====== بكثير من الترقب الحذِر انتظر السودانيون الإعلان الرسمي للحكومة الجديدة التي كونها رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك؛ كنتيجة حتمية لمخرجات اتفاق سلام جوبا، وهذا في حد ذاته خطوة جيدة لتحويل فاتورة الحروب للتنمية والاستقرار في بؤر الصراعات التي استنزفت الوطن كثيراً، ولازالت الأجيال تدفع الثمن باهظاً بسوءات النزوح ومآلاته المختلفة. والآن، وبعد خروج التشكيل الوزاري للعلن وأداء القسم، نجد أن هنالك إيجابيات تفرض نفسها على هذه المحاصصة التي تخوفنها منها كثيراً، لأن كعكة الفترة الانتقالية هشة لا تقوى على التراضي والتقسيم إلا بحسابات بالغة الدقة، وخاصة أنها الخيار الأخير الذي فُرض على رئيس الوزراء ليختار مِن مَن رشحته له الحاضنة السياسية, والإيجابية في التشكيل أنه ضم طيفاً واسعاً من الأحزاب السياسية، مما يلقي عليها عبء العبور لبر الأمان ومعالجة مسببات المشاكل الأمنية والاقتصادية الراهنة بسياسات متعددة، وقرارات شجاعة ومتابعة لصيقة لمؤشر الإصلاح الذي يهم المواطن، ويمكن للحكومة أن تكسب المزيد من التأييد المطلوب من الشعب، وخاصة إذا ابتدرت أعمالها بالشفافية ووضع برنامج عمل إسعافي واضح لحل الأزمات التي كانت هي العنوان الأبرز الذي استمر إلى فترة ما بعد سقوط نظام المخلوع، وهي فرصة تاريخية لتصحيح مفهوم العامة بعدم جدوى حكم الأحزاب. والنظرة الإيجابية الثانية التي تنطلق بها الحكومة الثالثة أن الطيف السياسي المشارك فيها وضع نفسه في امتحان مبكر عبر ممارسة تجربة الحكم مع آخرين (حزب الأمة- المؤتمر السوداني- العدل والمساواة- الحركة الشعبية- البعث العربي- حركة تحرير السودان- التجمع الاتحادي- حركة حق- مؤتمر البجا- جبهة القوى الثورية)، في هذه التجربة الجديدة سيكون تقييمها في نهايتها مختلفاً عن الحكومتين السابقتين، لأن كل حزب سيعمل على وضع بصمته لإنجاح برامج العمل الموضوعة، وفي مقدمتها معاش الناس الذي أصبح مقروناً بمعدلات الرضا عن الحكومات، لذلك من المتوقع أن تجتهد القاعدة الجماهيرية لهذه الكيانات والأحزاب في دعم الحكومة حتى تخرج من النفق، ولتبني رصيداً من الإنجازات يشفع لها بدخول الانتخابات القادمة، هذا على أقل تقدير، إن لم يكن الدافع هو الإصلاح وحفظ الأمانة وبِر القسم الذي تمت تأديته، وخاصة أن قيادات الأحزاب التي كانت تعارض النظام البائد هي الآن على سُدة الحكم، وليس ليهم خيار غير النجاح والعبور الآمن بالبلاد، ولن نقبل من مسؤول عبارة (إني لا أحمل عصا موسى)، فقد أنهكتنا التجارب وخار الجسد من كثرة المشارط وتخبط الجراحين. وإن كان هنالك ثمة قول قبل انطلاق السفينة بالبحارة الجدد، نذكرهم بأن فرض هيبة الدولة وإعمال القانون هو الطريق الأمثل والأقصر للتنمية، فكثير من المخربين والمتلكئين في العمل الحكومي هم السوس الذي ينخر العظم حتى تتهاوى مؤسسات الدولة أمام أعين الجميع.. و(من أمِن العقوبة ساء الأدب).. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.