سد النهضة القضية التى شغلت الساحة السياسية السودانية و المصرية على حدٍ سواء، و أصبحت الأكثر إثارة للجدل ، فقد كانت الفكرةحية فى الذهن الأثيوبي منذ سنين ، و لكن بدأ الأخطار بها فى يناير 2011، و فى 2 أبريل 2011 وضع الرئيس الأثيوبي السابق ميليس زناوي حجر الأساس ، و كان قد عرف عنه تحمسه الشديد لإنشاء السد و صرامة مواقفه تجاه اى رأى مخالف او ناقد للمشروع، و الشئ بالشئ يذكر فحادثة سجن الصحفي الإثيوبي ريوت أليمو في يونيو 2011 بعد أن "طرح الكثير من الأسئلة" حول سد النهضة خير أنموذج، كذلك موظفو منظمة الأنهار الدولية الذين تلقوا العديد من التهديدات بالقتل آنذاك، بالاضافة لتصريحات زيناوي و وصفه المعارضين للمشروع "المتطرفين على الحدود مع المجرمين" في مؤتمر للجمعية الدولية للطاقة الكهرومائية (IHA) في أديس أبابا في أبريل 2011 ، والحادثة الشهيرة المشبوهة اغتيال كبير مهندسي سد النهضة سيميجنيو بيكيلي ، في يوليو 2018 ، حيث وجد ميتًا متأثرًا بعيار ناري داخل سيارة متوقفة بالقرب من ساحة مزدحمة في العاصمة الإثيوبية . أهداف السد كما هو معلن عنها من الجانب الاثيوبى دعم التنمية الاقتصادية، و الإرادة السياسية الراسخة في منظور مؤيد للاستقلال بالقرار من مصر و السودان، كما ترغب الحكومة الإثيوبية في إنتاج طاقة كهرومائية متجددة تعادل 6000 ميغاوات و تزويد بلدها بالطاقة، موضحين ان حوالى 60 ٪ من السكان الإثيوبيين حاليًا لا يتمتعون بإمكانية الوصول المباشر إلى الكهرباء، أيضاً تهدف لتصدير هذه الطاقة حتى تصبح مورد للدولة والمشترين من القطاع الخاص ، الأمر الذى يضمن في نفس الوقت دخلاً هامًا من العملات الأجنبية، كذلك لدى أثيوبيا طموحات اكبر غير التى معلن عنها رسميًا . لكن من جانب أخر ما زالت الترسبات و الغبن التاريخى موجود، فأثيوبيا تريد تعويض نفسها بأثر رجعى، حيث يرى الأثيوبيون بأن أثيوبيا لطالما كانت مستبعدة من جميع قرارات النيل المهمة (الأبيض والأزرق)، معتبرين هذا الشعور القوي أنه نتاج حقيقة تاريخية بموجب عدة أحداث على سبيل المثال لا الحصر : فى عام 1902 ، أصدرت بريطانيا العظمى بندًا إقليميًا يحظر على إثيوبيا القيام بأي نشاط على الإطلاق في النيل الأزرق دونموافقتها، وبالمثل ، في عام 1925 ، شاركت إيطالياوبريطانيا العظمى في استخدام المياه ، دون إشراك الإثيوبيين في المداولات. في عامي 1929 و 1959 ، توصلت مصر والسودان إلى اتفاق لتقاسم النيل الأبيض ، مرة أخرى دون دعوة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات ، و تمثل هذا التحالف المصري السوداني فى سد أسوان الكبير، وهكذا و بهذا الشكل يعتبر الأثيوبيون أن مصر قامت بتطبيع نفوذها على نهر النيل ، خارج أي نهج شامل على حد وصفهم ، لدرجة اعتبار أن النهر الذي يبلغ طوله 6700 كيلومتر هو "مستحق لمصر". يتذكر كذلك الأثيوبيين في عام 2013 ، خطاب رئيس مصر السابق محمد مرسي الذي دعا فيه إلى تدمير السد بالوسائل العسكرية، ثم برر هذا بمبدأ "الحقوق التاريخية" فيما راى فيه الأثيوبيين خطاب عدواني مستفز . تعتبر أثيوبيا ب "المنطق التاريخي" أن مصر استخدمت النيل الأزرق لألفي عام . و من المعروف ان الدولتين على حد سواء لم توقعا على اتفاقيتي هلسنكي (1996) ونيويورك (1997) ، و عليه فإن محاولة استيلاء اي من الطرفين على المياه غير