«تحويلات المغتربين لا تقل أهميتها الاقتصادية عن عائدات الصادر» تصريحات ظل يلهج بها لسان المسؤولين عن الشأن الاقتصادي في البلاد بجانب مساعي بنك السودان لتوحيد سعر الصرف واستقرار المستوى العام للأسعار بحلول العام المقبل بغرض إعادة الاستقرار الاقتصادي عبر سياساته المصرفية التي أصدرها مؤخرًا لتشجيع تحويلات المغتربين وعمل إجراءات تحفيزية تساعد في انسياب التحويلات وصولاً لأفضل سعر صرف في السوق المتاح للمغتربين إضافة إلى السياسات المصرفية لتشجيع تحويلات المغتربين وذلك بتوفير الإجراءات المصرفية السهلة للتحويل عبر الصرافات المختلفة وإلزام البنوك بعدم فرض أي رسوم على صاحب التحويل أو المستفيد وغيرها من الإجراءات التي سوف تسهم في انسياب تحويلات المغتربين. إلا أن سياسات وزارة المالية جاءت عكس هوى وتطلعات المركزي وذلك باتجاهها إلى فرض ضرائب جديدة على المغتربين وتضمينها في موازنة العام القادم وتطبيقها بأثر رجعي على المغتربين والتي اعتبرها جهاز تنظيم شؤون المغتربين بالضارة على الاقتصاد في وقت بلغ فيه عائد تحويلات المغتربين «6» مليارات دولار بينما ستوفر الضريبة ما يقدر بحوالى «3» ملايين دولار سنويًا وتكمن أهمية تحويلات المغتربين في عدم دخولها خزينة الدولة؛ لأنها تحول بالعملات الأجنبية، ويؤخذ مقابلها بالجنيه السوداني، مما يوفر عملات أجنبية للاستيراد من الخارج، مما يؤكد حقيقة لا يمكن أن تخطئها العين في أهمية وجود العملات الصعبة التي تدخل في الاستهلاك والإنتاج والاستيراد. وتشير التقارير الحديثة إلى أن السودان يعد الدولة الوحيدة في العالم التي تشهد تدنياً في معدل التحويلات بدرجة عالية ولكن من المتوقع أن تعاود ارتفاعها خلال العام المقبل نسبة لزيادة أعداد المهاجرين الذين بلغ عددهم خلال العام الحالي حوالى «67» ألفاً بمهن مختلفة وهذا يجعل المغتربين أكبر مصدر للعملة الأجنبية في السودان وهم في الوقت الحالي أهم من البترول والذهب إلا أن عودة ما يقارب «1.500» مغترب للبلاد عقب قرار السلطات السعودية الأخير بتوفيق أوضاع العمالة الأجنبية ربما يسهم بصورة مباشرة في تخفيض التحويلات، واقع الحال أن فرض ضرائب ورسوم جديدة على كاهل من تبقى من مغتربين على قيد العمل المنتظم سيؤدي حتماً إلى تضييق الخناق على أهلهم وذويهم في داخل السودان من استقطاع جملة ما يرسل من عملات مقابل هذه، ولعل فرض ضريبة على المغتربين يعد مخالفًا لتوجهات الموازنة التي أجازها مجلس الوزراء والتي اقترحت منح المغتربين حوافز تشجيعية لتحويلاتهم بالعملات الحرة إلى السودان. في وقت تعالت فيه الأصوات بضرورة معاملة المغتربين بسعر تشجيعي، لأهمية جذب المغتربين بالعملات الحرة لتمويل أشياء ذات أهمية اقتصادية بدلاً من فرض ضرائب في ظروف معاناة المغتربين الحالية. وكانت الرسوم والضرائب المفروضة على المغتربين مرت بسلسلة تخفيضات إلى أن تم إلغاؤها تدريجيًا وفق برنامج إصلاحي للهجرة حيث كانت تشمل المساهمة الوطنية والضرائب ورسوماً للإعلام والتعليم العالي. الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي د. محمد الجاك وصف سياسة فرض ضرائب على تحويلات المغتربين بالانكماشية مشيرًا إلى أن الضرائب بطبعها لها تأثيرات سالبة على صاحب الدخل والمنتج تقلل من قدرته الشرائية لافتًا إلى السياسات الاقتصادية التي تتبعها معظم الدول تجاه المغتربين تتمثل في الإعفاءات الضريبية مما يدفعهم لتحويل مدخراتهم عن طريق القنوات الرسمية لافتًا إلى أن ضرائب المغتربين في السودان متقلبة مما انعكس في تقلص تحويلات المغتربين عن طريق القنوات الرسمية ولجوئهم إلى السوق الموازي بالرغم من المحفزات التي أعلنتها الحكومة إلا أن القرار الأخير يُعد نسخًا لتلك السياسات مما يُفقد الدولة إيرادات من العملة الصعبة من التحويلات التي كانت تعول عليها في زيادة مخزونها من العملات فضلاً عن الانعكاسات السالبة على النشاطات الاقتصادية، وقال إن سياسة الدولة في الاعتماد على الضرائب كمصدر لإيراداتها هي سياسة خاطئة تؤدي إلى نوع من الكساد الاقتصادي مشيرًا في حديثه ل «الإنتباهة » أمس أن للدولة بدائل أخرى غير الضرائب يمكن أن تستفيد منها في زيادة إيراداتها أجملها في خفض الإنفاق الحكومي الذي يشهد تزايدًا ملحوظًا بما يتجاوز «10%».