هناك ما يسمى بالعالم الأول وهناك أيضا ما يسمى بالعالم الثالث.. عندما يذكر مصطلح المجتمع الدولي وهو مصطلح اجترحه أهل العالم الأول ويعنون به بالضرورة عالمهم المخملي (الأول)، أما نحن (ناس قريحتي راحت) سواء في إفريقيا أو العالم العربي أو جنوب شرق آسيا أو أمريكا الجنوبية، من العالم الثالث بالضرورة.. إذا من المنطقي عندما نتحدث عن المعايير الدولية فإنها تعني المجتمع الدولي (المتحضر)، وهي معايير مرتبطة بصورة أو أخرى بالرفاهية و(البحبوحة) التي تغوص فيها أقدام مواطني ذلك العالم (المحظوظ) الذي أقام رفاهيته على استعمار واستعباد العالم الثالث.. قال لي أحد الزملاء عندما لم يجد المراقبون الدوليون خاصة من أوروبا أن موظفي مراكز الإقتراع لا يستخدمون الكمبيوتر المحمول أو حتى الثابت وإنما يستخدمون الأوراق والعد اليدوي قالوا إن الانتخابات السودانية بها نواقص تقلل من مطابقتها للمعايير الدولية؟!.. نعم هذه هي حكاية المعايير الدولية التي تلقفتها أجهزة الإعلام المأجورة والمدفوعة بالغرض لتلوكها ليل نهار وتقدح في نزاهتها وشفافيتها. الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي وهما مؤسستان من عالمنا (الثالث) أي (ناس قريحتي راحت) فقد كانتا الأقرب والأكثر موضوعية في تقويم العملية الانتخابية دون حاجة لتطبيق (تعسفي) لمسألة المعايير الدولية، فقد قطعت بعثة الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات بسلامة العملية الانتخابية واعتبرتها خطوة كبيرة يحتذى بها بل أكدت خلوها من الغش والتزوير وأكدت كذلك أن وجود توافق بين كافة المراقبين على أن الانتخابات السودانية تعد الأفضل من بين عدة انتخابات جرت في دول إفريقية وعربية وهنأت الشعب السوداني على نجاح عملية الاقتراع، ووأعربت البعثة التي ضمت 50 مراقبا زاروا 700 مركز اقتراع، عن ارتياحها لارتفاع نسبة الإقبال وحالة الأمن التي سادت فترة عملية الاقتراع.. الجامعة أيضا أقرت رغم ذلك كله بأن الانتخابات تتفق مع العديد من المعايير الدولية، ولذلك اعتبر رئيس البعثة أن هناك توافقا في الرأي بين كافة المراقبين (في العالمين الأول والثالث) بأن ما تم في السودان افضل مما تم في دول إفريقية أخرى، بل أنه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أعتبر أن السودان تقدم خطوة كبيرة إلى الأمام ونتمنى أن يكون مثالا يحتذى من الدول الإفريقية والعربية. بعثة الاتحاد الإفريقي لمراقبة الانتخابات بدورها كذلك راعت الحالة (العالم ثالثية) التي يعيشها السودان وقالت إن الانتخابات كانت حرة ونزيهة نظرا لظروف الحرب الأهلية الطويلة والنزاع في دارفور.. وقال رئيس البعثة مخاطبا العالم وكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد: إن تقويم الانتخابات يتوقف على معرفة إن كان الناس ينظرون إلى هذا الانجاز من زاوية الصعوبات التي تعين التغلب عليها أو إن كانت حرة ونزيهة، على حد علمنا ليس لدينا أي سبب يدعونا للاعتقاد بأنها لم تكن كذلك.. هذا الرجل الحصيف الذي هو من أبناء جلدتنا والذي يعلم تماما ماذا يعني أن تدار عملية انتخابية بهذا الحجم في دولة من العالم الثالث، قال بتعبيرات ملؤها الثقة: هذه ليست انتخابات كاملة وإنما انتخابات تاريخية، بل أننا لاحظنا عملية اقتراع غاية في الشفافية.. قناعتي التامة أن الخاسرين من الأحزاب سيظلون رغم كل الحقائق الناصعة يحاولون وباستمرار تغطية قرص الشمس بأيديهم المرتجفة. Yasir Mahgoub [[email protected]]