القرار الذى اصدرته محكمة الجنايات الدولية فى لاهاى ضد الرئيس السودانى المشير عمر البشير ، بشان التهمة الموجهة اليه بارتكاب جرائم حرب فى دارفور ، ستكون لها انعكاساتها السلبية على مسيرة الديمقراطية التى دونت فى اتفاقيات السلام ( نيفاشا ، القاهرة ، ابوجا ) اضافة الى الدستور السودان لعام الفين وخمسة. محاكمة اى متورط فى جرائم حرب شىء ضرورى لايمكن تجاوزه مهما كان موقع الوظيفى للشخص الذى ارتكب جريمة القتل ، ولكن رغم ايجابية القرار الا انه سياخر اى تغيير سياسى كان متوقعا فى السودان وخاصة فى العام الحالى ، حيث الانتخابات التى ستقام على جميع المستويات الحكم من سلطة المحليات والارياف حتى الرئاسة الجمهورية. هذا القرار الدولى سيدعم الموتمر الوطنى تطرفا ويجعل البشير اكثر ديكتاتورا وراغبا فى المضى قدما فى الرئاسة مدى الحياة. لان مسالة تخليه عن السلطة بعد اصدار مذكرة لاهاى تعنى عنده استسلام لاوكامبو ، كما انه سيعمل جاهدا من الان لافشال الانتخابات باى ثمن او على الاقل قيامها متاخرا عن مواعيدها المحددة فى الاتفاقية والدستور. اضافة على ذلك سيقوم حزب الموتمر الوطنى بتزوير الانتخابات مهما كانت حجم الرقابة الدولية والاقليمية والوطنية ، وهو مستعد لاستخدام العنف فى الانتخابات لتحقيق ذلك ، لان هزيمة الموتمر الوطنى فى الانتخابات كما قاله الاستاذ قطبى المهدى هو مسالة اما يكونوا او لايكونوا اى انه مسالة حياة او موت. فقيادة الحزب تعتقد بان خسارة فى الانتخابات تعنى الذهاب الى لاهاى ، بسبب ان الحزب الذى سينتصر فى الانتخبات حتما سيسلمهم الى لاهاى شاوا ام ابوا. واعتقد بان الموتمر الوطنى حظه كبيرة فى الانتخابات القادمة للفوز بالرئاسة الجمهورية ، وليس بسبب حب الشعب السودانى فى البشير او فى حزبه ، وانما بسبب استمرار الحرب فى دارفور مما يعنى بان معظم سكانها سيكونوا خارج دائرة الانتخابات بسبب عدم استقرار الاقليم ، اضافة الى تشرذم احزاب الكبيرة كالامة والاتحادى والشيوعى ، وعدم وجود رغبة اكيدة للحركة الشعبية لقيادة السودان. الحركة الشعبية فى الوقت الراهن هى القيادة السياسية البديلة للموتمر الوطنى اذا اجريت الانتخابات ، ولكن المشكلة تكمن فى عدم وجود روية موحدة للحركة بشان كيفية الدخول فى الانتخابات على جميع مراحلها. فقد ظلت مواقف قادة الحركة مختلفة منذ انعقادها الموتمر العام فى مايو الماضى بين مؤكد خوضها الانتخابات الرئاسية ومنفى ترشيح الحركة اى مرشح لمنافسة البشير. فى الموتمرين الصحفين فى جوبا والخرطوم عقب الموتمر العام للحركة الشعبية اكد باقان اموم وياسر عرمان ترشيح الحركة قائدها سلفا كير للرئاسة الجمهورية ، وقبل شهر ادلى الفريق جيمس وانى ايقا بتصريح افاد فيه بان الحركة جاهزة للانتخابات ولها شعبية كبيرة فى الشمال وقادرة على اكتساح نتيجة الانتخابات ، واكد ترشيح الحركة لقائدها لمنافسة البشير. وفى جريدة لوس انجليس تايمز الامريكية الصادرة بتاريخ 3مارس2..9 نفى سلفا كير منافسته للبشير فى