بعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة وسقوط الإنقاذ البائدة كان عشم الفلول البائدة العودة مرة أخرى للسلطة عبر بوابة اللجنة الأمنية الوريث الشرعي للطغمة الفاسدة التي جسمت علي صدر هذا الشعب الصابر لمدة ثلاثة عقود متوالية مارست خلالها ابشع انواع الظلم والإرهاب علي الشرفاء العزل الذين رفضوا القهر والاستبداد .. كانت ثقة الفلول في لجنة أمن النظام الهالك خلال الأيام الأولي للسقوط كبيرة ولا تحدها حدود ولكن بمرور الأيام بدأت تلك الثقة تتآكل تدريجيا بسبب تصميم ووعي الثوار وتمسكهم بمكتسبات الثورة التي ضحو من أجلها بالدماء والأرواح الغالية .. لم تريد اللجنة الأمنية أن تخيب ظن الفلول البائدة فبدأت محاولاتها لوأد الثورة بعدة طرق خبيثة وكانت البداية في تشكيل المجلس العسكري الانتقالي كسلطة عليا لحكم البلاد واستمرارية للعهد البائد ولكن بوجوه جديدة تنفذ نفس السياسات التي رفضتها الثورة .. هذا الأمر تم رفضه تماما من كل قطاعات الشعب الذي واصل اعتصامه أمام القيادة العامة مناديا بالمدنية الكاملة وعودة العسكر للثكنات .. استمرت حالت الجذب والمد بين العسكر والمدنيين طوال فترة الإعتصام حاولت خلاله الفلول بمعاونة العسكر تشويه الحياة داخل الاعتصام في نشر الشائعات عن ترويج المخدرات والخمور والممارسات غير الأخلاقية بين أوساط الشباب المعتصمين بميدان القيادة العامة .. أيضا لم تفلح هذه المحاولة بل صدتها عفة أهل الإعتصام بتلك المعاملة الراقية التى شهد لها الغرباء وصارت مثلا تحتذى به الثورات الأخري في أرجاء العالم .. ميدان الإعتصام امام القيادة العامة كان أشبه بالمدينة الفاضلة .. تساوي فيها كل الناس في الحقوق والواجبات، ذابت القبلية والجهوية بين الناس ولا تمييز بينهم بسبب اللون أو العرق، الكل كان منصهر في بوتقة الثورة من أجل الخلاص والانعتاق من حكم دموي فاسد دام ثلاثون عاما دمر البلاد وأهلك العباد .. عندما شعرت الفلول والعسكر بتصميم ثوار الإعتصام علي إقتلاعهم مهما كان الثمن، وجدو ان لا مناص لهم غير إيجاد خطة أخري بديلة لمواجهة هذا التهديد الذي سوف يقضي علي كل احلامهم بالإستيلاء علي السلطة فكانت النتيجة اللجؤ لتنفيذ خطة فض الإعتصام الخبيثة بالقوة مستغلين ثقة الثوار، فغدرو بهم في ليلة مباركة من شهر رمضان الكريم لم تراعي فيها كل الحرمات التي تمنع مثل هذا السلوك اللإنساني، الذي لا تتقبله كل الشرائع السماوية وهذا يدل أن هؤلاء القوم لادين ولا شريعة لهم .. بعد فض الإعتصام ظنت الفلول البائدة والمجلس العسكري الغاشم أن الأمور إستتبت لهم وان نار الثورة انطفأت وان الثوار عادوا لبيوتهم يتجرعون كأس الهزيمة المرة، لكن هيهات!! ..لقد انفجر بركان الشعب الهائل في صبيحة الثلاثون من يونيو 2019 مزلزلا اركان العسكر ومن ورائهم الفلول البائدة مؤكدا بأن الثورة مستمرة وأن جذوتها ما زالت مشتعلة وهذه المرة بأقوي مما كانت عليه قبل فض الإعتصام وعندها أدرك العسكر الحقيقة والخطر الداهم عليهم، فأعلنو علي جناح السرعة اعترافهم بمكون تحالف الحرية والتغيير ممثلا للثورة ورضخو للتفاوض معه حول مستقبل البلاد بدون اي شروط مسبقة .. بعد أن أثبت الثوار قوتهم وعزمهم الجاد علي التغيير الحقيقي بدأت فلول العهد البائد في الإنزواء والاستسلام وأيضا خبأت تصريحات العسكر وصاروا ينتظرون مصيرهم المحتوم .. لكن وللأسف الشديد لم يكن لتحالف الحرية والتغيير برنامج عمل جاهز متفق عليه لتسيير الفترة الإنتقالية .. طال الانتظار لولادة خطة مدروسة بسبب الجدال الداخلي بين عناصر التحالف وهنا أحس العسكر بالفرصة الذهبية في انشغال الحرية والتغيير بالخلافات الداخلية فبدأ يعلو صوتهم مرة اخري وعندها أيضا بدأ يدب الأمل عند الفلول البائدة المتربصة مرة اخري فصارت تعمل علي نشر الإشاعات لزرع الفتنة والعمل في مضاربات العملات الأجنبية من أجل زعزعة استقرار الأوضاع الاقتصادية حتي يتفشي الغلاء في كل السلع الضرورية التي تمس حياة الناس اليومية .. بذلك بدأت الأزمة الطاحنة تتطور ومشاكل البلاد تتفاقم ومكونات الحرية والتغيير منكفية علي نفسها بخلافتها الداخلية ومجموعات الكفاح المسلح بالخارج تتمترس خلف شروطها حول التفاوض في ملف السلام .. فكانت النتيجة أن بدأ المكون العسكري في الاستقواء بالفلول مستقلا غياب تحالف الحرية والتغيير عن الساحة السياسية فأصبح يتغول تدريجيا علي سلطات لم تكن أصلا ضمن أعبائه .. اليوم أصبح المكون العسكر ي وللأسف هو المسيطر علي صنع القرار لأنه يمسك بكل الملفات المهمة التي تدير دولاب الدولة داخليا وخارجيا إضافة علي تحكمه علي حوالي 82% من موارد الدولة التي تتملكها شركات المنظومة الدفاعية التابعة لهم .. الجهاز التنفيذي أصبح كسيحا وفاقد القدرة علي مواجهة المشاكل المفتعلة والمقصودة لأجل زعزعة الاستقرار وخلق الفوضي بهدف إسقاط ثورة البلاد واستعادة حلم الضغمة البائدة للحكم .. هذه الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد هي في الواقع أزمات مفتعلة يسندهها العسكر ومن خلفهم فلول العهد البائد بقصد إحياء عشم العودة لتسلم زمام السلطة واسترجاع عهد الظلم والفساد والتحكم في حياة الناس بواسطة القهر والإرهاب ..هذا العشم ظللنا نشبهه مرات كثيرة كعشم إبليس في الجنة بسبب إستحالته ولأن التجارة بالدين التي كانت تمارس في العهد السابق، أصبحت تجارة كاسدة لا تجد لها مشتري إلا من الجاهل الغافل .. العشم كبير في زوال هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة المفتعلة في القريب العاجل، وسوف تنكسر لا محالة شوكة الفلول البائدة ويخمد صراخها بعد أن تذهب ريحها .. النصر بإذن الله سوف يكون حليف هذا الشعب الصامد الواعي بمقدراته الكبيرة لبناء سودان العزة والكرامة الذي تحكمه المدنية كاملة الدسم .. د. عبدالله سيد احمد عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. 30/1/2021