الصالحة للملاحة من خلال التذرع ب "الحقوق التاريخية" يتعارض مع القانون الدولي الذي تستند إليه المنظمات الدولية ، وهو بالتالي لا يعترف بأي حال من الاحوال بالحقوق التاريخية المزعومة . يرى كذلك الأثيوبيين أنهم لم يكونوا يومًا ما جزءا من القرار، و يشيرون الى ان التقارب التاريخى بين مصر و السودان حول القرارات المصيرية موثق، مستشهدين بأن السودان في عام 2009 عندما قام ببناء خزان مروي كان بدعم من مصر، وبالمثل لم يكن لدى مصر أي شكوى عندما شرع السودان في إنشاء أربعة خزانات بين الخرطوموأسوان و وصف الأثيوبيون ذلك بالتواطؤ المتكرر و بتكتل "عربي" موحد ضد بلادهم ونيلهم الأزرق على حد تعبيرهم ، مؤكدين على ان العداء المصري تجاه إثيوبيا "يعيد تنشيط صراع التفوق بين أقدم دولتين في شمال شرق إفريقيا ، واحدة في منبع النيل والأخرى في الدلتا . يُشار الى أن تاريخيًا الولاياتالمتحدة هى من حددت موقع السد خلال دراسة أجريت بين عامي 1956 و 1964 ، في منطقة بني شنقول حيث يمكن الاحتفاظ بمياه النيل الأزرق ، أحد روافد النيل الرئيسية، و بدأ تشييد المبنى في أبريل 2011، وكان من المقرر في البداية أن يكتمل في عام 2017، لكن لاسباب صنفت بعيوب العمل حالت دون ذلك التوقيت ، و حُدد اكتمال الهيكلة النهائية عام 2023 . سد النهضة يعتبر الآن ثاني أكبر سد في إفريقيا من حيث الحجم (خلف سد أسوان في مصر) ، وأكبر محطة للطاقة الكهرومائية في القارة، أبعادها 155 م ارتفاع (ما يعادل ارتفاع مبنى من 45 طابقا) ، 1780 م من ناحية الطول، وبحيرة خزان بسعة 74 مليار م 3 ، ما يعادل تقريبا بحيرة جنيف ، أكبر بحيرة في أوروبا الغربية. حسب تصريحات السلطات الإثيوبية وصلت تكلفته حوا ( 4.8 مليار دولار) حوالى 5 مليار، أو بمعنى اخر كلف السد 15 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2011 عندما تم وضع الحجر الأول للسد، فى ذات الوقت قدر بعض المهندسين بأن التكلفة أعلى مما صرحتبه إثيوبيا، و قد أوكلت عملية البناء للشركة Salini Costruttori الإيطالية
مما لا شك فيه ان سد النهضة سيعود على بلد المنشأ(أثيوبيا) بمنافع كثيرة من حيث توليد 15000 قيقاوات ساعة ، و تعزيز موقعها الإقتصادى، و الجيوسياسي ،و الموقف الامنى، و التفاوضي. لكن فى ذات الوقت أدخلها فى خلاف مع السودان و صراع كامل الدسم مع مصر ، اثيوبيا "صين أفريقيا" او "القوة الصاعدة فى أفريقيا"، لديها مواقف وصفت بالأحادية و المتعنتة ، و لكن لم يحيدها ذلك عن طموحاتها فهى ترى في سد النهضة وسيلة لتنوير عشرات الملايين من الأسر الحضرية والريفية، ودعم تنميتها الاقتصادية ، التي تعتمد حاليًا على صادراتها من البن والذهب ، محطتا توليد الكهرباء في سد النهضة ، المجهزتان لتوليد 6450 ميغاوات ، أو أكثر بثلاث مرات من سد أسوان ، ستجعلان من الممكن تلبية جميع الاحتياجات الوطنية، بل وأفضل من ذلك ، خلال موسم الأمطار ستمنح إثيوبيا الفرصة لبيع الكهرباء الزائدة (المقدرة ب 2000 ميغاوات) إلى البلدان المجاورة مثل السودان وجيبوتي، فعندما يعمل السد بكامل طاقته ، تصبح اثيوبيا أكبر مصدر للطاقة في إفريقيا . السؤال الذى يطرح نفسه ماذا عن مصر و السودان ؟و أثر و تاثير سد النهضة عليهما؟ تابعونا للرد على هذا السؤال و للمقال بقية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.