كل الذي يجري في السودان كما يقول المثل هو الحرث في البحر في غياب الوعي .. كل الدول التي عبرت من هوة الفقر والتخلف الي مصاف التقدم والازدهار كان الوعي سببا أساسيا في بناء أوطانها ولدينا أمثلة لدول كانت حتي وقت قريب ميؤس من نهضتها .. في أفريقيا لدينا راوندا التي مزقتها الحروب الأهلية وشتتها القبيلة في حرب ضروس اتت علي الأخضر واليابس وقتلت الملايين بأبشع الطرق في فترة قياسية ومع ذلك نهضت وتجاوزت تلك المرارات بفضل انتشار الوعي والاستفادة من الأخطاء المتوارثة فادرك الشعب مصالحه ومصالح الوطن العامة فكانت النتيجة تلك الطفرة الهائلة التي تشهدها رواندا التي ابهرت كل العالم وأفريقيا خاصة .. وفي شرق آسيا استفادت ماليزيا من الوعي بفضل التوسع في التعليم الذي قال عنه مؤسسها الدكتور مهاتير محمد انه سبب نهضتها وسنغافورة التي كانت الي عهد قريب من افقر دول المنطقة .. أصبحت اليوم بسبب التعليم والوعي من الدول المتقدمة التي يشار إليها بالبنان .. نحن في السودان ما زلنا نعاني من الأمية وما زالت الإدارات الأهلية تملأ فراغ الوعي وتستغل الجهل لتأمين سيطرتها بين الناس ومثلها الطائفية والنخب المتعلمة التي تستغل ضعف التعليم والوعي لخدمة مصالحها الحزبية والشخصية الضيقة لذلك لا غرابة أن يأتي الصرف علي التعليم في كل الحكومات والأنظمة التي مرت علي السودان في ذيل قائمة الميزانية العامة .. للأسف مازال ملايين الأطفال لا تتوفر لهم فرص التعليم والقليل المتوفر منها يعاني من ظروف مزرية طاردة لا تتوفر فيها أبسط مقومات التعليم المعروفة من معلمين واجلاس ومناهج وكتاب مدرسي .. لا أحد يهتم بأن الأطفال هم شباب الغد الذي يمثل الحاضر وكل المستقبل .. للأسف سوف تدور بنا الأحوال كما تدور الساقية من البحر للبحر ما لم نلتفت للتعليم ونشر الوعي لأنهما السلاح والطريق الوحيد الذي يخرجنا من حفرة الجهل والتخلف وهيمنة الانتهازيين أعداء نهضة البلاد ووعي منفعة العباد .. اخير أعود للهتاف الوعي .. الوعي .. هو طريق العبور الوحيد لأمتنا السودانية للتقدم والازدهار والانعتاق من عبودية المتسلطين علي رقابه من الدجالين والكذابين الذي يتاجرون بكل القيم بما فيه الدين والعياذ بالله .. عبدالله سيد احمد كوبنهاجن 26/11/2020