======= يُقدِر الاقتصاديون والخبراء في عالم المال والأعمال أن المغتربين ثروة قومية تمادت الحكومات والأنظمة السابقة في إهمالها وإبعادها عن مسارات التنمية؛ بهدم جدار الثقة الذي تتم من خلاله كل عمليات التقارب والشراكة بينهم وبين الأجهزة الرسمية، حتى صاروا فيما بعد هم البقرة الحلوب لخزينة الدولة، حيث تعددت مسميات الجبايات المستخلصة من المغترب والجيب ومصدر الدخل واحد؛ لترسخ الصورة الذهنية بأن الدولة، ممثلة في جهاز تنظيم شؤون العاملين بالخارج "المغتربين"، هو الظالم الذي استغل ظروف المغترب باستنزافه لتغذية خزينة وزارة المالية. ومع عشم المغتربين في إحداث التغيير والتماشي مع أهداف الثورة، ساد تفاؤل عام لدى العاملين بالخارج لكي يساهموا بضخ الأكسجين في جسد الاقتصاد الوطني الذي ظل يترنح بين غرف الإنعاش ومشارط الجراحين الذين لم أغفلوا وضع البنج على مواضع الألم؛ ليكون الضحية هو المواطن الذي مضغ الصبر بصورة مدهشة ومحيرة، وهو يرتقب القرارات الحاسمة التي يمكن أن تخرج البلاد من وهدتها المصنوعة، وخاصة بعد خروج اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب؛ وذلك برجوع البنوك لاستقبال تحويلات المغتربين بالعملة الصعبة، واستفاقت بنك السودان من نومه العميق ليواكب السوق الموازي وينافسه بسن لوائح تضمن السعر المجزي للتحويل مع وضع حوافز حقيقية لذلك، ونحن لسنا أو دولة تستند على كتف مواطنيها العاملين بالخارج عند الشدائد. نضرب مثلاً حياً بالجارة الشقيقة مصر، وحسب بيانات البنك المركزي المصري، بلغت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال العام المالي 2019/2020 نحو 27.8 مليار دولار، بينما بلغت في العام السابق له 25.2 مليار دولار، هذا الدور الوطني الكبير الذي قام به الإخوة المصريون لم يأتي إذا لم توفر لهم دولتهم التشجيع اللازم بوضع سعر مجزٍ وآليات آمنة نسجت الثقة بين الأجهزة الحكومية والمغتربين، وهذا هو ما نفقده نحن في الدوائر الحكومية، مما جعل تحويلاتنا تمر عبر السوق السوداء التي تنهش في الوطن، أمام مرأى ومسمع الجميع، حتى أن جهاز المغتربين قدر أن تحويلات المغتربين للعام 2019 لم تتجاوز 150 مليون دولار، أليس ذلك مخجلاً تبخر عشرات مليارات الدولارات من خزينة الدولة التي من المفترض أن تدخل بنك السودان كثروة يمكن أن يُعتمد عليها في التنمية، ولكنها للأسف الشديد تذهب للأسواق الإقليمية، ويعود معظمها سلع كمالية لا تسمن ولا تُغني من جوع، لتغرد هذه الثروة خارج سرب الوطن وما يفيد المواطن. نتمنى أن تفيق الدولة من إهمالها لهذه الثروات المُبددة لعدم وجود قنوات رسمية للتحويل بسبب سيطرة تجار السوق الموازي على السوق، وعجز الحكومة الواضح من إيجاد الحلول رغم من تصريح الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج مكين حامد تيراب؛ بأن مساعي تحويل أموال المغتربين بالعملة الصعبة عن طريق بنك السودان بلغت مراحل متقدمة، وأنهم وضعوا يدهم على 7 صرافات ستعمل في هذا المجال، هل سيحدث ذلك؟ أم أن الحكومة (جوا يساعدوها في حفر قبر أبوها دست المحافير؟). عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.