السيد كرم الله عباس الشيخ مرشح حزب المؤتمر الوطني لمنصب والي القضارف يعد من أكثر المعمرين في المناصب الدستورية فقد شغل الرجل منصب رئيس المجلس التشريعي في ولاية القضارف لما يقارب الستة عشر عاما ، وهو منصب يجيء ثانيا بعد الوالي من ناحية بروتوكولية ويجيء أولا قبل الوالي كجهة رقابية وتشريعية،والله أعلم. المنصب هام وفاعل وتنسحب نفس الأهمية والصفات على من يشغل هذا المنصب. ورغم أن الحديث كان يدور في السر معظم الوقت وفي العلن أحيانا عن الممارسات الفاسدة التي ارتبطت بترسية وتنفيذ مشاريع الدولة التنموية في الولاية وعن شركات بعينها تقوم بتنفيذ هذه المشاريع إلا أن السيد كرم الله كان يلتزم بشعار الصمت من ذهب طوال سنواته الطويلة في المنصب ولكن بعد المفاصلة التي تطورت إلى (ملاسنة) غير مسبوقة بينه وبين والي القضارف آنذاك السيد عبدالرحمن الخضر وانتهت بإقالة الإثنين من منصبيهما، وذهبا معا في "استراحة المحارب" التقليدية ، وهي استراحة طالت بالسيد كرم الله في حين أن السيد الخضر قد عاد بعد استراحة قصيرة جدا ليشغل منصب والي الخرطوم، تخلى السيد كرم الله عن صمته وأطلق نيرانه على الممارسات الفاسدة التي كانت تتم في الولاية، ليس ذلك فحسب ولكنه جعل محاربة الفساد في الولاية على رأس أولويات برنامجه الانتخابي بصفته مرشح الحزب الحاكم لمنصب والي القضارف. هل كان الفساد شبحا طوال هذه السنوات الستة عشر لا يراه أحد ومصيبة هبطت فجأة من الفضاءات البعيدة أم أنه كان وقائع وممارسات بعينها وبشرا من لحم ودم يعيشون بين الناس يعرفهم السيد كرم الله أكثر من غيره؟ وما هو سر هذه الصحوة والحرب الجديدة على الفساد بعد أن أقيل من المنصب مع إنه كان بوسعه وهو في منصبه ليس محاربة الفساد فحسب ولكن منع حدوثه وسد كل المنافذ أمامه؟ أي فساد هذا الذي سيحاربه السيد كرم الله؟ وأي استخفاف بالعقول أكثر من ذلك؟ خطاب السيد كرم الله الانتخابي الذي يحارب فيه الفساد خطاب بائس بمثل بؤس تعريضه غير الموفق بمنافسيه ، مما يعطي الانطباع بأن السيد كرم الله لا يعول على ضعف ذاكرة الناخبين وغفلتهم فقط، ولكنه يعول أيضا على مصادر أخرى للقوة تجعل فرصه في الفوز بمنصب الوالي أفضل من فرص منافسيه من أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة والسجلات النقية. بالانتخابات أو بغيرها، لا يبدو أن القضارف موعودة بمستقبل أفضل. (عبدالله علقم) [email protected]