البلد . وهذا يكرس صورة أن بلادنا هى موطن كل الشرور وأفاعيل الاشرار . أشير هنا الى صور كثيرة مبثوثة عبر اجهزة الاتصال عن السودانيين ، بعد أن داوموا على قتل بعضهم فى حروب عبثية ، فضلوا أسلوب الابادة الجماعية التى بدأوها بالحيوانات البرية . و تصر هذه الصورة القميئة أن قتل الحيوان لم يرو تعطشهم للدماء فاتجهوا لابادة الزرقة من شعب دارفور واغتصاب الباحثات عن الحطب للوقود من نسائهم . ربما ذهبت بعيداً فى المبالغة خارج محيط الموضوع ولكن القصد هو أن مسألة تحسين صورة السودان وانسان السودان ليست بالامر السهل و ليست مجرد بحث لارضاء مانحين حتى يمنوا علينا ببعض دولارات يقمن صلبه . انها عمل جاد و حركة انعاش للتفكير والخيال والابداع حتى ندخل من ابواب القبول و بالندية والشراكة الذكية مع مكونات المجتمع الدولي . تذكرت من باب اللطائف حديث لنا و السفير د. نورالدين ساتي فى بدابة تسعينات القرن الماضى نحضر معرضاً للمعمارى الفذ بروفسير عبدالرحيم سالم فى صالة لليونسكو فى باريس عن رسوماته لسواكن القديمة . وقال الفنان ضاحكاً ومتفائلاً إن نجحت فكرة إعادة تأهيل هذه المدينة الاثرية الجميلة و تعمرت اركانها بالسواح العرب والاتراك والاوربيين والامريكان و الافواج الاسيوية أن نطلق عدداً من الارانب فى تلال سنكات واركويت لكى يستمتع القادمون الاثرياء وهم على ظهور الجمال برؤيتها وصيدها. وبما أن الخيال مجاناً ونحن نتونس اقترح أحدنا اقامة حديقة حيوانات من النوع الحديث ليرى السواح فيها كل حيوانات المنطقة وهم يتذوقون مشاوى السلات ذات الطعم المميز . كما عادت بى الذاكرة الي عمنا المرحوم العميد عبدالله عبدالجبار من حرس الصيد قادمناً من الابيض فى مأمورية لاستقبال قافلة الأمير حينذاك ولاحقاً الملك خالد بن عبدالعزيز من عربات و كرفانات تشبه المنازل فى رحلة الصيد الراتبة التى كان سموه يحرص عليها . كنا نضحك ونحن نتخيل الصايدين يمسكون بأسد حتى يصطاده الامير بسهولة ويسر و يسترسل الشعراء فى كتابة القصائد مدفوعة الاكرامية عن شجاعة سموه وقوته الخارقة فى وادى عبقر السوداني . ووسط هذه الخطرفات نؤكد على حقيقة امكانيات السودان وليته استمر موحداً فى السياحة و الصيد المنظم . هل يمكن أن نبدل صورة وحيد القرن الابيض " سودان " والذي أبادت حروب السودان أهله الخراتيت والبشر الى منظر جميل لمحمية جديدة نموذجية بالدندر وقد عادت اليها خضرتها اليانعة وحيواناتها البرية اللاحمة منها والعاشبة و لاقطة الحب وحيوانات من كل الانواع المتوفرة والمجلوبة . ونجد فيها الاكواخ الحديثة المصممة بمعمار حديث وخدمات متوفرة لاقامة السواح , و طرق مرصوفة و مراكز لعلاج الحيوانات والبحوث البيطرية للامصال و الحفاظ على انواع الحيوانات وتحصينها من الامراض وتحسين نوعها . ونعمل على انتشار ذلك النموذج من حظيرة الدندر ونماذج بخصائص متنوعة باختلاف المناطق فى دارفور التى ستعود اليها أفيالها التى هربت لاجئة فى دول الجوار واسود كردفان والنيل الازرق و براريها ونمورجنوبها وضباعها وحميرها الوحشية وزرافها وغزلان وديانها و طائر الحبار والطير المهاجر بالالوان الزاهية فى بحيرات جبال النوبة زمن الخريف . كل ذلك يمكن ان يتحقق ان تذكرنا مقولة المتنبى على لسان حصانه عابراً شعب بوان : يقول فى شعب بوان حصانى أعن هذا يساق الى الطعان ؟ أبوكم ادم سن المعاصى وعلمكم مفارقة الجنان وكما يقول عبقرى الكلمة ابو الطيب "افتراضاً " فى أهل السودان : ولم أر فى عيوب الناس شيئاً كنقص القادرين على التمام عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.