مخطئ من يظن ولو للحظة ان التآمر على الثورة سيتوقف ، فهناك من لا تتوافق مصالحه معها ، بل يعتبر الثورة عدوا لها وضد مصالحه هو شخصيا ولئن دعته الحاجة والضرورة الى الانحناء حتى تمر العاصفة . لا شك عند الكثيرين ان الشق العسكري في المجلس السيادي يمثل بوضوح موقف هؤلاء الذين انحنوا للعاصفة لتمر ويمثل البرهان هؤلاء خير تمثيل . وتعالوا لنرى مواقفه من الثورة من البداية : اولا كان البرهان يمثل الصف الثالث في القيادة وكان الواضح يومها ان الثوار لن يرضوا عن الصف الاول ولا الثاني من اللجنة الامنية التي خلفت البشير مضطرة ، الامر برمته كان مخططا له ، وهذا يفسر السهولة التي انتقلت بها السلطة إليه بعد فلم يكن هناك صراع حول الكرسي بين القيادة العسكرية فكلهم يمثلون نفس الفكر ولا فرق بين هذا وذالك وهدا ما اثبتته الايام . ثانيا خطاب البرهان بعد فض الاعتصام كان يمثل في الحقيقة كامل المخطط فقد كان من المؤمل بعد فض الاعتصام بهذه الشراسة ان يخاف الناس ويخضعوا لما تم وهذا واضح في خطابه للناس فقد اعلن البرهان إن المجلس قرر وقف التفاوض مع قوى الحرية التغيير وإلغاء الاتفاقات السابقة بين الجانبين. ( وهذا ما يحاولونه اليوم من ضرب قوى الحرية والتغيير سواء من الداخل او من الخارج ) واتهم البرهان في ذلك الخطاب قوى التغيير بمحاولة إقصاء القوى السياسية والقوى العسكرية والانفراد بحكم السودان "لاستنساخ نظام شمولي آخر يُفرض فيه رأي واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبي والرضا العام". نفس النغمة السائدة الآن من ان اليسار هو الذى يسير الحكومة وانه تمكين جديد مكان تمكين الكيزان . وقال في ذات الخطاب إن المجلس قرر إجراء لانتخابات خلال تسعة أشهر بإشراف دولي وإقليمي ( هذه كانت تمهيدا لعودة الكيزان بالانتخابات التي كانت ستكون تحت اشرافهم هم على طريقتهم في اجراءها ). وكان لابد ان ينفى في ذلك الخطاب أن تكون لدى المجلس أي رغبة في السلطة. فقال "ليس من حق القوات المسلحة والدعم السريع والقوات النظامية حكم السودان" وقد اثبتت الايام انهم اكثر تشبثا بالسلطة من أي مكون آخر . وأسباب ذلك معروفة وأولها حماية لأنفسهم من أي مساءلة ، ثم خدمة للتنظيم الكيزاني الذي رباهم ورفعهم لهذه المكانة التي هم فيها ليس لسواد عيونهم ولكن ليوم كريهة وسداد ثغر . ثالثا رفض البرهان ورهطه لمسألة ارجاع شركات العسكر لوزارة المالية وعدم خضوعها لولاية المال العام . والهدف هدفان أولهما تحكم القوات المسلحة في الاقتصاد الذي هو روح البلاد ثم استخدامه لخنق الحكومة المدنية وقتلها بافتعال الازمات كما هو حادث اليوم . رابعا : ما نراه من أخذ مجلس السيادة في مكونه العسكري بالعمل التنفيذي وتدخله في اعمال الحكومة بوجه سافر ، ويبدو هذا واضحا في الملفات الخارجية " ملف التطبيع مثالا " . ليس هذا فحسب ولكن ما أورده عضو لجنة تفكيك نظام الكيزان الأستاذ صلاح مناع من تدخل الفريق البرهان والفريق ( خلا ) حميدتي في سير العدالة وامرهم باطلاق سراح وداد الزوجة