ماذا قال السيد علي عثمان، النائب الثاني لرئيس الجمهورية، للجنوبيين ؟قال موجهاً رسالة قوية لتجمع جوبا والجنوبيين:( نحن عرب ومسلمين ، ولن نفرط في هذا وهذه ، ومن أراد الأفريقانية فليذهب إليها ). هذه رسالة تقطع الطريق لكل من تسول له نفسه للحديث عن وحدة جاذبة، وقديما قالت العرب :" قطعت جهيزة قول كل خطيب " أي لم يبق مجال للكلام ، فالعربي عربي ، ولو أسود لونه ، والأفريقي أفريقي ولو فصح لسانه بالعربية ، فهذا موضوع تناولته كثير من الأقلام ، وهو يدخل في مسألة الهوية للقضية السودانية. وهاهو السيد النائب الأول يحسمه بالعروبة والإسلام . فماذا قال الأفريقي المسيحي ديفيد أتروبي ، وزير ماليه حكومة الجنوب، قال موجها أجابته لرسالة النائب الثاني ، السيد علي عثمان محمد طه ، قائلا: (إن إستقلال الجنوب قادم ، والحاضر يبلغ الغائب ). وجاء في الإثرالشريف ، " فرب مبلغٍ أوعى من سامع ". يقف المرء أمام موقفين باينين ، فالأول: هو أنك تقف أمام رجل إختار موقفا واضحاً بأنه عربي ومسلم ولا ثالث له ، ويدعو من يدعي غير ما يدعيه أن يذهب فى حال سبيله. أما الموقف الثاني : فهو موقف رجل لم يجد مكانا لما دعا إليه الأول ، فوجد طريقا ممهدأ قدامه فمشى فيه مختارا أفريقيته، فهل بعد هذا نلومه بعد أن مهدنا له الطريق ؟ نعم ، قد نتفق مع المشفقين على ذهاب الجنوب فى حال سبيله ، ولكنهم ينسون بأن هذا الجنوبي يريد أن ينعتق من هوية ليست هويته ، من معتقد ليس معتقدة، وهذا يكفيه من أن لا يفكر في أكثر من ذلك ، وقديما قال أمرؤ القيس :"اليوم خمر وغداً أمر " التاريخ يحدثنا على أننا معشر المسلمين، نفرح كثيرا ونكبر كلما نال أقليم فيه مسلمين إستقلالهم ،فقد ساندنا المسلمين في الباكستان عند إستقلالهم من الهند عام 1947 وسجل التاريخ مواقف متباينة للإسلاميين يومذاك ، فالعلامة محمد إقبال كان من دعاة تقرير المسلمين لمصيرهم على أساس ديني ، ولكنه أنتقل لبارئه قبل أن تنفصل باكستان برئاسة محمد على نجاح، هذا بالرغم من عرض غاندي رئاسة جمهورية الهند لمحمد علي جناح . ولا بد أن نسجل موقفا لبعض الإسلاميين من ذوي النظرة البعيدة من خطورة الإنفصال على أساس قومي أو ديني ، فمن هؤلاء المفكر مالك بن نبي والعلامة المودودي.أما في المسألة الجنوبية فموقف الإسلاميين لا يحسدهم عليه ، وهذا يقودنا لسؤال هل الإسلام عامل طارد لغير معتنقيه للعيش مع المسلمين؟فإذا كانت الإجابة لا ، فهل يقبل الشماليون لمصلحة سودان موحد أن يتول أمرهم رئيس جنوبي ، كما عرض غاندي من أجل هند قوية رئاسة الجمهورية لرئيس مسلم؟ وقديما قال الشاعر الظريف ، زند بن الجون الأفريقي المشهور بأبي دلامة: قد رمى المهدي ظبيا شك بالسهم فؤاده* ورمى علي بن سليمان كلبا فصاده فهنيئاً لهما كل أمرئ يا كل زاده. ونحن نقول لعلي بن عثمان ولديفيد صن أوف أتروبي ، هنيئاً لكما ، فليأكل كل منكما كلامه. ibrahim Kurtokeila [[email protected]]