كان الخيار يومذاك بين مرشحين اثنين .. مرشح الوسط الأثير لدى القيادة ومرشح الهامش الذي يسبق مرشح الوسط انتماء للتنظيم وعطاء له ولكنهم في النهاية اختاروا مرشح الوسط واختفى مرشح الهامش من الأضواء منذ ذلك اليوم. عن هذه الواقعة يقول المحبوب عبدالسلام في كتابه (الحركة الإسلامية السودانية.. دائرة الضوء- خيوط الظلام .. تأملات في العشرية الأولى لعهد الانقاذ)، وهو كتاب لا يتيسر اقتناؤه إلا بشيء من المشقة، يقول المحبوب "أخيرا لجأت قيادة المؤتمر الوطني في معركتها الضروس لفوز مرشح القيادة وهزيمة تحالف الهامش إلى إباحة التزوير، وهو خلق استشرى بغير فقه ولا تقوى في منافسات الحركة الاسلامية مع خصومها في اتحادات الطلاب ونقابات المهن وبرعت فيه الأجهزة الخاصة للمعلومات والأمن، وظلت تتحالف لإنفاذه وتمام نجاعته عضوية الحركة في الأجهزة الشعبية والرسمية لتكتسب به مقاعد الاتحادات والنقابات، ريثما تستدير بالفوضى على نفسها فتزور إرادة قاعدتها داخل حزبها لصالح أجندة القيادة. وإذ أن التزوير ظل سريا ومكتوما حتى عن الأمين العام للحركة، لم يتح لأي من أجهزة الحركة أو عضويتها النهي عن منكره ومحاسبة مقترفيه، بل دأبت العناصر الغافلة لإنكاره حتى عندما بلغ خاصة أجهزتها ضمن سنن الله في المجتمع والتي تدير الفوضى على من يمارسها على الآخرين إلى داخل بيته."ويواصل الشاهد شهادته فيقول" لقد بدأ المؤتمر عهده الجديد بغير تقوى وأسس بنيانه على شفا جرف هار من التزوير، وبتواطؤ تام من قيادة المؤتمر مع لجان الانتخابات، فوّز مرشح القيادة وهزم تحالف الهامش الذي اراد اثبات إرادته في وجه المركز بالتجديد لمرشح لم يكن له كسب كبير في إدارة عمل المؤتمر في مدى السنوات التي تولي فيها المنصب حتى لأقاليم الهامش، وقد فاز مرشحهم بالفعل لولا التزوير الكبير الذي اعترى العملية". واستمر الحال كذلك حتى كان لهم ما أرادوا وأعلنت لجنة الانتخابات أعلنت في النهاية فوز المرشح الاثير دون الإشارة إلى عدد الأصوات. ولا يعنينا في هذا الصدد اسمي المرشحين اللذين ذكرهما الأستاذ المحبوب بقدر ما يعنينا مبدأ الفعل السيء نفسه وتمكنه في النفوس. فإذا كان القوم لا يتورعون عن ممارسة التزوير في انتخابات داخل التنظيم الواحد فغني عن الذكر أن بأسهم الذي كان شديدا بينهم سيكون أشد علي غيرهم دون وازع من ممارسة التزوير على نطاق أكبر ضد غيرهم ، ولن تعوزهم الحجة التي تحلل هذا النهج ما دامت الغاية النهائية نبيلة، وهي وجهة نظر طرحها نيكولو مكيافيلي قبل أكثر من خمسة قرون. ورغم أن شهادة الأستاذ المحبوب لا تخلو من الغرض والانحيازضد الشق الآخر الغالب من المؤتمر، ورغم أن الأستاذ المحبوب جزء من كل أفعال الماضي وليس بوسعه ولا بوسع حزبه التنصل منها ، إلا أنه في النهاية شاهد من أهلهم "شاهد شاف كل حاجة". قبل الختام: لا أحد يستطيع ركوب ظهرك إلا إذا كنت منحنيا. (عبدالله علقم) [email protected]