الاتهام الذي اطلقه نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع على القوى السياسية المعارضة ينم عن هواجس وكوابيس يعيشها الرجل منذ بواكير تسلمه الاجهزة الخاصة ، وبرغم انتهاء الانتخابات (المزورة) التي ستأتي بمجموعته ( المتنطعة ) ، لكنه ما زال لديه ذلك الهاجس من ان ( ثورة شعبية ) قادمة تطيح بحكومته ، واغلب الظن ان الخطاب الاتهامي الذي اطلقه الرجل موجه الى داخل حزبه ، في الصراع الخفي الذي يدور بينهم – مجموعتي نافع وعلي عثمان – وهو صراع قديم متجدد ، منذ منتصف التسعينيات بعيد المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس االمصري محمد حسني مبارك ، والتي تردد ان قيادات بارزة في المؤتمر الوطني ضالعة فيه ( وتلميحات الدكتور حسن الترابي بان شخصيات كبيرة متورطة في العملية ) . وفي نهاية التسعينيات عند تقديم مذكرة (العشرة الكرام) في الحركة الاسلامية وابعاد الترابي ومجموعته من سدة الحكم ، كان علي عثمان ونافع علي نافع يحتجان لبعضهما في مواجهة الترابي ، ونجحا مؤقتاً في تحالفهما ، واستمرت العلاقة الملتبسة بينهما الى حين توقيع اتفاقية السلام في نيفاشا عام 2005 ، ولكن بعد اغتيال زعيم الحركة الشعبية جون قرنق في حادثة الطائرة الاوغندية ، انقلب السحر على الساحر ، اذ بدأت العزلة تضرب على نائب البشير ، علي عثمان طه ، وكان ابرزها اعادة عبد الرحيم محمد حسين الى طاقم الحكم بعد ان ابعده طه بشبهة الفساد من وزارة الداخلية – قصة عمارة جامعة الرباط الشهيرة – واكرمه البشير بمنصب وزير الدفاع الذي لا زال يشغله الرجل . وخلال السنوات الخمس الماضية كانت الصراعات تتجاذب اطراف قيادات المؤتمر الوطني ، وتمت ممارسة اقصاء فعالة ضد علي عثمان طه ومجموعته ، الى ان تم اجراء الانتخابات ( المزورة ) والتي انتهت بدون ان تثير المعارضة الشارع ، لكن هذا لم يمنع نافع علي نافع من اطلاق هواجسه في ان يثير بنفسه الشارع ( لثورة شعبية )، وعقلية التآمر التي يطلقها الراجل على الاخرين لا تخرج من سياق ترتيبات تعدها الاجهزة الخاصة للمؤتمر الوطني في مواجهة المعارضة والقوى الديموقراطية بعد تشكيل الحكومة الجديدة ، من تنكيل وقمع – بالقانون والشرعية المزيفة – كما وانه يتناقض مع التصريحات التي سبقته من قيادات معه في نفس الحزب منهما مصطفى عثمان اسماعيل ، وغازي صلاح الدين العتباني ، وهما وعلى مدى يومين صرحا للاعلاميين ان المؤتمر الوطني يسعى لتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة تشارك فيها القوى السياسية التي شاركت في الانتخابات والتي لم تشارك ايضاً ، وما ان ظهر التصريحان في الاجهزة الاعلامية المختلفة ، حتى قفز نافع علي نافع لا سكات تلك الاصوات ، بل ولقطع الطريق امامهما قال ان المعارضة ( تتآمر) . وتصريحات نافع يمكن قرأتها بزاويتين ، الاولى فيما يعرف في المثل السوداني ( دق القراف خلي الجمل يخاف ) وهذا موجه لكل الاطراف اولها في داخل حزبه الذي يسعى نافع لان يرص صفوفه من جديد ، لمنصب اعلى يريد ان يعتليه في الحكومة القادمة – قد يكون نائب الرئيس بعد تمكنه من ابعاد علي عثمان اللهم الا اذا كان هناك اتفاق بين البشير وطه لا يعلم به نافع بالابقاء على الرجل الثاني في مكانه – والرسالة ايضاً الى المعارضة بالا تفكر مستقبلاً بالحديث عن التحول الديموقراطي الذي يعتبر في قاموس نافع وزمرته اجراء الانتخابات والتي انتهت وبها ينتهي مسالة الديموقراطي التي ما ان يسمعها الرجل ( حتى تطير عصافيره ) . والزاوية الاخرى التي يمكن ان نقرأ بها تصريحات نافع تلك ، موجهة الى الاجهزة الامنية باطلاق يدها في العودة الى الاساليب القبيحة التي كانت تمارسها في اوائل عهد ما يسمى بالانقاذ ، وفي ذلك شرعنة مزيفة اكتسبتها تلك الاجهزة ، وفي يدها قانون تمت اجازته قبل انفضاض البرلمان ، وهو قانون اسوأ من اي قانون مماثل ، وربما ترتكب تلك الاجهزة حماقات اكبر من عسف وتعذيب واغتيالات وفق التحريضات التي خرجت من نافع ورفيقه اسحاق احمد فضل الله – وهو الذي يمهد دائماً للتصريحات المتنطعة في اجهزة الدولة من حبك سيناريوهات خيالية لجعل القوى الديموقراطية دائما في موقف الدفاع - ولكن يمكننا ان نقول بعد تصريحات نافع في دق القراف ، ان الانتخابات لا يمكنها ان تصلح تلك العقليات ، ( وهل يصلح العطار ما افسده الدهر )؟ mostafa siri [[email protected]]