الانتخابات وقال بان الحزب لم يبت حتى الان فى ترشيح اى شخص للرئاسة ، وهنالك اخرون فى الحركة اكدوا عدم ترشيح الحركة اى شخص لمنافسة البشير. وهنا لا يعرف مؤيدوا الحركة من سيصدقونه فى ظل المواقف المتارجحة بين مؤكد ومنفى. بعض قادة الحركة الشعبية بكل تاكيد لايرغبون فى خوض الانتخابات الرئاسية ، ويفضلون الانتخابات البرلمانية والولائية فقط وترك الرئاسة للموتمر الوطنى الذى اتى بالسلام للجنوب ، وهولاء هم انفصاليون ويراهنون على الاستفتاء كمخرج سليم للتخلص من عبودية الشمال بدلا من المواجهة مع الرفاق السلام. اما الفريق الثانى فيتمسك بخوض الانتخابات على جميع مستوياتها وخاصة الرئاسة الجمهورية لانها هو الامل الوحيد لتحقيق الوحدة السودان ومشروع السودان الجديد ، ولا يرى اى ضعف او استحالة تحقيق حلم دكتور قرنق وهولاء هم الوحدويون. انفصال جنوب السودان لن يتاثر فى وجود رئيس السودان ينتمى للحركة الشعبية او رئيس جنوبى كما يعتقدها البعض ، وانما سيتاثر بوجود رئيس شمالى او منتمى للموتمر الوطنى لانهم رغم اعترافهم بالانفصال فى الاتفاقيات والدستور سيتراجعون فى اى زمان ومكان اذا جاء الانفصال واقعيا. لان قبولهم للاستفتاء هى لاسباب تكتيكية وليست رغبة اكيدة لانهاء مشاكل السودان. وعلينا جميعا كجنوبين وكانصار الحركة الشعبية عدم الرهان على الاستفتاء كسبيل وحيد لتحقيق الدولة برغم من كثرة شعبية الانفصالين فى الجنوب ، فهنالك تجارب كثيرة تؤكد امكانية فشل نتيجة الاستفتاء لصالح الانفصال ومنها اقليم الكويباك الكندى الفرنسى ، فرغم شعبية الذين طالبوا بالانفصال عن كندا ، فشل فكرة الانفصال عن كندا الام عندما اجريت الاستفتاء واقعيا رغم كراهية سكان كويباك الفرنسى لهيمنة الاقاليم كندا الانجليزية. كما لايوجد من يتحكم فى نفسيات الاخرين ، وبامكان اى جنوبى عان من عذاب الشمال طوال العقود ان يغير رايه فى يوم الاستفتاء ويدلى بصوته لصالح الوحدة ايمانا منه بانه لايرغب فى الانفصال عن اخيه الشمالى ، لان هدفه فقط هو ان يعترف به اخيه ويشاركه فى امور البلد دون الحاجة للفراق بينهما. لذلك كان نظرية دكتور جون للوحدة على اسس جديدة حتى يتسنى لاى مواطن ان يشعر بالانتماء للسودان الام. ونحن جميعا كاتباع الحركة الشعبية نريدها ان تؤكد لجماهيرها جاهزيتها لخوض الانتخابات الرئاسية ضد البشير والموتمر الوطنى ، حتى لانترك الفرصة للمتهمين دوليا كى يعبثوا بالبلد. لان استمرارهم فى السلطة بعد الانتخابات تعنى دخول السودان فى المواجهة مع المجتمع الدولى وسيفتح الفرصة للانهيار وفقدانها مستواها الدولى والاقليمى كاكبر دولة فى افريقيا ويعنى استمرار الفترة الانتقالية دون اجراء الاستفتاء للجنوب لما لانهاية بسبب عدم اكتمال ترسيم الحدود وغيرها لاطالة امد الحرب بين الجنوب والشمال ، ووصول جنوبى او شمالى منتمى للحركة الشعبية للرئاسة الجمهورية هو الحل والضمان السلمى لانفصال الجنوب بدون عقبة او حرب متوقع بين الجنوب والشمال. كوات وول وول / كالكرى / كندا