ها مصر وقد وزعت على الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية وثائق ضمت حلايب وشلاتين لمصر، وأن المنظمة – حسب تصريح ود لبات – قامت بتمريرها على الدول الأعضاء. فماذا ينتظر عسكر لجنة البشير الأمنية بعد ؟. هل سيتوقفون عن قرع طبول الحرب على أثيوبيا، أم سيواصلون التحشيد وإذاعة الأوبريتات التي تتحدث عن "جيشنا"، ليلتفتوا إلى هذه "القضية" طالما جيشنا هو القضية كما يقول أوبريت "جيشنا" ؟!. من قبل كتبنا بأن ما سمي بمناورات صقور النيل المشتركة بين جيشنا والقوات الجوية المصرية إنما هو مقدمات وسيناريوهات لغزو مصري محتمل للسودان، لأنه يفتح أمام الطيران العسكري المصري كامل الخريطة الطبغرافية لشمال ووسط السودان، وأن مصر "دولة احتلال". ولذا لا يمكن أن يسمح جيشنا بكشف الفضاء السوداني أمام دولة الاحتلال على هذا النحو الغبي، وإلا لقلت "التواطؤ. وقلت وقتها أن تلميذاً في الصف الثالث الثانوي يقرأ مقرر كتاب العلوم العسكرية يعرف هذه الحقيقة التي لا تحتاج معرفتها إلى كلية قادة وأركان ومحاضرات في الاستراتيجية، ليتجنب الوقوع في خطأ يقارب العمالة لدولة الاحتلال والخيانة الوطنية. إلا أن البرهان ومكون لجنة البشير الأمنية لم يعبئوا بهذا الرأي ومضوا في تنفيذ مخطط البشير الذي سلم حلايب وشلاتين لمصر، وأغض طرفه عن تغلغل ما سُمي بمليشيات الشفتة تحت رعاية الحكومات الأثيوبية المتعاقبة. ولا أدري لماذا يمضون في التكفير عن خطيئة البشير والمؤتمر الوطني الغبية في محاولة اغتيال حسني مبارك، بتسليم السودان كله لمصر؟ هل هان الوطن عليهم إلى هذا الحد ؟!. هل بلغت استهانتهم بالوطن إلى إجراء مناورات مشتركة مع دولة الاحتلال، وإشعال حرب مع الجارة أثيوبيا بالوكالة عن مصر تحت ذريعة سد النهضة، الذي لم تترك مصر باباً ينقذ نظامها من هذه الورطة التي يعاني تبعاتها نظامها من معارضيه، إلا وطرقته متسولةً حلاً ؟. هل الكيان السوداني بكل عظمة أرضه وشعبه وتاريخه "بواباً" للباشا الخديوي في مصر ؟!. والآن ما الذي سيفعل عسكرنا الأشاوس في هذه الورطة التي أدخلهم فيها النظام المصري، بعد أن تلاعب بهم ؟. لقد تلاعب بهم حقاً حين زجّ بهم في حالة حرب من جانب واحد مع أثيوبيا، ثم وزَّع وثائق من وراء ظهورهم يؤكد فيها أن حلايب وشلاتين أراض مصرية ليتم اعتمادها أفريقياً، ثم ينقلها للجهات الأممية. وهو لم يفعل ذلك إلا بعد أن محَّصهم واختبرهم وسبر غورهم وجسَّ نقاط ضعفهم، وبنى استراتيجية شرعنة احتلاله بناء على ما عرف عنهم. ولذا بدلاً من تصدر وزارة خارجيتنا بيانه الهزيل بإدانته لكلام الأثيوبيين بأن السودان يريد إشعال الحرب معهم بالوكالة عن طرف ثالث (تقرأ: مصر). عليهم قبل ذلك أن يعيدوا فتح ملفات حدودنا الشمالية والشرقية من جديد، على أن تُبعد هذه الملفات من أيدي العسكر. وأن يكفّ شمس الدين أو غيره من العسكر عن السفر إلى دولة الاحتلال مصر مثلما فعل من قبل لتنوير السيسي بمشكلة الحدود السودانية مع أثيوبيا، في مشهد يدعو للسخرية !!. فدستورياً هذا ليس من ضمن اختصاصات عضويته في مجلس السيادة، طالما هناك جهاز تنفيذي له رئيس وزراء ووزير خارجية. ووطنياً وأخلاقياً لا يجوز أن يحج شمس الدين أو غيره من الجنرالات إلى دولة تحتل أراضيه ليشكوها دولة أخرى بين بلده وبينها مجرد خلاف حدودي .. هذا ضرب من الجنون !!. وإذا لم يكن من العداوة بُدّ بيننا وبين الجيران شرقاً وغرباً فلتكن الأولوية لملف حلايب وشلاتين. ولنستخدم سلاحي الدبلوماسية والقوة العسكرية أداتين في هذه الحرب، على أن نكون جادين في مثل هذه الأمور التي لا تحتمل التلاعب والفهلوة من أجل البقاء في السلطة، أو لأي سبب آخر. فالسودان أكبر من الجميع وهو ليس محل مزايدات ومساخر واستهتار. في الختام نسأل: ما الذي أغرى الجيران بنا على هذا النحو، وهم الذين كانوا لا يجرؤون على الاستهانة بنا طيلة تاريخهما ؟. الإجابة: لأن السودان لم يكن يوماً أضعف منه اليوم تحت حكمكم عسكريون ومدنيون. أنظروا لحالكم يا من تحكمون. هل أنتم بالفعل جديرون بحكم بلد مثل السودان ؟؟!!. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.