الثانية للمخلوع البشير ، والتركي الإخواني أوكتاي الذي يواجه تهماً في الفساد في قطاع الكهرباء ، والذي هرب لتركيا باتفاق كيزاني ليكون سندهم هناك في موطن اللجوء ولكنه أكل أموالهم وتنكر لهم على حسب ما ورد من أخبار . ليس هذا فحسب ولكن هناك الكثير مما رصده الثوار حول تحركات وتصريحات الكباشي وحميدتي مما يؤكد أن هؤلاء ليس من بين اجندتهم انجاح الفترة الانتقالية ، وان من مصلحتهم ضرب الثورة وقتلها إن أمكن . فما نشهده من ازمات مصطنعة لا شك أنها من صميم أعمال الكيزان ، وما يحاولونه من تحركات متناغمة بين مختلف مكوناتهم سواء في المجلس السيادي أو في عناصرهم التي تتحرك بحرية كاملة . والغريب أن نجد من تشتم فيهم روحا من التسامح الغير برئ في دعوته للمصالحة مع الكيزان تماما كما صرح به مناوي ، الذي يقول انه ليس هناك من اكتوى بنيران الكيزان مثله ، ونقول له الشعب هو أكثر من اكتوى بنيراهم منك ولذلك قال كلمته فيهم وازال حكمهم ، وليس بعد ذلك من كلام . فالذي يعمى أن يري خراب الكيزان فهو اما اعمى البصيرة او متعامي عمدا ان يراه . أما من يريد تنصيب جبريل إبراهيم وزيرا للمالية يريد أن يجعل الكيزان مرة اخرى على راس النظام المالي للدولة ، فمن منا لايعرف هذا الرجل وكوزنته ، الرجل الذي حارب حكومة الكيزان ليس من اجل السودان ولا من اجل مواطن دارفور ولكن من اجل شيخه الترابي الذي كان اول ما قام به بعد حضوره للخرطوم ان زار عائلة عراب الكيزان الاول وشيخه ولا اعرف هل زار قبره وترحم عليه ام لا ؟ ولم يفكر حينها في زيارة أهله الذين يموتون كل يوم في ديارهم ومعسكرات اللاجئين بسببه هو وصحبه من القابعين في فنادق الخرطوم ذات الخمس نجوم . في ظل ما نراه الآن من أوضاع تبدو قاتمة أرجو أن يتنبه الجميع إلى أن سبب هذه القتامة هم هؤلاء الذين يحفرون للثورة سرا واعلانا من الكيزان مهما تلونوا سواء في بذاتهم العسكرية او في ثياب الحركات المسلحة او في تركيا او في الخارج يمارسون كلهم نفس اللعبة ويتمنون اليوم الذي يستلمون فيه السودان مرة أحرى . إن مصير هؤلاء معروف وهو أنهم لن يبلغوا ما يريدون فهناك طائفتان لن تذوقا حكم السودان أبدا وهم الكيزان والعسكر . تماما كما حرم على الكفار دخول مكة . فأرض السودان الطاهرة والمتطهرة بدم الشهداء حرام على الكيزان من أي لون حكمها مهما كانت الظروف . فلو كان الخلاص في الكيزان ، وأنهم يملكون الحلول فلماذا تركوها حتى تسقط ، لماذا لم يتداركوا الأمر بما لديهم من قدرات ومواهب فذة ؟ الواقع يقول إنهم كانوا عاجزين ولو قدر لهم اليوم أن يرجعوا للحكم فليس في مقدورهم فعل شيئ بل لو استمروا في الحكم لضاع السودان تماما . الوعى مهم وعدم الانسياق خلف الباطل ضرورة المرحلة ، تسقط الحكومة أو تستبدل ، يذهب حمدوك أويأتي غيره ، هذا كله ممكن أما عودة الكيزان فمستحيلة . كسرة : التحية للدكتور الشجاع صلاح مناع ، واعلم ان الحق له من الله نصير ويجعل له مناصرين على الارض . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.